أزمة داخلية تعصف بأكبر منظمة نقابية في تونس... فهل حان وقت تغيير القيادة؟
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
تونس - في رسالة غير متوقعة وأمام أنظار الرأي العام، أقر الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي، بأن المنظمة تعيش مخاضا داخليا بسبب تنوع واختلاف الأفكار بين مكونات المكتب التنفيذي الحالي، بحسب سبوتنيك.
ويطرح ذلك تساؤلات بشأن مدى صمود هذه المنظمة في الوقت الراهن في ظل تصاعد الدعوات إلى تغيير تركيبتها الحالية، حسبما قال الطبوبي، في الذكرى 72 لاغتيال الزعيم فرحات حشاد مؤسس الاتحاد، الذي يعد أكبر منظمة نقابية في تونس.
وتعود جذور الأزمة إلى زمن عقد المؤتمر الاستثنائي في يوليو/ تموز 2021، والذي أفضى إلى تعديل الفصل 20 من القانون الداخلي للمنظمة الذي يتيح لأعضاء القيادة الترشح لأكثر من دورة نيابية. وهو ما وصفته المعارضة النقابية بـ"الانقلاب"، مطالبين بعقد مؤتمر استثنائي من أجل تغيير التركيبة الحالية.
ماذا يحدث داخل الاتحاد العام التونسي للشغل؟
وفي تعليق لـ "سبوتنيك"، أقر الصحفي في جريدة الشعب الناطقة باسم الاتحاد العام التونسي للشغل صبري الزغيدي، بوجود أزمة داخلية صلب قيادات ومكونات الاتحاد العام التونسي للشغل.
وأضاف: "أغلبية الأزمات السابقة كانت تدور بين السلطة والاتحاد، ولكن هذه المرة نحن إزاء أزمة داخلية باتت تهدد بتقسيم هذه المنظمة العريقة".
وتابع الزغيدي: "من الجيد أن هناك قانونا أساسيا ونظاما داخليا ينظم الخلافات الداخلية داخل الاتحاد العام التونسي للشغل، وهذا القانون يفرض على بعض الأطراف النقابية احترام الآراء والمواقف المخالفة حتى لو كانت أقلية".
ويؤكد الزغيدي أن الاتحاد العام التونسي للشغل ليس حزبا سياسيا وإنما هو منظمة تضع نفسها على نفس المسافات مع أي حزب آخر ما يعنى أن الاتحاد لا يعتبر نفسه منافسا للسلطة في تونس، على حد تعبيره.
ويشير الزغيدي إلى أن الاتحاد العام التونسي للشغل يعيش على وقع تنوع فريد من نوعه في علاقة بالأطراف السياسية التي تتخذ موقفا من الوضع العام للبلاد.
وتابع: "هذا التنوع من المفروض أن يكون "ظاهرة صحية" بشرط احترام قوانين المنظمة ونظامها الداخلي.
وتأتي هذه الخلافات أيضا في ظل ظرف تواجه فيه القيادة الحالية انتقادات بسبب طريقتها في إدارة المرحلة التي تلت إجراءات 25 يوليو 2021، والتي أعلن عنها الرئيس قيس سعيد فضلا عن تعطل الحوار الاجتماعي مع الحكومة.
ويقول محدثنا بأن السلطة صاغت مرسومين وهما المرسومين 21و22 اللذان ينظمان المفاوضات بين الاتحاد العام التونسي للشغل وبين مختلف الوزارات وهو ما اعتبره الاتحاد ضربا للحق النقابي وإلغاءً لكل اتفاق سابق بين الاتحاد والحكومات المتعاقبة بما فيها حكومات ما بعد 25 يوليو، على حد قوله.
ويذهب الصحفي بالقول إن مهمة الاتحاد في الأصل هي الدفاع عن" أمهات القضايا" المتعلقة بحقوق التونسيات والتونسيين في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وكان من المفروض أن تستمع الحكومة إلى الاقتراحات والبدائل التي طرحها الاتحاد في علاقة بهذه القضايا في ظل وضع اقتصادي واجتماعي صعب فاقمته الظروف الاقليمية والدولية التي مست بالاقتصاد الوطني، إلى جانب المسألة السياسية والتي يعتبرها الاتحاد مهمة جدا خاصة في ظل ضرب الحقوق والحريات، على حد تعبيره.
وشدد الزغيدي على أن الاتحاد العام التونسي للشغل سيكون مساندا دائما للدفاع عن حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة، مضيفا: "هذه المحاور مثلت نقاط خلاف بين رئيس الدولة والأمين العام للاتحاد الذي لم يبادر بمد يده إلى الحوار في هذه القضايا".
ضرورة تكوين لجنة نقابية تدير الشأن النقابي لمدة سنة
وفي المقابل يرى المتحدث باسم اتحاد المعارضة النقابية الطيب بوعايشة، في تصريح لـ "سبوتنيك"، أن الأزمة الداخلية التي يعيش على وقعها الاتحاد العام التونسي للشغل تسببت فيها القيادة الحالية وفي شخصها الأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي، بقطع النظر عن الصراع ما بين الشقيْن (شق يطالب بتغيير التركية العضوية لقيادة الاتحاد ويطالب بتقديم المؤتمر، وشق يترأسه الأمين العام نور الدين الطبوبي يتمسك بانتهاء العهدة سنة 2027).
ولفت بوعايشة "إن الغاية من تنقيح الفصل 20 في المؤتمر الاستثنائي غير الانتخابي المنعقد في يوليو 2021 هو التشريع لبعض أعضاء قيادة الاتحاد الحالية ممّن قضوا المدّة النيابية الثانية في المكتب التنفيذي من أجل الترشح لدورة متتالية ثالثة أو أكثر خلافا لما ينصّ عليه الفصل 20 من القانون الأساسي لاتحاد الشغل الذي ينص على أن أعضاء المكتب التنفيذي الوطني يُنتخبون لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد مرّة واحدة".
وتابع : "منذ ذلك الوقت يعيش الاتحاد حالة من الركود وأزمة كبيرة وأصبح آلة معطلة وغير قادرة على حل أي مشكلة، وهو ما تؤكده تصريحات عدد من قيادته الحالية داخل المكتب التنفيذي".
ويرى الطيب بوعايشة أن المعارضة النقابية تعتبر أن تقديم المؤتمر بالنقابات الأساسية الموجودة حاليا والتي زكت مشروع "الانقلاب" على الفصل 20 يعد انتهاكا لقوانين المنظمة ولا يمكن أن يكون الحل.
ويقترح بوعايشة تكوين لجنة نقابية تدير الشأن النقابي لمدة سنة وتعمل على إعادة هيكلة الاتحاد من النقابة الأساسية إلى الفروع الجامعية والجامعات وصولا إلى المؤتمر، مشيرا إلى أن "هذه الهيكلة لا يمكن أن تكون تحت القيادة الحالية المتسببة في تعطيل آلة الاتحاد".
ويعتبر بوعايشة أن تقديم المؤتمر بهذه التركيبة لن يكون سوى إعادة إنتاج لقيادة جديدة من حيث الشكل دون التقدم من حيث المضمون، على حد قوله.
هل يكسر لقاء الرئيس والطبوبي حاجز الصمت بين الاتحاد والسلطة؟
ويرى الصحفي بجريدة الشعب صبري الزغيدي بأن لقاء 5 ديسمبر/ كانون الأول، الذي جمع رئيس الجمهورية قيس سعيد بالأمين العام للاتحاد بمناسبة إحياء ذكرى مؤسس الاتحاد العام التونسي للشغل فرحات حشاد " لا يبشر بكسر حاجز الصمت بين الطرفين".
وأضاف أن رئيس الدولة كان المتحدث الرئيسي بشكل ملفت عن التغيير واعادة كتابة التاريخ ومراجعة مجلة الشغل، دون التطرق إلى الدور الحالي للمنظمة خاصة في علاقة بعملية الإصلاح التي من المفترض أن تكون تشاركية تجمع كافة الأطراف الاجتماعية إلى جانب السلطة، على حد تعبيره.
ويعتقد الزغيدي، أنه لا يوجد متنفس بين المنظمة الشغيلة ورئاسة الجمهورية في الفترة المقبلة، وهو ما سيدفع الاتحاد إلى الدفاع عن حقه في المفاوضة الجماعية، وأن يكون له رأي وفضاء جديد ليقدم بدائله في كل ما يتعلق بالوضع العام في البلاد.
ويتابع: "رئيس الدولة مازال يعتبر أن الاتحاد لا مكان له في أي عملية إصلاح تحتاجها البلاد وهذه مسألة خطيرة يرفضها الاتحاد ويعتبر أن أي تغيير وإصلاح لا يمكن أن يكون بيد واحدة".
في السياق ذاته، يرى المحلل السياسي خالد كرونة، أن لقاء الرئيس التونسي قيس سعيد ونور الدين الطبوبي رغم أنه الأول منذ أشهر طوال، فإنه لا يكسر جسور الخلاف بين الطرفين، قائلا: "هذا الخلاف لن يزول إلا بعقد مؤتمر يستعيد فيه الاتحاد العام التونسي للشغل توازنه ويفرز قيادة جديدة، وهذا الأمر لا يزال بعيدا".
ويفيد كرونة في تعليق لـ"سبوتنيك" بأن التركيبة الحالية مصرة على الفوز من جديد في المؤتمر القادم بقيادة الأمين العام الحالي نور الدين الطبوبي، وهو ما يؤكد أن زمن تعافي الاتحاد لا يزال بعيدا، على حد قوله.
Your browser does not support the video tag.المصدر: شبكة الأمة برس
كلمات دلالية: الاتحاد العام التونسی للشغل الأمین العام للاتحاد المکتب التنفیذی الدین الطبوبی أن الاتحاد الفصل 20 أن یکون على حد وهو ما
إقرأ أيضاً:
لبنان يشكل "خلية أزمة" حول قضية المواطنين المفقودين
أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، تشكيل خلية أزمة في موضوع المفقودين والمخفيين قسراً؛ تضم الوزارات والإدارات المعنية.
وقرر ميقاتي "تشكيل خلية أزمة في موضوع المفقودين والمخفيين قسراً؛ تضم الوزارات والإدارات المعنية إضافة إلى اللجنة القضائية و"الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً، وذلك بطلب من الهيئة"، بحسب بيان صادر عن رئاسة مجلس الوزراء.
ووجه الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية كتباً إلى الوزارات والإدارات المعنية بهذا الصدد.
واجتمع ميقاتي مع المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان مساء الإثنين، واستعرضا الوضع الأمني في البلاد، كما اجتمع مع المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري وبحثا أيضاً الوضع على المعابر الحدودية.
يذكر أنه خلال فترة الوجود السوري في لبنان التي استمرت من العام 1976 إلى العام 2005، اعتقل عدد من اللبنانيين ونقلوا إلى السجون السورية لأسباب عدة.
وشكل مجلس الوزراء اللبناني في العام 2005 لجنة لمعالجة قضية اللبنانيين المعتقلين في سوريا، ومهمتها جمع المعلومات عن اللبنانيين المعتقلين في السجون السورية، وتأمين الاتصال بالسلطات القضائية والأمنية السورية المختصة والعمل على إطلاق سراحهم.
كما تم إنشاء الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً في لبنان في العام 2018. وبعد سيطرة فصائل المعارضة السورية على المحافظات والمدن السورية وسقوط النظام السوري، تم فتح السجون السورية وخرج منها عدد من اللبنانيين كانوا معتقلين.