غالبا ما تكون أواني الطهي المقاومة للالتصاق إحدى أكثر الأدوات المطبخية شعبية بين محبي الطهي، فهي مثالية عند الاستخدام لأن الطعام لا يلتصق بسطحها، وهذا يجعل من السهل تحضير الأكل فيها وتنظيفها من دون عناء. ومع ذلك، يتضح أن هذه الأواني قد تمثّل عامل خطر كبير على صحتك وصحة أسرتك، ولكن في بعض الحالات.

إقبال متزايد

اكتسبت هذه الأدوات الأساسية للطبخ شعبية وشهرة قياسية منذ أن ابتكر العلماء أول مقلاة طهي مقاومة للالتصاق عام 1954، ومنذ هذا التاريخ وهي رائجة وواسعة الانتشار، حتى وصل الطلب على أواني الطهي غير اللاصقة إلى أكثر من 206 مليون وحدة في جميع أنحاء العالم عام 2020 وحده، ومن المتوقع أن يزداد الرقم بسبب التفضيل المستمر عليها.

ومنذ اختراعها، استخدم الناس في جميع أنحاء العالم المقالي غير اللاصقة لطهي البيض والصلصات وتسخين بقايا الطعام. كما أدت متانتها وسطحها المقاوم للاحتكاك في تسهيل الطهي والتنظيف، وبالتالي زيادة شعبيتها، لتصبح هذه النوعية من الأدوات المطبخية تمثل حوالي نصف أواني الطهي المباعة في الأسواق عالميا.

ومع ذلك، دائما ما أثارت الأواني غير اللاصقة الجدل حولها، خاصة في أوائل العقد الأول من القرن الـ21، عندما تم اكتشاف استخدام مادة كيميائية تسبب السرطان والعيوب الخلقية في صنع طلائها المقاوم، إلى أن تم التخلص التدريجي من هذه المواد الكيميائية، المعروفة باسم "بي إف أو إيه" (PFOA)، بحلول عام 2013.

إعلان

والآن تسوق العديد من العلامات التجارية منتجاتها على أنها "صحية" أو "آمنة" أو "غير سامة"، ما يجعل أسعار هذه المنتجات باهظة الثمن.

ولأن غالبا ما يتم الاستثمار فيها، فقد يتم أحيانا تجاهل تعرُّض الأواني المقاومة للالتصاق للخذوش والتشققات، ويستمر الكثيرون في استخدامها بصورة طبيعية، من دون الانتباه إلى أن هذه العادة الشائعة قد تعرِّض صحة الأسرة لمخاطر جسيمة.

التفلون المخدوش قد يهددك بالأمراض

وفقا لبحث أسترالي، فإن الطهي باستخدام مقلاة مقاومة للالتصاق بعد تعرُّضها للتلف والخدوش قد يؤدي لإطلاق ملايين الجزيئات البلاستيكية الدقيقة والنانوية في الطعام.

واستخدمت الدراسة مجاهر خاصة تسمح لهم باكتشاف عدد الجزيئات البلاستيكية التي تخرج من الأواني والقدور المستهلكة، التي تعرضت للشقوق والكشط والخدوش، وتأثير ذلك أثناء عملية الطهي على الطعام.

ووجد الباحثون أن الطلاءات غير اللاصقة المخدوشة يمكن أن تطلق حوالي 2.3 مليون جزيء من البلاستيك الدقيق (جسيمات يقل قطرها عن 5 ملليمترات) والبلاستيك النانوي (جسيمات يقل قطرها عن 1 ميكرومتر).

تجاهل تعرُّض الأواني المقاومة للالتصاق للخدوش والتشققات قد يعرِّض صحة الأسرة لمخاطر عدة (بيكسلز)

كما اتضح أن هذه المشكلة قد تحدث حتى وإن لم تتعرض المقالي إلى الخدش المرئي بالعين، إذ قد يتم إطلاق آلاف أو ملايين الجزيئات من البلاستيك الدقيق والنانوي المصنوع من التفلون أثناء عملية الطهي، اعتمادا على عمر المقلاة وجودتها، وطريقة الاستخدام وأسلوب الطهي، إضافة لنوعية المواد التي يتم طهيها في تلك الأواني.

وتوضح نتائج الدراسة كيف يمكن حتى لشق صغير جدا في الطلاء غير اللاصق أن يفرز آلاف وربما ملايين الجزيئات الضارة عند الطهي بمقلاة تالفة، حسب تقديرات الباحثين.

الأواني التالفة تسبب التلوث الخطير للطعام

إضافة لما سبق، تحتوي معظم أواني الطهي غير اللاصقة على كميات ضئيلة من مواد كيميائية تُعرف اختصارا باسم "بي إف إيه إس" (PFAS). وقد ارتبط التعرض لهذه المواد بزيادة خطر الإصابة بأمراض صحية بما في ذلك أمراض الكبد وأمراض الكلى المزمنة وارتفاع ضغط الدم وبعض أنواع السرطان.

إعلان

وحتى بعد حظر استخدام المواد الكيميائية الخطيرة في صناعة التفلون منذ عام 2013، لكن حتى اليوم يتم تصنيع أواني التفلون باستخدام الجيل الأحدث من مواد إف إيه إس" الكيميائية، التي ارتبط بعضها بمخاطر صحية مماثلة.

لذلك عند تعرض الأواني المقاومة للالتصاق لأي تلف، مهما كان دقيقا، قد يعرض المستخدمين لمخاطر على المدى الطويل.

وخلص الباحثون إلى أنه بما أن الجزيئات البلاستيكية والمواد الكيميائية المسربة ينتهي بها المطاف في الطعام، فمن المهم اختيار أواني طهي آمنة، مثل النوعيات المطلية بالسيراميك التي تعد بديلا شائعا وخاليا من التفلون، وضرورة التخلص من الأواني التالفة مهما بدا هذا التلف صغيرا.

تسويق العلامات التجارية لمنتجاتها على أنها "صحية" أو "غير سامة" يجعل أسعارها باهظة الثمن (بيكسابي) تأثيرات على الصحة تحتاج لمزيد من التحقيق

من جانبه، قال تشنغ فانغ، الباحث من جامعة نيوكاسل المشارك في الدراسة: "نظرا لحقيقة أن الوجبات التي يتم تحضيرها في الأواني التالفة قد تتلوث بملايين الجزيئات البلاستيكية من التفلون الدقيق والمواد الكيميائية، فإن هذا قد يشكل مشكلة صحية خطيرة تستلزم المزيد من التحقيق في المستقبل".

وقال الباحثون إن هذا سبب إضافي لتوخي الحذر في المطبخ، وتحديدا عند اختيار الأواني والأدوات المستخدمة، مع ضرورة معرفة طريقة الاستعمال الصحيحة لكل منها.

على سبيل المثال، تحتوي معظم الأواني غير اللاصقة على تعليمات تنص على عدم تسخينها فوق درجة حرارة متوسطة، وذلك لتجنب إطلاق أبخرة ضارة محتملة من أواني الطهي المصنوعة من مادة التفلون وتشققها طبقتها الواقية.

كذلك من المهم الالتزام بتعليمات التنظيف الصحيحة لهذه الأدوات، لكي لا تتعرض للتلف وتهدد صحتك وصحة أسرتك.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجزیئات البلاستیکیة المواد الکیمیائیة أوانی الطهی غیر اللاصقة

إقرأ أيضاً:

صفحة الأسد التي طُويت

آخر تحديث: 11 دجنبر 2024 - 9:21 صبقلم:فاروق يوسف تفكر أجيال سورية في الأسد الابن فيما تفكر أجيال أخرى بالأسد الأب. بعد لم يُنس الأب لكي يُنسى الابن. وقد لا تكون المقارنة بين الاثنين ضرورية في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ سوريا، ذلك لأن الخوف من الأسوأ لا يزال قائما. فإسقاط نظام سياسي أيّا كان نوعه عن طريق السلاح يظل محفوفا بالخطر. خطر انتقال الحكم من عصابة صارت مُجربة إلى عصابة ستظل في طور التجريب لسنوات عديدة مقبلة.“هل ستعود سوريا إلى شعبها بعد أن كانت لبشار لأسد في شعاره إلى الأبد؟” ذلك سؤال لا يتحمل الإرجاء أو التأويل أو المناورة. ولكن ما لا يجب الهروب منه أن الجماعة المسلحة التي أسقطت نظام الأسد لها برنامج سياسي معروف ومكشوف ليس من بين فقراته دمقرطة الحياة السياسية بمعنى إعادة السلطة إلى الشعب كما يقول الدستور. تلك مشكلة مستعصية لا حل لها وهي التي تحدد سقف الحريات العامة أيضا وسيكون لها الدور الأكبر في رسم خارطة العلاقات بين الحاكم والمحكوم، على الأقل في المستقبل القريب وهو زمن الطوارئ الذي لا غنى عنه بالنسبة إلى الأطراف كلها وبالأخص الشعب الذي خرج من كهف عقود خمسة مظلمة. لن نضطر إلى القيام بنزهة في عقل الجماعة المسلحة. سيكون كل شيء واضحا خلال وقت قصير. أيام معدودات ويعرف الشعب السوري بعدها ما الذي ينتظره. وإذا الائتلاف الوطني قد سعى من خلال أفراد منه أن يظهر في الصورة فإن ذلك المسعى لن يكون بالضرورة بمثابة تمهيد لاستلامه زمام السلطة التي يجب أن تكون مؤقتة إلى حين إجراء انتخابات كما هو متعارف عليه في حالات التحول القسري. الجماعة المنتصرة هي التي تملك سلطة القرار الذي يتعلق بمستقبلها كما مستقبل سوريا.

ولكن قبل أن نعلق بتفاصيل لا تزال غامضة لا بد أن نتساءل “هل كانت الثلاث عشرة سنة الماضية ضرورية من أجل إنضاج فكرة رحيل الأسد؟” يمكننا أن نفكر في إطار نظرية المؤامرة. ما بين 2011 و2024 في سوريا هو زمن شبيه بما بين 1991 و2003 في العراق. عام 1991 بعد حرب تحرير الكويت سقط النظام السياسي في العراق وتم إحياؤه اصطناعيا غير أنه عبر سنوات الحصار الثلاث عشرة عاش ميتا من غير أن يقوى على تجديد أي شيء من أدواته وبالذات آلته العسكرية. دفع الشعب ثمن ذلك الموت موتا ومرضا وجهلا وتشردا وذلا وقمعا وهوانا.ذلك ما حدث في سوريا بالضبط، حين تُرك نظام الأسد حيا وهو في الحقيقة ليس كذلك، كان الشعب هو الضحية. أما المحاولات التي بُذلت من أجل إحيائه فلم تنفع لا لأنها ليست جادة، بل لأنها جاءت متأخرة. ليس مهمّا والحالة هذه فيما إذا كان الأسد قد أدرك أنه قد انتهى منذ اللحظة التي حرك قطعات جيشه في اتجاه درعا. فالرجل الذي استلم سوريا باعتبارها مزرعة أبيه كان منذ البدء منفصلا عن الواقع وكل تقديراته أقامها على أساس حسابات خاطئة. وهو ما جعل مسألة عزله عربيا أمرا مقبولا.

لم يقاتل الجيش السوري دفاعا عن الأسد هذه المرة لأن قادته قد أدركوا أن المسألة تشبه الانتحار وكان موقفهم نبيلا وشريفا حين دفعوا عن جنودهم شبح موت مجاني لا قيمة له على المستوى الوطني. بعد ثلاث عشرة سنة من الإهمال صارت كل معدات الجيش (طائراته وناقلاته ودباباته ومدافعه وبنادقه) عبارة عن خردة من الحديد. وهو ما لم يكن يعني الأسد في شيء لأنه كان مطمئنا إلى أن بقاءه في دمشق كان رهين رغبة روسيا وإيران في الحفاظ على مناطق نفوذهما في سوريا. وهي الفكرة الأكثر قبحا من بين أفكاره الصبيانية التي اعتبرها جزءا من فلسفته.وهكذا يكون بشار الأسد قد ترك سوريا من غير جيش وهو ما يشكل مصدر هلع حين التفكير بالمستقبل. كما أن الوضع الاقتصادي الذي وصل إلى الحضيض بسبب الحصار الذي فرض على سوريا لا يمكن إنقاذه في زمن منظور ولا يمكن لسوريا بعد أن فقدت الكثير من عوامل بنيتها الزراعية والصناعية أن تسترجع عافيتها التي كان اكتفاؤها الذاتي واحدا من أهم وجوهها.صفحة الأسد طويت على مستوى غياب الشخص غير أنها لن تُطوى حقا إلا إذا استعادت الدولة السورية كل ما فقدته من مفردات وجودها وهي لا تُعد ولا تُحصى.

مقالات مشابهة

  • خالد سلك يمسك لجنة الاستنفار في المناقل لدخول ما تبقى من الجزيرة
  • المهارات التي ستهيمن على سوق العمل في المستقبل
  • تطورات أزمة كوريا الجنوبية.. محاولة وزير الدفاع التخلص من حياته ومداهمة مكتب الرئيس
  • صفحة الأسد التي طُويت
  • وزير الدفاع الكوري الجنوبي السابق يحاول التخلص من حياته أثناء احتجازه
  • بالقانون .. حظر تصدير أو استيراد المخلفات الخطرة إلا بشروط
  • بدون ما تفتح الشباك.. 10 حيل للتخلص من رائحة الطهي في المنزل
  • وصفات طبيعية تخلصك من الكرش
  • تلوث الجزيئات الدقيقة قتل 240 ألف شخص في أوروبا سنة 2022
  • الوزيرة بنعلي تحارب النفايات الطبية الخطيرة بـ”الشفاوي” و برلمانية : مخلفات المستشفيات تهدد الصحة العامة