الخط التآمُرِي لتقسيّم السُودان داخل القوى المدنيّة

نضال عبد الوهاب

عندما تم انفصال جنوب السُودان لم يكُن هذا عمل “فُجائي”، ولم يكن له علاقة مُباشرة بالحرب الطويلة بين الشمال والجنوب، أو بين السُلطة المركزية في الخرطوم والجيش وبين الجيش الشعبي وقبله قوات الأنانيا، ولكنه كان نتيجة “سوء” لقرارات سياسِية وقيادة مثلت البلد في فترات مُتعاقبة حكومية ومُعارضة، وبالرّغم من أن الجميع كان يرى أن الانفصال قادم، ولكنهم مع هذا وبدلاً عن إبطاله وتعطيّل حدوثه، والمُحافظة علي وحدة السُودان، كانوا يُمهدون الطريق إليه ويُنساقون سوقاً له، لم يكُن الجنوب لينفصل إذا كانت هنالك قيادة سياسِية راشدة، صاحِبة قرار وإرادة سياسِية وطنيّة، ظل هذا يحدث مُنذ تفجّر أول صراع ما بين الجنوب والشمال وتحول إلي حرّب طويلة، وفشلت القيّادة السياسِية المُتعاقبة في تفهُم طبيعة المُشكلة وحلها بما يُحافظ علي جزء عزيز من الوطن بشعبه وأرضه وتاريخه وأنهاره وثرواته، وعندما حاول شخصي تقديّر لماذا فشِلوا “أي القيادة السياسِية”، أيقنت أنهم قدّموا مصالِحهم علي مصلحة الوطن والشعب، كان يُمكن المحافظة علي السُودان موحداً ودون أي صرّاع بإتباع إجراءات وقرارات سياسِية غاية في اليُسر، تصلُح لإدارة وطن بتعدد السُودان، لا سبيل لحُسن إدارته والمُحافظة عليه إلا بإتباعها وبالتالي تعلية مصلحلة البلاد العليا وشعبه فيه علي ما عداها.

انفصل جنوب السُودان برّغم أن القوانين الدولية وحق السيّادة علي بلادنا حق لاتستطيع أي قوة في الأرض مُنازعتنا كسُودانيين فيه، تمت مُمارسة “أنانية”، وتفرّيط يرقي لدرجة الخِيانة والتآمُر علي البلاد، تم رسم مسار لتقسيّم السُودان رعته ودفعت في إتجاهه مصالِح لدول خارجية وعُظمي، ارتبطت بمصالِح لإنتهازيين ومُتآمرين و”خونة” لبلادهم، كان علي رأسهم “قيادة الحركة الإسلامية” ورموز نظام الجبهة الأسلامية والمؤتمّر الوطني، والذين وافقوا علي فصل الجنوب وكانوا وقتها ولايزالوا يُردّدون أن هنالك مؤامرة “خارجية” لتقسيّم وتمزيق البلاد ، وبرُغم ذلك قبلوا أن يكونوا الأداة لتمزيقه ، ولولا قبولهم ورغبتهم هذه لما تمّ الأمر ولم يكن ليكون هو الحل للصرّاع مابين الجنوب والشمال، ثم للأسف الشديد بصّم على ذلك غالبية القوي السياسِية بتمرير “حق تقريّر المصيّر الانفصالي” بعد أن “عجزوا” عن إقرار الحُكم الفدرالي، أو حتي أن يعطوا الجنوب الحكم الإقليمي الذاتي داخل حُضن الوطن الأم “السُودان”، والمُؤلم أنهم جميّعاً كانوا يعلمُّون أن المصيّر كان سيكون هو “الانفصال” في ظل الضعف والإنتهازية والأنانية وضيّق الأُفق.

هاهو الآن التاريخ يُعيد نفسه وهذه المرة في ظل هذه الحرب الحالية، وبعد أن دخل قبلها السُودان في حروب طويلة في دارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان، وفي ظل ذات النظام “التآمُري” لقيادات الحركة الإسلامية ومليشياتها بما فيها مليشيا الدعم السريع، والتي هي هُم من صنعوها وأوجدوها وقووها، وإنضّم إليهم “إنتهازيون” آخرون “مُتآمرون” في ثياب مدنيّة وقوي وفصائل كان بعضها مُسلحاً، وبعضها قادّم من “ماعُون” ذات الحركة الإسلامية، و”كيزان” بالفطرة والنشأة، مع بعض “الطامِحين” في السُلطة والكراسِي والنفُوذ، وفي تنسيّق تام مع ذات الدوائر “الخارّجية” والتي كانت وراء فصل الجنوب وترعاه، وبذات المُسوقات “الإنسانية”، و”حماية المدنين” وغيرها من مُسببات لِجر التدخل الدولي والأُممي والعسكري في بلادنا ورسم مسار “التقسيّم” أو الإحتلال لنهب الثروات، والضَحِك علينا كشعب في “الخفاء”، يُغدقون الأموال بيد للتمويل وباليد الأخري يمنحون السلاح للمُتقاتلين “والمُصّطرعين” على السُلطة ونهب الثروات وتقاسمها مع الأجنبي!.

ظهر “المُتآمرين” على بلادنا بلسان “الحريصين” علي وحدتنا وحماية شعبنا وهم اللاهثون خلف “الكراسي والسُلطة” والمُمهدين لتقسيّم السُودان وهم “يعلمون”، ويُطالبون دون أدنى “خجل” بالحكومات المتوازية لنتحول إلى “ليبيا وعراق” آخرين، ويتم استغلال الصّراع ما بين “كيزان” الجيش وبورتسودان وكيزان المليشيا وبذات الأدوات لإقرار ملامح “التقسيّم”، وكانوا يريدون جر بقية القوى السياسية والوطنية، وعلي الأقل الموجودة في “تحالفهم”مع أفراد لايعني لهم الوطن شيئاً وإنما تنفيذ “الإملاءات الخارجية” ليمهدوا ويدقوا أول مُسماراً في حائط وجدران التقسيّم، وهم للأسف “يعلمون”، وهنا عن تحالف تقدّم أتحدث وإجتماع هئيته القائدة الأخير بيوغندا، ونقولها وبكُل وضوح ودون أي ترّدُد، أن تقدّم تحالف يجمّع وطنيون وديمُقراطيّون وثوريون، ولكن معهم للأسف بعض “الإنتهازيون” و”المُتآمرون” والمنفذّون لأجندة خارجية، فعلي جميّع الوطنيّون والديمُقراطيون والثوريون داخل تقدّم الإستفاقة، فإما مُحاصرة هؤلاء الإنتهازيون المتآمرون وهم حقاً يعلمونهم، وخفض صوتهم وإخراجهم من دائرة القرار داخلها بإسم شعبنا وبلادنا، وإما “طرّدهم” وليفرزوا هؤلاء “الإنتهازيون” “عيشتهم” بعيداً عنهم، ولكي يكون الوطنيّون داخل تقدّم رصيداً خالصاً للحل الوطني السياسِي الشامل مع بقية القوي الوطنية والديمُقراطية والثورية في خارج تقدّم لوقف الحرّب والمُحافظة علي الوطن ووحدته وإنقاذ شعبه من الإبادة والتشريّد.

9 ديسمبر 2024

الوسومالانفصال التدخل الدولي الجيش الحرب الحركة الإسلامية السودان الكيزان بورتسودان جنوب السودان ليبيا نضال عبد الوهاب

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الانفصال التدخل الدولي الجيش الحرب الحركة الإسلامية السودان الكيزان بورتسودان جنوب السودان ليبيا نضال عبد الوهاب الحرکة الإسلامیة السیاس ی الس لطة

إقرأ أيضاً:

الإنسحاب الإسرائيلي من القرى الحدودية يُستكمل على مراحل

كتبت دوللي بشعلاني في" الديار": في الوقت الذي كان ينتظر فيه لبنان، أن يقوم الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين خلال محادثاته الأخيرة في بيروت التي سبقت جلسة الانتخاب، ولا سيما مع لجنة مراقبة تنفيذ الاتفاق، بتحذير "إسرائيل" من استمرار خرقها لاتفاق وقف النار، أو إدانتها لعدم التزامها ببنوده، لم يفعل ذلك، بل تحدّث عن  أنّ "الانسحابات ستستمر حتى تكون جميع القوات "الإسرائيلية" خارج الأراضي اللبنانية بشكل تام، مع استمرار انتشار الجيش اللبناني في الجنوب وصولاً لى الخط الأزرق"، من دون أن يُحدّد مهلة الـ 60 يوماً التي نصّ عليها الاتفاق.
وأشارت المصادرالى أنّ وتيرة الانسحاب ستكون أسرع، لا سيما بعد انتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية، بدعم من أصوات نوّاب الثنائي الشيعي، الذي أعلن عن ممارسة الحياد الإيجابي والاستراتيجية الدفاعية للبنان، على أمل تعيين قائد جديد للجيش يحلّ مكانه على رأس القيادة العسكرية. ولهذا فإذا استلزم هذا الانسحاب أكثر من الـ 60 يوماً، فلن يكون هناك أي مشكلة، ما دامت الخطوات يتابعها الجيش اللبناني الذي يستكمل نشر جنوده في المنطقة الجنوبية، وبمراقبة دولية من قبل الآلية التي تضمّ قوّات "اليونيفيل".

فالأمور تتعلّق بخطّة الجيش اللبناني للانتشار، التي استلزمت تدريب الجنود قبل إرسالهم الى منطقة الليطاني، على ما ذكّرت المصادر، والتي حُكي في حينه أنّها تحتاج الى نحو 3 أشهر، وأنّ الانتشار سيحصل على 3 مراحل تزامناً مع انتهاء تدريب كلّ مجموعة. غير أنّ هذا لا يعطي الحقّ لـ "الإسرائيليين" في مواصلة خروقاتهم في القرى الحدودية، وفي مواصلة تدمير المباني والمنازل فيها، وكأنّها تريد جعلها "أرض محروقة" لا تصلح للعودة والسكن فيها.  ولهذا، فإنّ سيطرة الجيش على الأرض ستمنع استمرار الخروقات للاتفاق، وتُرغم العدو "الإسرائيلي" على تنفيذ الانسحاب خلال مهلة الـ 60 يوماً إذا أمكن، والى استكماله كاملاً حتى ولو تطلّب أيّاما  قليلة إضافية بعد هذه المهلة المحدّدة، ما دامت "آلية المراقبة" موجودة لتنفيذ بنود الاتفاق على الأرض، ولبنان ممثّل فيها وبإمكانه إبلاغها بجميع الانتهاكات بهدف إيجاد الحلول المناسبة لها...
وإذا كانت "إسرائيل" قد تذرّعت بأنّ انسحابها لا يحصل بشكل سريع، بسبب بطء انتشار الجيش اللبناني في المواقع التي تخليها، تؤكّد المصادر نفسها، أنّ هذا الأمر غير صحيح. فالجيش يواصل انتشاره وفق الخطّة الموضوعة، ولم يتباطأ أو يتلكأ، بل على العكس أبدى حماسته منذ اليوم الأول لدخول اتفاق وقف النار حيّز التنفيذ، الى الانتشار في المنطقة الجنوبية، وبدأ القيام بهذا الأمر على الفور.

ويجري اليوم، وبعد انتخاب الرئيس عون بالتعويل على دعم المجتمع الدولي لإعادة إعمار الجنوب وبيروت والبقاع، وإعادة السكّان الى منازلهم في القرى الحدودية، وهو ما وعد به الرئيس في خطاب القسم، على ما أشارت المصادر، الأمر الذي من شأنه أن يبدأ بعد تنفيذ الإنسحاب "الإسرائيلي" من الجنوب وتطبيق بنود القرار 1701. كذلك فإنّ هوكشتاين، كان وعد المسؤولين اللبنانيين بدعم لبنان ومساعدته في مسألة إعادة الإعمار، وعودة الاستثمارات والازدهار الاقتصادي بعد انتخاب الرئيس، وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات قادرة على تنفيذ الخطّة الإصلاحية للبلاد.

مقالات مشابهة

  • الإنسحاب الإسرائيلي من القرى الحدودية يُستكمل على مراحل
  • «التوطين»: 51% من القوى العاملة في الإمارات شابة
  • تحذير إسرائيلي جديد إلى سكان المناطق الجنوبيّة التالية
  • زحام وتكدس في الخط الثاني لمترو الانفاق
  • اتفاقيات السلام السودانية (1972-2020)
  • الميليشيات المسلحة تهدد مستقبل العراق ؟؟
  • عطاف: إعادة فتح الخط الجوي بين الجزائر والكونغو
  • محافظة الوادي الجديد: قطع الكهرباء عن 3 قرى بالفرافرة غدا
  • البترول: تعرض وصلة خط نقل البوتاجاز عند مدينة الخانكة للكسر
  • سالم عوض الربيزي : اليمن معركة السيادة وإسناد غزة