عميد الأدب العربي طه حسين ... في ذكرى ميلاده
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
في ذكرى ميلاده.. ماذا قال الناقد طه حسين عن شوقي وحافظ؟:
ولد عميد الأدب العربي طه حسين في ١٥ نوفمبر عام ١٨٨٩. وقد أكد في كتابه "الأيام"، الذي تضمن مقتطفات من سيرته الذاتية، أنه منذ نعومة أظافره كان يتمتع بنقد لاذع، ولكن ما حال هذا النقد، عندما يكتب عن الشاعرين الكبيرين "أحمد شوقي" أمير الشعراء، و"حافظ إبراهيم" شاعر النيل.
وفي مجلة "الهلال" الصادرة بتاريخ الأول من ديسمبر ١٩٣٢، كتب طه حسين عن فقد مصر والعالم العربي للشاعرين الكبيرين: "في أقل من ثلاثة أشهر، فقدت مصر لسانيها الناطقين، وفقد الشرق العربي شاعريه العظيمين حافظا وشوقي، وكأنما أراد القضاء أن يمهل أمير الشعراء شهرين وبعض شهر ليرثى حافظا، ويصفه بعد موته كما مدحه حافظ وأثنى عليه وأعلن إمارته في حياته".
خصومة العميد مع العملاقين:
لكن هل كان بين طه حسين والشاعرين العملاقين خصومة؟ ... يوضح عميد الأدب العربي "أريد أن أكون مؤرخا للشعر المصري الحديث، وأن أكون منصفا في هذا التاريخ ما وسعني الإنصاف ومدت لي أسبابه، وهيئت لي وسائله، ولعل أول الإنصاف أن أعترف بأني قد عرفت الشاعرين وكان بيني وبينهما ما يكون بين الناس من قرب وبعد ومن مودة وإعراض، وإني لم أكد أشيع كلا من الرجلين إلى حيث أراد الله له أن يكون، حتى أخذت نفسي بأن أنسى ما كان بين شخصيهما وبيني من هذه الخصومات الباطلة التي تعرض للناس في الحياة، وألا أستبقى منها إلا الخير الذي يدعو إلى الحب ويثير في النفس عاطفة الحزن والألم، ويطلق اللسان والقلب بهذا الدعاء الخالص الصادق البريء الذي نسميه الاستغفار".
وقال طه حسين إن كلا الشاعرين قد رفع لمصر مجدا بعيدا في السماء، وكلاهما غذى قلب الشرق العربي نصف قرن أو ما يقرب من نصف قرن بأحسن الغذاء، وكلا الشاعرين قد أحيا الشعر العربي ورد إليه نشاطه ونضرته ورواءه، وكلا الشاعرين قد مهد أحسن تمهيد للنهضة الشعرية المقبلة التي لابد أن تقبل، هما أشعر أهل الشرق العربي منذ مات المتنبي وأبو العلاء.
ويحب طه حسين شاعر النيل حافظ، فهو أحسن تصوير نفس الشعب وآلامه وآماله، وأتقن إحساس الألم وتصوير هذا الإحساس وشكوى الزمان، ولكن أمير الشعراء شوقي "أخصب من حافظ طبيعة، وأغنى منه مادة، وأنفذ منه بصيرة، وأسبق منه إلى المعاني، وأبرع في تقليد الشعراء المتقدمين".
عميد الأدب العربي طه حسين.. ومستقبل الثقافة في مصر:
كتب عميد الأدب العربى طه حسين، فى كتابه "مستقبل الثقافة فى مصر":
لا أحب أن نفكر فى مستقبل الثقافة فى مصر، إلا على ضوء ماضيها البعيد وحاضرها القريب، لأننا لا نستطيع أن نقطع ما بيننا وبين ماضينا وحاضرنا من صلة، وبمقدار ما نقيم حياتنا المستقبلية على حياتنا الماضية والحاضرة، نجنب أنفسنا كثيرا من الأخطار التى تنشأ من الشطط وسوء التقدير.
وضع العميد يده على جرح مصر النازف: فقدان الهوية أو تشتتها وضياعها، بين الهويات المختلفة سواء شرقية كالصين والهند والعرب، أو أوروبية غربية، ورغم أنه كان يرى أننا أقرب إلى الغرب وعالم البحر المتوسط، منذ ارتبطت مصر حضاريا وثقافيا باليونان، لكنه أدرك أن القومية المصرية والعودة إلى جذورنا الحضارية، يجب أن تكون الأساس سواء كانت مصر أقرب إلى دول البحر المتوسط، كما رأى العميد أو أقرب إلى الشرق، كما يرى آخرون، فلن يكون هناك ابتكار ولا اختراع إلا على حضارة مصر القديمة. على مصر أن تعود إلى قوميتها وشخصيتها الحضارية، بعد ذلك تتجه إلى أى وجهة شاءت بشخصيتها القومية، تؤطر للتفكير المستقبلي، تتكئ على ماض حضارى يمتد لآلاف السنين.
يلفت طه حسين نظرنا إلى أن مصر، كانت أسبق الدول الإسلامية فى استرجاع شخصيتها القديمة، التى على حد قوله لم تنسها فى يوم من الأيام، هذه الشخصية ببعدها القومى قاومت الفرس أشد مقاومة، ولم تطمئن إلى الإسكندر والمقدونيين، حتى فنوا فى شخصيتها الحضارية وأصبحوا أبناءها وعاشوا تقاليدها وثقافتها، وكلنا يذكر الإسكندر الأكبر حين ذهب إلى سيوة وادعى أنه ابن الإله آمون.
كما أن شخصية مصر القومية، قاومت الرومان مقاومة متصلة، والتاريخ يحدثنا كما يذكر طه حسين، أن رضاها عن السلطان العربى بعد الفتح لم يبرأ من المقاومة، ثم أخذت تسترد شخصيتها المستقلة فى ظل دولة أحمد بن طولون، وفى ظل الدول المختلفة المستقلة التى قامت بعده. مع إيمانه أن العقل المصرى القديم نشأ مصريا خالصا، فإنه لا يخشى كعادته الدخول إلى المناطق الشائكة متسلحا بعقله، قائلا: إن دخول الإسلام واتخاذ اللغة العربية، لم يخرجا مصر من عقليتها أو شخصيتها. ويضرب على ذلك مثلا بالديانة المسيحية التى ظهرت فى الشرق وغمرت أوروبا. وإذا كانت الديانة المسيحية جزءا من العقلية الأوروبية، فكذلك الإسلام جزء من العقلية المصرية، التى تمتد جذورها وحضارتها آلاف السنين، وذلك لا يلغى قومية مصر، ولا يضيف إليها قومية جديدة، فهى قومية مصر التى تتحدث العربية وتدين بالإسلام والمسيحية، وهذه القومية جامعة لكل المصريين على أرض واحدة موحدة، يعرفها العالم هكذا منذ آلاف السنين، وسوف تظل كذلك آلاف السنين مهما تآمر عليها المتآمرون، وسنوات الاحتلال لم تستطع أن تقضى على شخصيتها القومية، وظلت هذه الشخصية محملة ببعض الشوائب والرواسب الاستعمارية، لكنها فى لحظات الخطر تلمع كالذهب وتحقق أعظم الانتصارات.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: عميد الأدب العربى طه حسين ذكرى ميلاده عمید الأدب العربی طه حسین
إقرأ أيضاً:
د.حماد عبدالله يكتب: من سمات التفكك " قلة الأدب" !!
من أهم سمات تفكك أية علاقة سواء كانت علاقة صداقة أو علاقة زوجية أو حتى علاقة مواطنى البلد بإدارته !!
سمة قلة الحياء وقلة الأدب ويصل فى بعض الأحيان إلى تشبيه (علو الصوت) أثناء الحديث والغضب والخروج عن الطور !! كل هذه السمات هى بداية ودليل على إنفراط العلاقة أو تخاذل الإرتباط –وضعفه وإصابته بالوهن !!
ولعل ما يشوب الحياة العامة فى "مصر" فى الأونة الأخيرة أن كل هذه السمات إتضحت فيما نقرأه فى بعض الصحف الخاصة، وأقصد بالخاصة ما يطلق عليها "المستقلة" وهذه الإطلاقة غير صحيحة، فهى ليست مستقلة لأنها شركة تقيم نشاط صحفى وإعلامى يصدر عنها جريدة أو مجلة أو حتى محطة إذاعة أو تليفزيون، فهى ليست مستقلة ولكنها خاصة !! شبه (دكان) أو (محل)صحفى وثقافى يبتغى الإنتشار والمكاسب، وهناك حسابات ربح وخسارة ويسعى أصحاب هذه الشركات لإستكتاب أصحاب رأى وصحفيين كبارًا وصغارًا يتولون عن أنفسهم تقديم أفكار ربما تجد من يتبناها ومن "يتضادها" أو يعارضها،ومن خلال هذه "المرايا" فى المجتمع نشاهد كل شيىء !! من تجاوزات مقبولة ومن رأى حر ومن كشف لعورات المجتمع ومن فساد سواء على شكل فساد إدارى أو فساد حكومى أو حتى فساد إجتماعى !!
ومن هنا تكون المشاركة الإيجابية فى قيادة الحياة الإجتماعية والسياسية والإقتصادية حيث تضع أمام صاحب القرار أو أمام تجمعات الوطن الدستورية صورة محايدة (من المفروض) أن تكون كذلك لكى تُقَوِم الحياة فى المجتمع وبالتالى ينضبط الوطن ويتناغم عناصره للصالح العام !!
ولكن فى الفترة الأخيرة وخاصة بعد إستقرار الأمور نسبيًا عقب ثورة 30 يونيو وإستكمال خارطة الطريق بتشكيل "مجلس للنواب" نجد هناك رياح عاصفة سوداء (العلو) وأخذت تأخذ من الأرض وترفع لسماء الوطن كل أنواع (الزبالة) والأتربة والبقايا الملقاه فى الشوارع، حتى وصلنا إلى درجة "العمى" وأصبحنا لا نفرق بين ما يجب أن يقال وكيف يقال وأين يقال !!
وإختلط "الحابل بالنابل" ولا شيى يحرك الساكن !! فى نقابة الصحفيين أو "نقابة الإعلاميين" (تحت الإنشاء) أو حتى نقابة "المنشدين" !!
والأكثر من ذلك فى غياب الضوابط والمعايير لما يجب أن يكتب وينشر ويلقى على الأرصفة أمام العامة من "مثقفين وغيرهم ومن متدينين" وغيرهم ومن وطنيين وغيرهم !!
قامت بعض الصحف وبعض الأقلام بالرد وأصبح "الردح" !! فيما بيننا هو الصفة العامة فهذا "يشتم ويسب" مسئول وهذا يتولى الرد وأصبحت لغة "التجريح" فيما بيننا هى السمة وهى الصفة الغالبة على المجتمع الثقافى وعلى رأسهم صحافة الوطن بكل أنواعها مقروء، ومسموع، ومرئى، وشبكة الإتصالات الإليكترونية!!
ولعل من "سمات التفكك فى الوطن" أو فى الأسرة هو ظهور هذه العلامات السيئة والتى تشتهر بصفة " قلة الأدب " " وقلة الحياء " فلا إحترام للكبير ! ولا أحترام للتقاليد، ولا أحترام حتى للعائلة !!
وهناك فى الأدب الشعبى مايقال عن " اللى مالوش كبير يشتريله كبير " !!
والأن أنا أبحث فيما أرى عن كبير لهؤلاء " الَهَمجْ " أو هؤلاء الذين لم يستطيعوا أن يْكِظمُوا حتى غيظهم وحنقهم، على أى شىء إذا كان فى الواقع هذا حقهم !!
وكذلك الذين يقومون بالرد وبأستخدام نفس الأسلوب !!
أى أن " معالجة الداء بالداء" نفسه هذا وارد ولكن أرى بأننا جميعا نسيىء لأنفسنا ونسيىء لرموزنا، والكسبان الوحيد هو المتفرج على هذا الوطن سواء كانوا من المطلق عليهم "أشقاء أو أقرباء أو أصدقاء أو عفاريت زرق" !!
أين حكماء هذا الوطن ؟ أين عقلاء هذه الأمة ؟ أين المجتمع المدنى النائم فى الذرة !!
أنا أسأل عن هؤلاء لأننى أعلم أن مؤسسات أخرى فى الدولة موجودة ومستائة لما يحدث ولكنها تمتلك قرار حاسم بعدم التدخل !!
لأن بتدخلها سوف "يتفكك الوطن" !!
فعلًا اللى اختشوا ماتوا "مثل شعبى"!!
[email protected]