الصحافة العالمية: سوريا أمام منعطف تاريخي بين آمال التغيير ومخاوف المستقبل
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
تباينت آراء الصحف العالمية حول سقوط نظام الأسد في سوريا، بين الترحيب بنهاية "حكم وحشي" والتحذير من تداعيات التغيير المفاجئ، مع إجماع على أن المنطقة تشهد تحولًا جذريا في موازين القوى الإقليمية.
فقد رأت افتتاحية صحيفة "فايننشال تايمز" أن انهيار نظام الأسد يؤكد التحول في ميزان القوى الإقليمي، مشيرة إلى أن المسلمات القديمة في الشرق الأوسط قد تغيرت منذ أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وحثت الصحيفة المجتمع الدولي على مساعدة سوريا للوقوف على قدميها، بعد أن خذلها العالم مرارًا حتى عندما استخدم الأسد الأسلحة الكيماوية ضد شعبه.
وفي تغطية ميدانية، نقلت صحيفة "لو تومب" السويسرية مشاهد الفرح والاحتفال في دمشق حيث دوت أصوات إطلاق النار والأناشيد الدينية عبر مكبرات الصوت في المساجد، وسط ذهول العاصمة من إعلان فرار الرئيس بشار الأسد فجر الأحد.
أسباب الانهيار
غير أن صحيفة "الغارديان" حذرت، على لسان كاتبها سايمون تسلا، من أن الفرح قد يتحول سريعًا إلى دموع إذا أدى الانهيار المفاجئ للنظام إلى فوضى لا يمكن احتواؤها، محذرًا من تنافس قوى لا تهتم بالعدالة والمصالحة على ملء الفراغ السياسي والعسكري.
وفي تحليل لافت، تساءل المعلق في مجلة "بوليتيكو" جايمي ديتمر عن أسباب الانهيار السريع للنظام، مشيرًا إلى غياب المقاومة الجادة لدى قوات النظام وفشل حلفائه في إنقاذه، وأن ذلك يثير تساؤلات عن احتمال وجود تنسيق داخلي مع المعارضة.
إعلانأما "جيروزاليم بوست" فرأت أن سقوط الأسد، رغم كونه عدوًّا لإسرائيل، يحمل مخاطر جديدة. وأضافت أن إسرائيل، وإن كانت تفضل خروج سوريا من محور المقاومة الإيراني، إلا أن تركيبة القوى المعارضة لا تبعث على الارتياح.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
لماذا تتردد واشنطن في رفع العقوبات عن سوريا بعد سقوط الأسد؟
وقال كبير مسؤولي مكتب شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأميركية تيم ليندركينغ إن "هناك عقوبات فرضناها على سوريا وقيادتها، وهذه العقوبات لن ترفع بين عشية وضحاها، لن نتعجل كما فعلت بعض البلدان".
وفي حديثه لحلقة (2025/5/1) من برنامج "من واشنطن"، أضاف ليندركينغ "نرى لدى بعض شركائنا تعطشا لإعادة فتح السفارات ورفع الأعلام، لكننا ببساطة لم نصل بعد إلى تلك المرحلة، ونتبع نهجا حذرا في التعامل".
وعلى النقيض من الموقف الأميركي، أعلنت بريطانيا مؤخرا إزالة 12 كيانا سوريا إضافيا من قائمة العقوبات، شملت مؤسسات سيادية مهمة، مثل وزارتي الداخلية والدفاع، وعدة أجهزة أمنية واستخباراتية كانت تعتبر سيئة السمعة خلال حكم عائلة الأسد.
ولم يكن هذا الإجراء البريطاني الأول من نوعه، إذ سبقه إعلان في مارس/آذار الماضي برفع العقوبات عن 24 كيانا سوريا آخر، تمثل قطاعات حيوية كالنقل والطاقة والتعامل المالي، وعلى رأسها المصرف المركزي السوري.
تباين مواقف
وبشأن هذا التباين في المواقف، أوضح مراسل الجزيرة في لندن محمد المدهون، أن وزراء الحكومة البريطانية عبروا بوضوح عن قناعتهم بأن استقرار سوريا يمثل مصلحة بريطانية مباشرة، وأن رفع الكيانات السورية من قائمة العقوبات يستهدف تحقيق هذا الاستقرار الإقليمي وتعزيز الأمن القومي البريطاني.
إعلانوفي تحليلها للموقف الأميركي، كشفت مساعدة وزير الخارجية الأميركية السابقة لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، وجود انقسام حاد في الرؤى داخل الإدارة الحالية بشأن التعامل مع سوريا.
وأكدت ليف -في حديثها لـ"من واشنطن"- أن "لأميركا مصلحة في استقرار سوريا"، موضحة أن الخلاف داخل الإدارة الأميركية يدور بين تيارين:
التيار الأول يرى الرئيس أحمد الشرع "إرهابيا" جاء مع "مجموعة إرهابيين"، وأنه لم ولن يتغير. التيار الثاني يدعو إلى اختبار هذه الفرضية والانفتاح على التعامل مع الوضع الجديد.
رؤية الجالية السورية
بدوره، قدم رئيس الشؤون السياسية في المجلس السوري الأميركي، محمد غانم، رؤية من داخل الجالية السورية الأميركية، مشيرا إلى أن الحكومة السورية حققت تقدما ملموسا في تلبية الشروط الأميركية.
وأقر غانم بأن الجانب الأميركي لا يزال ينظر بريبة وشك كبيرين تجاه بعض الشخصيات في النظام الجديد، "لا بسبب سلوكه، لكن بسبب الماضي".
وكشف عن تطور إيجابي في المفاوضات، إذ أشار إلى أن المسؤولين الأميركيين الذي يتولون الملف السوري يدركون أهمية دمشق الإقليمية، وأن المقترح الحالي على طاولة المفاوضات يتمحور حول "تعليق للعقوبات لفترة طويلة" بدلا من النهج السابق القائم على "مقاربة الخطوة بخطوة".
وتصدر مطلب الكشف عن مصير مواطنين أميركيين اختفوا في سوريا قائمة الأولويات في الشروط الأميركية لرفع العقوبات، خصوصا الصحفي أوستن تايس الذي اختفى عام 2012 في أثناء تغطيته للأحداث هناك.
وفي هذا السياق، استضافت الحلقة ديبرا (والدة تايس) التي عبرت عن ثقتها "الكاملة والقوية" بإدارة الرئيس دونالد ترامب، مشيرة إلى أنها تعتقد أن الرئيس ترامب يشعر بأن إعادة أوستن إلى الوطن أمر مهم.
الصادق البديري1/5/2025