باحث إسرائيلي: تحديات نفوذ إيران بعد سقوط الأسد
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
سلطت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية الضوء على مستقبل النفوذ الإيراني في المنطقة بعد سقوط نظام بشار الأسد على يد المعارضة السورية.
وقال راز تسيمت، الباحث والخبير الإسرائيلي في الشأن الإيراني بمعهد دراسات الأمن القومي "آي إن إس إس" (INSS) بجامعة تل أبيب في مقال له في الصحيفة، بعنوان "صعود الهلال الشيعي وسقوطه"، إن إيران تواجه الآن مخاطر جدية قد تهدد مشروعها الإقليمي، بسبب التحولات الكبيرة في الديناميكيات الإقليمية.
يبدأ الباحث مقاله بخلفية تاريخية، إذ يشير إلى أنه عندما اندلعت الأزمة في سوريا عام 2011، وضعت إيران دعم نظام بشار الأسد في مقدمة أولوياتها.
فقد كان الأسد بالنسبة لطهران أكثر من مجرد حليف، إذ كان يشكل حجر الزاوية في "محور المقاومة" الذي تقوده إيران ضد القوى الغربية وإسرائيل.
ويضيف تسيمت أن إيران استثمرت بشكل كبير في تعزيز وجودها العسكري والسياسي في الدول المحورية التي تقع ضمن ما وصفه بـ"الهلال الشيعي". وهو "تحالف يمتد من طهران مرورا بالعراق وسوريا وصولا إلى لبنان واليمن"، وأشار الكاتب إلى أن الحرس الثوري الإيراني كان من أبرز اللاعبين الرئيسيين في هذه السياسة، فقد ساعد في تدريب وتزويد "المليشيات الشيعية" بأسلحة متطورة، بالإضافة إلى التمويل والمساعدة العسكرية، بحسب الباحث الإسرائيلي.
إعلانويرى تسيمت أن "هذا النفوذ كان يُعتبر بمثابة الرد الإيراني على تهديدات أمنها القومي والمشاركة في منع أي تحركات مضادة من قبل القوى الغربية أو إسرائيل".
تحديات تواجه النفوذ الإيراني
وفي حديثه عن التحديات التي واجهها "المحور" الذي تقوده طهران، يشير الكاتب إلى أن احتجاجات جنوب العراق في عام 2018 عبّرت عن رفض التدخل الإيراني، حيث تعرضت القنصلية الإيرانية للحرق. وفي لبنان، شهد عام 2019 مظاهرات حاشدة طالبت بإصلاحات جذرية في الحكومة التي يهيمن عليها حزب الله، مما زاد من الضغوط على نفوذ إيران في المنطقة.
ويقول تسيمت إن تلك الاحتجاجات حملت رسالة واضحة لإيران "بتصاعد الرفض الشعبي لدورها الإقليمي"، كما أنها وضعتها أمام تحديات كبيرة في الحفاظ على مكانتها داخل هذه الدول، ومواصلة تعزيز نفوذها.
كما يتحدث عن محطة أخرى فارقة في النفوذ الإيراني في المنطقة، وهي محطة اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني في بداية عام 2020، إذ تعرّضت إيران لضغوط إضافية في إدارة مليشياتها في العراق وسوريا.
ويقول "كان سليماني يشكل حجر الزاوية في تنظيم شبكات الحرس الثوري في المنطقة، وعُرف بدوره البارز في توجيه العمليات العسكرية الإيرانية على الأراضي السورية والعراقية، ولذلك فإن اغتياله قلل من قدرة إيران على التحرك بحرية، رغم أن طهران استمرت في دعم حلفائها في حزب الله وحركات شيعية أخرى".
ويرى أن هذا الحدث فرض ضغوطا إضافية على إيران في إدارة جماعاتها المسلحة في العراق وسوريا، مشيرا إلى أن اغتياله حدّ من قدرة طهران على المناورة بحرية، رغم استمرارها في دعم حلفائها، مثل حزب الله وفصائل أخرى.
التهديدات والضغط الإسرائيلي
ويعتبر الباحث أن إيران قد تكون في مرحلة انتقالية خطرة، مع احتمال انهيار حلفائها بصورة غير مسبوقة، معتقدا أن التحولات الجارية في سوريا والعراق ولبنان وفلسطين تشكل تهديدا مباشرا لهيمنتها الإقليمية، ويرى أن فقدان السيطرة على سوريا يمثل ضربة قاسية، إذ تعتبرها طهران محورا أساسيا لنفوذها الإستراتيجي.
إعلانومع ذلك، يوضح الباحث أن إيران لم تفقد كل نفوذها، مشيرا إلى أنها لا تزال تحتفظ بقدرة على التحرك بسرعة لاستعادة بعض مواقعها، خاصة في اليمن والعراق ولبنان، مضيفا أن حزب الله في لبنان والعناصر الأخرى في العراق يظلون حلفاء إستراتيجيين قادرين على التأثير في المشهد السياسي المحلي.
ويضيف الباحث أن طهران قد أثبتت في الماضي قدرتها على التكيف مع التحديات، وأنه ليس من المستبعد أن تحاول الاستفادة من الفترة الانتقالية وعدم الاستقرار في سوريا للحفاظ على بعض من نفوذها.
وفي هذا السياق، يشير إلى تصريح نائب إيراني سابق الذي لفت إلى أن المتمردين في سوريا، رغم كونهم من "الإسلاميين السنة الذين يعارضون الشيعة، فإنهم يتشاركون في معارضتهم لإسرائيل"، مما قد يتيح لإيران فرصة فتح قنوات اتصال معهم.
ومع ذلك، يشير الباحث إلى صعوبة التقليل من خطورة التطورات الأخيرة على إيران، حيث قد تكون الحوادث مثل "دخول المتمردين السوريين إلى السفارة الإيرانية في دمشق وتخريبها مؤشرا قويا على تداعيات سقوط نظام الأسد على مستقبل النفوذ الإيراني" في سوريا والمنطقة بشكل عام.
ويختتم الباحث حديثه بالتطرق إلى التهديدات والهجمات العسكرية الإسرائيلية التي كانت تهدف إلى إضعاف الوجود العسكري الإيراني في سوريا، بينها الهجمات التي استهدفت منشآت إيرانية وصواريخ متطورة في الأراضي السورية.
ويعتقد الباحث تسيمت أنه "ينبغي على إسرائيل استغلال الوضع الحالي لإعادة تشكيل الشرق الأوسط بما يتماشى مع مصالحها الإستراتيجية".
ويشير إلى أن ذلك يشمل ممارسة الضغط على الأطراف التي تدعمها إيران في المنطقة، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تغيير موازين القوى في المنطقة بشكل كبير، داعيا إسرائيل إلى "الاستفادة من ضعف إيران الحالي لتعزيز واقع إستراتيجي جديد في الشرق الأوسط"، على حد تعبيره.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات النفوذ الإیرانی فی المنطقة حزب الله فی سوریا إلى أن
إقرأ أيضاً:
أبو الغيط يحذر من تحديات وجودية تواجه المنطقة العربية
الكويت – كشف الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط عن تهديدات كبرى تواجه المنطقة العربية تصل في بعض دولها إلى تهديد لوجودها وكيانها ذاته.
وأكد الأمين العام للجامعة العربية على وجود عوامل داخلية وتدخلات خارجية حاولت دفع المنطقة في اتجاه التغيير السريع بما أفضى الى الفوضى والاضطراب في الكثير من الحالات، مؤكدا أن المنطقة العربية تعرضت لانتكاسة كبيرة منذ ما يربو على العقد من الزمان.
جاء ذلك خلال محاضرة ألقاها الأمين العام لجامعة الدول العربية بمعهد سعود الناصر الصباح الدبلوماسي في دولة الكويت، حضرها لفيف من أعضاء السلك الدبلوماسي الكويتي، والسلك الدبلوماسي العربي والأجنبي المعتمد لدى دولة الكويت، خلال زيارته الرسمية التي تضمنت لقاءات مع ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح ووزير الخارجية عبدالله علي اليحيا.
وقال المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للجامعة العربية المستشار جمال رشدي إن أبو الغيط ركز في محاضرته على التغيرات المتسارعة في الأوضاع العالمية، مشددا على أن انعدام اليقين و”عدم قابلية الأوضاع للتنبؤ” هي سمات أساسية في هذه المرحلة.
وتناول أبو الغيط الصراع بين القوى الكبرى من منظور تاريخي، مؤكدا أن فترة السلام النسبي التي سادت العالم بعد انتهاء الحرب الباردة وتفرد الولايات المتحدة بالهيمنة لا تمثل سوى لحظة عابرة.
وأوضح الأمين العام للجامعة العربية أن الأصل في العلاقات الدولية هو “الصراع والتنافس” وهو ما تعود اليه الأمور اليوم في صورة صراع تنافسي حاد بين الولايات المتحدة والصين وروسيا.
وشدد المتحدث باسم الأمين العام أن أبو الغيط تناول في محاضرته التحديات والتهديدات الكبيرة التي واجهها الدول العربية والتي من بينها أن بعض الدول العربية تواجه تهديدات لوجودها وكيانها ذاته، مشيرا إلى ما كشفت عنه حرب إسرائيل الوحشية على غزة من اختلال ميزان القيم وشيوع ازدواجية المعايير لدى الكثير من الدوائر الغربية.
وتشهد المنطقة العربية منذ مطلع العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين تحديات معقدة تهدد استقرارها وسيادتها، بدءًا من الاضطرابات السياسية التي أعقبت ثورات الربيع العربي، وما واجهته دول عربية اضطرابات عميقة تراوحت بين الحروب الأهلية في سوريا واليمن وليبيا، والتوترات السياسية في العراق ولبنان، إلى التحديات الاقتصادية التي تفاقمت بسبب انخفاض أسعار النفط وجائحة كوفيد-19 والتغيرات المناخية.
وتعد القضية الفلسطينية، وخاصة الحرب الإسرائيلية على غزة، من أبرز التحديات التي تكشف عن ازدواجية المعايير الغربية وتهدد الاستقرار الإقليمي.
وتأتي زيارة أبو الغيط إلى الكويت في سياق هذه التحديات حيث تسعى الجامعة العربية إلى تعزيز التضامن العربي وتنسيق المواقف لمواجهة هذه الأزمات، وتكتسب هذه الزيارة أهمية إضافية في ظل التحضيرات لقمة بغداد القادمة التي ستناقش قضايا حيوية مثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والأزمات في سوريا واليمن وليبيا، بهدف تعزيز العمل العربي المشترك.
المصدر: RT