وسقطت دمشق ضحي، ثم ماذا بعد!
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
وسقطت دمشق ضحي، ثم ماذا بعد!
محمد بدوي
حتى مساء 7 ديسمبر 2024 ظل بعض المحللين والإعلاميين من المختصين في الشأن السوري يصرحون بحصانة العاصمة السورية عسكرياً، بما يجعل سقوطها ليس بالإمكان، أو على الأقل في القريب، هذه التحليلات على خلفية الاستيلاء العسكري السريع لعدة مدن سورية استراتيجية، في مشهد أعاد أنظار العالم نحو سوريا التي ترزح تحت وطاة حكم دكتاتوري عقائدي منذ العام 1963، تخللته تحولات الاحتجاجات الشعبية لإسقاط النظام إلى حرب بين القوات الحكومية المدعومة من روسيا وإيران، والقوات المتعددة للفصائل السورية.
ظل النظام السوري يعتمد على عوامل خارجية لمقاومة الصراع المسلح، بما جعل تطاول الصراع يتأثر بالعوامل الخارجية بشكل جوهري سواء كانت اقتصادية أو سياسية مباشرة أو مرتبطة بالتحولات في مواقف الحلفاء تاثيراً وتاثراً.
سحبت إيران منسوبيها سواء العسكريين أو الدبلوماسيين، ولعل هذا الموقف كشف أن التحولات التي حدثت في إيران عقب الانتخابات الأخيرة وبذرة الاحتجاجات الداخلية، والصراع بين إسرائيل وحماس، ومقتل حسن نصر الله والأوضاع في لبنان، فرض عليها ترتيب أولوياتها وعدم التدخل، هذا الموقف يكشف أن التحالف بينها وروسيا في استراتيجيته مربوط بتنسيق المواقف الخارجية، فروسيا أيضاً على ذات نسق ترتيب المصالح، فإنها تولي الأولوية لدعم موقفها من الحرب الأوكرانية، ومن جانب آخر تعزيز توسعها في أفريقيا الغربية الغنية بالموارد الطبيعية، وقد نجحت في ذلك ففي 2018 وعبر الخرطوم أدخلت 815 من قواتها إلى منطقة سنقو الغنية بالذهب بجنوب دارفور، ثم واصلت إلى أفريقيا الوسطي، وبعد وقت قصير تمكنت من الوصول إلى النيجر كل هذا خصماً على النفوذ الفرنسي.
اقتصادياً فإن تطاول الصراع في سوريا ودعم الحلفاء له، تأثر بعوامل اقتصادية متسلسلة من الأزمة المالية العالمية 2013 التي أثرت على سياسات الدول الكبرى مثل الإدارة الامريكية، حيث برزت سياسة سحب القوات الأمريكية من عدة دول منها أفغانستان وتمكين الجماعات الإسلامية من السلطة على نظرية تراجع الخطر الإسلامي في ظل الوجود بالسلطة والعكس، التعامل عبر حلفاء مثل الإمارات العربية في السيطرة على الموارد والموانئ، ثم إنفاذ نسق تمكين الوكلاء من السيطرة الحصرية على الذهب المرتبطة بمناطق النزاع في حالة الذهب السوداني وأسواق دبي.
تأثر الصراع بالتأثيرات الاقتصادية لجائحة كورونا، بالمقابل برز حلفاء قادرون على تشكيل سند اقتصادي للإدارة الامريكية مثل المملكة العربية السعودية لميزة النفط وكذلك الإمارات التي وصل احتياطي الذهب ببنكها المركزي 22 مليار درهم إماراتي.
تطاول الصراع ورفض نسق الحلول التفاوضية والمصالح التركية في المشهد جعلت من نظام بشار الأسد يتراجع في الأجندة سواء لروسيا أو غيرها لأن النسق المرتبط بسيناريوهات فدرالية غير منتظمة وفق اتفاقات غير معلنة كما في الحالة الليبية تمثل إحدى النماذج التي يعتمد عليها المجتمع الدولي تحت غطاء الأمم المتحدة.
السياسة الأمريكية إعادة توظيف القادة الإسلاميين السوريين بدعمم للسيطرة على السلطة بذات نسق تمكين الإسلاميين واحتواء المجموعات السورية داخل النظاق الجغرافي الوطني، وهي حالة مشابهة لحالة أفغانستان، وسحب القوات السودانية المقاتلة بليبيا بموجب اتفاق سلام السودان 2020 إلى داخل السودان.
ما حدث في سوريا مرتبط بالمشهد السوداني إلى حد كبير، فهذا يعني توقف الذهب السوداني إلى موسكو عن طريق مطار اللاذقية، حالة تعثر التفاوض بين أطراف الحرب في السودان، وما برز من تأثير على بعض دول الجوار مثل جنوب السودان، ومحاولة إنقاذ الاقتصاد بها عبر عروض إماراتية مقابل البترول الذي تأثر بالحرب، مع الأخذ في الاعتبار أن الإدارة الأمريكية كانت قد شددت وقف القصف الجوي السوداني على مناطق داخل حدود دولة الجنوب في 2017 كشرط لرفع العقوبات الاقتصادية، كل ذلك يجعل من علاقة روسيا بصراع السودان والذي برز بشدة في الفيتو الذي رفعته موسكو بمجلس الأمن الدولي مؤخراً، رغم جهود المملكة المتحدة في تمرير القرار بالإجماع.
الخلاصة: السياسات الدولية منذ 2017 تنحى بشدة نحو السيطرة على الموارد وتوظيفها في الصراعات في تلك الدول بدلاً من الصرف عليها مباشرة، رفض بشار الأسد مرور خط الغاز القطري عبر سوريا إلى أوروبا كبديل للغاز الروسي وسع من التحالف ضده في وقت استنفذت الحرب الطويلة الموارد، سقوط سوريا قد يعيد التفاهم بين موسكو وواشنطون حول أوكرانيا، لأن العام 2025 قد يطرح أسئلة جديدة حول من سيقوم بإعادة إعمار دمشق، وغزة وربما الخرطوم.
الوسومأخبار فيروس كورونا لحظة بلحظة أفغانستان أوكرانيا إيران السودان الولايات المتحدة الأمريكية تركيا روسيا سوريا غزة قطر محمد بدوي نظام بشار الأسدالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أفغانستان أوكرانيا إيران السودان الولايات المتحدة الأمريكية تركيا روسيا سوريا غزة قطر محمد بدوي نظام بشار الأسد
إقرأ أيضاً:
ماذا نعلم عن تحركات إسرائيل في سوريا وتعهّد نتنياهو بتغيير وجه الشرق الأوسط؟
(CNN)-- أدى انهيار نظام الأسد إلى رد فعل عسكري عقابي من جانب إسرائيل، التي شنت غارات جوية على أهداف عسكرية في جميع أنحاء سوريا ونشرت قوات برية داخل منطقة عازلة منزوعة السلاح وخارجها لأول مرة منذ 50 عاما.
دخان يتصاعد من سفينة سورية دمرت في هجوم إسرائيلي خلال الليل على مدينة اللاذقية الساحلية في 10 ديسمبر 2024 Credit: BILAL ALHAMMOUD/Middle East Images/AFP via Getty Images)وقال الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، إنه نفذ نحو 480 ضربة في أنحاء البلاد خلال اليومين الماضيين، وأصاب معظم مخزونات الأسلحة الاستراتيجية السورية، في حين قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن البحرية الإسرائيلية دمرت الأسطول السوري خلال الليل، مشيدا بالعملية باعتبارها "نجاح كبير."
وقبل يوم واحد فقط، أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بانهيار نظام بشار الأسد ووصفه بأنه "فصل جديد ومثير"، قائلا خلال مؤتمر صحفي نادر، الاثنين: "انهيار النظام السوري هو نتيجة مباشرة للضربات القاسية التي وجهناها إلى حماس وحزب الله وإيران.. المحور لم يختف بعد، ولكن كما وعدت، نحن نغير وجه الشرق الأوسط".
منظر جوي لآثار غارة ليلية إسرائيلية على مركز برزة للأبحاث العلمية التابع لوزارة الدفاع السورية في شمال دمشق في 10 ديسمبر 2024.Credit: OMAR HAJ KADOUR/AFP via Getty Images)وقد استمتع المسؤولون الإسرائيليون بسقوط الأسد، الحليف القوي لإيران الذي سمح باستخدام بلاده كطريق لإعادة إمداد حزب الله في لبنان، لكنهم يخشون أيضًا ما قد يأتي من الإسلاميين المتطرفين الذين يحكمون سوريا، التي تقع على الحدود مع إسرائيل في مرتفعات الجولان.
وسمع فريق CNN في دمشق انفجارات مدوية طوال الساعات الأولى، الثلاثاء، استمرارًا للضربات التي بدأت خلال عطلة نهاية الأسبوع، وقالت جماعة صوت العاصمة، وهي مجموعة ناشطة سورية، إن حملة القصف الليلية كانت "الأكثر عنفاً في دمشق منذ 15 عاماً".
ومن بين 480 غارة نفذتها القوات الجوية الإسرائيلية، كانت حوالي 350 غارة بطائرات مأهولة استهدفت المطارات والبطاريات المضادة للطائرات والصواريخ والطائرات بدون طيار والطائرات المقاتلة والدبابات ومواقع إنتاج الأسلحة في دمشق وحمص وطرطوس واللاذقية وتدمر، وجاءت بقية الضربات دعماً للعمليات البرية التي استهدفت مستودعات الأسلحة والمنشآت العسكرية ومنصات الإطلاق ومواقع إطلاق النار، وفقا للجيش الإسرائيلي.
رجل وسط مركبات محترقة وذخيرة مدمرة في موقع الغارة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت شحنات أسلحة تابعة لقوات الحكومة السورية في القامشلي، في شمال شرق سوريا ذي الأغلبية الكردية، في 10 ديسمبر 2024.Credit: DELIL SOULEIMAN/AFP via Getty Images)وأضاف الجيش الإسرائيلي أيضا أن سفنه قصفت منشأتين بحريتين سوريتين، حيث ترسو 15 سفينة سورية وقيل إنه تم تدمير العشرات من صواريخ بحر-بحر.
وفي الوقت نفسه، اتهمت عدة دول عربية إسرائيل باستغلال عدم الاستقرار في سوريا لتنفيذ عملية الاستيلاء على الأراضي، وقالت الجامعة العربية، إن إسرائيل "تستغل تطورات الوضع الداخلي في سوريا"، وقالت مصر إن تحركاتها "تشكل استغلالاً لحالة السيولة والفراغ… لاحتلال المزيد من الأراضي السورية".
وأظهرت صور التقطها مصورو وكالة "فرانس برس" تدميرا واسع النطاق لسفن عسكرية في الميناء البحري السوري في اللاذقية وتدمير مروحيات عسكرية سورية في قاعدة المزة الجوية جنوب غرب دمشق.
ما وراء المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريانفى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، نداف شوشاني، أن تكون القوات "تتقدم نحو" دمشق، لكنه أقر بأنها تعمل في سوريا خارج المنطقة العازلة، وأكد الجيش الإسرائيلي أنه "لا يتدخل في الأحداث الداخلية في سوريا".
وقالت صوت العاصمة، الثلاثاء، إن القوات الإسرائيلية تقدمت حتى منطقة البقاسم، على بعد حوالي 25 كيلومترا (15.5 ميلا) من العاصمة السورية وعدة كيلومترات خارج الجانب السوري من المنطقة العازلة.
مركبات عسكرية إسرائيلية تعبر السياج أثناء عودتها من المنطقة العازلة مع سوريا، بالقرب من قرية مجدل شمس الدرزية في مرتفعات الجولان في 10 ديسمبر 2024.Credit: JALAA MAREY/AFP via Getty Images)ولم تتمكن CNN من تأكيد هذا الادعاء بشكل مستقل، لكن القرية تقع في سفوح جبل الشيخ السوري، الذي سيطرت عليه القوات الإسرائيلية، الأحد، وجبل الشيخ هو نقطة استراتيجية عالية تقع على الحدود بين سوريا ولبنان ومرتفعات الجولان.
ودخلت القوات البرية الإسرائيلية الأراضي السورية بعد أن أمر نتنياهو، الأحد، الجيش بالاستيلاء على "المنطقة الفاصلة" منزوعة السلاح بين مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل وبقية سوريا، وتأسست هذه المنطقة في عام 1974، بعد أن استولت القوات الإسرائيلية ــ ردا على هجوم سوري ــ على مرتفعات الجولان في عام 1967، وضمت إسرائيل المنطقة في عام 1981، لكنها لا تزال تعتبر سوريا محتلة بموجب القانون الدولي.
Credit: DELIL SOULEIMAN/AFP via Getty Images)ورفض المسؤولون الإسرائيليون تقديم تفاصيل حول المدى الذي ستتقدم فيه القوات الإسرائيلية، أو المدة التي ستبقى فيها هناك، وقال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون لمجلس الأمن في رسالة، الاثنين، إن بلاده "انتشرت بشكل مؤقت في نقاط قليلة، وأنها إجراءات محدودة ومؤقتة لمواجهة أي تهديد آخر لمواطنيها".