تبدأ الدول، مطلع كل عام، بوضع خططها المستقبلية للفترة المقبلة، لكن عام 2025 سيكون مختلفًا تمامًا، وسط توقعات بأن يكون مليئًا بالتقلبات والتوترات الاقتصادية بسبب وجود الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في المشهد.
وجّه ترامب، خلال حملته الانتخابية، تهديدات للعديد من الدول، سواء كانت حليفة للولايات المتحدة أو منافسة لها، فهو لا ينظر إلا لتحقيق مصالحه الشخصية أولًا ثم مصالح الولايات المتحدة ثانيًا.
والفوضى التي قد يتسبب فيها ترامب لن تقتصر على المجال السياسي فقط، بل ستشمل المجال التجاري، وستؤثر على الداخل الأميركي، والاقتصاد العالمي على حد سواء.
التوترات التجاريةويتمثل جانب من هذه الفوضى الاقتصادية في التوترات التجارية مع الدول، وبالتحديد من خلال فرض تعريفات جمركية؛ فالولايات المتحدة تعتمد بشكل كبير على استيراد العديد من المنتجات والسلع والمواد الخام التي تدخل في صناعاتها المحلية، ويتم تصديرها بعد ذلك.
وسيؤدي أي فرض للتعريفات الجمركية على الدول المصدرة إلى:
ارتفاع في فاتورة واردات الولايات المتحدة على المدى القصير، إذ ستواجه الشركات المصنعة تكاليف أعلى للحصول على المواد الخام المستوردة، ما سيفضي إلى رفع أسعار المنتجات النهائية الأميركية، وبالتالي فقدان تنافسيتها أمام السلع العالمية ذات التكلفة الأقل محليًّا وعالميًّا. في هذا السيناريو قد يتفاقم العجز في الميزان التجاري الأميركي، إذ تصبح الصادرات الأميركية أقل جاذبية في الأسواق العالمية بسبب ارتفاع تكلفتها، بينما تبقى الواردات مرتفعة لتعويض النقص في الإنتاج المحلي. إعلانوالأرقام الحالية مثيرة للقلق، إذ ارتفعت قيمة واردات الولايات المتحدة إلى 3.1 تريليونات دولار في عام 2023 مقارنة بـ2.3 تريليون دولار في عام 2017.
أميركا استوردت سلعًا بقيمة 448 مليار دولار العام الماضي (غيتي) ما الذي يمكن أن يحدث إذا تم تطبيق تعريفات ترامب؟الإجابة واضحة، وهي:
ارتفاع التضخم. تباطؤ في النمو. تأثير سلبي على قدرة الاقتصاد الأميركي على المنافسة عالميًّا. بالإضافة إلى خلط أوراق بنك الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي)، وربما تتعثر قدرته على المضي في مسار خفض الفائدة، والاضطرار إلى استمرار العمل بالسياسات النقدية المشددة في الولايات المتحدة. ما أهداف ترامب من سياساته التجارية؟يهدف ترامب من خلال سياساته الاقتصادية إلى تحقيق منفعتين:
الضغط على الشركاء التجاريين للوصول إلى اتفاقيات مرضية له، كما فعل خلال ولايته الأولى، إذ استخدم هذا النوع من الضغط لتحقيق فوائد إضافية بعيدة عن المجال الاقتصادي. تعزيز الصناعة المحلية وتقليل حجم فاتورة الواردات.هذه الطموحات تبدو إيجابية ومشروعة لأي رئيس، لكن تحقيقها يجب أن يتم من خلال سياسات اقتصادية مدروسة تعمل على دعم الإنتاج المحلي وسد الفجوات الاقتصادية بدلاً من شن حروب تجارية وفرض رسوم جمركية.
ففرض التعريفات على السلع المستوردة سيؤدي في النهاية إلى ارتفاع أسعار المنتجات النهائية التي يستهلكها المواطن الأميركي، ما يزيد من التضخم ويؤثر سلبًا على الإنفاق وعلى الاقتصاد بشكل عام.
وهذه الفجوة الاقتصادية التي يحاول ترامب سدها لن تتم بطريقة صحية ومستدامة، بل ستؤدي إلى نتائج عكسية تنعكس سلبًا على الاقتصاد الأميركي والمواطن.
صراع تجاري قد يبدأ بين الولايات المتحدة والصين بسبب سياسات ترامب (يسار) الاقتصادية المزمعة (رويترز) بالأرقام هل تتحمل أميركا فرض رسوم جمركية على الواردات؟ودائما الأرقام هي خير برهان وسوف نستعرض أهم أرقام الواردات الأميركية من أهم 3 شركاء تجاريين لها، ومنها نستطيع معرفة هل ستتحمل الولايات المتحدة فرض تعريفات جمركية عليها وتأثير ذلك على الداخل الأميركي:
إعلان1- الصين
يسعى ترامب إلى فرض تعريفات جمركية من 10% حتى 60% على الواردات من الصين وتمثل المنتجات القادمة من الصين 14% من إجمالي الواردات الأميركية، إذ استوردت منها الولايات المتحدة سلعًا بقيمة 448 مليار دولار في العام الماضي، بينما بلغت صادراتها إلى الصين ما يقارب 148 مليار دولار، مما يعنى عجزًا تجاريًّا في صالح الصين يصل الى 300 مليار دولار تقريبًا.
وتشمل الواردات من الصين أجهزة إلكترونية، والأثاث، والملابس، وألعاب أطفال، ومواد وسيطة مهمة مثل مكونات السيارات، ومكونات الأدوية؛ فعلى سبيل المثال يأتي ما يقارب من 80% من المواد الفعالة لبعض الأدوية من الصين.
2- المكسيك
أصبحت المكسيك أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة، حيث يصل حجم التجارة الإجمالية بينهما إلى 800 مليار دولار سنويًّا تقريبًا، إذ استوردت الولايات المتحدة بضائع من المكسيك بقيمة 480 مليار دولار تقريبًا، بينما بلغت صادراتها إلى المكسيك ما يقارب 323 مليار دولار تقريبًا، مما يعنى عجزًا أميركيًّا 157 مليار دولار تقريبًا، ويسعى ترامب إلى فرض تعريفات جمركية بنسبة 25%.
وتتضمن الواردات الأميركية من المكسيك السيارات والآلات، والمعدات الكهربائية والمنتجات الزراعية، ويمكن الإشارة على سبيل المثال إلى أن ثلث استهلاك الولايات المتحدة من الطماطم يأتي من المكسيك فقط.
ترامب يسعى إلى فرض تعريفات جمركية بنسبة 25% على كندا (شترستوك)3- كندا
تعد كندا أكبر مورد للنفط الخام إلى الولايات المتحدة، ويسعى ترامب إلى فرض تعريفات جمركية بنسبة 25%، وبلغت قيمة واردات الولايات المتحدة منها 431 مليار دولار تقريبًا منها صادرات طاقة إلى الولايات المتحدة بما يقارب 122.83 مليار دولار، وفرض مثل هذه التعريفات على تلك الواردات سيؤدي إلى زيادة تكاليف الطاقة على المستهلك الأميركي بما يقارب 6 إلى 10 مليارات دولار سنويًّا.
إعلانبالإضافة إلى ذلك، تعتبر كندا مصدرًا رئيسيًّا للأخشاب التي تغطي ما يقارب 25% من احتياجات الولايات المتحدة.
بالتالي إذا تم فرض هذه التعريفات الجمركية، ستتأثر العديد من القطاعات في الدول الشريكة بشكل كبير، وقد تشهد بعض هذه الدول ركودًا اقتصاديًّا وربما حالات إفلاس في قطاعات حيوية.
ومن المتوقع كذلك أن ترد هذه الدول بإجراءات مضادة، مثل فرض تعريفات على الواردات الأميركية؛ فعلى سبيل المثال، تشكل الصين 31% من قطاع التصنيع العالمي، بينما تسهم الولايات المتحدة بنسبة 16% منه، لذا فأي صراع تجاري بين الطرفين سيؤدي إلى اضطرابات اقتصادية كبيرة.
ختامًا، في ظل هذه السياسات التجارية التي يسعى ترامب إلى تطبيقها، فإن العالم قد يواجه فوضى تجارية تؤدي إلى تباطؤ اقتصادي عالمي قد يتبعه ركود سيؤثر على كافة الدول وأسواق المال وأسعار السلع والنفط سلبًا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة ترامب إلى من الصین ما یقارب
إقرأ أيضاً:
أوكرانيا تخسر 3.8 مليار دولار .. هل يلغي ترامب المساعدات الأمنية لأعداء روسيا ؟
أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا عن حزمة بقيمة 500 مليون دولار لأوكرانيا – وهي الشريحة الأخيرة من التمويل في ظل إدارة الرئيس الحالي جو بايدن.
وقال البنتاجون إنه تحت قيادة أوستن لمجموعة الاتصال الدفاعية الأوكرانية المكونة من 50 دولة، تم الاتفاق على 126 مليار دولار كمساعدة أمنية لأوكرانيا.
والولايات المتحدة هي أكبر مساهم في جهود الحرب في أوكرانيا، وأحدث الأموال من خلال هيئة السحب الرئاسية (PDA)، التي تسحب الإمدادات العسكرية والأسلحة من المخزونات الأمريكية، تمثل نهاية 65.9 مليار دولار من المساعدة التي أرسلتها إدارة بايدن إلى كييف منذ الحرب العالمية الثانية. بداية الغزو الروسي واسع النطاق.
ومع ذلك، سيظل حوالي 3.8 مليار دولار من برنامج المساعد الرقمي الشخصي غير مستخدمة في هذه الفترة الرئاسية على الرغم من تعهد البيت الأبيض بإنفاق المبلغ بالكامل بحلول الوقت الذي يغادر فيه بايدن البيت الأبيض في 20 يناير.
إلا أن إدارة الرئيس الامريكي جو بايدن لن تتمكن من تخصيص 3.8 مليار دولار من المساعدات الأمريكية المخصصة لأوكرانيا قبل مغادرة الرئيس البيت الأبيض، ما يثير تساؤلات حول مستقبل التمويل عندما يتولى الرئيس المنتخب دونالد ترامب منصبه.
ومن جانبه انتقد الرئيس المنتخب دونالد ترامب مرارًا استمرار المساعدة العسكرية الأمريكية للحرب المستمرة منذ ما يقرب من ثلاث سنوات في أوكرانيا وسط ترقب لما ستعنيه رئاسته للغزو الذي شنته روسيا خاصة إذا تركت تمويلًا بمليارات الدولارات على الطاولة عندما يتولى منصبه.
وقال البنتاجون إن الأموال ستكون تحت تصرف ترامب بعد تنصيبه، حسبما ذكرت إذاعة صوت أمريكا.
وقال السكرتير الصحفي لوزارة الدفاع باتريك رايدر يوم الجمعة، إنه لن يتكهن بما إذا كانت إدارة ترامب ستخصص هذه الأموال لأوكرانيا ولكن هناك دعم من الحزبين في الكونجرس لمواصلة المساعدة.
وفي غضون ذلك، قال بايدن الجمعة، إنه بذل كل ما في وسعه لمساعدة أوكرانيا، وأعرب عن تفاؤله بأن الدعم الأمريكي سيستمر بعد تركه منصبه، كما أشار أيضًا إلى إجماع بين الأحزاب على أنه يأمل أن يدفع ترامب إذا قرر خفض التمويل.
ويتولى ترامب منصبه في 20 يناير، وقال إنه سينهي الحرب بسرعة، على الرغم من أن الكيفية التي يعتزم بها القيام بذلك غير واضحة.
وقال السكرتير الصحفي لوزارة الدفاع باتريك رايدر في 10 يناير: "من الواضح أنني لن أتكهن بما قد تفعله الإدارة القادمة ولكننا نعلم أن هناك دعمًا قويًا من الحزبين في الكونجرس لدعم أوكرانيا".
الرئيس جو بايدن في 10 يناير: "آمل وأتوقع أن يتحدثوا (الكونغرس) ولن يوافقوا على ما إذا كان ترامب قد قرر قطع التمويل عن أوكرانيا".
قال مايكل والتز، مستشار ترامب للأمن القومي، لشبكة سي بي إس في 15 ديسمبر: "الشيك على بياض (لأوكرانيا)... ليس مجرد استراتيجية".
وهناك علامة استفهام حول ما قد يحدث للمليارات غير المنفقة التي خصصتها إدارة بايدن لأوكرانيا، خاصة وأن المتحدث باسم البنتاغون رايدر قال إنه لن يتكهن بما قد يفعله الرئيس القادم.