"الفوركس".. نافذة لتحقيق الأحلام أم اختبار للصبر؟
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
رامي بن سالم البوسعيدي
تداول العملات أو ما يُعرف بالفوركس (Forex) هو سوق مالي عالمي ضخم يُتيح للمُستثمرين شراء وبيع العملات لتحقيق أرباح بناءً على تغير أسعار الصرف، ويُعد هذا السوق الأكبر في العالم حيث يتم تداول ما يزيد عن 7 تريليونات دولار يوميًا، وكشخص ممارس لهذا المجال، شهدت بنفسي كيف يمكن أن يكون الفوركس وسيلة فعالة لتنمية رأس المال، لكنه في الوقت نفسه ينطوي على مخاطر كبيرة تتطلب إدارة دقيقة وفهمًا عميقًا للسوق.
في هذا المقال القصير سأشارك تجربتي الشخصية وأبرز العملات الأكثر ربحًا، وسأتناول مقارنة لأداء تلك العملات مع الريال العُماني، مع تسليط الضوء على الإيجابيات والسلبيات وأهم النصائح لمن يرغب بالبدء في هذا المجال.
بدايةً الفوركس أو (Foreign Exchange) هو سوق عالمي يتم فيه تبادل العملات كأزواج مثل اليورو/الدولار الأمريكي (EUR/USD) أو الدولار الأمريكي/الين الياباني (USD/JPY)، ويتم تحديد أسعار العملات من خلال العرض والطلب، وهي تتأثر بعدة عوامل منها الأخبار الاقتصادية والقرارات السياسية والسياسات النقدية للبنوك المركزية بجانب الأحداث الجيوسياسية.
عندما بدأتُ في تداول الفوركس في عام 2005 كنتُ مثل الكثيرين وأعتقدُ أن الأمر بسيط وهو شراء منخفض وبيع مرتفع، ولكن مع الوقت تعلمت أن النجاح في الفوركس يتطلب أكثر من مجرد توقيت السوق، وكانت بدايتي هي محاولة تعلم هذا المجال عن طريق متابعة منتدى المتداول العربي في تلك الفترة، وأعجبت بمجموعة كانت تسمي نفسها "السلاحف" وكانوا يستخدمون استراتيجية "الترند المكسور"، ولمدة 3 أشهر كنت أتابع وأتعلم التداول بصورة تجريبية، ولله الحمد دخلت مجال التداول بعد تعلم ومتابعة، وغامرت في البداية بمبلغ بسيط حتى استطعت تعلم استراتيجيات قائمة على التحليل الفني، مثل قراءة الرسوم البيانية ودراسة الأنماط السعرية، إضافة إلى التحليل الأساسي من خلال متابعة الأخبار الاقتصادية. وخلال سنوات من التداول لاحظت أهمية إدارة رأس المال. على سبيل المثال تعرضتُ لخسائر كبيرة في البداية بسبب المبالغة في استخدام الرافعة المالية، ولكن مع الوقت أدركت أن الحفاظ على رأس المال أهم من تحقيق الربح السريع.
ويُعد الريال العُماني من بين أقوى العملات عالميًا بسبب سياسة ربطه بالدولار الأمريكي وسعر الصرف الثابت، عند 2.6 دولار أمريكي لكل ريال عُماني، مما يجعل الريال مستقرًا للغاية مقارنة بالدولار. أما اليورو فيتغير سعر الصرف بناءً على أداء هذه العملة الأوروبية الموحدة مقابل الدولار على سبيل المثال، إذا كان سعر الصرف 1 يورو = 1.10 دولار، فإن قيمة اليورو مقابل الريال العُماني تُحسب بناءً على ذلك، أما العملات الأخرى مثل الروبل الروسي أو الليرة التركية، تعاني من تقلبات كبيرة مقارنة بالريال العُماني بسبب استقرار الأخير وارتباطه بالدولار، لذلك استنتجت ومنذ البداية بأن الاستقرار الكبير للريال العُماني يجعله خيارًا قويًا للحفاظ على الثروة، لكنه قد لا يكون مربحًا للمضاربة مقارنة بالعملات الأخرى ذات التقلب العالي.
العملات الأكثر تداولًا وربحًا في سوق الفوركس في مقدمتها الدولار الأمريكي فهو العملة الأكثر استخدامًا في العالم، وتُعتبر معيارًا أساسيًا لتقييم العملات الأخرى، على سبيل المثال إذا كنت تتداول زوج اليورو/الدولار الأمريكي (EUR/USD)، فإن الأخبار الاقتصادية الأمريكية مثل تقارير الوظائف أو قرارات الاحتياطي الفيدرالي تؤثر بشكل مباشر على السعر، أما اليورو فهو يعتبر ثاني أكثر العملات تداولًا في العالم ويعبر عن قوة الاقتصاد الأوروبي، ومثال عليه عندما أُعلن عن رفع أسعار الفائدة في منطقة اليورو شهدت العملة ارتفاعًا أمام الدولار، وهناك عملات أخرى مثل الين الياباني الذي يُستخدم كملاذ آمن في أوقات التقلبات الاقتصادية العالمية، ويميل المستثمرون لشراء الين في الأزمات مما يؤدي إلى ارتفاعه أمام العملات الأخرى.
وللتداول إيجابيات كبيرة، أولها السيولة المتاحة مع إمكانية الدخول والخروج من الصفقات بسهولة، كما يمكن التداول في أي وقت يناسبك وعلى مدار الساعة، بجانب نقطة إيجابية مهمة وهي تنوع الأدوات وإمكانية التداول في أزواج عملات رئيسية أو ثانوية وحتى العملات الرقمية، وعندما تصبح محترفاً سيكون بإمكانك تحقيق الأرباح سواء كان السوق صاعدًا أو هابطًا، وهذا أمر يعتمد على الدراية الكاملة بالأسعار واستشراف الصعود والهبوط وفق الاستراتيجيات التي تعمل عليها. في المقابل على كل من يدخل هذا العالم أن يعيَّ بأن المخاطر العالية هي أبرز السلبيات التي تواجه أي متداول في الفوركس، وتأتي المخاطر العالية بسبب الرافعة المالية، كما أن التقلبات الكبيرة التي يشهدها السوق تؤدي بشكل مباشر إلى خسائر كبيرة إذا لم يتم التعامل معها بحذر، ومن أبرز السلبيات التي يتأثر بها المستثمرون هو التأثير النفسي أو يمكن ان نطلق عليه التداول العاطفي الذي يؤدي إلى قرارات غير مدروسة.
نصيحتي لكل من يريد دخول هذا العالم ويرغب بالتداول في الفوركس، وقبل أن يبدأ بالاستثمار بأمواله في العملات، أن يستثمر في التعليم من الأساسيات، ثم يبدأ صغيرًا ولا يدخل بأموال كبيرة في البداية حتى يخوض تجربة حقيقية، وأن يتعلم الإدارة المالية ولا يخاطر بأكثر من 3% من رأس المال في كل صفقة، كما يجب عليه متابعة الأخبار الاقتصادية والسياسية والمالية، وخاصة تلك التي تُؤثر على السوق بشكل مباشر وغير مباشر، وأخيرًا- وهو الأهم- ألا يجعل العواطف هي التي تتحكم به، وأن تكون قراراته مبنية على البيانات والأرقام وليس على المشاعر.
اليوم ما زال الفوركس سوقًا مليئة بالفرص والتحديات، على الرغم من أنه يمكن أن يكون مربحًا للغاية، إلّا أن المخاطر المرتبطة به تتطلب من المتداول أن يكون مُتعلمًا ومُنضبطًا. وإذا كنت تخطط لدخول هذا المجال تذكر بأن النجاح فيه يعتمد على المعرفة والتجربة والصبر، ومع دراسة السوق والعمل وفق استراتيجية مدروسة يمكن أن يكون الفوركس وسيلة فعّالة لتحقيق أهدافك المالية وتحقيق الكثير من أحلامك.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
رمضان ينعش الدينار العراقي وتوقعات رسمية بانخفاض مستمر للدولار
بغداد اليوم- بغداد
تراجع سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق الموازية بالعراق بصورة ملحوظة خلال الأسبوعين الأول والثاني من شهر رمضان، مسجلًا 1480 دينارًا لكل دولار أول أدنى من ذلك، من مستوى 1520 دينارًا قبل بداية الشهر.
ويعود الانخفاض إلى عدة عوامل، أبرزها الإجراءات الصارمة التي اتخذها البنك المركزي العراقي للسيطرة على الاستيرادات والتحويلات المالية الإلكترونية، إضافة إلى انخفاض الأنشطة الاقتصادية للمواطن العراقي خلال شهر رمضان.
"إجراءات صارمة"
يقول المستشار الحكومي علاء الفهد إن انخفاض سعر الدولار في السوق الموازية يعود إلى تطبيق البنك المركزي لإجراءات صارمة تهدف إلى السيطرة على الاستيرادات والتحويلات المالية الإلكترونية.
ويضيف، أن هذا الإجراء يعكس نجاح السياسة النقدية للبنك المركزي، إذ بدأت المصارف العراقية تنفيذ عمليات المراسلة مع المصارف الدولية التي تربطها بها علاقات تجارية.
وأضاف أن تنويع سلة العملات ساهم بشكل كبير في تخفيف الضغط على الدولار، وأن معظم واردات السلع الاستهلاكية والغذائية يتم تمويلها عبر المنصة الرسمية للبنك المركزي وبالسعر الرسمي، مؤكدا أن أي تداول خارج هذا الإطار يعد تعاملًا غير رسمي.
وأشاد الفهد بإعلان البنك المركزي عن تطبيق المعاملات الرقمية وتشجيع السياحة، مؤكدًا أن هذه الخطوات ساهمت في تخفيف الضغط على السوق الموازية لأسعار الصرف.
وتوقع الفهد استمرار الاستقرار في السوق، خاصة مع تغطية معظم احتياجات رمضان وموسم العيد عبر المنصة الرسمية وبالسعر الرسمي، مشيرا إلى أن التوقعات تشير إلى استمرار انخفاض سعر الدولار في الفترة المقبلة.
وزاد سعر صرف الدولار مقابل الدينار في الأسبوع الأخير قبل شهر رمضان بشكل ملحوظ، مسجلًا 1520 دينارًا لكل دولار للبيع و1510 دنانير للشراء في البورصات الرئيسية، لكن في الأسبوع الأول من شهر رمضان، سجل سعر الصرف انخفاضًا كبيرًا، حيث وصل إلى 1465 دينارًا لكل دولار للبيع و1475 دينارًا لكل دولار للشراء في البورصات الرئيسية في بغداد وأربيل والبصرة.
وفي الأسبوع الثاني من شهر رمضان، ارتفع سعر الصرف قليلًا، وسجل 1485 دينارًا لكل دولار للبيع و1480 دينارًا لكل دولار للشراء، مع تباين صعودًا أو نزولًا لا يتجاوز الدولارين والنصف.
تتأثر أسعار صرف الدينار العراقي مقابل الدولار بعدة عوامل رئيسية من بينها:
-حجم المبيعات اليومية في مزاد بيع العملة
-إجراءات البنك المركزي المتعلقة بالتحويلات الخارجية
-حاجة التجار لاستيراد البضائع وخاصة من دول تخضع لعقوبات أمريكية ما يزيد الطلب على الدولار في السوق الموازية.
-تهريب الدينار العراقي إلى دول أخرى للاستفادة من فروق الأسعار.
"رمضان يغير قواعد اللعبة"
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي أحمد الأنصاري، أن تراجع الطلب على الدولار خلال شهر رمضان يعود بشكل أساسي إلى انخفاض الأنشطة الاقتصادية للمواطن العراقي، والذي يتجلى في تراجع حركة العقارات والسيارات والخدمات الأساسية.
وأوضح الأنصاري أن ضعف القدرة الشرائية للمواطنين ساهم أيضًا في تقليل حجم الاستيراد، مما أدى إلى خفض الطلب على الدولار في السوق الموازية.
وأضاف أن إجراءات البنك المركزي التي تهدف إلى تقليل الاستيراد عبر السوق السوداء وتشجيع التجار والمستوردين على الاستيراد عبر المصارف المعتمدة وتحويل الدولار بالسعر الرسمي، كانت سببًا إضافيًا في هذا الانخفاض المؤقت.
وتوقع الأنصاري انتعاشًا قويًا للأسواق بعد شهر رمضان وبحلول عيد الفطر، مما قد يؤدي إلى زيادة طفيفة في سعر الدولار أو عودته إلى مستواه السابق، مؤكدا أن سعر الدولار يتأثر بشكل كبير بقوة العرض والطلب في السوق، حيث يرتفع كلما زاد الطلب عليه في السوق الموازية.
وأشار إلى أن استمرار التسهيلات التي يقدمها البنك المركزي، مثل توفير دولار المسافرين، سيشجع المواطنين على التعامل بالسعر الرسمي وتجنب مكاتب الصرافة والبنوك التي تبيع الدولار بأسعار أعلى.
وصادق مجلس الوزراء في 7 فبراير/شباط 2023 على قرار مجلس إدارة البنك المركزي العراقي بتعديل سعر صرف الدولار مقابل الدينار، بما يعادل 1300 دينار للدولار الواحد، حيث ألزم المصارف بالبيع بسعر 1310 دنانير لكل دولار وبسعر 1320 دينارا لكل دولار لعمليات تحويل العملة حال استخدام البطاقات الإلكترونية أثناء السفر أو عبر الإنترنت، مع تحديد سقف 3 آلاف دولار بالسعر الرسمي تمنح لكل مسافر يقدم تأشيرة وتذكرة سفر مع جوازه الرسمي.
المصدر: الجزيرة نت