عربي21:
2025-02-11@13:21:27 GMT

هكذا جعلت الثورة السورية الأبد أسبوعين

تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT

"أوَ فتح هو"؟

سأل عمر رسول الله عليه الصلاة والسلام في صلح الحديبية.

لا أعرف خصائص النصر الفاتنة، ولم أطلع على أوصافه وعلاماته في العلوم العسكرية، هو يعرف بالفطرة، لكننا نعرف الهزيمة جيدا، وقد ذقنا الذل والهوان مدة نصف قرن.. كان الإذلال زعتر خبزنا وزيت شرابنا وعسل دوائنا، كنا نتقوت به في المسلسلات والإعلانات التجارية والأناشيد، ومناهج المدرسة، ولم نكن نصدق أن يسقط الأسد، لأننا نشأنا على الشعارات التي تقول: الأسد إلى الأبد.

ونذكر أنه حينما مات (الأب)، تأخرت وسائل الإعلام الرسمية في إعلان موته، إما لارتباكها في الخبر، وإما نقعا له في الماء حتى يلين، ويسهل بلعه.

لذلك فإن فتح الشام الثاني بعد فتح خالد بن الوليد بالسيف، وفتح أبي عبيدة بالكلمة، يشبههما من الوجهين؛ وجه السيف ووجه الكلمة، ويشبه فتح القسطنطينية أيضا، ووجه الشبه هو في بحار الدم التي أحاط بها بشار الأسد سوريا. وكان محمد الفاتح قد دفع سفنه إلى البر ودرجها على الجذوع المدهونة بالزيت من بشكتاش إلى القرن الذهبي مسافة ثلاثة أميال تجاوزا للسلاسل في البحر! وهي معجزة عسكرية.

 أمست دمشق منذ أربع وخمسين سنة عاصمة الروم، أو عاصمة الفرس إن شئت، أو عاصمتيهما كليهما، بل إن عبارات مثل: من دخل داره فاتركوه، ومن فرَّ فلا تدركوه، أقوال من آثار فتح مكة. يمكن القول إنَّ سوريا ضُربت بقنبلتين نوويتين هما الأسد الكبير، والأسد الصغير أو الحقير، الأسدان؛ الأسد الوحش، والأسد الأجيد (طويل الرقبة).

والآية في ذلك إن قصف سوريا بالأسدين يشبه القصف الذريّ الأمريكي على هيروشيما في نهاية الحرب العالمية الثانية في آب/ أغسطس 1945، وكان بسبب رفض تنفيذ إعلان مؤتمر بوتسدام باستسلام اليابان استسلاما كاملا بدون أي شروط، إلَّا أنَّ رئيس الوزراء الياباني سوزوكي أبى وتجاهل المهلة التي حدَّدها الإعلان. فأصدر الرئيس هاري ترومان أمره بإطلاق السلاح الذري، المسمى الولد الصغير، على مدينة هيروشيما (يوم الاثنين 27 شعبان عام 1364 هـ / الموافق 6 آب/ أغسطس 1945م)، ثمَّ تلاها بإطلاق قنبلة الرجل البدين على مدينة ناغازاكي في التاسع من شهر آب/ أغسطس.

قتلت القنابل ما ناف على 140 ألف شخص في هيروشيما، و80 ألفا في وناغازاكي بحلول نهاية سنة 1945. وإن أعداد المقتولين بالأسدين "الذريين" تقارب أعداد اليابانيين، فقد نافت على الخمسين ألفا في وقائع الثمانينات، وعجزت مراكز الإحصاء عن حصر أعداد المقتولين بقنبلة الأسد الصغير، فوقفوا عند المليون، لأن المليون نهاية الأعداد، ولم تكن العرب تعرف المليون، فكانت تقول ألف ألف.

أوَ فتح هو؟

لم نكن نأمل بنزع الأسد إلا أمل اليائس، فالرجل كان مشدود الملك، ومحروسا بعين أمريكا وفيتو روسيا والصين وأموال وكتائب إيران، ومساندة الأخوة الأعداء ملوك العرب، وقد سعوا إلى تعويمه، أي إعادة تأهيله، لكن الرجل كان قد وصل إلى حال "النيرفانا" السياسية ومقام الغوثية الصوفية. وكان قد حِفِظ النصيحة الذهبية القائلة؛ إن أي تغيير سيكون فيه سقوط ملكه، وكنا نحن السوريين نظن أنه خالد، وإنه بلا نقطة ضعف، وإن روحه قد وزعت في كل حجر في سوريا، وفي تماثيله، والحجر لا يقتل، لذلك كان الثوار حريصين على تحطيم تماثيله المنصوبة في كل الساحات، وتمزيق صوره التي قضى الثوار في إتلافها أكثر مما قضوا في فتح حصونه!

وقد قيل في أسباب انتصار الثورة الثانية عليه بعد أربع عشرة سنة من التهجير والألم، والألم خير معلم، إنها وهن قواته وجوع جنده، وفسادهم، ووهن روسيا وانشغالها بأوكرانيا، وتراجع إيران وحرصها على قنبلتها النووية (والتي لم ترد على آخر قصف إسرائيلي)، وأضيف إليها: دور الصدفة والغباء في تغيير مجرى التاريخ، وهو اسم كتاب من تأليف إريك دورتشميد. والمصادفة والغباء آيتان من آيات الله، ولله جنود السماوات والأرض.

لذلك كان فتح القسطنطينية الشامية سهلا، يشبه الانزلاق في مزلقان سباحة، كأن الأرض مدهونة بالزيت، ويشبه قتل ذبابة للنمرود، وإن النظام ذعر من جرائمه وانفضاض انصاره وحلفائه، بعد إدراكهم عدم قابليته للإصلاح، ومن أسبابها "طوفان الأقصى" التي أضعف حزب الله، أشد حلفاء النظام ولاء، وأوفاهم إخلاصا.

إنها معجزة، أن يسقط صاحب شعار الأسد أو لا أحد. لقد أسقطنا عظيما، خارقا له قوة ثلاثة وعشرين مليون سوري، وله خصائص موقعها وبركتها وثرواتها وسمائها وبحرها وبرها.

لقد عبرت سفينة الثورة الوهاد والأوعار ونزلت البحر، بعد أن دُهنت بالدم، وفرّ الأسد الخارق، تاركا صورا له عارية وعارا "إلى الأبد"، وآثارا أشد وأضرى من آثار القنبلتين على هيروشيما وناغازاكي.

لقد جعل الثوار السوريون الأبد أسبوعين، ويوم الأحد جمعة، وأنقذونا من القنبلة الثالثة: حافظ بشار الأسد، بطل الرياضيات والأوهام، في سباق الأربع وخمسين سنة حواجز.

x.com/OmarImaromar

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الأسد سوريا الثورة النووية جرائمه سوريا الأسد نووي جرائم الثورة مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

الخارجية الروسية: مستمرون في دعم سوريا ونتوقع تطور العلاقات في المستقبل

سوريا وروسيا.. قال الممثل الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ودول أفريقيا، نائب وزير الخارجية ميخائيل بوجدانوف، إن روسيا تتوقع أن تتطور علاقاتها مع سوريا بشكل أكبر في المستقبل، وأن تقوم على المساواة والمنفعة المتبادلة.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال في وقت سابق:"إن سوريا كانت دائما شريكا مهما لروسيا في العالم العربي وعلى الساحة الدولية، وكانت العلاقات بين بلدينا ودية تاريخيا، وتستند إلى مبادئ الاحترام المتبادل ومراعاة مصالح كل منا، وأنا على ثقة من أنها ستستمر في التطور على أساس متساو ومتبادل المنفعة".
وأضاف بوتين:"تمر سوريا اليوم بأوقات عصيبة، ونأمل أن يتغلب شعبها بنجاح على التحديات العديدة الناجمة عن الأزمة التي طال أمدها في البلاد، ومن جانبنا، نحن مستعدون لمواصلة تقديم المساعدة المطلوبة للسوريين".

وأكد المبعوث الروسي الخاص أن "الأحداث التي أدت إلى تغيير السلطة في سوريا في ديسمبر 2024 لا تغير مواقفنا الأساسية، لقد كنا ثابتين في دعمنا لسيادة الجمهورية العربية السورية ووحدتها وسلامة أراضيها ونواصل الحفاظ عليها، نحن نسترشد بفكرة أن الأمر متروك للسوريين أنفسهم لتحديد مستقبل البلاد من خلال حوار وطني واسع النطاق يأخذ في الاعتبار المصالح المشروعة لجميع القوى السياسية والمجموعات العرقية والطائفية".

علاقات روسيا وسوريا تتحسن بعد سقوط الأسد 

وفي سياق متصل كان مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، أكد أن موسكو مستعدة لتقديم «المساعدة اللازمة» للدفع بعمليات خروج سوريا من مرحلة ما بعد الأزمة.
ومن جانبه أشار وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، قبل يومين، من أن بلاده " منفتحة على السماح لروسيا بالاحتفاظ بقواعدها الجوية والبحرية على طول الساحل السوري، ما دام أن أي اتفاق مع الكرملين يخدم مصالح سوريا ويحقق المكاسب".
وكان أبو قصرة قد قال، في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست»، إن موقف روسيا تجاه الحكومة السورية الجديدة قد "تحسن بشكل ملحوظ" منذ سقوط بشار الأسد، مشيراً إلى أن دمشق تدرس المطالب الروسية.
 

مقالات مشابهة

  • أسماء الأسد.. إيما التي لم تكن تهتم بالشرق الأوسط
  • 34,690 سوريا غادروا الأردن منذ سقوط نظام الأسد
  • الخارجية الروسية: مستمرون في دعم سوريا ونتوقع تطور العلاقات في المستقبل
  • الشرع يكشف تفاصيل اعتقاله في العراق: تنقلتُ بين 4 سجون وأطلق سراحي قبل الثورة السورية بيومين
  • بعد سقوط الأسد.. هل تعود نينوى بؤرة للمخدرات السورية؟
  • تنبّأت بوفاتها قبل أسبوعين.. رحيل الفنانة السورية إنجي مراد
  • مدبّر مجزرة التضامن.. "صقر" نظام الأسد يثير الغضب في سوريا
  • كيف تبدو أسعار العقارات في سوريا بعد سقوط نظام الأسد؟
  • جدارية لـقيصر بسوريا بعد كشف هويته على الجزيرة
  • لون الحرية.. معرض تشكيلي يجسد أحلام الثورة السورية بطرطوس