بلاغة الحذف في القرآن.. درس الإنسانية والأخلاق من قصة موسى
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
في مشهد من أروع مشاهد القرآن الكريم، تحكي الآيات من سورة القصص عن لحظة فارقة في حياة سيدنا موسى عليه السلام، حينما ورد ماء مدين ووجد جمعًا من الناس يسقون، وامرأتين تقفان على استحياء بعيدًا عن الزحام.
قصة موسى على ماء مدين تساءل موسى عن حالهما، فأجابتا بأنهما تنتظران حتى ينتهي الرعاة، مبررتين ذلك بأن والدهما شيخ كبير لا يستطيع القيام بهذا العمل.
لكن ما يلفت الانتباه في هذا المشهد القرآني هو الاستخدام البديع للحذف في الأفعال الرئيسية مثل "يسقون"، "تذودان"، "نسقي"، و"فسقى". في كل هذه الأفعال، حُذف المفعول به أو سُكت عنه، مما يجعل التركيز ينصب بالكامل على الفعل وفاعله.
بلاغة الحذف وأثرهاالحذف هنا ليس نقصًا، بل زيادة في المعنى وثراء في البلاغة. لو ذُكر المفعول به، مثل الإبل أو الغنم، لكان الانتباه منصبًا على نوع الحيوان المسقي. وربما توهم البعض أن مساعدة سيدنا موسى كانت نتيجة سهولة المهمة أو صعوبتها، لكن الحذف يؤكد أن العبرة ليست في نوع المَسقِي، بل في مروءة الفاعل وشهامته.
قيم أخلاقية في قلب القصةهذه الآيات تسلط الضوء على عدة قيم إنسانية، أهمها:الحياء: الذي تجسد في موقف الفتاتين اللتين آثرتا عدم مزاحمة الرجال.
المروءة والقوة: التي ظهرت في مساعدة سيدنا موسى عليه السلام دون تردد، بغض النظر عن حجم العمل أو نوع الحيوان.
هذه القيم كانت سببًا في إعجاب الفتاتين بموسى، ليقول إحداهما لاحقًا: "يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ".
هذا المشهد القرآني يثبت أن البلاغة ليست فقط في الجمال اللفظي، بل في القدرة على إيصال رسائل أخلاقية عميقة. الحذف هنا يركز على الجوهر: الأخلاق والقيم، في وقتٍ نحن بأمسّ الحاجة فيه إلى مثل هذه الدروس في حياتنا اليومية.
فالقرآن يعلّمنا أن الشهامة والمروءة لا ترتبط بظروف أو تفاصيل، بل هي مواقف تنبع من الأخلاق العالية، وتجسدها الأفعال دون حاجة إلى توضيح أو تفصيل.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: موسى القرآن سيدنا موسي عليه السلام موسى عليه السلام سورة القصص القصص سيدنا موسى
إقرأ أيضاً:
السودان يتصدر مجددا قائمة الأزمات الإنسانية العالمية
للعام الثاني على التوالي تصدر السودان، قائمة الأزمات الإنسانية العالمية، التي يجب مراقبتها في 2025 والصادرة عن لجنة الإنقاذ الدولية المعنية بالإغاثة، وتلته غزة والضفة الغربية وميانمار وسوريا وجنوب السودان، وقال التقرير إن الأزمة الإنسانية في السودان هي الأكبر منذ بدء التسجيل، مضيفا أن البلاد تمثل عشرة بالمئة من جميع المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية، على الرغم من أنها موطن لواحد بالمئة فقط من سكان العالم.
وبدأت لجنة الإنقاذ الدولية، ومقرها نيويورك، قائمة المراقبة منذ أكثر من 15 عاما كأداة تخطيط داخلي للتحضير للعام المقبل، لكن الرئيس التنفيذي ديفيد ميليباند قال إنها تعمل الآن أيضا كدعوة إلى العمل على مستوى العالم.
وقال تقرير المنظمة إن 305.1 مليون شخص حول العالم في حاجة إلى مساعدات إنسانية، ارتفاعا من 77.9 مليون شخص في عام 2015. وذكر أن الدول العشرين المدرجة على قائمة المراقبة التابعة للجنة الإنقاذ الدولية تضم 82 بالمئة منهم. ووصف ميليباند الأرقام بأنها “هائلة” – بحسب رويترز.
وكتب في تقرير قائمة المراقبة: “هناك المزيد من الموارد للقيام بمزيد من الخير لعدد أكبر من الناس مقارنة بأي وقت مضى في التاريخ. وهذا يجعل الأمر أكثر حيرة لأن الفجوة بين الاحتياجات الإنسانية والتمويل الإنساني أصبحت أكبر من أي وقت مضى”.
والدول الخمس عشرة المتبقية على قائمة المراقبة التابعة للجنة الإنقاذ الدولية هي “لبنان وبوركينا فاسو وهايتي ومالي والصومال وأفغانستان والكاميرون وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد وجمهورية الكونجو الديمقراطية وإثيوبيا والنيجر ونيجيريا وأوكرانيا واليمن”.
نيويورك: السوداني