عراقجي يكشف تفاصيل آخر لقاء له مع الأسد
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
كشف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي جزءا من تفاصيل آخر لقاء جمعه قبل أيام مع الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد في دمشق، وتحدث عن أسباب سقوط النظام ورؤية إيران للتطورات الجارية.
وقال عراقجي -في مقابلة مع التلفزيون الإيراني حول التطورات الأخيرة في المنطقة- إن بلاده كانت تعلم "أن هناك مخططا وراء الكواليس من قبل أميركا والكيان الصهيوني لإحداث مشاكل متتالية في محور المقاومة، وكان هذا المخطط موجودا دائما".
وأضاف وفقا لتلخيص للمقابلة نشرته وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) "بعد التطورات في غزة ولبنان، كان من الطبيعي أن تستمر هذه التحركات. ولكن من الناحية الميدانية والمعلوماتية، كان أصدقاؤنا في أنظمة المعلومات الأمنية في بلدنا وفي سوريا على علم تام بالتحركات في إدلب وتلك المناطق"، مشيرا إلى أنه "تم أيضًا نقل جميع المعلومات ذات الصلة إلى الحكومة والجيش السوري".
اللقاء مع الأسد
وبشأن لقائه الأخير في الأول من الشهر الجاري مع الأسد في العاصمة السورية دمشق؛ كشف عراقجي أن الرجل كان متفاجئا مما يجري من تطورات عسكرية متسارعة.
وأضاف "السيد بشار الأسد نفسه، عندما التقيت به أنا والسيد علي لاريجاني (مستشار المرشد الإيراني)، كان متفاجئا واشتكى من سلوك جيشه".
إعلانورأى أنه "كان من الواضح أنه لم يكن هناك تحليل مناسب للجيش السوري حتى في الحكومة السورية".
وفي توصيف آخر فيما يبدو لما تحدث عنه من "سلوك للجيش السوري، قال عراقجي "في رأيي الجيش السوري أصبح أسير الحرب النفسية".
وأضاف "كنا على علم بالمؤامرة المستمرة، حتى إننا عرفنا عدد القوات التي تم تدريبها وتنظيمها، وعندما "تمت مراجعة المحادثات نفسها مع السيد بشار الأسد، تأثر هو نفسه بوضع جيشه وفوجئ بعدم وجود حافز في الجيش".
وتحدث عن خطوة أخرى قام بها خلال زيارته لدمشق، قائلا إنه "من باب الدبلوماسية العامة، ذهبت إلى مطعم في دمشق وكان خطابنا هذا موجها للناس العاديين، كما فعلت ذلك في القاهرة، لأن من نخاطبه في النهاية هو الشعب، وهي خطوة لاقت ترحيبا من الشعب السوري".
واعتبر أن ما كان مفاجئا في سوريا أمران، الأول عجز الجيش السوري عن التصدي لهذا التحرك الذي بدأ، والثاني هو سرعة التطورات الحاصلة.
وأضاف "عندما كنت في الدوحة للمشاركة في المنتدى (منتدى الدوحة 2024)، جاءت جميع دول المنطقة للنقاش حول هذه القضية (…) الدول المهمة في المنطقة كانت حاضرة هناك، وكان لنا لقاء مشترك معهم، وكان سؤال الجميع هو: لماذا تراجع الجيش السوري بهذه السرعة؟ ولماذا كانت مقاومته قصيرة إلى هذه الدرجة؟ هذه السرعة في التطورات كانت مفاجئة للجميع".
3 مجالات للعلاقات بين إيران وسورياوتحدث بشيء من الإسهاب عن العلاقات بين إيران وسوريا خلال الفترة الماضية، قائلا إنها تعود إلى 40 عاما مضت، وتركزت في 3 مجالات مختلفة، أحدها مجال المقاومة، اذ إن سوريا عضو مهم في محور المقاومة ولعبت دورًا مهما في المواجهة مع الكيان الصهيوني والدفاع عن الفلسطينيين وتحملت كثيرا من الضغوط ولم تتنازل أبدا عن هذا الهدف.
وأشار عراقجي إلى أن مجال التواصل الثاني بين إيران وسوريا هو القتال ضد "داعش" (تنظيم الدولة الإسلامية)، فقد برز هذا التنظيم كظاهرة إقليمية وخارج الإقليم في وقت ما، وانتشر أولا في العراق ثم إلى سوريا وأثار قلقا دوليا.
إعلانأما الجانب الثالث فيتعلق -بحسب عراقجي- بالعلاقة بين الحكومة السورية وشعبها ومعارضيها، مؤكدا أن طهران كانت "توجه الحكومة السورية دائما للحديث مع معارضيها من أجل حل الخلافات بينهم، وتعاونا معهم في هذا الأمر إلى حد النصح والتوجيه".
عدم مرونة الأسد
وأكد أنه لم يكن لدى حكومة الأسد سوى القليل من المرونة والسرعة في هذا الاتجاه.
وأضاف "الموضوع الداخلي في سوريا، والحوار مع المعارضين أو ربما مواجهتهم، كان يتعلق بالجانب السوري نفسه، وفي النهاية ساعدناهم بالنصح والتشاور والتوجيه".
وعاد فأكد أن هذا الجزء هو "الذي يعاني الآن من مشاكل"، وأن "الجيش السوري لم يؤدّ مهمته بشكل صحيح هنا، ولم يكن من المفترض أبدًا أن نحل محل الجيش السوري لحل وتسوية مشاكلهم الداخلية".
وجدد التأكيد مرة أخرى أن "حقيقة أن الجيش السوري لم يتمكن من المقاومة على الإطلاق، فأعتقد أن الأمر كان متعلقا بالجوانب النفسية للمسألة، أو ربما هناك كانت قضايا أخرى".
ونوه إلى أن المعارضة أخذت بالاعتبار توقيت تحركاتها الأخيرة في سوريا، مستحضرة "مسألة مواجهة إيران للكيان الصهيوني وانهماك روسيا في أوكرانيا وكل هذا لعب دورا في حساباتهم"
وأضاف "لكن في رأيي كان العامل الأساسي في نجاحهم في الأيام الأخيرة في سوريا هو الجيش السوري الذي لم يصمد، ولو كان قد قاوم لما سقطت حتى حلب، أقول ذلك بكل ثقة".
مستقبل حزب اللهوفي موضوع آخر، قال وزير الخارجية الإيراني إن حزب الله فقد أمينه العام حسن نصر الله، لكنها "ليست المرة الأولى التي يضطر فيها الحزب إلى المرور بمثل هذا الأمر، ففلسفة المقاومة هي الصمود والثبات وأعتقد أن المقاومة وجدت طريقها".
وتعليقا على فرضية أن المقاومة ستتوقف من دون سوريا، تساءل عراقجي: "ما هو طريق تواصلنا مع اليمن؟ هل طريق تواصلنا مع غزة مفتوح؟ اليمن وغزة يقاومان، والمقاومة ستجد طريقها على أي حال، لأنها هدف مثالي وليست حربا كلاسيكية".
إعلانوأكد أنه للسبب ذاته "لا يمكن تدمير المقاومة، رغم أنها تواجه قيودا، لكنها في النهاية تمكنت من توفير أسلحتها الخاصة ومتابعة طريقها الخاص، ولا ينبغي لأحد أن يعتقد أن هذا المسار سيتوقف عندما تخرج سوريا من دائرة المقاومة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجیش السوری فی سوریا
إقرأ أيضاً:
هل يستعيد قطاع النقل في سوريا عافيته بعدما أهمله الأسد؟
يضغط تدهور قطاع الخدمات -كجزء من إرث نظام الأسد المخلوع- بثقله على الحياة العامة في سوريا، حيث أدى افتقاد البلاد منظومة نقل داخلي تلبي احتياجات المدن، بما فيها العاصمة دمشق، إلى معاناة شديدة تعيشها فئات سكانية تستخدم حافلات النقل الجماعية بشكل يومي للوصول إلى مراكز عملها.
وورث السوريون عن نظام عائلة الأسد، التي حكمت البلاد 54 عاما، دولة هشة، بلا موارد ولا خدمات، علاوة على فقر مدقع، دفع الطبقة الوسطى التي كان يعول عليها كرافعة للتنمية، إلى مصاف الفقيرة.
وبات 90% من السوريين -وفق المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك- بحاجة إلى دعم مستمر، في حين تحاول الحكومة الجديدة العمل للنهوض بواقعهم وإعادة التوازن إلى حياتهم، وفي المقدمة توازن الدخل والإنفاق.
ويرى خبراء مختصون في الشأن الاقتصادي أن انخفاض قيمة الراتب الشهري الذي يتقاضاه رب الأسرة من عمله في القطاع الحكومي يمثل أحد أوجه هذه المعاناة، إذ لم يعد يكفي بوضعه الحالي لسداد تكاليف حافلات النقل، التي يستخدمها أفراد العائلة للالتحاق بعملهم أو جامعاتهم، بعد أن بدأت تسعيرتها في الارتفاع منذ عام 2018، واستمرت بالصعود حتى وصلت خلال الأشهر الأخيرة من عام 2024 إلى أرقام صادمة، يتطلب تسديدها مدخول العائلة بأكمله.
إعلان نفقات تستنزف الدخليستخدم عبد اللطيف -موظف حكومي ورب أسرة- مع 3 من أبنائه حافلات النقل الداخلي يوميا، حيث يرتبط جميعهم بمواعيد عمل ودراسة في مدينة دمشق.
وفي حديثه للجزيرة نت بين عبد اللطيف أن الفاتورة الشهرية التي يسددها تتجاوز قيمة راتبه في كثير من الأحيان، ما يعطي مؤشرا حول أوضاع كثير من العائلات، تعيش اليوم بدخل لا يلبي الأساسيات.
ويبلغ عدد العاملين في القطاع الحكومي -حسب وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال محمد أبا زيد- نحو مليون وربع مليون موظف، وتعيش أغلب عائلاتهم على راتب واحد، وغالبا ما يوصف دخلها بالثابت.
ويبلغ متوسط الراتب الحكومي في سوريا ما بين 300 ألف إلى 400 ألف ليرة (ما يعادل 30 إلى 40 دولارا) في الشهر، وفق سعر الصرف بالأسواق.
ويعلّق عبد اللطيف آماله على الزيادة التي أقرتها الحكومة السورية الجديدة، لدعم رواتب العاملين في الدولة، التي من شأنها خفض حجم الضغط المالي الذي يعاني منه، بالرغم من أن حجم الإنفاق -بحده الأدنى- يتطلب على أقل تقدير 5 أضعاف ما يتقاضاه.
وكان وزير المالية قد أكد عزم الحكومة على زيادة رواتب العديد من العاملين في الدولة، بنسبة 400%، بعد استكمال إعادة الهيكلة الإدارية للوزارات والمؤسسات الحكومية.
وقال في تصريح سابق له للجزيرة نت بين أن حجم الزيادة يبلغ نحو 1.65 ترليون ليرة سورية، (ما يعادل 127 مليون دولار)، ومن المرجح أن يتم تمويلها من خزانة الدولة، ومنافذ مالية أخرى.
يلفت الخبير الاقتصادي أحمد سلامة إلى أن نفقات السوريين على المواصلات الداخلية ازدادت في السنوات الأخيرة بطريقة صادمة، ويرى أن أعدادا كبيرة من موظفي الحكومة وطلاب الجامعات لم يعد بإمكانها مواصلة الدوام في مقرات عملها أو في الجامعات، لعدم قدرتها على تغطية مصاريف النقل.
إعلانوأكد في حديثه للجزيرة نت أهمية منظومة النقل الجماعي الحكومية بالنسبة للسوريين، نظرا لاستخداماتها المتعددة، وانخفاض تسعيرتها، إذا ما قورنت بتعرفة الحافلات الصغيرة الخاصة.
ومن المفارقات اللافتة -حسب سلامة- أن يشهد قطاع النقل الداخلي في خمسينيات القرن الماضي، أي قبل أن يسيطر حزب البعث على حكم البلاد، ازدهارا ملحوظا، حيث كان يتألف من حافلات نقل كبيرة -40 راكبا- إلى جانب حافلات -ترامواي- تعمل بواسطة الكهرباء على خطوط حديدية، تغطي أغلب أحياء دمشق.
بينما شهد القطاع تراجعا، منذ أن ألغى نظام حافظ الأسد شبكة الترامواي في مطلع السبعينيات، ثم تابع نظام الوريث المخلوع تهميشه لصالح مستثمرين في القطاع الخاص، أدخلوا الخدمة حافلات نقل ركاب صغيرة تتسع لـ12 راكبا، لا تزال تعمل في دمشق وغيرها.
الصين على خط الدعمتعكس مؤشرات النقل الداخلي، على صعيد الوفرة والجودة والتكلفة، تدهورا ملحوظا خلال الفترة بين عامي 2011 و2024.
فقد تعرضت معظم الحافلات العائدة لمؤسسة النقل الداخلي الحكومية لأضرار جسيمة وأعطال ميكانيكية، احتاجت إثرها لقطع غيار لم يتمكن النظام استيرادها من الخارج بسبب العقوبات التي فرضها الغرب عليه، فخرج بعضها من الخدمة، في حين استخدم ما تبقى منها في عمليات لوجيستية على جبهات الصراع، من بينها:
نقل أعداد كبيرة من رجال النظام السابق لحصار المساجد أيام الجمعة، لمواجهة المتظاهرين في المدن الثائرة. نقل مقاتلي المعارضة، على خلفية التفاهمات التي أجراها بعد سيطرة قواته على مناطقهم، إلى المناطق الشمالية في سوريا.فيما بقيت دمشق وغيرها من المدن لفترة طويلة تعاني من عدم وجود حافلات نقل ركاب كبيرة، ما أدى لاحقا إلى ارتفاع تعرفة الحافلات الخاصة بنسبة 300%، بحسب تعرفة الركوب النظامية، على الرغم من قِدم سنة صنعها، وتعطلها في أغلب الأوقات.
إعلانوتشير تقارير رسمية إلى أن الحكومة الصينية قدمت للنظام المخلوع بين عامي 2018 و2022 نحو 200 حافلة نقل داخلي، سعة الواحدة منها 44 مقعدا، مع تجهيزاتها ومعداتها الفنية، كهدية، مقابل دور محتمل أكبر للصين في حقل الاستثمار، وإعادة الإعمار.
وأنقذت الهدية الصينية -حسب الخبراء- قطاع النقل الداخلي من الانهيار الكامل، إذ جرى توزيعها على المدن، بواقع 3 إلى 5 حافلات، واحتفظت دمشق بالحصة الأكبر.
ويرى مرهف -طالب جامعي- أن المشكلة الأكثر تعقيدا كانت لدى سكان الضواحي والبلدات التي تجاور مراكز المدن، حيث تزيد أجور الوصول إلى دمشق -على سبيل المثال- عما يدفعه سكان المركز بأضعاف.
ويوضح مرهف، في حديثه للجزيرة نت، أنه يحتاج إلى نصف مليون ليرة كل شهر، أجور مواصلات، إذا ما أراد أن يلتزم بدوام جامعته.
وتتراوح أجرة نقل الراكب داخل دمشق بين 3000 و5000 ليرة، فيما تبلغ بين مراكز المدن والبلدات المجاورة لها من 30 إلى 50 ألف ليرة للرحلة الواحدة، تبعا لطول المسافة.
أما بالنسبة للحافلات المتعاقد معها لنقل طلاب المدارس والجامعات الخاصة بانتظام، فتسيطر عليها في العاصمة دمشق 9 شركات خاصة.
ويلفت مرهف إلى أن ثمة توافقات فيما بينها حول الأجور، حيث اعتمدت جميعها تعرفة توصيل الطالب ذهابا وإيابا يوميا بـ40 ألف ليرة، ما يعني أن تكاليف دوام 10 أيام في الشهر فقط تحتاج راتبا حكوميا كاملا.
ويبرر عبدالسلام أحد أصحاب الحافلات الذي يعمل في شركة لنقل طلاب الجامعات، ارتفاع التعرفة، بارتفاع أسعار الوقود، وطول المسافة. وأوضح للجزيرة نت "أن بعض الطلبة يسددون قيمة أجور النقل كل فصل، ويتم اعتماد التعرفة وفق سعر ليتر المازوت الرائج، بالتوافق بين شركات النقل التي تتعاقد معنا، وعندما تنخفض أسعار المحروقات، لا نستطيع تعديل التعرفة، لأن معظم أصحاب الحافلات قد وقعوا على عقود تتضمن الأجور وفق التكلفة السابقة".
إعلان ما الذي قامت به الإدارة الجديدة؟تسهم الاستجابة الطارئة لحكومة تصريف الأعمال في إسعاف القطاع بحلول مؤقتة، فوفق وزير النقل بهاء الدين شرم (حسبما نقلت عنه الوكالة السورية للأنباء) ، تعمل الحكومة على ضبط تسعيرة كل خطوط النقل للحافلات الصغيرة والكبيرة.
وشكّلت الوزارة لجان دراسات، من أجل وضع تسعيرة جديدة، تراعي المسافة المقطوعة لكل خط، ووعورة الطريق، وسعر المحروقات، وتراعي وضع المركبات.
وبهذا الصدد، خفضت الوحدات الإدارية في بعض المدن السورية مؤخرا قيمة تعرفة الركوب بنسبة 30% تقريبا، ووعدت بدعم القطاع بحافلات من المتوقع أن ينتهي إصلاحها خلال فترة قريبة.
في المقابل، يرى الخبير الاقتصادي أحمد سلامة أنه من الضروري لاحقا تبني منظومة نقل حضري في جميع المدن، ضمن إطار إعادة بناء الدولة من جديد، لأن مشكلة النقل الداخلي لا تنحصر بتسعيرة الخطوط أو تأمين عدد كافٍ من الحافلات، بقدر ما تحتاج إلى تحسين وتطوير، يشمل الوفرة والكلفة والجودة معا.
وأشار إلى أن النقل الحضري يهدف من خلال تقنيات وبنية تحتية إلى تنظيم تنقل الأفراد في الوسط الحضري، ضمن ظروف مُثلى، سواء على صعيد الوقت أو التكلفة أو الأمان، وهذا من شأنه أن يُعيد لمدينة دمشق حيويتها ووجهها الحضاري، بعد الخراب الذي تعرضت له طوال سنوات حكم عائلة الأسد.