ميديا بارت: مفاهيم علم النفس لا يمكنها تفسير معاناة سكان غزة
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
يقول إيمانويل كوسادينوس، عضو الشبكة الناطقة بالفرنسية للصحة النفسية في فلسطين إن تجربة الصدمة التي يعيشها الفلسطينيون تتشكل من خلال العنف المستمر الذي يتعرضون له، ويرى أن مفاهيم مثل اضطراب ما بعد الصدمة لا تستطيع تفسير هذا الواقع، لأنه لا يوجد "ما بعد الصدمة" حيث لا توجد لحظة راحة أو عودة إلى البيئة، بل هي صدمة متواصلة.
ويوضح الكاتب -في مدونته على موقع ميديا بارت- أن الإذلال المستمر يكمن في قلب هذه التجربة، وهو شكل من أشكال الصدمة نادرا ما يتم التعرف عليه في الخطاب السريري السائد لأن هذا الإذلال إلى جانب أعمال العنف الأخرى، يضرب الهوية الجماعية للفلسطينيين، ولا يؤثر بشكل عميق على الأفراد فحسب، بل أيضا على نسيج مجتمعهم ذاته.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نيويورك تايمز: هؤلاء هم الرابحون والخاسرون من سقوط الأسدlist 2 of 2نهاية الحقارة.. صحف فرنسية: مستقبل سوريا حلم جميل لكنه محفوف بالمخاطرend of listويشير الكاتب، انطلاقا من مداخلة الطبيبة النفسية الفلسطينية سماح جبر في مؤتمر عقد في إسطنبول، إلى أن الطب النفسي المهيمن غالبا ما يكون متواطئا في التجريد من الإنسانية، مؤكدا أن الطب النفسي الاستعماري تاريخيا، كان بمثابة أداة للسيطرة كما هو الحال في الجزائر، حيث تم استخدام نظريات علمية زائفة لتجريد السكان الأصليين من إنسانيتهم.
يجب رفضها
واليوم يتم استخدام تكتيكات مماثلة في فلسطين، حيث يُوصف المقاومون في كثير من الأحيان بأنهم غير مستقرين عقليا، وبالتالي يجب على العاملين في مجال الصحة العقلية رفض هذه الممارسات والتركيز على الاعتراف والتمكين، والامتناع عن تحويل الصدمة إلى مرض أو فرض السيطرة على الضحايا.
إعلانونبه الكاتب إلى أن القدرة على الصمود في السياق الفلسطيني تتجاوز مجرد البقاء، إذ يجسد مفهوم الصمود الاستجابة النشطة والمتطلعة للمستقبل، ويتضمن ذلك أعمالا فردية وجماعية متنوعة، بدءا من المبادرات الإبداعية وحتى تنظيم المجتمع، علما أن توثيق قصص المعاناة والمقاومة له دور حاسم في مكافحة السرديات السائدة، وبالتالي يجب على الفلسطينيين "الكشف" عن حقائقهم المخفية وتضخيمها لتحدي اللامبالاة والإنكار العالمي.
ولهذا الصراع آثار أوسع -حسب الكاتب- وتطبيع العنف ضد الشعب الفلسطيني وتآكل القانون الدولي يعكسان انحدارا أخلاقيا عالميا، ولذلك يتردد صدى هذه المظالم خارج غزة، مما يسلط الضوء على أوجه التشابه مع سياقات استعمارية أخرى تم فيها الحرمان من الإنسانية وإضفاء الطابع المرضي على المقاومة.
محو التاريخ والهوية
وأشار الكاتب إلى أن أعمال الإبادة الجماعية غالبا ما يسبقها خطاب مثل كون المرأة الفلسطينية "تهديد ديمغرافي"، وأفعال مثل بناء مواقف السيارات على المقابر الجماعية، تكشف عن جهد مستمر لمحو التاريخ والهوية الفلسطينية.
وفي هذا السياق، تصبح الصحة النفسية مجالا للنضال وشكلا من أشكال المقاومة، ومع انهيار نظام الصحة النفسية في الأسبوعين الأولين من تصاعد العنف، وترك عشرات الآلاف من الأشخاص في طابور المرضى دون رعاية في غزة، يواصل الفلسطينيون الاعتماد على الممارسات ذات الجذور الثقافية، مثل تلاوة الآيات القرآنية لتعزيز مثابرتهم، وعلى المبادرات الجماعية التي تعطي الأولوية للشفاء اعتمادا على الموارد المتاحة في المجتمع.
ويعاني الفلسطينيون الذين يعيشون في الخارج أيضا من الصدمة -حسب الكاتب- ويتعرضون للشعور بذنب النجاة والعجز والانفصال عن وطنهم، ويتطلب دعم هؤلاء الأفراد الاعتراف بنضالاتهم ومساعدتهم على تحويل غضبهم ويأسهم إلى عمل ذي معنى.
إعلانويختم الكاتب بأن مداخلة سماح جبر تقدم تحليلا عميقا لصدمة الشعب الفلسطيني وصموده ومقاومته، ويدعو إلى رفض الروايات اللاإنسانية واعتماد أساليب جماعية تراعي الثقافة للشفاء، مشيرا إلى أن هذه ليست ضرورة أخلاقية فحسب، بل هي ضرورة عالمية، لأن تآكل الإنسانية في فلسطين يتردد صداه خارج حدودها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات إلى أن
إقرأ أيضاً:
الحرب النفسية وتداعياتها
ضمن سلسلة الحروب التي تناولناها في كتاباتنا؛ نتطرق هذه المرة لحرب جداً مهمة ومدمرة إن لم يتم التترس لها بما يحجمها ويدحرها،
إنها الحرب النفسية، الحرب النفسية مصطلح «يشير إلى أي فعل يمارَس وفق أساليب نفسية لاستثارة رد فعل نفسي مخطَّط في الآخرين، تُستعمَل فيها أساليب عديدة، وتَستهدف التأثير في نفسية الهدف الموجهة إليه ويستخدم فيها عدة طرق.
تعد الحرب النفسية من أخطر أنواع الحروب التي تواجه الثورات والحركات الإصلاحية في كل زمان ومكان؛ إذ تحاول أن تصيب الأفكار والتعاليم والمبادئ الناهضة، وتزعزع الثقة أنه لا يمكن لهذه الثورة أن تنجح أو لهذه الحرب أن تنتهي بالانتصار، خصوصا إذا كان هناك فارق كبير في القوة والاستعدادات الحربية بين المتحاربين وهو ما يستخدمه الآن العدو الأمريكي في محاولة إظهار هيلمان كاذب لم يجن فيه سوى قتل الأبرياء من المدنيين في محاولة منه لتحقيق هزيمة نفسية تلحق بالمجتمع وأنه لاطاقة لأحد بمواجهته وأن يده ستطال كل شيء وأي شيء، وقد تنطلي مثل هذه الأساليب على البعض ممن يرهف سمعه للمرجفين المثبطين للهمم.
أما من هم على ثقة أن النصر من عند الله وأنه كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ومنهم على بينة من تاريخ أمريكا الحافل بالهزائم بكل بلد دخلته ومن هو على معرفة بتارخ اليمن التليد والذي ليس فيه صفحة واحدة، خرج منها اليمن منهزما بل على العكس اليمن يعتبر البلد الوحيد الذي أجمع العالم كله على أنه مقبرة الغزاة على مر التاريخ.
نقول من كان لديهم مثل هذه الخلفية الإيمانية والتاريخية هم يعلمون أن الأمريكي يلوذ بالحرب النفسية ليخفي أنه في حالة فشل عسكري كبير وأنه في عدوانه على اليمن لم يحقق حتى واحد بالمئة من أي انتصار عسكري.
ولكن ورغم هزيمته العسكرية فإن علينا الحذر كل الحذر والتصدي بوعي ضد الحرب النفسية التي يسعى العدو جاهداً لتوسِتعها حتى تتخلخل الجبهة الداخلية ويساعدهم على هذا مع الأسف من باعوا أنفسهم وإيمانهم بالدولار والريال والدرهم وهم أشد خطراً من الصواريخ وحاملات الطائرات والقنابل والقوة الكهورمغناطيسية وكل ما حشدته أمريكا لتضرب به اليمن، لايعد بخطورة ولا بقوة الحرب النفسية التي يسعي فيها السعي الحثيث.
وهنا نورد بعضاً مما أورده
الدكتور« سمير محمود » القيادي في حركة فتح والخبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية،/4 مايو 2015م إن الحرب النفسية هي أكثر خطورة من الحرب العسكرية لأنها تستخدم وسائل متعددة ، إذ توجه تأثيرها على أعصاب الناس ومعنوياتهم ووجدانهم ، وفوق ذلك كله فإنها تكون في الغالب مقنعة بحيث لا ينتبه الناس إلى أهدافها ، ومن ثم لا يحتاطون لها، فأنت تدرك خطر القنابل والمدافع وتحمي نفسك منها ، ولكن الحرب النفسية تتسلل إلى نفسك دون أن تدري، وكذلك فإن جبهتها أكثر شمولا واتساعا من الحرب العسكرية لأنها تهاجم المدنيين والعسكريين على حد سواء .
ومن هذا المنطلق يمكن القول أن الحرب النفسية، وكما يراها خبراء علم النفس العسكري، هي استخدام مخطط من جانب دولة أو مجموعة من الدول للدعاية وغيرها من الإجراءات الإعلامية الموجهة إلى جماعات عدائية أو محايدة أو صديقة للتأثير على آرائها وعواطفها ومواقفها وسلوكها بطريقة تعين على تحقيق سياسة وأهداف الدولة أو الدول المستخدمة، انتهى كلام الدكتور قديح.
مما مر نفهم أن أهم وسيلة للتصدي لهذه الحرب اللعينة هي الوعي والمعرفة المتصلة بالله سبحانه وتعالى وبكتابه العزيز الذي أرشدنا بطريقة لا تدع للعدو مجالاً أن يتسلل إلى نفسياتنا والآيات في كتاب الله كثيرة وكلها تبعث على الأمان والطمأنينة.
ولعدم الإطالة سوف نورد آية عظيمة من فهمها حق الفهم فقد فهم المغزى ومن لم يفهمها فلا جدوى من الإطالة يقول تعالى:
« الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)
فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَـمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)
إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)»
وليس لنا بعد كلام الله من كلام.