يبدو أن استئناف المفاوضات غير المباشرة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل هذه المرة يأخذ شكلاً أكثر جدية، بعد سلسلة من الجولات غير المثمرة التي استمرت لما يقرب من أربعة عشر شهرًا، فشلت خلالها جميع الجهود في إنهاء حالة القتل والتدمير التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، حتى أن محكمتي العدل الدولية والجنائية الدولية اعتبرتها بمثابة إبادة جماعية وتطهير عرقي، ما يستوجب محاكمة المسئولين عنها بتهمة ارتكاب جرائم حرب وفقًا للقانون الدولي.

ونجحت الجهات المعنية في مصر، مؤخرًا، في إحراز تقدم مهم بتوحيد الرؤى الفلسطينية من خلال مقترح إسناد مجتمعي لإدارة قطاع غزة بعد الانتهاء المرتقب للحرب في القطاع، وجاء ذلك بعد أن شهدت القاهرة العديد من اللقاءات خلال الأيام القليلة الماضية، بهدف عقد جلسات مصالحة داخلية بين فتح وحماس حول طريقة إدارة قطاع غزة بمشاركة عناصر من فتح، إلى جانب بعض العناصر من حماس وبقية الفصائل، بما يضمن الحفاظ على مصالح الشعب الفلسطيني وإعلائها فوق المصالح الذاتية أو الحزبية الضيقة.

على صعيد مفاوضات وقف إطلاق النار، كانت إسرائيل هذه المرة صاحبة المبادرة في طلب التفاوض بشأن وقف إطلاق النار، والإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وطلبت من الوسطاء استئناف جهود الوساطة والسعي لدى حماس لاستئناف المفاوضات بهدف تحقيق وقف إطلاق النار، والإفراج عن بقية الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لديها.

يأتي هذا التحول في الإرادة الإسرائيلية على خلفية التطورات الخطيرة التي تشهدها الساحة السورية حاليًا، وهو ما دفع دولة الكيان المحتل إلى تكثيف اهتمامها بما يجري هناك، مما جعل جيش الاحتلال يراقب عن كثب الأحداث في سوريا، ويكثف وجوده على الحدود السورية- الفلسطينية، كما يعمل على احتلال أراضٍ سورية بذريعة إنشاء مناطق عازلة داخلها لحماية قواته وحدوده المزعومة من أي تهديد قد تمثله قوات ما يسمى بـ«تحرير الشام»، من مخاطر.

ومن بين أسباب جدية الإرادة الإسرائيلية هذه المرة أنه بعد إنجاز الاتفاق على وقف إطلاق النار مع حزب الله في لبنان، كان لا بد من التوصل إلى اتفاق مماثل لوقف إطلاق النار في غزة، خاصة بعد أن تم هدم نحو 85% من المباني والمنشآت السكنية والتعليمية والطبية وغيرها في قطاع غزة، فضلاً عن مقتل وإصابة أكثر من 150 ألف فلسطيني، كما أن الحرب في غزة بدأت تفقد معناها وتستنفد مضمونها، خصوصًا بعد فشل جيش الاحتلال، على مدار أكثر من 14 شهرًا من حرب شرسة، في تحقيق أهدافها الرئيسية، سواء بالإفراج عن الأسرى الإسرائيليين أو القضاء على المقاومة الفلسطينية التي ما زالت تقاتل في القطاع وتبتكر الكمائن والشراك التي تقتنص العشرات من جنود وضباط الاحتلال.

وكان مسئولون إسرائيليون قد تحدثوا، مؤخرًا، عن بدء انفراجة في المفاوضات، وسط أنباء عن استئناف الوساطة بين الجانبين، وتسارع الجهود السياسية للتوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، كما أذاعت القناة 12 الإسرائيلية عن الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ قوله إن هناك مفاوضات مكثفة بشأن صفقة الرهائن، وقال وزير خارجية الكيان، جدعون ساعر، بأن هناك فرصة لإبرام صفقة الرهائن، وقال في منشور له على موقع «إكس» إن إسرائيل ترى فرصة للتوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن، وهي جادة في نيتها التوصل إلى مثل هذه الصفقة.

أشارت معلومات إسرائيلية إلى وجود مقترح جاد من مصر، إضافة إلى اتصالات جادة ومتقدمة بشأن تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، وفقًا للمقترح المصري، على الرغم من التكتم الشديد المحيط بهذه المبادرة، وفي المقابل، أكدت حركة حماس أن أي اتفاق لتبادل الأسرى يجب أن يحقق وقف العدوان على قطاع غزة وعودة النازحين إلى مناطقهم، كما اتهمت رئيس وزراء الكيان المحتل، بنيامين نتنياهو، بتعمد إفشال جولات المفاوضات السابقة لمواصلة حرب الإبادة الجماعية التي يقودها في قطاع غزة.

يأتي هذا بعد أن أعلنت حركة حماس، التي ما يزال قادتها في مصر منذ أكثر من أسبوع، عن وضع اللمسات الأخيرة على مقترح مصري لتشكيل «لجنة إسناد مجتمعي» لإدارة قطاع غزة. وجاء ذلك بعد محادثات أجرتها الحركة في القاهرة بدأت منذ أسابيع، وتم الإعلان عن إتمام التوافق عليها مع حركة فتح يوم الأربعاء الماضي.

بدورها، استجابت إمارة قطر لدعوات استئناف دورها في الوساطة بجانب مصر والولايات المتحدة الأمريكية، للتوصل إلى اتفاق بين حماس وإسرائيل. خاصة أن هناك تقارير تشير إلى أن ستيف ويتكوف، المبعوث الجديد للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، قد التقى رئيس وزراء قطر ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بالإضافة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ويأتي ذلك في إطار بدء الجهود الدبلوماسية لترامب للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح المحتجزين، قبل توليه منصبه في 20 يناير المقبل.

أشارت حركة حماس على لسان أحد قيادييها، باسم نعيم، إلى أن هناك استئنافًا لمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة بهدف إنهاء القتال وإطلاق سراح الرهائن، وقد بدأ ذلك يوم الخميس الماضي. وأكد أن هناك حالة من التفاؤل بشأن التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب المستمرة منذ 14 شهرًا.

وأوضح القيادي في حماس، باسم نعيم، أن الجهود لإعادة تنشيط المحادثات خلال الأيام الأخيرة تهدف إلى إنهاء القتال وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة، مقابل الإفراج عن الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية. كما أشار إلى أنه يعتقد أن الإدارة الأمريكية الجديدة، بقيادة دونالد ترامب، قد تؤثر إيجابيًا على الوضع، نظرًا لأن ترامب جعل من وقف الحروب في المنطقة جزءًا من برنامجه الانتخابي.

وأضاف نعيم أن الحركة متمسكة بمطالبها الأساسية التي أصرت عليها في الجولات السابقة من المفاوضات، بما في ذلك تطبيق وقف كامل لإطلاق النار، انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وضمان حق الفلسطينيين النازحين داخليًا في العودة إلى منازلهم، ومع ذلك، أكد نعيم أن الحركة مستعدة لإظهار مرونة فيما يتعلق بتنفيذ هذه المطالب، بما يشمل الاتفاق على جدول زمني محدد لانسحاب القوات الإسرائيلية من الأجزاء الرئيسية في قطاع غزة.

يأتي هذا الحرص على إنجاز اتفاق لوقف إطلاق النار وحل أزمة المحتجزين بعد الإنذار الذي وجهه ترامب لجميع الأطراف، والذي حذر فيه من أن الشرق الأوسط قد يتعرض لـ«الجحيم» إذا لم يتم الإفراج عن المحتجزين قبل أن يتولى مهام منصبه في 20 يناير المقبل، وفي سياق متصل، أعلن الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، يوم الأربعاء الماضي، أن بلاده تسعى جاهدة للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة قبل أن يتولى ترامب منصبه رسميًا.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: إسرائيل المقاومة الفلسطينية هدنة غزة عناصر فلسطينية إبادة جماعية وتطهير عرقي وقف إطلاق النار فی غزة المقاومة الفلسطینیة فی قطاع غزة للتوصل إلى استئناف ا أن هناک

إقرأ أيضاً:

تفاؤل مصري بالتوصل لهدنة في غزة خلال أسبوعين

حسن الورفلي (القاهرة)

أخبار ذات صلة ضمن "الفارس الشهم 3".. وصول قافلة مساعدات إماراتية إلى قطاع غزة الإمارات تقدم مساعدات للنازحات في شمال قطاع غزة

تسود حالة من التفاؤل في العاصمة المصرية القاهرة بإمكانية التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار وهدنة إنسانية في غزة خلال الأسابيع المقبلة، وذلك في إطار الجهود المكثفة التي يبذلها الوسيط المصري لتقريب وجهات النظر بين حركة حماس والوفد الإسرائيلي المفاوض، بحسب ما أكده مصدر مطلع لـ«الاتحاد».
وأشار المصدر إلى أن القاهرة تلقت إشارات إيجابية حول إمكانية إنجاز صفقة لتبادل الأسرى خلال الأيام المقبلة، كاشفاً عن زيارة مرتقبة لوفد إسرائيلي على العاصمة القاهرة، للتشاور مع الجانب المصري حول آليات تفعيل صفقة تبادل على مراحل، وصولاً لاتفاق كامل وشامل لوقف إطلاق النار.
وأوضح المصدر أن المرحلة الأولى تشمل التوصل لهدنة إنسانية مؤقتة لمدة 8 أسابيع يتم خلال إبرام صفقة جزئية لتبادل الأسرى، مشيراً إلى أن مفاوضات ستجري خلال هذه الهدنة لبحث التوصل لاتفاق كامل لوقف الحرب والدفع نحو إدخال كميات ضخمة من المساعدات الإنسانية للنازحين الفلسطينيين.
ومن المزمع أن ينعقد الكابينيت، مساء الخميس المقبل، لمناقشة مقترح وقف إطلاق النار في غزة وسبل إنجاز صفقة تبادل للأسرى؛ بحسب ما أوردت وسائل إعلام إسرائيلية.
فيما قال وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر: «إن هناك مفاوضات غير مباشرة جارية بشأن اتفاق تبادل أسرى، وأن فرص تحقيق ذلك تحسنت».

مقالات مشابهة

  • البيت الأبيض: نأمل في التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بغزة قبل نهاية ولاية بايدن
  • القوى الفلسطينية تشيد بدور مصر لوقف العدوان ولإنهاء الانقسام
  • "فتح" تشيد بالحوار الإيجابى والمثمر مع مصر لوقف إطلاق النار فى غزة
  • تفاؤل مصري بالتوصل لهدنة في غزة خلال أسبوعين
  • وزير إسرائيلي : متفائل بشأن وقف إطلاق النار في غزة
  • ملف تهدئة غزة: الوسطاء يعقدون سلسلة لقاءات جديدة لعقد صفقة متعددة المراحل
  • الوسطاء يعقدون سلسلة لقاءات للتوصل إلى صفقة متعددة المراحل لتبادل الأسرى وإيقاف إطلاق النار في غزة
  • «فتح» تشيد بالحوار الإيجابي الجاري في مصر بشأن وقف إطلاق النار في غزة
  • فتح تشيد بالحوار الإيجابي الجاري مع مصر حول حشد الجهود لوقف إطلاق النار