ملف الباحثين عن عمل.. والآثار الديمغرافية!
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
عمير العشيت
alashity4849@gmail.com
أتطرقُ في هذا الموضوع المُهم من منظور العرض والطلب في سوق العمل والآثار الديمغرافية المترتبة عليه، ذلك أن هذا الملف مازال الشغل الشاغل لدى الجميع ومتصدرا سلم أولويات الحكومة والرأي العام؛ وهو متجدد باستمرار نتيجة تدفق آلاف من المخرجات التعليمية التراكمية سنوياً على وزارة العمل ومنصات البرنامج الوطني للتشغيل، مطالبة بالاستحقاق الوطني المتعلق بالتوظيف والمستمد من ديباجية النظام الأساسي للدولة، والذي نص في الفصل الثالث من المادة (15) على أن "العمل حق وشرف، ولكل مواطن الحق في ممارسة العمل الذي يختاره في حدود القانون".
أما الأعداد المسجلة وغير المسجلة فضخمة، وقائمة الانتظار مطولة والعمر يمضي ولا ينتظر صاحبه، ونزيف الأموال التي تصرف على الطلبة من الباحثين عن عمل لا يتوقف، ويكاد لا يخلو منزل من وجود أكثر من باحث عن عمل يتمنى أي وظيفة تكفل له العيش الكريم حتى لو كان على حساب تخصصاته العلمية. ويبدو أن ملف الباحثين عن عمل بات لُغزًا مُحيرًا دون غيره من الملفات الوطنية، كلغز مثلث برمودا الذي حير العلماء في اختفاء السفن والطائرات بشكل مفاجئ في أعماق البحار والمحيطات. والغريب أن مفردات هذه الظاهرة تتزايد سنة بعد سنة نتيجة المخرجات العلمية السنوية وثقل كاهل ولي الأمر من التزامات ومصروفات، وبالتالي فإن بقاء هذا الملف المُعمِّر على حاله، سيؤثر- لا محالة- على التوازن في التركيبة الديمغرافية للسكان في السنوات القادمة، نتيجة عزوف الشباب عن الزواج، بسبب عدم توفر دخل شهري لأسرهم وستنجُم عنه آثار اقتصادية على التنمية الوطنية التي تفقد سنويًا مليارات الريالات المحولة خارج البلاد بواسطة العمالة الوافدة.
لقد تفضل حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم- حفظه الله ورعاه- بالتأكيد على ملف تشغيل الباحثين عن عمل بأنه ذو أولوية وطنية، وانه يأتي على سلم أولويات الحكومة، إلى جانب وجود البرنامج الوطني للتشغيل الذي يعد من اهم البرامج الوطنية في هذا الشأن، إلّا أن التحديات والصعوبات ما زالت تمثل حائط صد قويًا لهذا الملف، على الرغم من الجهود الكبيرة التي تُبذل من وزارة العمل لاحتوائه، وإصدار العديد من القوانين واللوائح حول ولكن دون جدوى.
الأرقام ما زالت مرتفعة والوظائف شحيحة، رغم البيانات التي تُنشر بين الفينة والأخرى حول توظيف الباحثين، إلّا أنَّ الأغلب يتم قبولهم في القطاعات العسكرية والأمنية.
كما إن الوظائف المحظورة من قبل وزارة العمل والمخصصة للعمالة الوطنية، لم تفلت من قبضة العمالة الوافدة التي تمارس أنشطتها بمنتهى الحرية؛ كأنشطة مكاتب إدخال البيانات وغيرها والتي بدأت تمارسها في المنازل ولا تحتاج إلى تصريحات من الجهات المعنية، ولا الى استئجار مكاتب، ولا تطالهم لجان التفتيش، بعد أن فتحت بعض المؤسسات الخدمية تطبيقاتها على الهواء مباشرة بحجة تسهيل الإجراءات، وهذا الأمر يحتاج إلى إعادة النظر لدى الجهات المعنية، نظرًا لتأثر شريحة كبيرة من المواطنين العاملين بهذا الوضع، والبعض منهم أغلق نشاطه وانضم الى قافلة الباحثين عن عمل والمسرحين.. وهذا يعني أن إقبال الشباب على الأعمال الحرة لا يعود عليهم بمنفعة حقيقية لكسب الرزق ما دامت الضوابط الرادعة مفقودة.
الجميع يعلم أن العالم يتجه إلى تكتلات وتحالفات اقتصادية واسعة وبعيدة كل البعد عن نطاق مسار حسابات الدولة الواحدة ونسفت الكثير من البرامج الوطنية كتوظيف مواطنيها، وبدأت المصالح بين الدول ومؤسساتها الاقتصادية مشتركة ومرتبطة بمنظومة العرض والطلب بحيث لا يُمكن الاستغناء عنها، وهذه حقيقة فرضت نفسها على الجميع، وبالتالي نلاحظ أغلب الدول فتحت كافة أبوابها للشركات العالمية والعمل فيها؛ سواء بالشراكة أو الاستثمار وفي المقابل سمحت لها بقبول شروطها المتعلقة بمصالحها الاستراتيجية كتوظيف العمالة الوافدة لاعتبارات الأجر والمؤهلات الفنية والخبرة وهذا واقع يتعايش معه الجميع.. إلّا أن ملف الباحثين عن عمل وآثاره الديمغرافية يظل الهاجس الأكبر، ولا بُد من إيجاد حلول حقيقية تلامس الواقع، وعلى رأسها توفير مصدر دخل شهري مؤقت للباحثين عن عمل، ليكون عونًا لهم على العيش الكريم ومنه يتحقق التوازن الديمغرافي لاحقًا، ونأمل أن تدخل هذه المنفعة في نطاق صندوق الحماية الاجتماعية، شأنها شأن المنافع الاجتماعية التي حسَّنت أوضاع كثير من الأُسر.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
معمل متبقيات المبيدات يكرم الباحثين أصحاب الأبحاث المنشورة دولياً
شجع مركز البحوث الزراعية الشباب الباحثين بالمعمل على النشر العلمي بالمجلات الدولية ذات معامل تأثير عالي، حيث أعلنت دكتورة هند عبداللاه مدير المعمل المركزي لتحليل متبقيات المبيدات والعناصر الثقيلة عن قيامها بتكريم الباحثين الذين قاموا بنشر أبحاث ذات جودة علمية بمجلات دولية ذات معامل تأثير عالي يتراوح معامل تأثيرها ما بين 1 إلى 8.5 تشجيعاً لهم وتحفيزاً لجميع الباحثين بالمعمل.
ويأتي نشر هذه الأبحاث في إطار خطة مركز البحوث الزراعية. ويأتي ذلك في إطار توجيهات وزير الزراعة واستصلاح الأراضي علاء فاروق وبرعاية الدكتور عادل عبد العظيم رئيس مركز البحوث الزراعية ومن جانبها أشارت عبد اللاه أنه تم خلال عام 2024 نشر ما يزيد عن 33 بحث دولي ومحلي وتم نشر 30 بحث بمجلات دولية بنسبة تقدر بحوالي 91% من إجمالي الأبحاث المنشورة من المعمل، وتصل نسبة الأبحاث المنشورة إلى عدد الباحثين بالمعمل بنسبة تقدر بحوالي 60% إلى عدد الباحثين بالمعمل (هيئة معاونة وهيئة بحوث) وهو ما يدل على جودة الإنتاج العلمي بالمعمل ودوره في النشاط العلمي بالإضافة إلى دور المعمل في منظومة الرقابة على سلامة الغذاء وما يقدمه من خدمات لدعم الصادرات الغذائية المصرية.
وفي ذات الإطار أكدت عبد اللاه على أن الأبحاث المنشورة التي تم تكريم الباحثين على نشرها كان من أهمها بحث لتطوير طريقتين لتقدير 132 ملوث عضوي في البن الأخضر والمحمص وتشمل هذه الملوثات مبيدات الآفات ومنظمات النمو والمركبات ثنائية الفينيل متعددة الكلور (PCBs) في البُن الأخضر والمحمص، باستخدام تقنيات GC-QqQ-MS/MS ، LC-QqQ-MS/MS. وأثبتت الطريقتان دقتهما العالية مما يجعلهما ملائمتين للتحليل الروتيني. وقد أظهرت نتائج هذه الدراسة تأثير عملية التحميص على كفاءة التحليل، حيث وُجدت علاقة بين درجة التحميص وزيادة مستويات بعض الملوثات ، مما يشير إلى دور التحميص في تعزيز وجود هذا الملوث.
إضافة إلى ذلك، تم استخدام مواد صديقة للبيئة كخطوة إيجابية نحو ممارسات تحليلية مستدامة. وبشكل عام توفر هذه الدراسة طرقاً تحليلية مبتكرة ومعتمدة تُمكِّن من الكشف السريع والدقيق عن ملوثات البُن، مما يُسهم في تعزيز جودة التحليل وضمان صحة النتائج، كما يمكن للهيئات الرقابية وجهات فحص الملوثات الاعتماد على استخدام هذه الطرق المطورة لمراقبة الملوثات في البُن، مما يضمن التزام المنتجات بالحدود القصوى لبقايا المبيدات (MRLs) المعتمدة عالميًا، وأيضاً يساهم تحسين الرقابة على الملوثات العضوية في البُن في الحد من المخاطر الصحية المرتبطة باستهلاك منتجات ملوثة مثل الأمراض المزمنة واضطرابات الغدد الصماء.
وكان أيضاً من أهم الأبحاث المنشورة بحث لتطوير بروتوكول موثوق للكشف عن الإستخدام للمواد الغير مصرح بها واهمها مضافات البرومات في المنتجات الأولية ومنتجات المخبوزات بالسوق المصري، معتمداً على أسلوب الإستخلاص المباشر مقترناً بجهاز الكروماتوجرافي السائل عالي الكفاءة والملحق به مطياف الكتلة المتتابع. حيث شملت الدراسة أكثر المضافات الغذائية شيوعاً في عملية إنتاج وتصنيع العديد من منتجات المخبوزات سواءً الأولية منها كالدقيق أو المصنعات كالخبز البلدي وغيرها. ويمثل الكشف عن هذه المواد تحدياً كبيراً لما تنطوي عليه من خطورة بالغة.
وقد مكنت طريقة التحليل المُطورة والمُتحقق من صحة نتائجها من الكشف مباشرةً عن هذه المركبات من خلال طريقة إستخلاص مُبسطة محققة بذلك أدنى حدود تقدير ممكنة وأفضل فصل ممكن داعماً دقة وجودة الحساب الكمي لهذه المتبقيات.
وأكدت عبد اللاه أن إدارة المعمل تضع ضمن أولوياتها تشجيع ودعم الباحثين لنشر الأبحاث التي تخدم خطة المعمل في طرق التحليل وتخدم منظومة سلامة الغذاء في مصر. كما اشتملت الأبحاث المنشورة على تقييم مخاطرالتعرض لمتبقيات المبيدات، المعادن الثقيلة، والأدوية البيطرية من خلال استهلاك عينات الأسماك المصرية وغير ذلك من الموضوعات الهامة والتي تقع في إطار خطة المعمل ومركز البحوث الزراعية.
ومن الجدير بالذكر أن هذا العام هو الرابع الذي يتم فيه تكريم الباحثين بالمعمل لنشر الأبحاث بالمجلات الدولية ذات معامل التأثير العالي والموثوقة.