الردع الهش والمخاطر المحتملة لوقف النار بين لبنان وإسرائيل
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
يجسّد اتفاق وقف إطلاق النار الأخير بين إسرائيل وحزب الله مشهدا معقدا من التوازن غير المستقر، حيث لم تتمكن المواجهة العسكرية بين الطرفين من تحقيق الأهداف الإستراتيجية المعلنة لأي منهما.
ويشير تقدير موقف بعنوان "وقف النار في لبنان: الردع الهش والمخاطر المحتملة"، نشره مركز الجزيرة للدراسات، إلى أن إسرائيل شرعت في عملياتها الحربية بضربات نوعية استهدفت قيادات حزب الله وبنيته التحتية، من خلال سلسلة اغتيالات وهجمات واسعة النطاق بهدف تقويض قدراته وتهميش نفوذه الإقليمي والمحلي.
وأكد التقدير أن حزب الله، رغم خسائره البشرية التي قُدرت بالآلاف، إضافة إلى الدمار الواسع الذي طال مناطقه الحاضنة، أدرك أن استمرار الحرب لن يغيّر ميزان القوة أو يتيح له تحقيق مكاسب إستراتيجية حاسمة. وأضاف أن إيران لعبت دورا جوهريا في الضغط على الحزب للقبول بالاتفاق، في ظل مخاوف طهران من أن يؤدي تصعيد الصراع إلى تهديد مصالحها الإقليمية، ولا سيما مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وتصاعد التهديدات الأميركية والإسرائيلية.
إعلانوأشار إلى أن الاتفاق تم التوصل إليه بوساطة أميركية في سياق معقد، واستطاع جزئيا تلبية تطلعات الطرفين. ولفت إلى أن الاتفاق اشتمل على خطوات لتنفيذ بنود القرار الأممي 1701، بما في ذلك انسحاب حزب الله من جنوب الليطاني وتعزيز دور القوات اللبنانية الرسمية تحت رقابة دولية. ومع ذلك، حذَّر التقدير من الغموض الذي يكتنف بعض البنود المتعلقة بدور الدولة اللبنانية في ضبط السلاح غير الرسمي وتفكيك المنشآت العسكرية غير الشرعية، ما قد يفتح الباب أمام صدامات مستقبلية محتملة.
إسرائيل سعت إلى استثمار الاتفاق سياسيا بالترويج لفكرة تقليص نفوذ الحزب (الأناضول)وشدّد على أن إسرائيل ترى في الاتفاق فرصة لإعادة صياغة التوازن الأمني في المنطقة، عبر فصل الجبهة اللبنانية عن غزة، مع الاحتفاظ بحقها في استهداف ما تصفه بمصادر التهديد من لبنان وسوريا. في المقابل، أشار التقدير إلى أن حزب الله يتعامل مع الاتفاق باعتباره خطوة تكتيكية مؤقتة، مؤكدا احتفاظه بمقدراته العسكرية واستعداده للتعامل مع أي تهديد مستقبلي.
وتطرق التقدير إلى الدور الإيراني في مسار الاتفاق، مشيرا إلى أن طهران عملت خلف الكواليس على احتواء الأزمة، في محاولة لتجنب تفاقمها إلى مواجهة إقليمية شاملة قد تهدد استقرارها ومصالحها. وأوضح التقدير أن الموقف السوري المتردد وضعف الدعم الذي قدمته دمشق للحزب، إلى جانب الانتقادات الداخلية الموجهة للنظام السوري، أظهرا محدودية قدرة إيران على الاعتماد على حلفائها الإقليميين خلال الأزمات الكبرى.
وخلص إلى أن وقف إطلاق النار لم ينهِ التوترات على الساحة اللبنانية، حيث تظل احتمالات التصعيد قائمة بسبب البنود المبهمة واختلاف المصالح بين الأطراف. وأكد أن حزب الله يرى في صموده العسكري عاملا رئيسيا في دفع إسرائيل للقبول بالاتفاق، لكنه يواجه تحديات كبيرة على صعيد إعادة بناء قاعدته الشعبية التي تضررت بفعل الحرب. أما إسرائيل، فقد سعت إلى استثمار الاتفاق سياسيا بالترويج لفكرة تقليص نفوذ الحزب، لكنها أخفقت في تحقيق هدفها الأساسي المتمثل في القضاء على تهديده بشكل نهائي.
إعلانواختتم التقدير بالإشارة إلى أن الحرب أبرزت محدودية مشروع "محور المقاومة"، حيث جاء الدعم الإقليمي لحزب الله أقل مما كان متوقعا في مواجهة واسعة بهذا الحجم. وفي الوقت نفسه، أكدت المقاومة الفلسطينية استقلالية قرارها، رغم الدعم الإيراني الذي ظل محدودا في تأثيره. كما أشار التقدير إلى أن القوة الإسرائيلية، رغم تحقيقها بعض الإنجازات الاستخباراتية والعسكرية في بداية الحرب، لم تتمكن من حسم المعركة عسكريا أو تحقيق أهدافها السياسية بعيدة المدى، وهذا أظهر حدود قدرتها على فرض نتائج حاسمة في صراع معقد كالصراع اللبناني.
وأكد أن الاتفاق يمثل هدنة مؤقتة أكثر من كونه تسوية دائمة، في ظل توازن الردع القلق الذي يترك الباب مفتوحا أمام احتمالات التصعيد. كما أوضح أن التطورات الإقليمية قد تؤدي إلى إعادة تشكيل معادلات القوة في المنطقة، وهذا يجعل الساحة اللبنانية عرضة لتحولات جديدة.
يمكنكم الاطلاع على النص الكامل لتقدير الموقف "وقف النار في لبنان: الردع الهش والمخاطر المحتملة" من خلال الرابط هنا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات حزب الله إلى أن
إقرأ أيضاً:
شيخ لبناني منتقدا الحكومة اللبنانية: ما المقابل والثمن لكي تسلموا نجل القرضاوي؟ (شاهد)
انتقد الشيخ اللبناني علي الحسين، إمام وخطيب مسجد السلام في منطقة الجية بمحافظة جبل لبنان، حكومة تصريف الأعمال في لبنان بسبب تسليمها نجل الشيخ العالم الكبير الراحل يوسف القرضاوي، إلى دولة الإمارات، ومن ثم إلى مصر. وقال: "ما أدراك ما مصر؟ يسجن أو يعتقل أو يعذب أو يُعدم على طريقة سجون العرب".
الشيخ علي الحسين يفضح حكومة #لبنان #الحرية_للشاعر_عبد_الرحمن_القرضاوي #عبدالرحمن_يوسف_القرضاوي #عبدالرحمن_القرضاوي pic.twitter.com/OlrPW1zdxT — MOHAMED????ABDELRAHMAN???? (@mohamed041979) January 11, 2025
وتوجه الحسين بسؤال إلى الحكومة: "بالله عليك، ما المقابل والثمن الذي قدم لكي لتسلم هذا الشاعر الأديب الذي دخل إلى البلد بشكل قانوني ولم يخطئ بحق السيادة أو الدولة؟ ما الذنب الذي ارتكبه حتى تقوموا بتسليمه بطريقة لا إنسانية ولا أخلاقية؟".
وأضاف: "لو كان مغنيًا، أو راقصة، أو تابعًا لحزب سياسي، أو تاجرًا، ما كنتم لتسلموه. بالأمس، أثناء الحرب والقصف والدمار، أمسكتم جاسوسًا يهوديًا في الضاحية، وهو خطر على أمننا وسيادتنا، وأفلتموه دون أن تؤذوه. وقبلها أطلقتم سراح أناس آذوا هذا البلد والشعب اللبناني، ومنهم من أدخل متفجرات يستحق أشد العقوبات، ومع ذلك تركتموه".
وتابع: "اليوم رغم كل المناشدات والاستصراخات والمطالبات الحقوقية، ضربتم بها عرض الحائط وسلمتم هذا المستجير. هذا ليس من نخوة ومروءة العرب، لكنكم لستم عربًا، ولا تعرفون النخوة ولا المروءة. يا عيب الشوم!".
وتابع الشيخ اللبناني: "نبرأ إلى الله من صنعكم المهين والمسيء، لأوامر الله وبلدنا لبنان وواجهتنا وسمعتنا وحقوق الإنسان، ولكل أعراف وعادات أشراف الأمة. لتسمع الأمة وليسمع أشرافها، إننا نبرأ إلى الله من صنعهم، وهؤلاء لا يمثلوننا. وكل ما يقع على هذا الشاعر عبدالرحمن إن شاء الله في أعناقهم، وإن شاء الله يشوفوا في أبنائهم قبل مماتهم".
واختتم قائلاً: "الشيخ يوسف القرضاوي من أعلام الأمة، صاحب علم ومواقف ومؤلفات، وله باع طويل في الدفاع عن حقوق ومقدسات الأمة. ليس الوفاء معه أن يعامل ابنه بهذه الطريقة. عذرًا يا شيخنا، لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو الفضل، ولا يعرف قدر الرشاد إلا الرجال، ولا يجل العظماء إلا العظماء. ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، إنك غفور رحيم".
وكانت الإمارات قد أكدت استلامها الشاعر المصري الذي يحمل الجنسية التركية عبد الرحمن القرضاوي من لبنان، حيث تتهمه بارتكاب أعمال من شأنها إثارة وتكدير الأمن العام، وفقًا لما أعلنته وكالة الأنباء الإماراتية وام.
وأشارت الوكالة إلى أن عملية التسليم جاءت بناءً على طلب تسليم قدمته السلطة المركزية في الإمارات، المتمثلة بوزارة العدل، إلى السلطة المركزية في لبنان.
وأثار ترحيل الشاعر والكاتب المصري عبد الرحمن القرضاوي، وتسليمه إلى الإمارات، غضبًا واسعًا بين النخب والكتاب والنشطاء العرب على منصات التواصل الاجتماعي.