صحيفة التغيير السودانية:
2025-03-18@17:56:10 GMT

وسقطت دمشق ضحي، ثم  ماذا بعد!

تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT

وسقطت دمشق ضحي، ثم  ماذا بعد!

وسقطت دمشق ضحي، ثم  ماذا بعد!

محمد بدوي

حتى مساء 7 ديسمبر 2024 ظل بعض المحللين والإعلاميين من المختصين في الشأن السوري يصرحون بحصانة العاصمة السورية عسكرياً، بما يجعل سقوطها ليس بالإمكان، أو على الأقل في القريب، هذه التحليلات على خلفية الاستيلاء العسكري السريع لعدة مدن سورية استراتيجية، في مشهد أعاد أنظار العالم نحو سوريا التي ترزح تحت وطاة حكم دكتاتوري عقائدي منذ العام 1963، تخللته تحولات الاحتجاجات الشعبية لإسقاط النظام إلى حرب بين القوات الحكومية المدعومة من روسيا وإيران، والقوات المتعددة للفصائل السورية.

ظل النظام السوري يعتمد على عوامل خارجية لمقاومة الصراع المسلح، بما جعل تطاول الصراع يتأثر بالعوامل الخارجية بشكل جوهري سواء كانت اقتصادية أو سياسية مباشرة أو مرتبطة بالتحولات في مواقف الحلفاء تاثيراً وتاثراً.

سحبت إيران منسوبيها سواء العسكريين أو الدبلوماسيين، ولعل هذا الموقف كشف أن التحولات التي حدثت في إيران عقب الانتخابات الأخيرة وبذرة الاحتجاجات الداخلية، والصراع بين إسرائيل وحماس، ومقتل حسن نصر الله والأوضاع في لبنان، فرض عليها ترتيب أولوياتها وعدم التدخل، هذا الموقف يكشف أن التحالف بينها وروسيا في استراتيجيته مربوط بتنسيق المواقف الخارجية، فروسيا أيضاً على ذات نسق ترتيب المصالح، فإنها تولي الأولوية لدعم موقفها من الحرب الأوكرانية، ومن جانب آخر تعزيز توسعها في أفريقيا الغربية الغنية بالموارد الطبيعية، وقد نجحت في ذلك ففي 2018 وعبر الخرطوم أدخلت 815 من قواتها إلى منطقة سنقو الغنية بالذهب بجنوب دارفور، ثم واصلت إلى أفريقيا الوسطي، وبعد وقت قصير تمكنت من الوصول إلى النيجر كل هذا خصماً على النفوذ الفرنسي.

اقتصادياً فإن تطاول الصراع في سوريا ودعم الحلفاء له، تأثر بعوامل اقتصادية متسلسلة من الأزمة المالية العالمية 2013 التي أثرت على سياسات الدول الكبرى مثل الإدارة الامريكية، حيث برزت سياسة سحب القوات الأمريكية من عدة دول منها أفغانستان وتمكين الجماعات الإسلامية من السلطة على نظرية تراجع الخطر الإسلامي في ظل الوجود بالسلطة والعكس، التعامل عبر حلفاء مثل الإمارات العربية في السيطرة على الموارد والموانئ، ثم إنفاذ نسق تمكين الوكلاء من السيطرة الحصرية على الذهب المرتبطة بمناطق النزاع في حالة الذهب السوداني وأسواق دبي.

تأثر الصراع بالتأثيرات الاقتصادية لجائحة كورونا، بالمقابل برز حلفاء قادرون على تشكيل سند اقتصادي للإدارة الامريكية مثل المملكة العربية السعودية لميزة النفط وكذلك الإمارات التي وصل احتياطي الذهب ببنكها المركزي 22 مليار درهم إماراتي.

تطاول الصراع ورفض نسق الحلول التفاوضية والمصالح التركية في المشهد جعلت من نظام بشار الأسد يتراجع في الأجندة سواء لروسيا أو غيرها لأن النسق المرتبط بسيناريوهات فدرالية غير منتظمة وفق اتفاقات غير معلنة كما في الحالة الليبية تمثل إحدى النماذج التي يعتمد عليها المجتمع الدولي تحت غطاء الأمم المتحدة.

السياسة الأمريكية إعادة توظيف القادة الإسلاميين السوريين بدعمم للسيطرة على السلطة بذات نسق تمكين الإسلاميين واحتواء المجموعات السورية داخل النظاق الجغرافي الوطني، وهي حالة مشابهة لحالة أفغانستان، وسحب القوات السودانية المقاتلة بليبيا بموجب اتفاق سلام السودان 2020 إلى داخل السودان.

ما حدث في سوريا مرتبط بالمشهد السوداني إلى حد كبير، فهذا يعني توقف الذهب السوداني إلى موسكو عن طريق مطار اللاذقية، حالة تعثر التفاوض بين أطراف الحرب في السودان، وما برز من تأثير على بعض دول الجوار مثل جنوب السودان، ومحاولة إنقاذ الاقتصاد بها عبر عروض إماراتية مقابل البترول الذي تأثر بالحرب، مع الأخذ في الاعتبار أن الإدارة الأمريكية كانت قد شددت وقف القصف الجوي السوداني على مناطق داخل حدود دولة الجنوب في 2017 كشرط لرفع العقوبات الاقتصادية، كل ذلك يجعل من علاقة روسيا بصراع السودان والذي برز بشدة في الفيتو الذي رفعته موسكو بمجلس الأمن الدولي مؤخراً، رغم جهود المملكة المتحدة في تمرير القرار بالإجماع.

الخلاصة: السياسات الدولية منذ 2017 تنحى بشدة نحو السيطرة على الموارد وتوظيفها في الصراعات في تلك الدول بدلاً من الصرف عليها مباشرة، رفض بشار الأسد مرور خط الغاز القطري عبر سوريا إلى أوروبا كبديل للغاز الروسي وسع من التحالف ضده في وقت استنفذت الحرب الطويلة الموارد، سقوط سوريا قد يعيد التفاهم بين موسكو وواشنطون حول أوكرانيا، لأن العام 2025 قد يطرح أسئلة جديدة حول من سيقوم بإعادة إعمار دمشق، وغزة وربما الخرطوم.

الوسومأخبار فيروس كورونا لحظة بلحظة أفغانستان أوكرانيا إيران السودان الولايات المتحدة الأمريكية تركيا روسيا سوريا غزة قطر محمد بدوي نظام بشار الأسد

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أفغانستان أوكرانيا إيران السودان الولايات المتحدة الأمريكية تركيا روسيا سوريا غزة قطر محمد بدوي نظام بشار الأسد

إقرأ أيضاً:

تجربة درع السودان وتجارب كل التشكيلات العسكرية التي ساهمت (..)

■ عقب دخول الجيش والتشكيلات العسكرية الأخري إلي مدينة ودمدني وتحريرها تم نقل عدد من الجرحي والمصابين إلي مستشفي السلاح الطبي بمدينة القضارف .. داخل عنابر المستشفي كانت هنالك لوحة رسمتها دماء الشجعان الذين شاركوا في معارك التحرير بالمحور الشرقي ..قوات مسلحة .. مخابرات .. مشتركة .. مستنفرون ..براؤون ..ودرع السودان ..

■ كانوا جميعاً يتلقون العلاج من طاقم طبي واحد ويتقاسمون آلام ( غيار) الجروح الصعب .. ويتعاونون في تدبير أمورهم بطريقة مدهشة ..لا تكاد ( تفرز) هذا من ذاك ..

■ أثناء تجوالنا داخل الأقسام المخصصة لجرحي عمليات المحور الشرقي استوقفني شاب في بداية العقد الثالث من عمره .. كان ينادي : يا أستاذ .. يا أستاذ .. ذهبت إليه في الركن الشمالي الشرقي من العنبر برغم جرحه الغائر إلا أن إبتسامة وضيئة غطّت وجهه الصبوح .. علمت أنه من الذين يكرموني بالمتابعة .. قال لي : أنا تابع لدرع السودان .. قلت له : يعني إنتو أولاد كيكل؟! .. قال لي لا .. كيكل دة قائدنا في الحرب .. نحنا أولاد البطانة ..

■ قضيت وقتاً مع ابن البطانة داخل عنبر الجرحي بالسلاح الطبي .. علمت أنه طالب بكلية الهندسة جامعة السودان .. وأنه ليس وحده .. عدد كبير من خريجي وطلاب الجامعات السودانية التحقوا طوعاً بدرع السودان لحماية أهلهم والمشاركة في تحرير وتطهير القري التي دنستها وأستباحتها مليشيات التمرد ..

■ عدد كبير من الذين التحقوا بدرع السودان رجال مال وأعمال وأصحاب مهن وحرف وتجارة تركوا كل مايشغلهم وتفرغوا لتحرير أرضهم وحماية أعراضهم تحت لواء قوات درع السودان .. وبعض هؤلاء سقطوا شهداء ومن بينهم حملة درجات علمية عليا في مقدمتهم من يحمل درجة الدكتوراة في الفيزياء النووية تقبله الله مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا ..
■ بعيداً عن التدقيق في النوايا وتصنيف المقاصد ومراجعة المواقف والملفات السابقة .. نقول إن تجربة درع السودان وتجارب كل التشكيلات العسكرية التي ساهمت وتساهم حالياً في سحق الجنجويد ومليشيات التمرد .. هذه التجارب مجتمعة تستحق الآن التقدير وكامل الإحترام ..

■ يكفي أن هؤلاء الشجعان يقاتلون الآن تحت مظلة الجيش السوداني الذي تعرف قرون استشعاره كيف تدير وترتب أمرها أثناء وخلال وبعد الحرب ..
■ نصرٌ من الله وفتحٌ قريب ..

عبد الماجد عبد الحميد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • كورد سوريا قاب قوسين من بدء التفاوض مع دمشق بـصف واحد
  • هل تؤدي الهجمات الأمريكية على اليمن إلى توسيع الصراع في المنطقة؟
  • خطاب الفوضى- كيف تحوّل الصراع السياسي في السودان إلى حرب لغوية مفتوحة؟
  • استهداف الأمم المتحدة واشتباكات دامية.. ماذا يحدث في جنوب السودان
  • تجربة درع السودان وتجارب كل التشكيلات العسكرية التي ساهمت (..)
  • روبيو : خطة الإدارة الأمريكية لإنهاء الصراع في أوكرانيا تتضمن مرحلتين
  • الخطة الإيرانية الثلاثية تجاه سوريا الجديدة
  • بمشاركة حكومة دمشق لأول مرة.. المؤتمر الأوروبي لدعم سوريا.. ماذا يريد الطرفان؟
  • الأمم المتحدة: سوريا تدخل مرحلة جديدة بعد 14 عامًا من الصراع
  • سوريا.. احتفالات في دمشق بذكرى الثورة