تل أبيب " د أ ب ":بمجرد إعلان فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية التي أجريت الشهر الماضي، سارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى تهئنة الرئيس المنتخب واصفا فوزه بأنه "أعظم عودة في التاريخ".

وإذا كان تأييد ترامب القوي لإسرائيل في ولايته الأولى وترشيحاته لشغل المناصب العليا في إدارته الجديد مؤشرا على سياسته المستقبلية، يصبح ابتهاج نتنياهو مبررا.

لكن تغييرات كثيرة حدثت منذ ترك ترامب البيت الأبيض في مطلع 2021 وحتى عودته إليه بعد أسابيع. مقبلة ، فالحروب في الشرق الأوسط والطموحات شديدة التطرف للائتلاف اليميني المتطرف الحاكم بقيادة نتنياهو والعلاقة الشخصية بين ترامب ونتنياهو يمكن أن يكبح هذا الحماس ويعقد ما يبدو على السطح كتحالف سلس بينهما.

تقول مزال معلم الصحفية الإسرائيلية مؤلفة السيرة الذاتية لنتنياهو "بالنسبة لبيبي (اسم الشهرة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو) هذا هو حلمه. كان يريد ذلك.. بالنسبة لبيبي كان (فوز ترامب) أمرا بالغ الأهمية .

وفي الوقت الذي يستعد فيه نتنياهو للمثول أمام المحكمة بتهمة الفساد وصادر له أمر اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية، يصبح دعم ترامب له أكثر أهمية.

وخلال ولايته الأولى، تبنى ترامب الكثير من السياسات المنحازة بدرجة كبيرة لنتنياهو. وتجاهل السياسة الأمريكية المتبعة منذ وقت طويل بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرئيل ونقل سفارة بلاده إلى المدينة المتنازع عليها، متجاهلا الاعتراضات الفلسطينية والعربية.

كما اعترف ترامب بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان التي يعتبرها المجتمع الدولي أرضا سورية محتلة. كما غض الطرف عن بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، وقدم خطة سلام تبقي على عشرات المستوطنات في الأرض الفلسطينية.

ويطالب الفلسطينيون بإقامة دولتهم المستقبلية على كامل أرض الضفة الغربية المحتلة في عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.ويعتبر المجتمع الدولي المستوطنات في الضفة الغربية والفدس الشرقية غير شرعية.

كما قرر ترامب في ولايته الأولى الانسحاب من الاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية وأعاد فرض العقوبات على طهران. كما اغتالت الولايات المتحدة في عهده قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني.

وفي الأيام الأخيرة من رئاسته الأولى نجح ترامب في عقد سلسلة معاهدات دبلوماسية بين إسرائيل وعدد من الدول العربية وشكلت هذه الاتفاقيات إنجازا كبيرا للسياسة الخارجية لنتنياهو.

ومن المحتمل أن يأمل نتنياهو أن يتنبى ترامب موقفا أشد صرامة ضد إيران وربما تزويد إسرائيل بالاسلحة التي تحتاجها لتوجيه ضربة قاصمة للبرنامج النووي الإيراني. كما أن نتنياهو سيرغب في تحقيق تقدم نحو تطبيع العلاقات مع السعودية، وتقليص التنازلات التي يمكن أن تقدمها إسرائيل للفلسطينيين مقابل ذلك. كما يتوقع نتنياهو أن يطلق ترامب يد إسرائيل في غزة ولا يضغط عليها للانسحاب من القطاع حتى وإن كان ذلك في إطار اتفاق لوقف إطلاق النار.

ومنذ إعادة انتخاب ترامب، يتحدث نتنياهو وحلفاؤه عن عودة الأوقات السعيدة بعد توتر العلاقات مع إدارة بايدن.

يقول أفيف بوشينسكي المستشار السابق لنتنياهو "الاعتقاد الآن هو أن ترامب سيحقق كل مطالب نتنياهو"، مضيفا أن تعيين نتنياهو السياسي المتطرف المؤيد للاستيطان في الأراضي الفلسطينية سفيرا لدى واشنطن إشارة إلى ثقة رئيس الوزراء الإسرائيلي في المستقبل في ظل حكم ترامب.

ورغم ذلك لا يوجد ما يضمن حصول نتنياهو على ما يريده من ترامب.

في البداية، من غير الواضح ما إذا كانت علاقتهما قوية كما كانت في السابق. فقد أزعج نتنياهو ترامب عندما هنأ الرئيس جو بايدن على فوزه في عام 2020، على الرغم من مزاعم ترامب بسرقة الانتخابات منه. كما أن ترامب يعود إلى البيت الأبيض، والشرق الأوسط أصبح مليئا بالصراعات، التي قد تؤدي إلى إرباك تحالف نتنياهو وترامب.

ورغم المؤشرات على صمود اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، مازالت إسرائيل تحارب الفلسطينيين في قطاع غزة منذ 14 شهرا. في الوقت نفسه أشار ترامب إلى رغبته في انتهاء الحرب الإسرائيلية ضد القطاع الفلسطيني، لكنه لم يقل كيف يمكن أن يحدث ذلك. كما يطالب بإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين في غزة قبل أن يؤدي يمينه الدستورية في يناير، محذرا بإنه إذا لم يتم إطلاق سراحهم فسيواجه الشرق الأوسط الجحيم، دون أن يقدم أي تفاصيل.

ولم يتضح حتى الآن ما إذا كان ترامب سيقبل برؤية نتنياهو للأوضاع في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب بما في ذلك استمرار الاحتلال الإسرائيلي للقطاع إلى أجل غير مسمى.

كما يمكن أن يكون لدى ترامب خططا أكبر لمنطقة الشرق الأوسط ككل. كان ترامب يتحدث في الماضي عن التطبيع بين إسرائيل والسعودية. وكانت خطته للسلام في ولايته الأولى منحازة بشدة لإسرائيل، لكنها تدعو إلى قيام دولة فلسطينية وإن كانت أصغر كثيرا مما يطالب به الفلسطينيون. وسيحتاج التقدم على مساري التطبيع مع السعودية وتسوية القضية الفلسطينية إلى تقديم تنازلات من إسرائيل للفلسطينيين.

وكتب عاموس هارئيل المعلق في صحيفة هاآرتس الإسرائيلية إن "نتنياهو مقتنع بقدرته على تجنيد ترامب لتحقيق أهدافه كما حدث في الماضي. ومع ذلك أرسل الرئيس الأمريكي المنتخب وكما هي عادته رسائل يصعب فهمها منذ فوزه في انتخابات 5 نوفمبر".

ويقول إيتان جلبوع خبير العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في جامعة بار إيلان الإسرائيلية إن استراتيجية ترامب تجاه إيران غامضة أيضا. وأضاف أن نتنياهو يتوقع أن يستأنف ترامب ممارسة "أقصى ضغط" على طهران لتفكيك برنامجها النووي، لكن الرئيس الأمريكي المنتخب قد يعطي المفاوضات مع الإيرانيين فرصة في ولايته الثانية لكي يصبح صانعا للسلام.

إن المواقف المحتملة لترامب بشأن أي من هذه القضايا قد تجبر نتنياهو على اختيار ما بين الأحزاب اليمينية المتطرفة التي تمتلك مفتاح بقائه السياسي، أو ترامب.

يقول جلبوع: "وصف نتنياهو ترامب بأنه أعظم صديق لإسرائيل في البيت الأبيض. وإذا طلب منه ترامب شيئا، فلن يكون قادرا على قول لا" وانطلاقا من هذه الحقيقة يمكن أن تنشأ هنا كل أنواع المشاكل لرئيس وزراء إسرائيل.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ولایته الأولى الشرق الأوسط فی ولایته ترامب فی یمکن أن

إقرأ أيضاً:

الهادي إدريس لـ«الشرق الأوسط»: حكومتنا لإبعاد «شبح الانقسام» في السودان

لندن: (الشرق الأوسط) في ظل الأوضاع المتأزمة التي يعيشها السودان منذ اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) 2023، برزت خطوة إنشاء حكومة «موازية» في مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع»، لتثير مزيداً من القلق والمخاوف، والرفض داخلياً وإقليمياً ودولياً، والخوف على مستقبل السودان وتمزقه، ومواجهة خطر تقسيم ثانٍ، لكن داعمي هذه الخطوة الذين وقعوا دستوراً جديداً ووثيقة ترسم خريطة طريق للحكم، أخيراً، يرون أنها فرصة كبرى نحو سودان جديد يتمتع بالحرية والديمقراطية والعدالة، وينقذ البلاد من شبح التشرذم والفوضى.

تهدف الحكومة الجديدة، التي تُعرف بـ«حكومة السلام والوحدة»، حسب القائمين عليها، إلى إعادة بناء الدولة على أسس العدل والمساواة، وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين في جميع أنحاء السودان، وليس في مناطق «الدعم السريع» فحسب. وأرسلوا رسائل طمأنة للسودانيين ودول الجوار، بأن الهدف هو الحفاظ على وحدة السودان.

هذه المبادرة، التي تأتي في وقت حرج، تطرح نفسها كحكومة موازية للحكومة التي يساندها الجيش، وتتخذ من مدينة بورتسودان، عاصمة مؤقتة لها، تأمل في كسب ثقة السودانيين ودعم المجتمع الدولي من خلال إثبات جديتها في إنهاء الحرب وإعادة بناء الدولة على أسس ديمقراطية وعلمانية لا مركزية.

فهل ستنجح هذه الحكومة في تحقيق السلام المنشود، أم أن التحديات ستكون أكبر من قدرتها على التغيير؟ هذا ما سنحاول استكشافه في لقاء مع الدكتور الهادي إدريس، القيادي البارز في تحالف «تأسيس»، الذي يقف وراء إنشاء «حكومة موازية».

يقول إدريس، وهو عضو سابق في مجلس «السيادة» السوداني، إبان حكومة الثورة الثانية، التي كان يرأسها الدكتور عبد الله حمدوك، إن «الحكومة التي نريد تكوينها هي حكومة سلام ووحدة... نحن، كقوة سياسية وعسكرية، كنا حريصين منذ البداية على حل الأزمة السودانية التي اندلعت في 15 أبريل 2023 بشكل سلمي، وبذلنا جهوداً كبيرة لدفع القوى المساندة لاستمرار الحرب، نحو الحوار والتعاطي مع المبادرات السلمية المختلفة بشكل إيجابي، (جدة والمنامة وجنيف)، لكن للأسف، فإن الجيش وسلطة الأمر الواقع في بورتسودان، رفضا التفاوض. فكان لزاماً علينا، التفكير في وسائل أكثر فاعلية لدفع الأطراف نحو الحوار وإيقاف الحرب، فكان إنشاء حكومة موازية تسعى للقيام بواجباتها نحو قطاع كبير من الناس لا يجدون العناية الكافية».

أسباب رفض الجيش للحوار
ويرأس إدريس أيضاً تحالف «الجبهة الثورية» الذي يضم حركات مسلحة من دارفور وتنظيمات سياسية خارج دارفور، مثل مؤتمر البجا المعارض بقيادة أسامة سعيد، وحركة «كوش» السودانية من أقصى الشمال، يقول: «نحن نعرف جيداً لماذا يرفض الجيش الذهاب إلى طاولة المفاوضات، السبب الرئيسي هو وقوعه تحت تأثير الحركة الإسلامية وأنصار وفلول النظام البائد، الذين يرون أن أي عملية سياسية ستخرجهم من المشهد وتقلص نفوذهم. لذلك، هم حريصون على استمرار الحرب رغم ما تسببه من كوارث وآلام وتشريد للمواطنين، كما أن هناك حركات مسلحة متحالفة مع الجيش ترى في استمرار الحرب مصلحة شخصية لها، حيث تعتمد هذه الحركات على استمرار الصراع لضمان بقائها، وبقاء مصالحها. وبعضها يقوم بعمليات سلب ونهب لممتلكات المواطنين، في وسط الفوضى الضاربة بأطنابها في السودان حالياً».

سياسات التقسيم
ويتهم إدريس قادة الجيش السوداني باتخاذ إجراءات تعرض البلاد للتقسيم من خلال إصدار عملة جديدة في مناطق سيطرتهم، وحرمان مناطق أخرى، وإعلانهم عن بدء الدراسة في مناطق دون أخرى، وفتح المجال لإصدار وثائق السفر والهوية لبعض الأشخاص وحرمان الآخرين. إضافة إلى إصدار قانون غريب يعرف باسم (الوجوه الغريبة). وأشار إلى أن «هذه الإجراءات قد تؤدي إلى تقسيم البلاد، وهو ما نرفضه تماماً».

وتابع إدريس «الحركة الإسلامية لديها مشروع لتقسيم البلاد، وقد قسمت الجنوب من قبل. نحن الآن نقوم بإجراءات لتأمين وحدة السودان. نحن نؤمن بوحدة الوطن، ويجب أن يبقى دولة موحدة، وأن أي حل يجب أن يأخذ في الاعتبار مصالح جميع السودانيين، بغض النظر عن انتماءاتهم الجهوية أو العرقية أو الثقافية... وحتى نوقف عملية التقسيم الجارية، طرحنا إنشاء حكومة السلام والوحدة الوطنية».

حكومتنا لكل السودانيين
يقول القيادي في «تأسيس»: «حكومتنا ليست لدارفور وحدها أو (الدعم السريع) أو إقليم بعينه، بل هي لكل السودان، من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب. أعددنا دستوراً يضمن حقوق الجميع، ووقع عليه أشخاص وكيانات مختلفة من جميع مناطق السودان». وأوضح أن الحكومة المقبلة ستكون مسؤولة عن إعادة بناء الدولة وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، بما في ذلك التعليم والصحة والأمن».

مخاوف محلية وإقليمية
وعلى الرغم من أن دولاً في الجوار السوداني ومنظمات دولية وإقليمية رفضت وبشكل قاطع أي حكومة موازية في السودان، بما فيها الأمم المتحدة ومنظمة «إيغاد» في القرن الأفريقي، فإن إدريس الذي يرأس أيضاً حركة تحرير السودان/المجلس الانتقالي، يقول إن مخاوف الناس في غير محلها، مع حقهم في أن يشعروا بالقلق، «ولكن عندما ترى حكومتنا النور، سيرون أننا مع الوحدة والسلام والاستقرار، وليس العكس».

ويضيف: «نحن نعمل على طمأنة دول الجوار بالتأكيد على أننا دعاة وحدة ولسنا مع تقسيم السودان. ونعتقد أن تقديم الخدمات للناس المحرومين منها، حتى الذين في مناطق الجيش، والعمل على حماية حقوقهم، سيكسبنا ثقة المجتمع الدولي، ودول الجوار القلقة. وإذا قمنا بفتح الحدود للمساعدات وحمينا الناس من الانتهاكات التي تحدث على الأرض، فإن نظرة العالم لنا ستتغير، وسيتعامل معنا بشكل إيجابي».

قضية الاعتراف
ويرى إدريس أن قضية الاعتراف بالحكومة الجديدة «لا تشغل لنا بالاً»، ويشير إلى زيارات قاموا بها في السابق إلى أوغندا وكينيا، وإثيوبيا وتشاد، حيث لمس تعاطفاً مع قضيتهم. وقال: «هذه الدول لديها مصلحة في استقرار السودان»، بدليل أنهم استُقبلوا في أوغندا من قبل الرئيس يوري موسيفيني نفسه، وفي كينيا فتحت لهم أبواب الاستضافة، ورحب بهم الرئيس ويليام روتو.

«في العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، قابلنا رئيس الوزراء آبي أحمد. وذهبنا إلى تشاد واستقبلنا رئيسها محمد إدريس ديبي، بالإضافة إلى عدد آخر من الدول». وقال: «لا يعني ذلك أنهم يريدون الاعتراف بنا، ولكن يعكس اهتمامهم بالأوضاع في البلاد؛ لأن استمرار الصراع في السودان قد يؤدي إلى أزمات كبرى في بلادهم والمنطقة بأكملها». وأضاف: «لذلك، هم حريصون على استقرار السودان. ومن المؤكد عندما ننشئ حكومتنا، سنزور هذه البلدان، مرة أخرى وسيستقبلونا هذه المرة بوصفنا سودانيين ندير شأن السودان».

فشل الدولة القديمة
يقول إدريس إن «العالم يتغير من حولنا... ظهر عهد جديد في لبنان، ونظام جديد في سوريا، في أعقاب النظام القمعي القديم. ومن وجهة نظري، أن الأنظمة القديمة لم يعد لها مستقبل. ومنذ الاستقلال عام 1956، لم تنجح أيٌّ من هذه الأنظمة في تأسيس دولة وطنية تحفظ البلاد وتعلي شأنها. فتاريخ السودان منذ الاستقلال هو تاريخ صراعات واضطرابات. الناس تسأل: لماذا يهرب المواطن من بلده منذ عام 1956؟ لأنه لا يوجد استقرار. يوضح هذا أن هناك خللاً في تركيبة الدولة الوطنية. أنا أرى موجة جديدة من التغيير في الطريق... هناك دول ستنهض على أنقاض الدولة القديمة... لذلك، نحن في اجتماعاتنا في نيروبي تحدثنا عن ضرورة قيام دولة ديمقراطية علمانية لا مركزية، تحفظ حقوق جميع المواطنين، بغض النظر عن انتماءاتهم الإقليمية أو العرقية».

دور متوقع للإدارة الأميركية
يقول إدريس: «كان للولايات المتحدة دور مهم منذ اندلاع الحرب في السودان عام 2023، وبذلت إدارة الرئيس جو بايدن السابقة الكثير لمساعدة السودان، لكنها لم توفق في إيقاف الحرب. ونحن نأمل أن تلعب الإدارة الأميركية الجديدة والرئيس دونالد ترمب دوراً أكثر فاعلية، باستخدام سياسة الجزرة مع كل الأطراف حتى يتحقق السلام. نحن منفتحون، وحكومتنا حكومة سلام. وجاهزون للتعامل مع أي طرف يمكن أن يقود إلى حل الأزمة. نتطلع إلى أن تأتي الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة بسياسات جديدة وواضحة وقوية تستطيع أن تضغط على الأطراف كلها لوقف هذه الحرب اللعينة».

حماية المدنيين من القصف الجوي
يقول القيادي في «حركة تحرير السودان»: «من مسؤولية أي حكومة أن تحمي مواطنيها... وإلا فستكون بلا قيمة. سيكون لدينا وزير دفاع مهمته البحث عن آليات دفاعية تهدف في الأساس إلى حماية المواطنين المدنيين. بكل السبل وبكل الوسائل الممكنة. كما نعمل على إنشاء نواة للجيش الجديد من القوات الموجودة المؤيدة لحكومتنا؛ من الحركات المسلحة و(الدعم السريع)، والحركة الشعبية/شمال، ومن حركة تحرير السودان المجلس الانتقالي، وكل الفصائل المسلحة. سنؤسس لهيئة أركان مشتركة. وبعد إيقاف الحرب، سيكون هذا الجيش نواة للجيش الجديد. هذا الجيش سيكون مسؤولاً عن حماية الحدود والحفاظ على الأمن الداخلي، ولا دخل له بالسياسة».

ويضيف: «لن يكون هناك جيشان منفصلان بعد الآن، بل جيش واحد موحد. نحن ضد تعدد الجيوش كما تفعل حكومة بورتسودان الحالية، حيث يوجد العديد من الميليشيات والجيوش المتعددة. نحن نرى أن أحد أسباب اندلاع الحرب كان تعدد الجيوش، لذلك لن نكرر هذه التجربة. ومن اليوم الأول لتشكيل الحكومة، سنعمل على جمع كل هذه القوات في جيش واحد، بما في ذلك (قوات الدعم السريع)».

العملة ووثائق السفر
يؤكد إدريس أن «الحكومة الجديدة ستكون لديها عملة ووثائق سفر وجوازات، مشيراً إلى أن قضية العملة كانت أحد أهم الأسباب وراء التفكير في قيام حكومة جديدة. وأضاف في العديد من مناطق السودان، يعتمد الناس على نظام المقايضة، لأن حكومة بورتسودان جففت العملة من المناطق التي لا توجد فيها، حيث يتم تقايض السلع مثل الملح والسكر والقمح بسبب عدم وجود عملة متداولة. في بعض المناطق، لا توجد أموال متوفرة، مما يجعل الحياة صعبة للغاية... لذلك، ستكون إحدى المهام الأساسية للحكومة هو إصدار عملة جديدة. سيتم تحديد اسمها لاحقاً، وستعكس المبادئ والقيم التي نؤسس عليها الدولة الجديدة والميثاق الذي وقعناه». وقال إنه سيتم إصدار الجوازات والوثائق الثبوتية، وستكون متاحة لجميع المواطنين.

موعد إعلان الحكومة
وبشأن موعد إطلاق الحكومة الجديدة، يقول القيادي البارز في «تأسيس»، إن «مشاورات مكثفة جارية حالياً لتحديد موعد الإطلاق. ونتوقع أن يتم في غضون شهر، وسيتم الإعلان من داخل السودان». وقال إن لديهم العديد من الخيارات بشأن المواقع والمدن التي يمكن أن يتم فيها الإعلان، سيتم الكشف عنها خلال الأيام المقبلة.

الاتصالات مع قيادة «الدعم السريع»
يقول الهادي إدريس: «نحن على اتصال مستمر مع قيادة (الدعم السريع)، وعلى وجه الخصوص مع القائد محمد حمدان دقلو (حميدتي)». أضاف: «أنا شخصياً أتحدث معه بشكل يومي تقريباً، وكان آخر اتصال لي معه قبل يومين، وقد نتواصل معه مرة أخرى هذه الليلة (ساعة إجراء الحوار)». نتعاون معه في العديد من القضايا، ونناقش معه الاتفاقيات والوثائق المطلوبة. نعمل معه بشكل جيد، ولا توجد مشاكل في التواصل. وهو بخير وصحة جيدة، بعكس ما يروجون».

وبشأن الانتهاكات التي تُتهم «قوات الدعم السريع» بارتكابها، وما إذا كانت ستنعكس على الاعتراف بالحكومة الجديدة، يقول إدريس: «الانتهاكات مرفوضة تماماً، نحن ندين أي انتهاكات تحدث. لا أحد فوق القانون، وأي شخص يرتكب جرائم يجب أن يحاسب. هذا ينطبق على جميع الأطراف، بما في ذلك (الدعم السريع). العقوبات الأميركية وجهات دولية أخرى اتهمت كلا الطرفين المتحاربين بارتكاب انتهاكات ولم تستثنِ أحداً».

ويضيف: «نحن همنا الآن إيقاف الحرب. وبعد الحرب، سنعمل بوصفنا سودانيين على إنشاء آلية وطنية تكشف الحقائق للناس: من الذي ارتكب الجرائم؟ ومن الذي بدأ الحرب؟ ومن الذي تسبب في موت الناس وهجرتهم؟ وإلا فإن هذا البلد لن ينعم بالاستقرار».

العلاقات مع «صمود»
وعن العلاقات مع نظرائهم المدنيين في تنظيم «صمود» التي يرأسها الدكتور عبد الله حمدوك، يشير القيادي السوداني البارز إلى أنهم متفقون في الأهداف الكبرى والتوجهات السياسية، وفي قضية إيقاف الحرب، ومواجهة الحركة الإسلامية التي أشعلت الحرب، ومختلفون فقط في الوسائل: هم يرون أن إيقاف الحرب يجب أن يتم بالوسائل السلمية والمناشدات. نحن نرى أننا ناشدنا بما فيه الكفاية، والبلد يسير في طريق الانهيار بسبب تعنت الطرف الآخر، وبالتالي رأينا مواجهة الطرف المتنطع بإنشاء حكومة تنتزع منهم الشرعية».

وتابع: «نحن على تواصل دائم معهم... والاختلاف في الوسائل لا يفسد للود قضية. وسيكون بيننا تعاون في المستقبل كبير، خاصة في سبيل حل الأزمة».

لا خوف من الفشل
يرى إدريس أن القادة الحزبيين وزعماء القوى المسلحة يمتلكون الخبرة والدراية الكافية، ويتمتعون بخبرة واسعة في إدارة الدولة، وشارك معظمهم في وظائف في الدولة. وقال: «أنا كنت عضواً في مجلس السيادة، وآخرون كانوا وزراء. لو كنا نشك في إمكانية الفشل، ما كنا أقدمنا على هذه الخطوة. كثيرون عبروا عن مخاوفهم... بينهم الأمم المتحدة وغيرها... نحن نتفهم المخاوف الدولية... والتجربة ستثبت العكس، والانتقادات ستتحول إلى إشادات، وسيتعاملون معنا».

المشاركة في المفاوضات
وبشأن المشاركة في أي مفاوضات جديدة في المستقبل، يقول إدريس: «نحن منفتحون لأي مبادرة جادة ومسؤولة لحل الأزمة، سواء كانت محلية أو إقليمية أو دولية... لكننا لن نتعاطى معها إلا بصفتنا الجديدة بصفتنا حكومة سلام وحكومة شرعية».  

مقالات مشابهة

  • الجامعة العربية: روسيا داعمة لحل الأزمة الليبية
  • جنون وتدخل صارخ.. طلبات غريبة لإدارة ترامب من جامعة كولومبيا
  • الهادي إدريس لـ«الشرق الأوسط»: حكومتنا لإبعاد «شبح الانقسام» في السودان
  • لغز بلا أدلة.. رصاصة فى الظلام تنهى حياة صحفى بريطانى فى القاهرة 1977
  • «مجموعة السبع» تصدر بياناً بخصوص الأوضاع في الشرق الأوسط
  • مكتب نتنياهو: إسرائيل قبلت مقترح ويتكوف وحماس تواصل رفضه
  • الصراع بين الكنيسة المصرية ومخطط الشرق الأوسط الجديد
  • نتنياهو ووزير الخارجية الإسرائيلي يعلنان عن تحالف حزبي جديد
  • تحالف نتنياهو مع اليمين المتطرف: تهديد لليهود
  • تمارا حداد: إسرائيل قد لا تكون قادرة على الدخول فى حرب ثانية