في مشهد من أروع مشاهد القرآن الكريم، تحكي الآيات من سورة القصص عن لحظة فارقة في حياة سيدنا موسى عليه السلام، حينما ورد ماء مدين ووجد جمعًا من الناس يسقون، وامرأتين تقفان على استحياء بعيدًا عن الزحام.

قصة موسى على ماء مدين 

 تساءل موسى عن حالهما، فأجابتا بأنهما تنتظران حتى ينتهي الرعاة، مبررتين ذلك بأن والدهما شيخ كبير لا يستطيع القيام بهذا العمل.

لكن ما يلفت الانتباه في هذا المشهد القرآني هو الاستخدام البديع للحذف في الأفعال الرئيسية مثل "يسقون"، "تذودان"، "نسقي"، و"فسقى". في كل هذه الأفعال، حُذف المفعول به أو سُكت عنه، مما يجعل التركيز ينصب بالكامل على الفعل وفاعله.

بلاغة الحذف وأثرها

الحذف هنا ليس نقصًا، بل زيادة في المعنى وثراء في البلاغة. لو ذُكر المفعول به، مثل الإبل أو الغنم، لكان الانتباه منصبًا على نوع الحيوان المسقي. وربما توهم البعض أن مساعدة سيدنا موسى كانت نتيجة سهولة المهمة أو صعوبتها، لكن الحذف يؤكد أن العبرة ليست في نوع المَسقِي، بل في مروءة الفاعل وشهامته.

قيم أخلاقية في قلب القصةهذه الآيات تسلط الضوء على عدة قيم إنسانية، أهمها:

الحياء: الذي تجسد في موقف الفتاتين اللتين آثرتا عدم مزاحمة الرجال.

المروءة والقوة: التي ظهرت في مساعدة سيدنا موسى عليه السلام دون تردد، بغض النظر عن حجم العمل أو نوع الحيوان.


هذه القيم كانت سببًا في إعجاب الفتاتين بموسى، ليقول إحداهما لاحقًا: "يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ".

بلاغة القرآن: رسالة للعصر الحديث

هذا المشهد القرآني يثبت أن البلاغة ليست فقط في الجمال اللفظي، بل في القدرة على إيصال رسائل أخلاقية عميقة. الحذف هنا يركز على الجوهر: الأخلاق والقيم، في وقتٍ نحن بأمسّ الحاجة فيه إلى مثل هذه الدروس في حياتنا اليومية.

فالقرآن يعلّمنا أن الشهامة والمروءة لا ترتبط بظروف أو تفاصيل، بل هي مواقف تنبع من الأخلاق العالية، وتجسدها الأفعال دون حاجة إلى توضيح أو تفصيل.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: موسى القرآن سيدنا موسي عليه السلام موسى عليه السلام سورة القصص القصص سيدنا موسى

إقرأ أيضاً:

محمود أبو عمشة.. طبيب مصري استشهد في معركة الإنسانية بغزة

استشهد الطبيب المصري، محمود أبو عمشة، في قطاع غزة المحاصر، قبل يومين، وذلك أثناء قيامه بواجبه الطبي في معالجة الجرحى والمصابين الذين سقطوا جراء عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

ويعتبر أبو عمشة من أبرز الأطباء المتطوعين في غزة، حيث فقد حياته في سبيل إغاثة المدنيين الفلسطينيين، ليؤكد مجددًا عمق التضامن بين الشعبين المصري والفلسطيني، ودور الأطباء في الجهود الإنسانية في أصعب الظروف.

من هو الطبيب محمود أبو عمشة؟
محمود أبو عمشة هو طبيب مصري، متخصص في مجال الجراحة العامة، وكان من أوائل المتطوعين في المستشفيات الميدانية في قطاع غزة خلال التصعيدات الأخيرة.

ولد أبو عمشة في مصر وكان معروفًا بتفانيه وإخلاصه في العمل الطبي، إذ كان يعكف على تقديم الخدمات الطبية للمتضررين من الحروب والصراعات في مناطق النزاع.

وبالإضافة إلى عمله الجراحي، كان له دور كبير في تدريب أطباء وممارسين صحيين في المناطق التي تعاني من نقص حاد في الكوادر الطبية، وشارك في العديد من الحملات الإنسانية في القطاع الفلسطيني.


نعي نقابة الأطباء المصرية
عبر بيان رسمي، نعت نقابة الأطباء المصرية، الشهيد الطبيب محمود أبو عمشة، فيما وصفت وفاته بأنها: "خسارة فادحة لكل المصريين ولكل من يعمل في مجال العمل الإنساني".

وأكدت النقابة، في بيانها، على أن الطبيب أبو عمشة: "كان قدوة في التفاني والإخلاص في عمله، وأنه لا يمكن أن يكون هناك أروع من أن يسقط الطبيب شهيدًا أثناء أداء رسالته في خدمة الإنسانية".

وقالت النقابة: "لقد فقدنا اليوم شهيدًا من أبطال الطب، الطبيب الذي أعطى من وقته وحياته من أجل إغاثة الملهوفين في غزة، وكان رمزًا للتضحية والفداء الذي لا يتوقف أمام الصعاب"، مردفة: "نحن إذ نودعه، نؤكد أن دماءه ستظل حية فينا، وتستمر رسالته في تعزيز الدور المصري الريادي في دعم الأشقاء الفلسطينيين.".

وأضافت النقابة، خلال البيان نفسه: "فلم يكن يحمل سلاحًا... كان يحمل سماعته، وابتسامته، ويدًا ممدودة بالرحمة، كان صوتًا للحياة وسط الركام، ونبضًا من نور في ظلمة القصف، استُهدف لأنه طبيب، لأنه إنسان، استُشهد وهو يؤدي أنبل ما يمكن للإنسان أن يفعله: أن يحاول إنقاذ حياة".



التضحية والوفاء

كان محمود أبو عمشة قبل استشهاده، يعمل بلا كلل أو ملل في المستشفيات الميدانية في غزة، ويواجه المخاطر والمصاعب في سبيل إنقاذ حياة الآخرين. وأفادت تقارير إعلامية بأن الطبيب الشهيد، قد أصيب في أحد هجمات الاحتلال الإسرائيلي، ولكنه استمر في معالجة المصابين حتى لحظاته الأخيرة.

وبحسب التقارير ذاتها، فإنّ: "هذه التضحية تجسد الوفاء المتبادل بين الشعبين المصري والفلسطيني، وتعكس الوحدة العربية في مواجهة الاحتلال والظلم".

إلى ذلك، توالت ردود الفعل من مختلف القطاعات الشعبية والرسمية في مصر وفلسطين على استشهاد الطبيب محمود أبو عمشة، فقد عبّر المصريون عن حزنهم العميق لفقدان أحد أبنائهم الذين ضحوا بحياتهم في سبيل خدمة الإنسانية، بينما نعى الفلسطينيون الطبيب باعتباره بطلًا وإنسانًا مخلصًا قدم روحه فداءً لهم.


أيضا، أشاد العديد من الشخصيات العامة والمجتمع الطبي في مصر وفلسطين، بجهود الطبيب الشهيد، مؤكدين أن استشهاده هو تجسيد حي للوحدة العربية، وأنه لن يُنسى.

عن هذا الشهيد المصري العظيم في قطاع غزة..

إنه الطبيب محمود أبو عمشة الذي اسُشهد قبل يومين وهو يقوم بدوره الذي دأب عليه في مساعدة الجرحى والمصابين في قطاع غزة.

دمٌ واحد وجرحٌ واحد أيها المصري النبيل، وما كان هذا "الكيان" سوى طعنة في قلب مصر ودورها، وفي قلب الأمّة، وما شعبنا سوى… pic.twitter.com/AKO1MxHaW5 — ياسر الزعاترة (@YZaatreh) April 13, 2025

مقالات مشابهة

  • اليوم.. "تضامن النواب" تبحث مشكلة الحذف العشوائي لبطاقات تكافل وكرامة
  • لا تقدم في محادثات القاهرة... والكارثة الإنسانية تتفاقم في غزة
  • “ #أوقفوا_الإبادة ”.. حملة إعلامية عالمية لمواجهة جرائم إسرائيل ضد الإنسانية مساء اليوم
  • الإنسانية أولا أو الشخصية .. وأيهما نتيجة للآخر؟
  • الاكتناز في ضوء القرآن
  • محمود أبو عمشة.. طبيب مصري استشهد في معركة الإنسانية بغزة
  • دعوات أممية لمنع الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة
  • حذف بـ30 ثانية.. «ميتا» تنفذ أجندة إسرائيل بإزالة منشورات مؤيدة لفلسطين
  • محافظ إب يطلع على سير أنشطة الدورة الصيفية في مركز شهيد القرآن
  • علي جمعة: التمكين الدنيوي للظالمين لا يعني رضا الله عنهم فلا تيأس وثق فى الله