سحر الاعتذار.. تعلم من حياة الأنبياء الاعتراف بالذنب
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
الاعتذار ليس مجرد كلمات تخرج من اللسان، بل هو فعل يعكس طهارة النفس ونضج القلب، إذ إنه ينبع من التواضع والإقرار بخطأ ارتكبته.
فحينما يعترف الإنسان بخطأه، يعكس بذلك شجاعة نادرة تعني القدرة على تحمل المسؤولية وتعديل المسار، وهو ما يجعل الاعتذار قيمة عظيمة في التعامل بين الأفراد.
الاعتذار في الإسلام:في الإسلام، يُعتبر الاعتذار جزءًا من الرحمة والتواضع، وهو فعل يتطلب الإيمان والتقوى.
لكن الاعتذار لا يقتصر فقط على البشر، بل يتجلى في حياة الأنبياء بشكل واضح. فقد تعلمنا من الأنبياء الذين قدّموا أعظم الأمثلة في التوبة والاعتراف بالذنب، كيف أن الاعتذار ليس من الضعف بل هو من قوة الشخصية.
مثال من حياة سيدنا موسى عليه السلام:سيدنا موسى عليه السلام هو أحد الأنبياء الذين قدموا نموذجًا رائعًا في الاعتراف بالخطأ والاعتذار. فقد ورد في القرآن الكريم أن موسى عليه السلام قتل أحد المصريين خطأً، وعندما اكتشف ذلك، شعر بالندم الشديد وقال لله: "رَبُّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا" [البقرة: 286]. في هذا السياق، نرى موسى عليه السلام يطلب من الله المغفرة على ذنب لم يكن يقصده، وكان ذلك اعترافًا صادقًا واعتذارًا لله.
وبالإضافة إلى ذلك، كان موسى عليه السلام في موقف آخر مع بني إسرائيل عندما عبدوا العجل، فغضب وتوعدهم. ولكنه بعد ذلك شعر بالندم، وأقبل على ربه يتوب ويطلب المغفرة. هذا الموقف يبرز كيف أن الأنبياء، حتى وهم في أعلى درجات الطهارة، يعترفون بأخطائهم ويسعون دائمًا للعودة إلى الله.
مثال من حياة سيدنا آدم عليه السلام:أما سيدنا آدم عليه السلام، فقد خالف أمر الله في الجنة عندما أكل من الشجرة المحرمة، فحدثت أول معصية في التاريخ. ومع ذلك، فور أن شعر بالندم على ما فعله، توجه إلى الله قائلاً: "رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ" [الأعراف: 23]. وهذا الموقف هو مثال آخر على اعتذار الأنبياء وإقرارهم بخطأهم، وهو دليل على أن الاعتذار لا يعني العجز بل هو دلالة على الوعي الروحي.
من الأمثلة الأخرى التي نستطيع أن نتعلم منها هي اعتذار سيدنا يونس عليه السلام، الذي ابتلعه الحوت بسبب تهوره في ترك قومه. في بطن الحوت، توجه يونس إلى الله قائلاً: "لَا إِلٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ" [الأنبياء: 87]. هذا الاعتذار كان اعترافًا قويًا بالخطأ وطلبًا للمغفرة.
دروس من حياة الأنبياء:ما يعنينا من هذه المواقف هو أن الاعتذار ليس عيبًا بل هو عمل شريف يدل على النضج والتواضع. الأنبياء الذين هم أفضل خلق الله لم يرفضوا الاعتذار أو التوبة حينما أخطأوا، بل قدموا لنا نموذجًا في كيفية العودة إلى الله والاعتراف بالذنب. كما أن اعتذارهم لم يكن فقط لله، بل أيضًا للناس عندما احتاج الأمر لذلك.
الاعتذار هو من أسمى صور التواضع، وهو عامل مهم لبناء علاقات صحية ومستدامة. فكلما اعتذرنا بصدق، كلما أقويّنا روابطنا مع الآخرين وزرعنا بذور المحبة والتفاهم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الاعتذار قول الله موسى عليه السلام تحمل المسؤولية سيدنا موسى الله سبحانه وتعالى موسى علیه السلام إلى الله من حیاة
إقرأ أيضاً:
دعاء لمن تعسر عليه الرزق .. احرص عليه يرزقك الله من حيث لا تحتسب
من نعم الله على عباده أنه جعل الدعاء وسيلة للتقرب إليه وطلب العون.
وقد ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ" [البقرة: 186].
من بين الأوقات التي يُستجاب فيها الدعاء هي ساعة الإجابة في الثلث الأخير من الليل، حيث ينزل الله سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا، فيقول: "من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له". كما ورد في الحديث الشريف.
وكذلك، في يوم الجمعة، يوجد وقت لا يُستجاب فيه دعاء مسلم يسأل الله، كما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "فِيهِ سَاعَةٌ لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ".
كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: "يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعةً، فيها ساعة لا يوجد مسلمٌ يسأل الله فيها شيئًا إلا أعطاه، فالتمِسوها آخرَ ساعة بعد العصر".
من الأدعية التي أوصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم للرزق، ما جاء في صحيح مسلم، حيث كان يدعو عند النوم قائلاً: "اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقضِ عنا الدين، وأغننا من الفقر".
وعن معاذ بن جبل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أَلَا أُعَلِّمُكَ دُعَاءً تَدْعُو بِهِ لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلٍ دَيْنًا لَأَدَّى اللَّهُ عَنْكَ؟ قُلْ يَا مُعَاذُ , اللَّهُمَّ مَالِكُ الْمُلْكِ، تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ، وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ، وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ، بِيَدِكَ الْخَيْرِ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ".
أما عن حديث أبي سعيد الخدري، فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي أمامة، الذي كان يعاني من الهموم والديون: "قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحَزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال".
أما عن سعة الرزق، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه مع أبي موسى: "اللهم أصلح لي ديني، ووسع لي في ذاتي، وبارك لي في رزقي".
ومن الأدعية الأخرى التي وردت في هذا الشأن: "اللهم إني أسالك علمًا نافعًا، ورزقًا طيبًا، وعملًا متقبلًا".