حديث قدسي عظيم لكل مبتلى ومكروب
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
في لحظات الشدة والمحنة، عندما تتراكم الهموم وتتعاظم الأزمات، يشعر الإنسان بالعجز والضيق، ويحتاج إلى كلمة تبث في قلبه الطمأنينة وتعيد له الأمل.
في هذه اللحظات، يذكرنا الحديث القدسي العظيم الذي قاله الله سبحانه وتعالى لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم:
«يا عبادي، إنما هي أعمالكم، أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه.
هذا الحديث القدسي يحمل في طياته وعدًا عظيمًا من الله عز وجل، وهو يعكس حقيقة عميقة في معاملة الله لعباده، وهي أنه لا يأتي شيء في حياة الإنسان إلا وهو بتقدير منه سبحانه، وإن كان في ذلك ابتلاء أو مكروه.
يطمئن الحديث القدسي القلوب المكروبة ويذكرها بأن كل ما يصيب الإنسان من خير أو شر هو تقدير إلهي لحكمة لا يعلمها إلا الله. إذا كان في البلاء أو المحنة ما يجعل القلب يذرف الدموع، فإن هناك دائمًا أملًا في رحمة الله وعنايته.
الدروس المستفادة من الحديث القدسي:1. الأمل في رحمته: البلاء لا يستمر طويلًا، وكل محنة يتبعها فرج. ففي كل لحظة قلق أو توتر، هناك وعد من الله تعالى بالفرج. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن مع العسر يسرا»، وهذه بشرى لكل من يواجه صعوبة أو يعاني من أزمات.
2. التوبة والمراجعة: عندما يشعر المؤمن بمحنة أو ابتلاء، فإن الحديث القدسي يعلمه أن يبحث في نفسه، ويحسن من أعماله. فكل ما يصيبه هو نتيجة أعماله، وإن كانت تتضمن اختبارًا إلهيًا له ليرتقي إلى درجات أعلى.
3. الثقة بالله: الحديث يعزز من ثقته بالله ويعلمه أن ما أصابه لم يكن عبثًا. بل كان اختبارًا إلهيًا لحكمة بالغة، قد تكون تربية له، أو تكفيرًا لذنوبه، أو تمحيصًا لنيته.
4. الاستمرار في الدعاء: الدعاء هو المفتاح، إذ يقول الله في حديث آخر: «ادعوني أستجب لكم»، فيكون في الدعاء راحةً وسكينة، وقوة ترفع عن المؤمن أثقال الدنيا.
للذين يبتلون ويروّعهم الحزن: يجب أن يتذكروا دائمًا أن الله قريب، يسمع الدعاء، ويعلم ما في القلب من هموم. وعليه فإن عليهم أن يكونوا صابرين، وأن يتوكلوا على الله، واثقين أن الله لن يتركهم.
في النهاية، يمكننا أن نتوجه إلى الله بدعاء خالص، نستشعر فيه قربه ورحمته، فكل مكروب ومبتلى يجد في رحمته سبحانه راحةً وطمأنينة، وكل من يعاني يجد في توجيه قلبه إلى الله خلاصًا ونجاة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حديث النبى صلى الله قول الله رواه مسلم قول النبي صلى الله عليه وسلم يصيب الانسان النبي صلى الله عليه وسلم
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: من صفات الدعاء المستجاب الإلحاح
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن كثيرٌ منا قد نسي الدعاء، والدعاء يقول فيه سيدنا رسول الله ﷺ: «الدعاء مخ العبادة» ومخ الشيء أعلاه، ومنتهاه، وإذا توقف المخ عن العمل فارق الإنسان الحياة ؛ فعبادةٌ بلا دعاء هي عبادةٌ مسلوبةٌ من الروح، ومن أعلى شيءٍ فيها من رأسها وهو الدعاء.
واستشهد جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، بحديث أخر يقول سيدنا ﷺ : «الدعاء هو العبادة» -فيتقدم بنا خطوة أخرى أن الدعاء هو نفس العبادة وكل العبادة، هو رأسها وجسدها، هو بدايتها ونهايتها، هو ذاتها- ، ثم قرأ : {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} فسوّى بين الدعاء وبين العبادة.
لكن رأينا كثيرًا من الناس كأنه لم يعلم أن الدعاء هو العبادة أو مخ العبادة؛ فترك الكثير الدعاء ؛ والدعاء في ذاته عبادة استجاب الله أو لم يستجب، فادع ربك، ولا تتعجل يقول رسول الله ﷺ : «إن الله يستجيب للعبد ما لم يتعجل» فقالوا: وما عجلته يا رسول الله؟ قال: «يقول: دعوت الله فلم يستجب لي» فيدع الدعاء، وكأن هذا أمرٌ قد سرى فينا فتركنا الدعاء، وكأننا نُلزم الله بالإجابة، فتحول الدعاء منا إلى طلب، بل إلى فرض رأي، والله سبحانه وتعالى لا يفرض أحدٌ عليه رأيا، وإذا كان الرأي نتداوله فيما بيننا، ونناقشه بنقص بشريتنا؛ فإن الدعاء فيه التجاءٌ، وفيه خضوع، وفيه عبادة، وفيه توسل، وفيه رجاء، وفيه تضرع، حتى يكون عبادةً خالصة؛ فإذا استجاب الله فبمنّه وفضله علينا، وإذا أخّر الاستجابة فبعلمه، وحكمه فينا، وحكمته، وإذا ادخرها لنا يوم القيامة فنعم المُدَّخَر، ونعم المُدَّخِر، ستخسر كثيرًا إذا تركت الدعاء، وفي المقابل فإنك ستكسب كثيرًا إذا ما دعوت ربك، وتضرعت إليه.
ومن صفات الدعاء المستجاب الإلحاح ؛ لح على ربك ، ابك بين يديه، اغسل نفسك من ذنوبك، وقصورك، وتقصيرك، تواضع لربك، حتى يرفع من شأنك.
يروى عن الحجاج بن يوسفٍ الثقفي وكان جبارًا في الأرض سفاكًا للدماء ؛ والله لا يحب سفك الدماء، ولا يحب التجبّر في الأرض، لكن هذا الرجل وفّقه الله من ناحيةٍ أخرى أن يُتم القرآن كل أسبوع فسبّع القرآن، فكان يقرأ القرآن مرة كل أسبوع، أربع مرات في الشهر، وفّقه الله في هذا، لكنه جبّار سفّاك للدماء، حتى تحدّث الناس أن الله لا يغفر للحجاج؛ فسمع بهذا فناجى ربه، وكأنه يعرف كيف يكلم ربه فقال عند موته : " اللهم اغفر لي فإن الناس يقولون : إنك لا تغفر لي" إنه لا ييأس من رحمة الله، ولا يستعظم ذنبًا في قِبالة غفران الله، ويطلب من الله سبحانه وتعالى بعد ما فعل في المسلمين أن يغفر له، والله كريم، " اللهم اغفر لي فإن الناس يقولون : إنك لا تغفر لي" كأنه يتوسل إلى ربه ضد الناس، والله غفورٌ رحيم. فإذا كان هذا شأن الحجاج؛ فما بالك وأنت لم تسفك دمًا، فهيا بنا نعود إلى الدعاء.