سر أهل الجنة.. كيف تفوز بالنعيم الأبدي؟
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، أن الإيمان نعمة عظيمة من الله يجب على المؤمن أن يقدرها ولا يغتر بعمله، مشيرًا إلى أن العمل الصالح لا يكون إلا بتوفيق الله وهدايته.
وأضاف أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يدركون عظمة نعمة الإسلام، ويصفونها بأنها النعمة الأعظم التي لا تعادلها نعمة أخرى.
الإسلام.. أعظم النعم على الإطلاق
وقال جمعة: "يجب أن يشعر المؤمن بنعمة الإسلام التي هداه الله إليها من غير حول ولا قوة، وأن يحرص على الالتزام بما يرضي الله والعمل وفق ما أراده سبحانه. فحسن حال المؤمن مع الله يُصلح عمله، إذ إن القلوب هي أساس السلوك".
صفاء القلب أساس رفعة المؤمنوأشار إلى الحديث الشريف الذي بين فيه النبي ﷺ أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لم يسبق الصحابة بكثرة الصلاة أو الصيام، وإنما بشيء وقر في قلبه، في إشارة إلى أن صفاء القلب وصدق النية هما الأساس في رفعة المؤمن عند الله.
رجل من أهل الجنة: نموذج للتواضع وصفاء القلبوأضاف الدكتور علي جمعة أن النبي ﷺ دل الصحابة على رجل من أهل الجنة، وتابع أحدهم هذا الرجل ليتعرف على عمله، لكنه لم يجد عملًا زائدًا على ما يقوم به أي مسلم، سوى نقاء قلبه من الحقد والحسد. وتابع: "هذا الحديث الشريف يؤكد أن صفاء القلب، والتخلص من الغل والحسد، من أعظم الأعمال التي ترفع مقام المؤمن عند الله".
التواضع وصفاء النية طريق القرب من اللهوختم الدكتور جمعة بالتأكيد على ضرورة شكر الله على نعمة الإيمان، والتواضع في الأعمال، والحرص على تحقيق مراد الله من خلال الصفاء الداخلي، فهو السبيل إلى حسن الحال مع الله، وبالتالي حسن العمل.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: جمعة علي جمعة الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء نعمة نعم والحسد أهل الجنة
إقرأ أيضاً:
ذات صفاء الوان تنبض وحركات تروي
إبراهيم برسي
18/11/24
: مدخل نقدي للنص القصصي القصير
( ذات صفاء ذات نهار سادس اخضر )
للقاص و المفكر عادل القصاص.
و الذي في رائي يتجاوز كونه سردًا لنص قصصي قصير ليغدو مرآةً عميقة تتداخل فيها الذات والآخر في مشهدية مليئة بالإيحاءات.
عادل القصاص، في هذا العمل، يكشف عن براعة نادرة في تحويل تفاصيل يومية عادية إلى حقل دلالي عميق ينضح بالحنين، الشغف، والحسرة.
النص يعبر عن أفق أدبي يتلاقى فيه علم نفس الأفراد والمجتمعات مع أنماط الكتابة السودانية التي تعكس خصوصية المكان والزمان.
اذ يحفر الكاتب في أعماق النفس البشرية عبر شخصية الراوي الذي يغرق في تفاصيل دقيقة أثناء عملية طلاء الجدران. لكنه، في العمق، يطلينا نحن أيضًا بتجربة شعورية مركّبة؛ حيث يتحول العمل اليدوي، بكل ما فيه من روتين وبطء، إلى فعل تأملي تتسرب من خلاله انفعالات الراوي تجاه صفاء .
عملية الطلاء هنا ليست مجرد استعارة فنية، بل هي رمز لمشهدية نفسية تعبر عن محاولة الراوي إعادة بناء داخله المحطم؛ الطلاء كفعل تغطية وإعادة صياغة هو، في ذات الوقت، فعل مقاومة لحقيقة الفقد القادمة. لكن، وكما يشير النص، الطلاء لا يخلو من التناقض: الرغوة التي تنبت عند خلط الماء بالطلاء تمثل خفة اللحظات العابرة التي لا تدوم، والزيت الذي يذوب هو استعارة للشوق الآخذ في الانحسار مع انقضاء الزمن.
صفاء: الرمز والمرآة الشخصية
صفاء ليست مجرد شخصية في النص، بل هي صورة متعددة الأبعاد: هي الحبيبة، الرغبة، والفقد. تجسيدها جاء بدقة فنية عالية، حيث يختار الكاتب لغة وصفية تنقل حضورها الجسدي المثير دون أن تنزلق إلى الابتذال.
حركاتها البسيطة—كالجلوس على البنبر ، غسيل الملابس، وتحريك الطشت—تحمل عبء رمزية مثقلة: فهي ليست مجرد أفعال عادية، بل إشارات إلى الحياة اليومية التي يصعب على الراوي استعادتها بعد رحيلها. صفاء هي الحاضر الذي يغيب، هي الألفة التي تتحول إلى ذكرى، وهي النبض الحي الذي يُطفأ ببطء.
و من خلال علم النفس الفردي، يمكن قراءة النص كرحلة داخل وعي الراوي المنقسم بين الرغبة والوعي بالفقد. البطء المكابر الذي يصر عليه الراوي أثناء الطلاء يعكس مقاومة داخلية للاعتراف بالحقيقة: أن هذا اليوم هو اليوم الأخير في البيت، بيت صفاء. النص يُظهر كيف يمكن للأعمال اليدوية اليومية أن تصبح مسرحًا للانفعالات المكبوتة، بل وكيف يمكن للبطء أن يتحول إلى محاولة يائسة لإطالة زمن الحضور.
أما من منظور علم النفس الاجتماعي، فإن النص يبرز تمثيلات خفية للتوتر بين الفرد والمجتمع. صفاء هي انعكاس للصورة المثالية التي يتوق إليها الراوي؛ لكنها، أيضًا، تمثل الآخر الذي لا يمكن السيطرة عليه أو امتلاكه. إن عدم قيام صفاء بسحب الفستان “كي تلطخه بعُرى فخذيها او تلطخ به عُري فخظيها يشي بلحظة مقاومة صغيرة، لكنها تعيد التأكيد على استقلاليتها، وعلى أن العلاقة بين الذات والآخر تحمل دائمًا عنصر الغموض والتوتر.
النص مكتوب بلغة سودانية متدفقة، لكنها مشبعة بطبقات من المعاني. اختيار المفردات اليومية، مثل ( البنبر و الطشت )، يضفي واقعية محلية تجعل القارئ يتماهى مع النص؛ في الوقت نفسه، تتداخل هذه الواقعية مع صور شعرية مكثفة، كما في وصف ( النهد النرجسي الصلف ) الذي يخلق جسرًا بين الجسد والمعنى.
لكن الكاتب لا يكتفي بذلك؛ بل يضيف بُعدًا صوتيًا للنص عبر الأصوات المسموعة: (لهاث الملابس)، (طرقعة الطشت )، و (هسيس الرغوة).
هذا البُعد يجعل النص أشبه بمقطوعة موسيقية تُعزف على وقع التفاصيل اليومية.
و ايضاً يمكن قراءة النص كمرآة لواقع اجتماعي سوداني أوسع، حيث تتداخل حياة الأفراد مع قسوة الفقد وحتمية الرحيل. فصفاء ليست فقط الحبيبة، بل يمكن أن تكون رمزًا للوطن، للمكان الذي نحاول التشبث به رغم يقيننا بأننا سنفقده. هنا يظهر بُعد سياسي خفي، لكنه عميق: النص يعبر عن ألم الهجرة، سواء أكانت هجرة حبيبة، أم هجرة وطن.
( ذات صفاء ذات نهار سادس أخضر ) عمل أدبي مدهش بجماله وعمقه. إنه نص يتنقل بمهارة بين التجربة الشخصية والرمزية العامة، بين الحميمي والاجتماعي، وبين الواقعي والخيالي.
عادل القصاص ينجح في خلق نص يتحدث إلى القارئ بلغة مركّبة ومليئة بالحنين والشفافية، نص يجمع بين الدقة الفنية والحمولة الشعورية، ليتركنا نعود إليه مرارًا بحثًا عن المزيد من أسراره.
zoolsaay@yahoo.com