خلال الأيام القليلة المقبلة، تعلن أكاديمية الأوسكار لفنون وعلوم السينما الأمريكية قائمتها القصيرة للأفلام المتنافسة على جائزة أفضل فيلم أجنبي، في الدورة الـ"97"، حدث جلل يدرك قيمته محبو الفن السابع، حيث تتجه الأنظار نحو المحفل العالمي الأهم، والذي يرفع ستار حفل جوائزه المرموقة في الثاني من مارس، 2025، وتنقله تليفزيونات أكثر من "200" دولة حول العالم، ويطمح كل من يعمل في هذا المضمار، ولو بأن ينال شرف "السير على سجادته الحمراء الأشهر"، المفروشة أمام مسرح "دولبي" في عاصمة السينما العالمية، هوليوود، بمدينة لوس أنجلوس، الأمريكية.

فئة أفضل فيلم أجنبي، يتقدم إليها الأفلام التي أنتجت خارج الولايات المتحدة، والناطقة بغير اللغة الإنجليزية، ومن بين الأفلام الأجنبية، كان لهذا العام نصيب لا بأس به من الأفلام العربية المتقدمة للمسابقة، وإن كنا لا نعرف حتى وقت كتابة هذه السطور، أياً منها سوف يصل للقائمة القصيرة المزمع إعلانها خلال أيام، ولكن بـ"لغة كرة القدم" فإنه حدث يشبه شرف "الوصول للتصفيات النهائية المؤهلة لكأس العالم"، وربما يشطح خيال صناع "السينما العربية" لتجاوز خانة "التمثيل المشرف"، من مصر وفلسطين ولبنان والعراق والجزائر والمغرب وتونس، والكل لديه طموحه المشروع.

ومنذ أيام، استضافت جمعية هوليوود للفيلم العربي، فعاليات "موسم الجوائز"، عُرض خلاله فيلم "رحلة 404"، الذي يمثل مصر رسمياً بمسابقة الأوسكار، بطولة منى زكي ومحمد ممدوح ومحمد فراج وشيرين رضا وعارفة عبد الرسول، للمخرج هاني خليفة، والمؤلف محمد رجاء، بعد مواجهة عراقيل على مدار "11" سنة قبل أن يتمكن الفيلم من الخروج للنور، بسبب حمل بطلته منى زكي، وأزمات الرقابة، وإعادة تصوير مشاهد مثيرة للجدل، وانتهاء بتغيير عنوان الفيلم الذي كان "القاهرة مكة"، حتى طُرح في دور العرض السينمائي، في مستهل 2024، ليحقق نجاحاً على مستوى الجمهور والنقاد، وضربت منى زكي بطلة الفيلم عصفورين بحجر واحد: اقترابها من حاجز الثلاثين مليون جنيه في شباك التذاكر، لتكسر بذلك رقماً قياسياً كان مسجلاً باسم ياسمين عبد العزيز صاحبة أكبر إيرادات "بطولة نسائية" لفيلمها "أبو شنب"، في 2016 (17 مليون جنيه)، كما تفوقت منى زكي على نفسها، بكسر رقم "12" مليون جنيه، الذي كان مسجلاً باسمها كبطولة نسائية لفيلم "غير كوميدي"، هو "احكي يا شهر زاد/2009"، لتغـرد وحدها، في "رحلة 404"، وتخوض من خلال الأحداث "حرباً نفسية واجتماعية" من أجل التوبة والتطهير وأداء فريضة الحج، بعد أن كانت تبيع جسدها في الماضي.

كانت فكرة الفيلم مثار جدل ديني ورقابي واسع المدى، مع الإغراق في المعاني الفلسفية للإنسان وعلاقته بالخالق الأعظم، و"شكوكه" في تقبل الله للتوبة، و"التقليب" في دفاتر خطايا الماضي بعد التورط في ضائقة مالية، وبرغم مشاركة "رحلة 404" في العديد من المهرجانات الدولية (روتردام للفيلم العربي، هوليوود للفيلم العربي، أسوان لأفلام المرأة، الأقصر للأفلام الأفريقية)، وحصوله على عدد لا بأس به من الجوائز، وأعلى التقييمات، إلا أن هناك مخاوف منطقية من خروج الفيلم من قائمة "أوسكار"، لعدم قدرته على منافسة أفلام من كوريا والأرجنتين وأوروبا الشرقية، وترشيح لجنة التحكيم له من منطلق أنه "أفضل المتاح حالياً"، فقط، دون تحقيق المعايير المثالية، ولكن الآمال لم تزل تحيا في قلوب عشاق السينما المصرية، وإن كان بعض النقاد شبّه ترشيح الفيلم بـ"قراءة الفاتحة" مبدئياً لحين إتمام إجراءات الزواج، فإننا نأمل إن "ربنا يتمم بخير"!

وبرغم ريادة الفيلم المصري في الترشح للأوسكار، منذ خمسينيات القرن الماضي، عن طريق المخرج الكبير يوسف شاهين بفيلمه "باب الحديد"، وتوالي ترشيحات مصر، لتصل إلى "37" فيلماً، آخرها "فوي فوي" في العام الماضي، إلا أنها عجزت، جميعها، عن الوصول للقائمة القصيرة للمسابقة التي اقترب عمرها من "المائة"، بينما كان للسينما العربية وصول "لا بأس به" للقائمة القصيرة، منها العراق والأردن وفلسطين ولبنان وموريتانيا، وكل من تونس والمغرب (اللتين كان آخر وصول لهما في العام الماضي)، وأخيراً الجزائر، صاحبة الإنجاز الأكبر، والأوحد، بحصول فيلم "Z" إنتاج جزائري فرنسي مشترك، على جائزة أفضل فيلم أجنبي، 1969، ومنذ ذلك الحين، يحلم صناع السينما العربية بهتاف: "كلاكيت ثاني مرة.. الجائزة عربية".

وكانت أول مساحة للفيلم الأجنبي، قد منحتها الأكاديمية في دورة 1948، لتصبح ضمن مسابقاتها الرسمية، عام 1957، أي بعد قرابة ثلاثة عقود على إنشاء الجائزة المرموقة، ومنذ ذاك الحين، يحارب صناع السينما العربية للوصول للمحفل الكبير، وإن كانت الجزائر الأكثر وصولاً للقائمة القصيرة، بما يرجح احتمالية وصول الفيلم الجزائري الجديد "196 متر"، المستوحى من أحداث حقيقية تجسد مآسي الحرب الأهلية المعروفة باسم "العشرية السوداء"، التي وقعت خلال الفترة بين "1992/2002"، للمخرج الجزائري شكيب طالب بن دياب، الذي وصف فيلمه بأنه "واقع إنساني حقيقي نظر إليه من عدسة فيلم إثارة"، فيما يشارك العراق بفيلم "ميسي بغداد"، تأليف وإخراج سهيم عمر خليفة، وتدور الأحداث في بغداد، حيث الآثار المدمرة للحرب، حول الطفل "حمودي" الذي يعشق كرة القدم، ويريد أن يصبح مثل نجم الأرجنتين "ليونيل ميسي"، وتنهار أحلامه بعد "بتر ساقه" خلال قصف منزله، ولكنه لم يفقد شغف متابعة معشوقته الساحرة المستديرة.

ويشارك المخرج الفلسطيني الكبير رشيد مشهراوي بفيلمه الوثائقي "من المسافة صفر" الذي يسرد قصصاً مختلفة في إطار الحرب، ويعتبر بمثابة مشروع فلسطيني متكامل كشريط سينمائي طويل، يضم "22" فيلماً قصيراً، لمخرجين وفنانين عالقين في قطاع غزة، عُرض الفيلم لأول مرة في مهرجان عمان السينمائي الدولي هذا العام، ووضع موسيقاه نصير شمة، كما تشارك تونس بفيلمها "المابين" للمخرجة ندى المازني حفيظ، ويجسد معاناة "اضطراب الهوية الجنسية" والعقد النفسية والاضطهاد المجتمعي الناجم عنها، وحصد عدداً من الجوائز بمهرجانات عالمية، وبعد وصولها أكثر من "4" مرات للقائمة القصيرة، ويشارك لبنان بفيلم "أرزة"، إخراج ميرا شايب، حول الأم "أرزة"، التي تتحايل على قسوة الحياة في بلادها، لتجسد معاناة المرأة العربية، واختير الاسم رمزاً لشجرة الأرز اللبنانية.

وللمرة الخامسة في تاريخه، يتم ترشيح المخرج المغربي نبيل عيوش لتمثيل بلاده في أوسكار، بفيلمه الجديد "الجميع يحب تودة" الذي يدور حول كفاح ابنة القرية لرعاية ابنها، وشارك الفيلم في فئة "بريميير" بالدورة الماضية لمهرجان "كان"، كأكبر إنجاز عربي في المهرجان الفرنسي العريق.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الجزائر الرحلة 404 جوائز الأوسكار للقائمة القصیرة منى زکی

إقرأ أيضاً:

المصباحي: أدب الرحلة في تراجع والعالم العربي بحاجة لإحيائه

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال حسونة المصباحي، الكاتب والروائي التونسي، إن الجوائز الأدبية دائمًا ما تشكل شرفًا للكاتب، حيث لا تقتصر على كونها تكريمًا ماديًا فقط، بل تشمل التكريم المعنوي الذي يعزز من عزيمته، مضيفًا أنه ككاتب يعيش من قلمه، فإن حصوله على جائزة يسهم في حل العديد من مشكلات الحياة اليومية ويدفعه للاستمرار في الكتابة.

تعليقًا على أدب الرحلات، أشار المصباحي، خلال مداخلة ببرنامج "صباح جديد"، على قناة "القاهرة الإخبارية"، إلى أن العرب في الماضي كانوا سفراء عظام، حيث كان العديد من الفلاسفة والكتاب والشعراء من كبار المسافرين مثل ابن خلدون وابن عربي وابن بطوطة، الذين سافروا إلى مختلف أنحاء العالم، لكن أدب الرحلة في العصر الحديث فقد مكانته البارزة، في الوقت الذي تم فيه تسليط الضوء على الرواية والشعر، ومع ذلك، هناك محاولات حاليًا من مركز ابن بطوطة للأدب الرحلي، الذي يساهم في تشجيع الكتاب على تدوين رحلاتهم، بالإضافة إلى المكتبات الخاصة التي تروج لهذا النوع الأدبي في تونس والعالم العربي.

وتحدث المصباحي عن تونس باعتبارها مصدر إلهامه الأول، حيث قال إنها تحمل تاريخًا وثقافة غنية، وأن الشخصية التونسية كانت وما زالت محور اهتمامه في أعماله الأدبية، مضيفًا أنه رغم سفره بعيدًا عن تونس، ظل متمسكًا بهويته الثقافية، واهتم بتوثيق تاريخ بلاده، كما في روايته "أشواك الياسمين"، التي تناولت فترة ما بعد سقوط نظام بن علي وناقشت بعض الظواهر التي كانت مستترة في تونس مثل التطرف الديني.

وأوضح المصباحي أنه ابن الريف التونسي، وتحديدًا من مدينة قيروان، حيث نشأ في بيئة معزولة عن العالم، ولم تكن هناك كهرباء أو سيارات، مضيفًا أنه تربى على الحكايات الشعبية التي كانت سائدة في تلك المنطقة، وعندما انتقل إلى الجامعة، شعر أن الأدب التونسي كان يركز فقط على المدينة، ما دفعه للكتابة عن حياة الريف في أعماله.

مقالات مشابهة

  • بلو أوريجن ترجئ رحلة صاروخ نيو غلين إلى الفضاء
  • المصباحي: أدب الرحلة في تراجع والعالم العربي بحاجة لإحيائه
  • ‎تأجيل موعد الإعلان عن ترشيحات الأوسكار بسبب الحرائق
  • حرائق كاليفورنيا تلتهم منازل وتؤجل حفل توزيع جوائز الأوسكار وهوليوود.. مالقصة
  • حرائق الغابات تجبر مشاهير هوليوود على الهروب من الأوسكار.. القصة الكاملة
  • من بينها الأوسكار.. حرائق لوس أنجليس توقف موسم جوائز هوليوود
  • حرائق لوس أنجلوس تهدد قلب هوليود: تأجيل حفل جوائز الأوسكار بسبب الكارثة
  • شرب الصودا يؤدي إلى اضطرابات التمثيل الغذائي والسكري
  • محمل فتح الخير يحط رحاله بميناء خصب قادما من قطر
  • "الجحيم" يعطل ترشيحات الأوسكار.. "نيران" على أبواب هوليود