ألقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، الكلمة الافتتاحية بالمؤتمر الاقتصادي السادس الذي تنظمه جريدة «حابي» تحت عنوان «الإصلاح المرن.. عبور هادئ للتحديات الاقتصادية»، بحضور السيد/ أحمد كجوك، وزير المالية، ومُمثلي شركات القطاع الخاص.

وأكدت الدكتورة رانيا المشاط، أن الدولة بمختلف مؤسساتها تسعى إلى تنفيذ أجندة واضحة ومتسقة للإصلاح الاقتصادي، من أجل النهوض بالاقتصاد المصري، وتعزيز قدرته على الصمود في ظل التطورات الإقليمية والدولية المتلاحقة، خاصة في ظل التطورات الجيوسياسية والاقتصادية الإقليمية والدولية المتلاحقة منذ عام 2020، والتي باتت هي التحدي الحقيقي الذي يؤثر بشكل مباشر على الدول النامية والناشئة، التي تُحاول اللحاق بركب التنمية.

*النمو العالمي*

وأشارت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، إلى التقرير الصادر مؤخرًا عن مجموعة البنك الدولي، حول الآفاق الاقتصادية العالمية، فبينما كان العالم ينتظر أن تحدث تحولات كبيرة على صعيد التنمية ونحن على مشارف عام 2030، أشار التقرير إلى أن آداء النمو الاقتصاد العالمي في الخمس سنوات الماضية، هو الأضعف على مدار 30 عامًا.

ونوهت بأن استمرار الصراعات والتوترات الجيوسياسية في العديد من مناطق العالم، بالإضافة إلى تباطؤ التجارة العالمية، وتشديد الأوضاع المالية، والآثار السلبية للتغيرات المناخية، ساهم في زيادة المخاطر المحيطة بالاقتصاد العالمي، لتتباطأ توقعات النمو في عام 2024 إلى 2.4% للعام الثالث على التوالي، مقابل 2.6% في العام الماضي، وذلك إلى جانب تأثر الدول النامية والأقل نموًا بتلك التطورات الأمر الذي يحد من قدرتها على المضي قدمًا في تحقيق أجندتها التنموية.

كما اتسعت فجوات التنمية لدى تلك الدول، الأمر الذي يتطلب صياغة سياسات مرنة واتخاذ إجراءات شاملة ومبتكرة من أجل الحفاظ على مكتسبات التنمية وضمان استقرار الاقتصاد الكلي لدي تلك الدول وحتى عام 2030 وما بعد ذلك.

*برنامج الإصلاح الاقتصادي والهيكلي*

وذكرت أن الحكومة المصرية شرعت في تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي وهيكلي مُتعدد الأبعاد، يشمل مُختلف أوجه النشاط الاقتصادي، واضعة نصب أعينها تمكين القطاع الخاص كهدف رئيسي لا غنى عنه من أجل تذليل التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري، وزيادة معدلات التنمية الشاملة والمستدامة؛ وفي هذا الصدد فإن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، تسعى من خلال أنشطتها وبرامجها، إلى تطبيق فلسفة مختلفة من أجل تحسين فعالية خطط التنمية والتكامل بين الموارد المحلية والدولية، ودعم مستهدفات برنامج الحكومة.

ونوهت بأن الإصلاحات الهيكلية التي يتم تنفيذها ترتكز على 3 محاور رئيسية؛ تعزيز صمود الاقتصاد الكلي، وتعزيز قدرة التنافسية الاقتصادية وتحسين بيئة الأعمال، ودعم التنوع الاقتصادي والتحول الأخضر، مشيرة إلى أن التحول الأخضر في مصر يضم العديد من الفرص الاستثمارية للقطاع الخاص.

*إعداد خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية*

وكشفت أن الوزارة تعمل في الفترة الحالية على تطبيق منهجية عمل جديدة في إعداد خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي القادم 2025/2026، يتم مناقشتها مع مختلف الوزارات وجهات الدولة، استنادًا إلى منظور تنموي شامل ينطلق من رؤية مصر 2030، وأولويات برنامج عمل الحكومة، والخطط والاستراتيجيات القطاعية، مع تطبيق التوجهات الحديثة التي نص علها قانون التخطيط الجديد، ولائحته التنفيذية التي يجري الانتهاء منها في الوقت الحالي، وبما يُدعم الجهود التي تقوم بها الحكومة لتنفيذ «وثيقة سياسة ملكية الدولة»، وإفساح المجال للقطاع الخاص.

وأوضحت أن تلك المنهجية تعكس توجهنا الأساسي في المرحلة المُقبلة، من أجل الوصول إلى منظومة تخطيط تتسم بالكفاءة والفعالية، ودفع التنمية الشاملة والمستدامة في الدولة، باستخدام كافة الأدوات المُتاحة، وعلى رأسها إجراءات رفع كفاءة الإنفاق الاستثماري، وحوكمة ومتابعة الاستثمارات العامة والتمويلات التنموية وتعزيز جهود المتابعة والتقييم، والتنسيق مع الوزارات لتحسين جودة الخطط التنموية من خلال دليل "إعداد خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية"، وتوفير معلومات مكانية تدعم عملية التخطيط من خلال "منظومة البنية المعلوماتية المكانية".

*سقف الإنفاق الاستثماري*

وأضافت أنه بالتوازي مع المنهجية الجديدة في خطة العام المالي المقبل، فإن الوزارة تُتابع تنفيذ خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي الجاري 2024/2025، أخذًا في الاعتبار الالتزام بسقف الاستثمارات العامة الذي حدده مجلس الوزراء لأول مرة، والمقرر بقيمة تريليون جنيه، ولذا فإن حجم الاستثمارات الكلية في هذا العام تبلغ 2 تريليون جنيه تقريبًا، منها تريليون جنيه استثمارات عامة و987 مليار جنيه استثمارات خاصة بنسبة 49.7%، منوهة بأن سقف الإنفاق الاستثماري إلى جانب دوره في تمكين القطاع الخاص فإنه يخفض عجز الموازنة العامة للدولة.

*تمكين القطاع الخاص*

وأكدت أن تمكين القطاع الخاص واستعادة دوره في قيادة جهود التنمية يُعد هدفًا رئيسيًا للحكومة، لذلك فإننا نستهدف البناء على مسيرة الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية الشاملة التي تم تنفيذها خلال السنوات الماضية، من خلال تنفيذ البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية الذي يهدف في الأساس إلى تحفيز مُشاركة القطاع الخاص في جهود التنمية، وإفساح المجال للاستثمارات المحلية والأجنبية.

وتابعت قائلة: "لذلك قامت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، بتنفيذ برنامج تمويل سياسات التنمية، مع عدد من الشركاء الدوليين، والذي يتم في إطاره توفير تمويلات لدعم الموازنة، من أجل مساندة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية بالتعاون مع مختلف الجهات الوطنية".

وأشارت إلى الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للتمويل، التي أطلقتها الوزارة خلال قمة المستقبل بنيويورك، والتي تعد استراتيجية شاملة تعمل على تعزيز التمويل المحلي والدولي من أجل التنمية، مضيفة أن التمويلات الميسرة التي حصل عليها القطاع الخاص من مؤسسات التمويل الدولية في 4 سنوات ونصف بلغت نحو 12 مليار دولار وهو ما يعكس الشراكة القوية بين مصر وشركاء التنمية.

*حوكمة الاستثمارات العامة*

وأشارت إلى أنه يجري تطبيق إجراءات حوكمة الاستثمارات العامة والمتابعة والتقييم من خلال ثلاثة محاور تتمثل في تخطيط الاستثمارات حيث تم تحديث معايير تقييم المشروعات، وإلزام الجهات بتقديم دراسات جدوى، وتطوير منهجيات حساب الاستثمارات، والمحور الثاني تخصيص الاستثمارات من خلال تطوير معادلة تمويلية لتغطية الفجوات التنموية بين المحافظات، وربط الاستثمارات بالحوافز، إلى جانب محور متابعة تنفيذ الاستثمارات من خلال ميكنة عملية المتابعة المكتبية والميدانية، وحصر الأصول الاستثمارية.

*المجموعة الوزارية لريادة الأعمال*

وأضافت أنه إدراكًا من الدولة بأهمية ريادة الأعمال في خلق مناخ اقتصادي قائم على الابتكار وحلولًا تنموية غير تقليدية، فقد تم تأسيس المجموعة الوزارية لريادة الأعمال، حيث يُمكن أن يُمثل هذا القطاع قوة دافعة للنمو الاقتصادي، ولذا فإن الإطار التنظيمي للمجموعة الوزارية لريادة الأعمال يضُم كافة الجهات المعنية من الحكومة ومجتمع الشركات الناشئة، من خلال لجنة فنية ومجموعات عمل تتسم بالمرونة وتفتح أبوابها لكافة المعنيين، من أجل مناقشة التحديات والوقوف على المقترحات للدفع بهذا القطاع الحيوي.

ونوهت بأنه في الفترة الحالية تتوالى اجتماعات مجموعات العمل من أجل إعداد "ميثاق الشركات الناشئة"، وهو وثيقة ستتضمن جميع التوصيات والرؤى التي ستتبعها الحكومة في هذا المجال، لتكون بمثابة خريطة طريق للمستقبل، تحدد أولويات الحكومة والقطاع الخاص في دعم ريادة الأعمال، كما ستصدر إجراءات داعمة لمجتمع الشركات الناشئة في الربع الأول من العام المقبل، مشيرة إلى تقرير "فخ الدخل المتوسط"، الصادر عن البنك الدولي والذي أكد أهمية الابتكار والتحول الرقمي للدول متوسطة الدخل لتعزيز النمو.

واختتمت الدكتورة رانيا المشاط كلمتها بالتأكيد على التناغم والتنسيق المُستمر بين المجموعة الوزارية الاقتصادية، وحرص الحكومة تحت قيادة رئيس الوزراء، وبتوجيهات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، على المضي قدمًا في مسار الإصلاح الاقتصادي لدعم استقرار الاقتصاد الكلي، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة التوسع في الإنفاق الاجتماعي خاصة على قطاعي الصحة والتعليم، والحماية الاجتماعية، من أجل التخفيف على الطبقات الأقل دخلًا وتعزيز الاستثمار في رأس المال البشري وبناء الإنسان.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: التخطیط والتنمیة الاقتصادیة والتعاون الدولی الاستثمارات العامة تمکین القطاع الخاص رانیا المشاط من خلال من أجل

إقرأ أيضاً:

القطاع الخاص بين البيروقراطية والمنافسة الأجنبية.. نحو إصلاحات تجذب الاستثمارات

10 فبراير، 2025

بغداد/المسلة: تواصل السلطات العراقية جهودها لإصلاح القوانين الاقتصادية في محاولة للتغلب على التحديات التي تواجه الاقتصاد المحلي. يأتي ذلك في وقت تشهد فيه البلاد ازدياداً في الحاجة إلى تحسين بيئة الاستثمار وتعزيز قدرة الصناعة المحلية على المنافسة.

وفي ورشة العمل التي نظمتها لجنة الاقتصاد والصناعة والتجارة النيابية، والتي ترأسها النائب أحمد سليم الكناني، تم التركيز على إعادة النظر في القوانين الاقتصادية الرئيسية التي تؤثر بشكل مباشر على الاستثمار وقطاع الصناعة. ويأمل المسؤولون في إيجاد حلول قانونية تساهم في استقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتعزيز دور القطاع الخاص في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني.

وأكد النائب الكناني في تصريحات صحفية على أهمية تحديث قانون الشركات وقانون الاستثمار، مشيراً إلى أن القوانين الحالية لم تعد تلبي متطلبات المرحلة الراهنة. وقال: “نهدف إلى تحقيق تغييرات جذرية في النظام التشريعي بحيث تصبح القوانين أكثر مرونة، وتتناسب مع المتغيرات الاقتصادية العالمية.”

وأوضح أن الورشة كانت خطوة مهمة نحو فتح قنوات الحوار بين القطاعين العام والخاص، إضافة إلى تسليط الضوء على ضرورة التعاون بين جميع الأطراف المعنية لإيجاد حلول عملية تدعم النمو الاقتصادي.

وبينما تتزايد التوقعات الإيجابية حول إمكانية تحفيز القطاع الخاص من خلال هذه الإصلاحات القانونية، فإن التحديات التي تواجه الصناعة المحلية تبقى قائمة. فالبيروقراطية المعقدة والروتين الإداري يشكلان عقبات رئيسية أمام تقدم الصناعات المحلية، وهو ما أكده عدد من الصناعيين المحليين في تصريحاتهم.

وأشار أحدهم في تدوينة على منصة فيسبوك قائلاً: “نواجه يومياً تحديات بيروقراطية تجعل من الصعب تطوير أعمالنا، ناهيك عن المنافسة الشرسة التي نواجهها من السلع المستوردة، التي تملأ الأسواق بأسعار أقل بكثير.”

وأضاف: “على الحكومة أن تدرك أن الحل لا يكمن فقط في دعم الصناعيين، بل في توفير بيئة تشريعية مرنة تمكنهم من التوسع والمنافسة.”

وفي هذا السياق، أفادت تحليلات اقتصادية بأن العراق يحتاج إلى إصلاحات شاملة تشمل جميع القطاعات الحيوية، بما في ذلك قانون الوكالات التجارية.

وقال تحليل اقتصادي: “إصلاح قوانين الوكالات التجارية سيسهم في تسهيل دخول المستثمرين إلى السوق العراقي، حيث سيجدون بيئة قانونية أكثر شفافية وأكثر جذباً لرؤوس الأموال.”

وقالت تغريدة من أحد الخبراء الاقتصاديين على منصة إكس: “القطاع الخاص يحتاج إلى دعم حكومي حقيقي، من خلال توفير الحوافز المالية وتيسير الإجراءات القانونية. حتى الآن، لا تزال القوانين غير ملائمة ولا تساعد على جذب الاستثمارات.”

أما في مجال الصناعة، فقد تحدثت مصادر من القطاع الصناعي عن الحاجة الماسة لتوفير دعم مالي وتقني للصناعيين المحليين.

وأكدت مصادر أن فتح الأسواق أمام المنتجات المحلية يحتاج إلى تضافر الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص. وفي هذا السياق،

وذكر مصدر صناعي في حديثه: “إذا كانت الحكومة جادة في دعم الصناعة المحلية، يجب أن تبدأ بتقديم الدعم المالي والتقني للمصانع المحلية، بالإضافة إلى تحسين البنية التحتية مثل الكهرباء والمياه.”

ولكن، وفق معلومات اقتصادية، يشير البعض إلى أن فتح الأسواق أمام المنتجات المحلية قد يزيد من استنزاف العملة الصعبة، ويعطل بناء الاقتصاد المحلي على المدى البعيد.

وبالرغم من هذه التحديات، تتوجه الأنظار إلى دور القوانين الاقتصادية في حل الأزمات التي يواجهها القطاع الصناعي، خاصة مع قلة الدعم المقدم للمصارف الصناعية.

ووفقاً لمصادر داخلية، يُستخدم الدعم المخصص للصناعيين في تمويل شراء السيارات للوزارات بدلاً من توجيهه نحو دعم المشاريع الصناعية.

وأفاد باحث اجتماعي قائلاً: “المشكلة ليست في نقص الدعم، بل في كيفية توجيه هذا الدعم. إذا تم استخدامه بطريقة أكثر فاعلية، يمكن أن نشهد تطوراً حقيقياً في القطاع الصناعي.”

وعلى الرغم من هذه التحديات الكبيرة، تشير التوقعات إلى أن العراق قد يكون في الطريق الصحيح نحو إصلاح قوانينه الاقتصادية. إذا ما تم تعديل الأنظمة القانونية بحيث تصبح أكثر مرونة وملائمة للمتغيرات العالمية.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • بشرى للعاملين بالقطاع الخاص والجهاز الإداري بالدولة| وخطوة جديدة لتحسين أوضاعهم الاقتصادية
  • الخدمات الإدارية والاجتماعية: رفع الحد الأدنى للأجور قرار إنساني لتوفير حياة كريمة
  • القطاع الخاص بين البيروقراطية والمنافسة الأجنبية.. نحو إصلاحات تجذب الاستثمارات
  • المشاط: إجراءات محفزة لمشاركة القطاع الخاص في قطاع الرعاية الصحية
  • وزير العمل: الرئيس السيسي يوجه بدراسة تطبيق حزم حماية اجتماعية جديدة
  • رانيا المشاط: 14 مليون عامل مستفيد من زيادة الأدنى للأجور بالقطاع الخاص
  • وزيرة التخطيط تكشف موعد تطبيق الحد الأدنى لأجور القطاع الخاص
  • مصر ترفع الحد الأدنى لأجور القطاع الخاص إلى 140 دولارا
  • رانيا المشاط: تعزيز الاستثمارات والصناعة لتحقيق التنمية المستدامة في مصر
  • وزير قطاع الأعمال: التعاون مع القطاع الخاص السبيل الأمثل لتحقيق التنمية المستدامة