سلطنة عُمان وأمريكا تؤكدان على تعزيز العلاقات الاقتصادية
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
احتفلت سلطنة عُمان والولايات المتحدة الأمريكية بمناسبة مرور 15 عامًا على توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، وتأتي الاحتفالية بتنظيم وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار بالتعاون مع السفارة الأمريكية في سلطنة عُمان، ووزارة الخارجية الأمريكية، وغرفة تجارة وصناعة عُمان، ومركز الأعمال الأمريكي العُماني، وتُترجم الاتفاقية خلال السنوات الماضية النجاحات المحققة في تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، كما تسلط الضوء على الفرص الواعدة في القطاعات الاقتصادية الحيوية لتعظيم الاستفادة منها، ورفع مستوى الوعي لدى مجتمع الأعمال والجهات الحكومية بأهميتها.
حضر الحفل قيس بن محمد اليوسف، وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، وخوسيه دبليو فرنانديز، وكيل وزارة الاقتصاد الأمريكية للنمو والطاقة والبيئة، بحضور عدد من المسؤولين الحكوميين والدبلوماسيين ورجال الأعمال من الجانبين.
وأشار بانكاج جيمجي، مستشار التجارة الخارجية والتعاون الدولي بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، في كلمة الوزارة إلى أن الاتفاقية أسهمت في تعزيز الروابط الاقتصادية والثقافية والسياسية، وفتحت آفاقًا جديدة للتعاون المتبادل في مختلف المجالات، مضيفًا سعادته إن سلطنة عُمان تُعد نموذجًا للاعتدال والتوازن في العلاقات، مما يجعلها شريكًا موثوقًا للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، كما أشار إلى أن الاتفاقية وفّرت بيئة مواتية للمستثمرين الأمريكيين في سلطنة عُمان، خصوصًا في قطاعات الطاقة والخدمات اللوجستية والبنية الأساسية، مما عزز الاستثمار الأجنبي المباشر.
ارتفاع الاستثمار الأجنبيوأوضحت آنا إسكروهيما، سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية المعتمدة لدى سلطنة عُمان، أن الذكرى الخامسة عشرة لاتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة وسلطنة عُمان، التي تعهدت فيها الدولتان بتعزيز أولويات العلاقات التجارية بينهما، قد عمّقت العلاقات التجارية عامًا بعد عام، حيث ارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر للولايات المتحدة في سلطنة عُمان في نهاية العام 2023 بنسبة 36.3%، مما يعزز مكانتها كثاني أكبر مستثمر أجنبي في سلطنة عُمان، ويصنع فرصًا للأمريكيين والعُمانيين على حد سواء.
وأضافت السفيرة: إن هناك اهتمامًا كبيرًا من الشركات الأمريكية ببيئة الاستثمار في سلطنة عُمان خلال الآونة الأخيرة، حيث تم استضافة وفد من شركات الفضاء، برفقة ممثلين من وكالة ناسا وبنك التصدير والاستيراد الأمريكي، الذين اجتمعوا مع القطاعين الحكومي والخاص في سلطنة عُمان لاستكشاف الشراكات وزيادة التعاون، وأكّدت أن الحفل يُعد خطوة أخرى نحو تعزيز العلاقات الثنائية بما يخدم مصلحة البلدين، وهناك فرص كبيرة وإمكانات مستمرة في سلطنة عُمان.
وقال خوسيه دبليو فرنانديز، وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للنمو الاقتصادي والطاقة والبيئة: إن الاحتفال بالذكرى الخامسة عشرة لاتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة وسلطنة عُمان هو دليل على الشراكة المستمرة والقيم المشتركة بين بلدينا.
وأضاف: "قبل خمسة عشر عامًا، وقعنا هذه الاتفاقية من أجل تعزيز النمو الاقتصادي، وتعميق العلاقات التجارية، وتحقيق الازدهار المشترك، وعملت الاتفاقية على تقوية روابطنا الاقتصادية وشراكتنا الاستراتيجية، وهي تمثل التزامنا بالأسواق المفتوحة، والتجارة العادلة، وسيادة القانون".
وأوضح خوسيه فرنانديز أنه منذ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، شهدنا نموًا ملحوظًا في التجارة الثنائية، حيث تجاوزت 3 مليارات دولار سنويًا منذ عام 2021، وأسهمت في توفير فرص عمل في البلدين، وأشار إلى أن من أبرز الشركات الأمريكية التي تعمل في سلطنة عُمان شركات بيكر هيوز، وهاليبرتون، وويذرفورد، وشلمبرجير، وبلغت استثمارات الولايات المتحدة في سلطنة عُمان 13 مليار دولار في الربع الثاني من عام 2024، مع التركيز على البنية الأساسية والطاقة والتكنولوجيا.
من جانبه، قال الشيخ فيصل بن عبدالله الرواس، رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان: إن اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية فتحت آفاقًا من التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين الصديقين وعززت الشراكات التجارية، مما انعكس إيجابًا على بيئة الإنتاج والاستثمار في سلطنة عُمان، مؤكدًا أن الاتفاقية تعد من الاتفاقيات المتفردة التي جاءت انطلاقًا من الأواصر المتينة للصداقة العُمانية الأمريكية، حيث يدرك البلدان أن الأسواق المفتوحة والتنافسية تُعد محركًا أساسيًا للكفاءة الاقتصادية والإبداع والابتكار.
وأوضح أن الولايات المتحدة الأمريكية وسلطنة عُمان تسعيان من خلال الحوار الاستراتيجي المشترك إلى تعزيز التعاون التجاري والاستثماري، مما يسهم في تسهيل وحل التحديات التي تواجه القطاع الخاص، ويعزز النمو المستدام ويعمّق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين الصديقين.
استعراض أبرز الإنجازاتوجرى خلال الحفل استعراض أبرز الإنجازات التي حققتها الاتفاقية منذ دخولها حيز التنفيذ في عام 2009، كما شمل عروضًا مرئية سلطت الضوء على التطور الذي شهدته العلاقات التجارية بين سلطنة عُمان والولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى ذلك، تم تنظيم حلقات نقاشية تناولت الفرص المستقبلية لتعزيز التعاون بين البلدين، وأيضًا استعراض قصص نجاح بعض الشركات في الاستفادة من هذه الاتفاقية من الجانبين.
يُشار إلى أن الاتفاقية وُقِّعت بين سلطنة عُمان والولايات المتحدة الأمريكية في عام 2006، ودخلت حيز التنفيذ في عام 2009، وهدفت إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين من خلال تسهيل التجارة وإزالة الحواجز الجمركية وغير الجمركية، وتم بموجب الاتفاقية إلغاء الرسوم الجمركية على معظم السلع الصناعية والزراعية، مما سهَّل حركة السلع بين البلدين، كما تضمنت الاتفاقية بنودًا لحماية الاستثمارات الثنائية وضمان بيئة استثمارية شفافة ومستقرة، بالإضافة إلى وضع معايير لحماية حقوق الملكية الفكرية، بما يشمل العلامات التجارية وحقوق النشر وبراءات الاختراع.
وقد فتحت الاتفاقية أسواق الولايات المتحدة أمام الشركات العُمانية، وأسهمت في زيادة صادرات سلطنة عُمان إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وتُعد الولايات المتحدة الأمريكية ثاني أكبر دولة من حيث تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر إلى سلطنة عُمان بعد المملكة المتحدة حتى نهاية الربع الثاني من عام 2024، وقد وقّعت الولايات المتحدة الأمريكية اتفاقيات تجارة حرة مع أربع دول عربية ودولتين خليجيتين، بما في ذلك سلطنة عُمان.
وتأتي الولايات المتحدة الأمريكية في المرتبة الخامسة في الصادرات العُمانية غير النفطية حتى مايو 2024، وفي المرتبة التاسعة في الواردات إلى سلطنة عُمان حتى سبتمبر من العام 2024، وبلغ حجم التبادل التجاري بين سلطنة عُمان والولايات المتحدة الأمريكية حتى مايو من العام الجاري 412.5 مليون ريال عُماني، وبلغت قيمة الصادرات العُمانية إلى الولايات المتحدة الأمريكية 197.6 مليون ريال عُماني، بزيادة قدرها 14.6% عن العام 2023، كما بلغ إجمالي واردات سلطنة عُمان من الولايات المتحدة الأمريكية حتى مايو من العام 2024 نحو 197.4 مليون ريال عُماني.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ع مان الولايات المتحدة الأمريكية اتفاقية التجارة الحرة سلطنة ع مان وزارة التجارة والصناعة السفارة الأمريكية الولایات المتحدة الأمریکیة العلاقات التجاریة تعزیز العلاقات التجارة الحرة الأمریکیة فی أن الاتفاقیة التجاریة بین بین البلدین الع مانیة الع مانی ع مانی عام 2024 إلى أن
إقرأ أيضاً:
الشراكات الاقتصادية والإنجاز الدبلوماسي
شهدت بلادنا سلطنة عمان أحداثا وطنية مهمة خلال هذا الأسبوع على الصعيد الدبلوماسي والشراكات الاقتصادية حيث كان الحدث الأول هو زيارة (دولة) التي قام بها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ إلى مملكة هولندا الصديقة والتي تنتهي اليوم، والحدث الآخر هو نجاح الدبلوماسية العمانية في تحقيق اختراق سياسي مهم من خلال عقد الجولة الأولى من المفاوضات التاريخية بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأمريكية وسط ترحيب إقليمي ودولي كبير، وأيضا من خلال أصداء إعلامية وصحفية عالمية حيث تصدرت من خلالها تلك المفاوضات في عاصمة الوطن مسقط المشهد الإعلامي، وكانت الخبر الأبرز في الشبكات الإخبارية ووكالات الأنباء والصحف عالميا، حيث يعد ذلك مكسبًا كبيرًا للقوة الناعمة العمانية.
فيما يخص الحدث الأول فقد جاءت الزيارة السلطانية انطلاقا من الجهود المتواصلة لجلالة السلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه ـ في تنويع الشراكات الاقتصادية، وفي مجال الطاقة المتجددة والأمن الغذائي والتجارة مع دول العالم في الشرق والغرب، حيث قام جلالته منذ تسلّمه مقاليد الحكم في الحادي عشر من يناير ٢٠٢٠ بعدد من الزيارات الرسمية للدول العربية الشقيقة وأيضا عدد من الدول في آسيا وأوروبا بهدف تعزيز مجالات التعاون بين سلطنة عمان ودول العالم المختلفة خاصة على الصعيد الاقتصادي والاستثماري بهدف إيجاد شراكات حقيقية تجعل الاقتصاد الوطني متنوعا ويتمتع بالاستدامة المالية والخروج من الاعتماد على مصدر وحيد كالنفط علي سبيل المثال.
وخلال السنوات الخمس من حكم جلالته تعززت المؤشرات الاقتصادية والتصنيف الدولي وانخفاض ملحوظ للدين الخارجي وارتفعت مساهمة عدد من القطاعات غير النفطية وتصاعد الناتج المحلي الإجمالي.
كما أن الزيارة السلطانية لمملكة هولندا تعزز من تلك الشراكات خاصة في مجال الطاقة المتجددة وتنشيط الجوانب الاستثمارية والتجارية وقضايا التعليم والتقنية والأمن الغذائي خاصة مع توقيع عدد من البرامج التنفيذية ومذكرات التفاهم بين مسؤولي البلدين الصديقين، خاصة وأن زيارة الدولة تأتي وسط اهتمام إعلامي هولندي وعماني حيث العلاقات التاريخية بين سلطنة عمان ومملكة هولندا والتي تعود إلى ٤٠٠ عام تقريبا حيث التواصل البحري والتجاري. وعلى ضوء ذلك تتواصل الزيارات السلطانية والتي تهدف إلى تحقيق الأهداف الوطنية وتنوع الشراكات الاقتصادية، خاصة وأن بلادنا سلطنة عمان تتميز بموقع فريد على البحار المفتوحة وتتميز بالمصداقية ولغة الحوار في علاقاتها الإقليمية والدولية. كما أن جملة من التشريعات والقوانين التي صدرت مؤخرا بمراسيم سلطانية سوف تعزز مناخ جذب الاستثمارات الخارجية، خاصة على صعيد المناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة وهو أمر حيوي لخلق المزيد من فرص العمل للشباب العماني. كما أن جودة التعليم تعد على جانب كبير من الأهمية في تعزيز القدرة التنافسية علاوة على توطين التقنية الصناعية والاقتصاد الرقمي، كما أن القطاع السياحي يعد من القطاعات الحيوية في مجال التنويع الاقتصادي وجذب المزيد من السياح من أوروبا مثل مملكة هولندا وغيرها من الدول الغربية.
الحدث الآخر الذي شهدته الساحة الوطنية هو عقد الجولة الأولى من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية وسط تفاؤل عالمي وتقدير كبير لجهود سلطنة عمان المخلصة في ضرورة إيجاد حل سياسي بين واشنطن وطهران حول جملة من القضايا المعقدة والتي من أهمها البرنامج النووي الإيراني ورفع العقوبات الاقتصادية عن إيران. وقد شهد العالم لحظة فارقة خفضت من لغة التصعيد والتوتر وعدم الاستقرار التي سادت الساحة الدولية خاصة التصريحات التي صدرت من واشنطن، ومن هنا تنفس العالم الصعداء من خلال تلك الفرصة التي كان للدبلوماسية العمانية دور كبير في إيجاد مقاربة سياسية واقعية وعادلة من خلال اتفاق موضوعي يجنّب المنطقة والعالم المزيد من التوتر والذي قد يقود إلى صراع كارثي سوف تكون منطقة الخليج العربي ومقدراتها أكبر المتضررين.
ومن هنا جاءت ردود الفعل التي رحبت بالجهد الدبلوماسي العماني المقدر من خلال صدور بيانات الإشادة والترحيب والتفاؤل من عواصم صنع القرار في العالم ومن أهمها بيان البيت الأبيض وعدد من الدول الغربية والعربية ومن المجتمع الدولي، كما تصدرت سلطنة عمان المشهد السياسي والإعلامي من خلال الأخبار والتحليلات السياسية حول جولة المفاوضات الأولى بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية في مسقط خاصة وأنها جولة انتهت بشكل إيجابي وهناك الجولة الثانية المقرر لها السبت القادم وسوف تحدد إطار التوافق حول البرنامج النووي الإيراني وجملة من القضايا ذات العلاقة والتي من شأنها التوصل إلى مقاربة موضوعية وتوافق سياسي كما حدث عام ٢٠١٥ عندما تم التوقيع على الاتفاق النووي الإيراني في فيينا بعد جهود دبلوماسية عمانية ومفاوضات سرية وعلنية تواصلت على مدى سنوات وكانت الجولة قبل الأخيرة قد عقدت في مسقط.
وما أشبه الليلة بالبارحة! كما يقال وها هي الدبلوماسية العمانية تظهر من جديد في وقت حاسم ودقيق، خاصة وأن المنطقة تشهد صراعات وحروبًا حيث تواصل العدوان الإسرائيلي الغاشم على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وعموم فلسطين وهناك الأوضاع في اليمن والسودان وسوريا، وعلى ضوء ذلك فإن التوصل إلى اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني قد يقود إلى حزمة من الحلول السياسية تؤدي إلى السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.
إن الدبلوماسية العمانية تسجل إنجازًا كبيرًا في سلسلة إنجازات سلطنة عمان الخارجية منذ أكثر من نصف قرن حيث المصداقية وسياسة الحوار التي تؤدي إلى نبذ الحروب والصراعات التي أضرت بمقدرات الشعوب على مدى عقود، كما أن اختيار مسقط لعودة المفاوضات الإيرانية الأمريكية استند إلى تراكم الخبرة الدبلوماسية العمانية وأيضا صدق نواياها والحياد الإيجابي الذي يميزها عند وجودها كطرف يساعد الفرقاء للوصول إلى حلول واقعية بهدف خفض التصعيد والتوتر وإيجاد الحلول ونسج أواصر التعاون بين الدول والشعوب، وهذه فلسفة سلطنة عمان في الممارسة الفعلية حول العلاقات الدولية وتبادل المصالح والمنافع وإقرار السلام الشامل والعادل لكل القضايا الإقليمية والدولية.