بعد أكثر من خمسين عامًا من الاستبداد والقهر والظلم سقط نظام آل الأسد سقوطا مدويًا والفضل يعود لتضحيات الشعب السوري العظيم الذي ناضل وكابد وقدم الغالي والنفيس على مذبح الحرية، وخاصة في السنوات الثلاثة عشر الأخيرة.
عندما أعلن الشعب السوري إرادته ورغبته في التغيير بشكل سلمي كباقي الشعوب العربية في ثورات الربيع العربي، تكالبت عليه كل ضباع الأرض وهبت قوى مجرمة لمساندة النظام فارتكبت المذابح ودمرت المدن وهجر أهلها حتى ظن البعض ان هذه الإرادة قتلت وأن الثورة أخمدت.
لكن ما حدث انقلاب في الفصول فكان الربيع الذي تبعه شتاء صاحبه عواصف وخير عميم، فدقت ساعة الصفر فاستجمع الشعب السوري إرادته من جديد فحررت المدن واحدة تلو الأخرى وتوج هذا التحرير بفتح دمشق وهروب طاغية الشام هروبًا مذلًا محملًا بجرائم لا تنسى ولا تغتفر.
عندما أعلن الشعب السوري إرادته ورغبته في التغيير بشكل سلمي كباقي الشعوب العربية في ثورات الربيع العربي، تكالبت عليه كل ضباع الأرض وهبت قوى مجرمة لمساندة النظام فارتكبت المذابح ودمرت المدن وهجر أهلها حتى ظن البعض ان هذه الإرادة قتلت وأن الثورة أخمدت.السقوط المدوي والسريع لهذا النظام أذهل العالم وصدمه فقد حاول طغاة المنطقة والطامعين بثروات البلاد طوال سنوات تدوير هذا النظام متجاهلين الضحايا من الشهداء والمفقودين وملايين المهجرين فأعيدت عضويته إلى جامعة الدول العربية وبدأت الولايات المتحدة الأمريكية تفكر في رفع العقوبات عنه، لكن الشعب السوري كان له رأي آخر حتى رفع علم الثورة السورية في معقل أعتى الداعمين لهذا النظام في موسكو وانكفأت ايران وميليشياته الطائفية ووقفت عاجزة عن إنقاذ هذا النظام.
جرائم النظام التي شاهدناها طوال سنوات من القتل والتدمير ليست كل القصة فبعد سقوط النظام بدأ "المخفي الأعظم" بالظهور للعلن شيئًا فشيئًا منها مقابر الأحياء التي خرج منها الآلاف، ومنهم من اعتقل في القرن الماضي لتنفجر الروايات المفزعة عن التعذيب والقتل والمروع، غرف حمض الأسيد وغرف خاصة تحتوي على مقاصل إعدام ومكابس لطحن الجثث وأفران لحرقها والتخلص منها.
كما صدمة العالم كان هناك الانبهار من حالة التسامح التي تحلى بها الثوار فلا ثأر من أولئك، وهم كثر من الذين طبلوا للنظام ودافعوا عن جرائمه في كل المحافل، ولا فوضى ولا نهب ولا سلب حتى وصل التسامح حدًا لا يصدق حيث تم تكليف حكومة النظام البائد بتسيير مؤسسات الدولة ريثما يتم تشكيل إطار يدير شؤون البلاد لمرحلة انتقالية.
لقد أوضح الثوار أن هذا التسامح ليس شيكًا مفتوحا على بياض فكل الذين تورطوا بدماء السوريين ونهبوا ثروات البلاد ستتم ملاحقتهم ومحاسبتهم وفق القانون وفي محاكمات علنية فهناك جرائم ومظالم لا يمكن تجاوزها ولا بد أن ينصف الضحايا ويأخذ كل ذي حق حقه.
عمل دؤوب وبخطى ثابتة وواثقة تجري عملية بناء دولة من جديد تقوم على أسس العدل والمساواة والكرامة الإنسانية بمشاركة كل أبناء الشعب السوري لا يفرقهم الاختلاف في الرأي او الانتماء أو المذهب، فهذه مرحلة تحتاج إلى تكاتف كل الجهود لتفويت الفرصة على الطامعين والمراهنين على فرقة مكونات الشعب السوري.
الكثير من العمل ينتظر الشعب السوري الذي لتوه عانق الحرية على كافة الصعد الداخلية والخارجية من أهمها تشكيل لجان مختلفة لتوثيق الجرائم التي ارتكبت طوال عقود ولجان بحث عن المفقودين ولجان لحصر الأموال التي نهبت وملاحقة ناهبيها ولجان إعمار وغيرها من اللجان والمهم في هذه المرحلة الحساسة وجود من يمثل الشعب السوري في المحافل الدولية.
يجب ألا تتغلب علينا الدهشة والمفاجأة من سرعة سقوط نظام تسلط على رقاب العباد أكثر من خمسين عامًا قدم خلالها الشعب السوري تضحيات جسام في الطريق إلى هذا الفتح العظيم فهذه حركة التاريخ وهو مليء بالقصص القديم منها والحديث التي تروى سير المستبدين وطرق زوالهم على أيدي شعوب امتلكت إرادة صلبة للتغيير فهل من معتبر؟صحيح أن كل الشعوب العربية ومعهم شعوب العالم الحر فرحين بهذا الفتح العظيم ويتوقون إلى تذوق ما ذاقه الشعب السوري إلا أن الحاقدين والمتربصين وعلى وجه الخصوص الأنظمة الديكتاتورية المحيطة وحليفتهم إسرائيل لن يتركوا الشعب السوري وشأنه فما حدث تعتبره إسرائيل تهديدا لوجودها وطغاة العرب يعتبرونه تهديدا لعروشهم.
إسرائيل منذ اللحظة الأولى أعلنت أن اتفاقية وقف إطلاق النار مع الدولة السورية أصبحت لاغية وتوغلت في الأراضي السورية وسيطرت على مناطق عازلة ونفذت عشرات الضربات الجوية لتدمير مقدرات الشعب السوري بذريعة تدمير أسلحه استراتيجي حتى لا تقع في أيدي قوات المعارضة.
هذه الضربات تتم بمباركة النظام العربي الرسمي وما يؤكد ذلك صمت القبور الذي يلوذون به فقد ساءهم سقوط نظام المجرم الذي حاولوا تدويره على مدار سنوات لكن أسقط في أيديهم فلم يجدوا إلا إسرائيل للضغط على قوى الثورة بالحديد والنار لجرها إلى مستنقع أجندات الفساد والتطبيع.
يجب ألا تتغلب علينا الدهشة والمفاجأة من سرعة سقوط نظام تسلط على رقاب العباد أكثر من خمسين عامًا قدم خلالها الشعب السوري تضحيات جسام في الطريق إلى هذا الفتح العظيم فهذه حركة التاريخ وهو مليء بالقصص القديم منها والحديث التي تروى سير المستبدين وطرق زوالهم على أيدي شعوب امتلكت إرادة صلبة للتغيير فهل من معتبر؟
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه رأي سوريا سياسة رأي تحولات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب السوری هذا النظام
إقرأ أيضاً:
ثورة ١١ فبراير… من مبادئ الجمهورية انطلقت ولأجل مكتسباتها اندلعت
يمن مونيتور/عبد الإله الحود
ثورة ال ١١ من فبرير حلم الشعب بمستقبل مشرق، وأمل اليمنيين بدولة مدنية، لم يخفت صوت فبراير ولن يتراجع الثوار، لم يبرحوا اماكنهم ولازالوا على العهد والوعد، الثورة السلمية، والمطالب المشروعة، والروح الوطنية التي رفضت عسكرة الثورة، وظلت تواجه الرصاص والقمع بصدور عارية، ولما كانت فبراير بمشروعها الوطني ومشروعيتها المنطلقة من مبادئ الجمهورية والساعية لإعادة لها، فبراير لازالت متوهجة، حاضرة في الوعي ومترسخة في الضمير، تزيد بريقاً، والقاً، بعيد عن التآمر والشيطنة التي لم تتوقف يوم واحدا منذ انطلقت قبل ١٤ عام حتى اليوم، فبراير ثورة لازالت تتجذر في ضمير اليمنيين بما كشفته من سوأة النظام واخرجت للعلن ثعابينه وازماته التي حكم الشعب بها ليواجه اليمنيون حقيقة نظام طالما كانت شعاراته ” انا ومن ورائي الطوفان”.
11 فبراير القضية والمشروعية
انطلقت 11 فبراير في العام 2011م من مشروعية دستورية، مستمدة من النظام جمهوري الذي اشرق في 26 من سبتمبر 1962م بعد اسقاط الحكم الامامي الكهنوتي، من الجمهورية استمدت مشروعيتها ولأجلها اندلعت، اذاً نحن امام استعادة حق مسلوب، بل أكثر من ذلك فالأمر أصبح اعادة اعتبار للجمهورية، المكتسب اليمني الأهم في التأريخ الحديث، بعدما تعرض خلال عقود الى مصادرة وتكريس وشخصنة، لقد تحرك الشعب وكسر حاجز الخوف، وصار لديه من الوعي القدر الكافي ليدفعه نحو الثورة وادراك مستوى الخطر في التفريط بالمكتسب الوطني وضرورة حماية حقه وحقه اجياله في ترسيخ حكم جمهوري عادل.
يصف القيادي في الثورة “وليد العماري” مشروعية فبراير فيقول ” انها لحظة فاصلة في إعادة تعريف العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وترسيخ مفهوم الجمهورية كحكم للشعب وليس حكم الفرد أو العائلة،
ويضيف” كان شعار “الشعب يريد إسقاط النظام” تعبيرًا عن وعي جديد بأن الشرعية لا تُكتسب إلا من التفويض الشعبي وليس من منطق القوة أو التحالفات القبلية أو العسكرية.
ويعتبر “العماري” أن ثورة 11 فبرير أسهمت في تعزيز مفاهيم المواطنة المتساوية، حيث شاركت مختلف الفئات في المجتمع في ساحات الثورة، ما شكل لحظة تحوّل في نظرة اليمنيين لأنفسهم كأصحاب حق في تقرير مصيرهم بعيدًا عن الوصاية. كما دفعت باتجاه إنهاء هيمنة الأسرة الحاكمة وإخضاع السلطة للمساءلة، وهو ما أزعج القوى التقليدية التي استفادت من النظام السابق”
المليشيا الحوثية.. الثورة المضادة
انجزت خطوتها الأولى، واثمرت انتقال السلطة، تشاركت قوى الثورة بحكومة مناصفة وما قدمته خلال عامان، لا ينساهما الجيل الحاضر، ارتبطت حكومة الثورة بالأستاذ محمد سالم باسندوه ودمعته المحترقة على البلد، يتذكر اليمنيون مؤتمر الحوار، الوثيقة الابرز في التاريخ الحديث، والمنجز الأهم لثورة فبراير بوقت قياسي، ولم يأتي 21 سبتمبر2014م حتى كانت تحالفات المتضررين من الثورة داخليا وخارجيا قد استكملت حلقات المؤامرة، واسقطت الدولة وسلمت صنعاء لمليشيا الحوثي.
كان الانقلاب الحوثي ثورة مضادة استهدفت ثورة 11 فبراير، وكانت المليشيا اليد التي ارادت وأد ثورة فبراير، لم يكن الانقلاب مجرد إسقاط لحكومة، بل كان محاولة لإلغاء مكتسبات الثورة والعودة إلى الحكم الفرد
عضو منسقية الثورة “وليد العماري” يؤكد أن الانقلاب كان انتقامًا واضحًا من فبراير ومن الحلم الجمهوري الذي أعادت إحياؤه، حيث تلاقى المشروع السلالي الطائفي لمليشيات الحوثي مع حقد النظام المخلوع ورغبته في الانتقام.
فبراير والمعركة الوطنية
أكدت ثورة ١١ فبراير منطلقها الوطني وتحرك الشعب الثائر في مواجهة الثورة المضادة، وخاض ولا يزال معركة وطنية في مواجهة المليشيا الحوثي الانقلابية، لقد تعرضت فبراير لشيطنة وتحميلها تبعات الحرب والانقلاب، رغم انها نادت للجميع بحرية وكرامة، وما حصل في ٢٠١٤م كان تجليا واضحا للنظام الذي طبق مقولته المشهورة ” عليي وعلى اعدائي” ارضاء لأحقاده، واشباع رغبته في الانتقام من الشعب الذي يرى انه لا يستحق حرية ولإكرامه.
الناشط في ساحة الحرية سابقا “مازن عقلان” يقول ” من سوء التقدير أن يحمّل البعض ثورة 11 فبراير مساوئ الانقلاب انتقاما من الفعل الثوري السلمي ضد النظام السابق، متناسيا خطورة الانقلاب على مشروع الجمهورية، وعداوة المليشيات السلالية لكافة اليمنيين دون استثناء”.
ويضيف “الناشط مازن عقلان” لم تكن ثورة الـ 11 من فبراير السلمية حفرة ماضوية يرمي فيها البعض سخطه من انهيار الوضع، ولا محطة ظلامية يحملها البعض تبعات انقلاب المليشيات الحوثية المدعومة من إيران على مشروع الدولة واعلان الردة عن الجمهورية وعودة الإمامة الظلامية، بل كانت نافذة عبور الى المستقبل مستلهمة وهجها من ثورتي سبتمبر واكتوبر المجيدتين”.
فبراير ثورة وعي
مثلت ثورة ١١ فبراير وعي متراكم في ضمير الشعب، الذي قرر الخروج لاستعادة حقه في تعيين من يحكمه، وعي بأن الإرادة الشعبية تأتي بالحاكم وليس العكس، ويصف ” العماري” وعي ثورة فبراير بلحظة عي جمعي ونقطة تحول في مسيرة اليمنيين نحو استعادة دولتهم وكرامتهم، رغم كل المحاولات لطمس أهدافها، والانقلابات التي سعت للانتقام منها، لا تزال روح فبراير حاضرة في كل معركة يخوضها الأحرار دفاعًا عن الجمهورية، وفي كل حلم يتجدد لبناء دولة العدل والمواطنة المتساوية.
فبراير.. العهد والوعد
ويختم ” العماري” حديثه فيقول الثورات لا تموت، وأعداؤها وإن تأخر سقوطهم فإنهم زائلون، فبراير باقٍ ما بقيت قضيته حية في وجدان من حملوا حلم الدولة العادلة، وفي مقاومة من رفضوا الخضوع، وفي أصوات الذين يؤمنون بأن اليمن يستحق مستقبلاً أفضل.
في هذه الذكرى، نجدد العهد على أن فبراير لم يكن يومًا ملكًا لحزب أو جماعة، بل كان نداء وطن، وما ضحى لأجله شبابه لن يكون هباءً. المجد للشهداء، الحرية للأسرى، والنصر للجمهورية التي لن تسقط أبدًا ما دام هناك من يؤمن بها ويناضل من أجلها.