الملكية الفكرية.. تعزيز للتنويع الاقتصادي وحماية للمستثمرين والمبتكرين
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
جهود متعددة لدعم منظومة الملكية الفكرية:
- حلول لتطوير الخدمات بالشراكة مع المبتكرين وممثلي القطاع الخاص
- تخفيض وإلغاء ودمج عدد من الرسوم الحكومية ومن بينها خدمات الملكية الفكرية وتسجيل براءة الاختراع
- الربط ما بين المبتكرين والشركات الناشئة من جانب وجهات التمويل ومجتمع المستثمرين من جانب آخر
- استراتيجية وطنية للملكية الفكرية ضمن التوجهات الاستراتيجية لرؤية عُمان
أصبح الابتكار ركيزة لا غنى عنها لتعزيز النمو الاقتصادي ورفع تنافسية الدول، وتؤدي السياسات والتوجهات الحكومية دورا أساسيا في إيجاد بيئة داعمة للمبتكرين وتوفير الحماية اللازمة لحقوق الملكية الفكرية في مختلف جوانبها، وللحصول على نتائج أفضل لهذه السياسات تحتاج الدول إلى إيجاد منظومة قوية للملكية الفكرية لتمكين المبتكرين والشركات والمستثمرين من الدخول في الأسواق وفي شراكات اقتصادية واستثمارية مع تمتعهم بالثقة في حماية ابتكاراتهم.
وتعطي سلطنة عُمان اهتماما متزايدا بالتشجيع على تسجيل براءات الاختراع وتوثيق مختلف حقوق الملكية الفكرية للإسهام في تنمية الاقتصاد عبر تسويق الابتكارات وتعزيز الربط ما بين المبتكرين والشركات الناشئة من جانب وجهات التمويل ومجتمع المستثمرين من جانب آخر؛ بهدف دعم الابتكارات وتسهيل تحولها للإنتاج التجاري وزيادة دور منظومة الملكية الفكرية وتفعيل دورها في نمو وتطور الاقتصاد الوطني وفتح مجالات واسعة لمزيد من الاستثمارات النوعية الجديدة.
ومع نجاحها في تحقيق معدلات جيدة من النمو الاقتصادي خلال العامين الأخيرين، تسعى سلطنة عمان إلى إرساء مسار مستدام للنمو والتنويع الاقتصادي، وتضع تعزيز الابتكار وحماية حقوق الملكية الفكرية ركيزة أساسية للوصول لذلك، مع اهتمام بزيادة وعي المجتمع ورواد الأعمال بمجال حقوق الملكية الفكرية، وتشير الاستطلاعات التي أجراها المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن المجتمع العماني يبدي بالفعل وعيا جيدا بمفهوم وأهمية الملكية الفكرية، ومن المتوقع أن تسهم حلقات العمل والتوعية الإعلامية المتواصلة التي تقوم بها مختلف الجهات المعنية في إيجاد ثقافة مجتمعية تعزز منظومة الملكية الفكرية.
وتقدم التطورات الإيجابية في بيئة الأعمال في سلطنة عمان فرصا جيدة لتعزيز الابتكار في مختلف قطاعات الاقتصاد العماني مع التزايد الملموس في عدد الاستثمارات الأجنبية المعتمدة على التقنيات الحديثة والارتفاع المطرد في مشروعات ريادة الأعمال والشركات الناشئة.
وتركز جهود تعزيز منظومة الملكية الفكرية على العديد من الجوانب منها نشر الوعي بين أفراد المجتمع ووضع حلول لتطوير خدمات الملكية الفكرية في سلطنة عمان، بمشاركة مجموعة من المبتكرين وممثلي القطاع الخاص ورواد الأعمال والداعمين والمهتمين بمختلف قطاعات الملكية الفكرية، كما جرى خلال المرحلة الثانية من دليل تسعير الرسوم الحكومية تخفيض وإلغاء ودمج 127 من الرسوم الحكومية ومن بينها خدمات الملكية الفكرية وخدمات تسجيل براءة الاختراع للشركات والأفراد؛ بهدف تشجيع المبتكرين والشباب على تسجيل حقوق الملكية الفكرية.
وضمن التزام سلطنة عمان بحماية حقوق الملكية الفكرية، وحماية الاختراعات والابتكارات، ورفع مستوى الوعي الوطني يجري إعداد استراتيجية وطنية للملكية الفكرية ضمن التوجهات الاستراتيجية لرؤية عُمان 2040، المتمثلة في تمكين القدرات الوطنية وحماية الحقوق الفكرية وتنمية الأفراد المبدعين وتعزيز الاقتصاد المعرفي، كما يجري حاليا برنامج للتعاون الشامل والمستدام بين سلطنة عُمان ومنظمة الويبو لإنشاء منظومة ممكنة للملكية الفكرية تتضمنها استراتيجية وطنية متسقة وموائمة لـ"رؤية عُمان 2040"، والإسهام في تعزيز القدرة التنافسية وتشجيع الابتكار وريادة الأعمال.
وتشير إحصاءات المكتب الوطني للملكية الفكرية بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار إلى أن عدد طلبات التسجيل يتجه للارتفاع بشكل ملحوظ، ما يؤكد على العلاقة الإيجابية والدعم المتبادل ما بين حماية حقوق الملكية الفكرية والتطورات التقنية التي تشهدها مختلف قطاعات الاقتصاد بدعم من توجهات التنويع وارتفاع نمو الناتج المحلي والاهتمام غير المحدود بتشجيع ريادة الأعمال والاستثمارات الخاصة.
وفي هذا السياق تشجع وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار على وضع سياسات للملكية الفكرية في المؤسسات التي تقوم بالبحث والتطوير قبل الشروع في تملك لأي حق من حقوق الملكية الفكرية من خلال هذه البحوث وأن تكون هناك سياسة لإدارة هذه الحقوق بهدف ضمان حقوق جميع الأطراف، وتجنب أي خلافات عند تنظيم العملية البحثية التي قام بها أكثر من طرف وبأدوار مختلفة.
وفضلا عن دورها في تعزيز توجه الاقتصاد نحو التنويع الاقتصادي، وتحفيز وجذب الاستثمارات الأجنبية، تأتي منظومة الملكية الفكرية لتقدم دعما لقطاعات مهمة في خطط التنويع منها الصناعة والسياحة، إذ تحمي الملكية الفكرية الصناعات الإبداعية التراثية التي اشتهرت بها سلطنة عمان بصفتها مكونا أساسيا في الهوية العمانية، وتمكن من الاستفادة من الهوية التسويقية الفريدة للمنتجات العُمانية ودعم الصادرات وخاصة المنتجات التي لها علاقة بالمؤشرات الجغرافية العُمانية مما يفتح آفاقا واسعة للصناعات الإبداعية، وترويج العلامات التجارية والمنتجات العمانية عبر مسميات تعبر عن منشأ السلع وتحمل أسماء من الإرث الثقافي واستغلاله في إنشاء علامات تجارية وطنية، ويساعد ذلك في نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة وزيادة اندماجهم في الأسواق المحلية والعالمية.
ويشار إلى أنه فيما يتعلق بحماية الصناعات الإبداعية الوطنية، تدير منظمة الويبو ثلاث معاهدات متعددة الأطراف تحتوي على أحكام تتعلق بحماية البيانات الجغرافية، وقد انضمت سلطنة عمان لهذه المعاهدات وهي اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية، واتفاقية تربس، واتفاقية لشبونة؛ بشأن حماية تسميات المنشأ وتسجيلها على الصعيد الدولي، وجاء الانضمام للاتفاقية الأخيرة في مارس من عام 2021، ضمن سعي سلطنة عمان لحماية الصفات الفريدة للمنتجات العمانية الأصل وتعزيزها، وتوفر وثيقة جنيف لاتفاقية لشبونة توثيقا للإرث العماني وحمايته مثل حرفيي الخناجر العمانية الشهيرة لاسيما "الخنجر السعيدي" ومنتجي الحلوى العمانية والليمون العماني، والصفيلح ومربي الـماعز الجبالي وماعز الباطنة وغير ذلك من الصناعات الحرفية الإبداعية وترويجها بوصفها منتجات عمانية أصيلة تعبر عن الناتج الإبداعي للهوية الوطنية.
ويذكر أن حقوق الملكية الفكرية تخدم فئات عديدة خاصة المخترعين وأصحاب الابتكارات، وأصحاب الأعمال الإبداعية الأدبية، ورواد الأعمال وأصحاب المؤسسات الصغيرة والناشئة والمستثمرين في الشركات العالمية والوطنية والمبتكرين والباحثين في مراكز البحوث.
وتشير الدراسات والأبحاث التي أجرتها منظمة الويبو إلى أن حماية الملكية الفكرية تعد عنصرا مهما من عناصر السياسات الاقتصادية الوطنية، وقد تواجه الحكومات خيارات معقدة تتعلق بكيفية تصميم نظام للملكية الفكرية يخدم أهداف سياساتها على أفضل وجه، وفي تحديد كيفية الاستجابة للتحديات التي تشهدها الدول نتيجة المتغيرات في التكنولوجيا ونماذج الأعمال، ويسهم التعاون بين الحكومات والويبو في فهم الآثار الاقتصادية لمختلف خيارات سياسة الملكية الفكرية وإتاحة مدخل أولي إلى المعلومات الخاصة باقتصاديات الملكية الفكرية.
ويذكر أن حماية الملكية الفكرية هو أحد المؤشرات التي تحدد مرتبة كل دولة في مؤشر الابتكار العالمي الذي يرصد ويقيس الاتجاهات العالمية في مجال الابتكار، ويحدد دور الابتكار في دعم نمو الإنتاجية والتغلب على مختلف التحديات التي تواجه النمو والتنمية. ويتناول المؤشر الاقتصادات الأكثر ابتكاراً في العالم بترتيب الأداء الابتكاري مع إبراز مواطن القوة والضعف في كل اقتصاد في الدول التي يتضمنها الاقتصاد والهدف هو تقديم صورة متكاملة عن مشهد الابتكار، ويتضمن مؤشر الابتكار نحو 80 مؤشراً فرعيا، بما في ذلك قياسات لتقدير البيئة السياسية والتعليم والبنية الأساسية وآليات استحداث المعرفة في كل اقتصاد.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: حقوق الملکیة الفکریة للملکیة الفکریة سلطنة عمان من جانب سلطنة ع إلى أن
إقرأ أيضاً:
بين الحرب على غزة وضربات اليمن.. الاقتصاد الإسرائيلي يفقد جاذبيته للمستثمرين
يمانيون/ تقارير كشفت بيانات صادرة عن مكاتب متخصصة بالهجرة العالمية، عن مغادرة أكثر من 1700 مليونير إسرائيلي البلاد خلال العام 2024، مما يشير إلى تراجع ملحوظ في جاذبية “إسرائيل” كوجهة للاستثمار والأعمال.
هذه الأرقام، التي نشرتها صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، تعكس حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي والأمني المتزايد في “إسرائيل”، والذي تفاقم بشكل كبير منذ اندلاع العدوان على غزة في أكتوبر 2023م.
لم تشر الصحيفة الإسرائيلية بشكل مباشر إلى أسباب هذه الهجرة الجماعية، إلا أن التقارير العبرية تشير بوضوح إلى أن الحرب على غزة وما ترتب عليها من أعباء اقتصادية وأمنية، تلعب دورًا محوريًّا في هذا النزوح.
فالصراع المستمر، والتوترات الأمنية المتزايدة، والتهديدات الصاروخية التي تطال المدن الإسرائيلية، تخلق بيئة غير مواتية للاستثمار والأعمال.
إلى جانب العدوان على غزة، يبرز دور القوات المسلحة اليمنية كعامل إضافي في زعزعة الاستقرار في إسرائيل؛ فعمليات القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر، والتي تستهدف السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية، تسببت في تعطيل حركة الملاحة البحرية والتجارة؛ مما أدى إلى خسائر اقتصادية فادحة لإسرائيل.
هذه العمليات، التي تهدف إلى دعم المقاومة الفلسطينية في غزة، أثبتت فعاليتها في الضغط على إسرائيل وإجبارها على دفع ثمن باهظ لعدوانها.
تراجع أعداد المليونيرات في كيان العدوّ الإسرائيلي ليس مجرد رقم، بل هو مؤشر على تراجع جاذبية الكيان كمركز مالي واستثماري.
فالأثرياء ورجال الأعمال، الذين يمثلون شريحة حيوية في الاقتصاد الإسرائيلي، يبحثون عن بيئة أكثر استقرارًا وأمانًا لاستثماراتهم وأعمالهم. وهذا النزوح الجماعي لرؤوس الأموال يمكن أن يكون له تداعيات خطيرة على اقتصاد العدوّ على المدى الطويل.
في ظل استمرار العدوان على غزة وتصاعد عمليات القوات المسلحة اليمنية، يبدو مستقبل الاقتصاد الإسرائيلي غامضًا ومليئًا بالتحديات؛ فكيان العدوّ الإسرائيلي يواجه اليوم أزمة اقتصادية وأمنية غير مسبوقة، وقد تكون هذه الأزمة بداية لمرحلة جديدة من عدم الاستقرار والركود الاقتصادي.
نقلا عن موقع المسيرة نت