تساءل المعلق في مجلة "بوليتيكو" النسخة الأوروبية منها جيمي ديتمر، حول انهيار نظام الأسد وإن كان بسبب عفنه المتأصل أم أن عناصر في داخل الحكومة نسقت انهيار النظام مع المعارضة المسلحة.

وفي مقال بعنوان "عشرة أيام هزت الشرق الأوسط" أشار فيه ديتمر إلى تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول إعادة تشكيل الشرق الأوسط وأنه فعل الكثير لتحقيق هذه الغاية من خلال "إهانة" حزب الله في لبنان ومحاولته لتدمير حركة حماس في غزة.



ولكن يمكن القول إن العامل الأكبر الذي أعاد تشكيل المنطقة المضطربة جاء خلال الأيام العشرة الماضية مع هجوم مذهل شنته قوات المعارضة في سوريا أنهى حكم عائلة الأسد الذي دام أكثر نصف قرن.

ولقد شهد الهجوم السريع الذي شنه تحالف من جماعات المعارضة المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام، وهي جماعة منشقة عن تنظيم القاعدة صنفتها الولايات المتحدة كجماعة إرهابية، بدأوا من منطقة يسيطرون عليها في شمال غرب سوريا في 27 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.

 وتقدم التحالف واستولى على مدينة حلب، ثان أكبر مدينة في سوريا ثم حماة وحمص والتي شهدت عام 2012، معركة ملحمية بين الثوار والقوات الحكومية. وبحلول السبت الماضي، كانت المعارضة المسلحة في دمشق وفر بشار الأسد، ليختتموا بذلك الأيام العشرة التي هزت الشرق الأوسط.

وقال ديتمر متسائلا: "لكن ما يثير الدهشة أو يدعو إلى الريبة هي السهولة التي تكشفت فيها الحملة العسكرية وبدون أي مقاومة جادة من قوات الحكومة"٬ كما "لم تكن الحملة خالية تماما من الدماء، بل كان هناك تبادل إطلاق النار حيث تقول مجموعات المراقبة إن 820 شخصا قتلوا منذ بدء الهجوم الذي قادته هيئة تحرير الشام ــ ولكن السرعة الخاطفة وسهولة الهجوم وذوبان القوات الحكومية تثير تساؤلات، مثلما يثير فشل حلفاء الأسد روسيا وإيران في بذل الكثير من الجهد لوقف هجوم المسلحين وإنقاذه".


وتشمل الأسئلة ما إذا كان هناك أي تنسيق بين المعارضة المسلحة وعناصر داخل نظام الأسد. وعلى الرغم من ادعاءات محمد خالد الرحمون، وزير الداخلية السوري، بأن نظام الأسد بنى "طوقا أمنيا وعسكريا قويا للغاية" إلا أن المقاتلين وصلوا إلى دمشق السبت الماضي وبمعارضة قليلة، هذا إن وجدت.

وتجمع الآلاف في ساحات العاصمة للاحتفال بنهاية حكم الأسد وكانت هناك بيانات شبه مرتبة، فقد قال رئيس الوزراء السوري محمد غازي الجلالي في رسالة فيديو نشرت على الإنترنت إنه بقي في منزله ومستعد للتعاون مع نقل السلطة إلى "أي قيادة يختارها الشعب السوري".

وقال أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام البالغ من العمر 42 عاما، إن المؤسسات الرسمية السورية ستظل تحت سيطرة رئيس الوزراء حتى يتم تسليمها في الوقت المناسب. وفي اتجاه آخر، هل كان انفجار النظام وانهياره حصرا بسبب فساده وإدراك مفاجئ من جانب أنصار الأسد أنه لا يمكن فعل أي شيء لإنقاذ حكومته الفاسدة والمتهالكة، التي اعتمدت في مصدر تمويلها الرئيسي على مبيعات مخدر الكبتاغون؟ وقد أشار الجولاني نفسه إلى فساد النظام لتفسير الإطاحة السريعة بالأسد.

وأشار الكاتب إلى مقابلته التي أجرتها مع شبكة "سي أن أن" قبل يومين من انهيار النظام وقال فيها إن "عوامل هزيمة النظام كانت في داخله" وقد "حاول الإيرانيون إحياء النظام، وكسب الوقت له، وفي وقت لاحق حاول الروس أيضا دعمه. لكن الحقيقة تبقى: هذا النظام ميت".


ومع توسع الهجوم واستمراره، اتفق آخرون مع الجولاني، الذي يبدو الآن أنه تخلى عن اسمه الحركي وأصبح يستخدم اسمه الحقيقي أحمد الشرع، واكتشفوا مدى هشاشة النظام. ونقل الكاتب عن الدبلوماسي الأمريكي السابق ألبرتو أم فرينانديز قوله إن "الجيش العربي السوري كان عبارة عن هيكل أجوف وأضعف بكثير مما تشير إليه أعداده وأسلحته المزعومة. وتعاني سوريا من حالة اقتصادية ميؤوس منها، حيث يكمل الضباط رواتبهم الضئيلة بأخذ الرشاوى ويأخذ الجنود إجازات طويلة للعمل في وظائف أخرى. يبدو أن بعض الوحدات انهارت وهربت بعد أن فقدت ضباطها".

 ويضيف الكاتب أن "علينا عدم التقليل من أهمية دور الجولاني في الهجوم الذي استمر عشرة أيام، فنجاحه في تجميع 12 فصيلا متشرذما في كثير من الأحيان، وتأمينه موافقة واضحة من تركيا، راعية الجماعات المعارضة، إلى جانب التنفيذ الفعال للحملة، يتحدث عن مهاراته الهائلة كقائد عسكري وزعيم سياسي، والتي كانت واضحة أيضا عندما تمكن من هندسة انفصال رسمي عن القاعدة في عام 2016 دون عواقب عنيفة".

في ذلك الوقت، قال إنه كان لابد من تحقيق الانفصال لأنه لا يريد إعطاء "ذريعة" للولايات المتحدة وروسيا لشن غارات جوية ضد حركة التمرد الأوسع.

ويرى الكاتب أن "النجاح لديه الكثير من الأباء وكذا العملية العسكرية المدبرة وتقدم المعارضة.  ويجب علينا النظر للدور التركي بالحاسم، فمع بداية العملية، نفى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومساعدوه أي دور فيها، حيث قدم الزعيم التركي نفسه وبخجل كمتفرج".

وبحلول يوم الجمعة، ومع تقدم المعارضة نحو العاصمة السورية، تغيرت النغمة، فأيد أردوغان علنا الهجوم الذي شنته المعارضة المسلحة، قائلا إنه يرغب باستمراره بدون وقوع حوادث.


وقال للصحفيين: "إدلب وحماة وحمص، والهدف بالطبع هو دمشق. إن مسيرة المعارضة مستمرة". وأضاف: "اتصلنا بالأسد. وقلنا له: تعال، لنحدد مستقبل سوريا معا، ولكن للأسف، لم نتلق ردا إيجابيا على هذا".وهناك قلة من المراقبين ترى أن الهجوم كان سيتم بدون علم أو موافقة من أنقرة.

وبحسب هادي البحرة، رئيس جماعة المعارضة السورية المعترف بها من قبل المجتمع الدولي، فإن الاستعدادات للهجوم كانت قيد الإعداد منذ العام الماضي، وهي الاستعدادات التي شملت هيئة تحرير الشام، فضلا عن أكثر من اثني عشر ميليشيا في الجيش الوطني السوري الذي ترعاه تركيا، والذي ركز بشكل أساسي على محاربة الأكراد السوريين إلى جانب عشرات الآلاف من القوات التركية المتمركزة في شمال سوريا.

وبحسب إحاطة استخباراتية أصدرها مركز صوفان، وهي مجموعة بحثية أسسها ضباط ودبلوماسيون سابقون في الاستخبارات الأمريكية والبريطانية، فإن "هجوم حلب تأخر عندما تدخلت تركيا، مما أدى إلى تغيير التوقيت". 

وفي وقت مضى كان الرئيس التركي والأسد حليفين قويين، إلا أن أردوغان دعم الإنتفاضة السورية ضد الزعيم المستبد في عام 2011. كما ودقت المسامير الأخيرة في نعش الأسد السياسي ليس من قبل الأعداء، ولكن من قبل حلفائه - إيران وروسيا. ووفقا لقادة أكراد سوريين، فإن تقاعس حلفاء الأسد سهل من تقدم المعارضة المسلحة.


وقال الناشط الكردي السوري إدريس نعسان إن حجم الرد الروسي سيحدد زخم العملية. واتفق المسؤولون الأمريكيون على أن انهيار الخطوط الأمامية للأسد كان له علاقة كبيرة بغياب أي عمل إيراني أو روسي جاد، سواء بسبب العجز أو عدم الرغبة بسبب أوكرانيا ولبنان، ولا يزال الأمر غير واضح.

وفي مؤتمر إقليمي عقد في قطر، أشار عاموس هوكشتاين، المبعوث الأميركي إلى لبنان، إلى أن إيران تبدو وكأنها "تنسحب من سوريا إلى حد ما". وعلى مدار نهاية الأسبوع، بدا أن روسيا تفعل الشيء نفسه مع تقارير تفيد بأنها في صدد نقل سفنها الحربية من قاعدتها البحرية في طرطوس.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الأسد سوريا الجولاني تركيا أردوغان سوريا الأسد تركيا أردوغان الجولاني صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المعارضة المسلحة هیئة تحریر الشام

إقرأ أيضاً:

بعد شهر من سقوط نظام الأسد..وفد بحريني يبحث في سوريا العلاقات بين البلدين

تحول وفد من البحريني برئاسة وزير الخارجية عبد اللطيف بن راشد الزياني، الأربعاء، إلى سوريا لبحث العلاقات بين البلدين.

وقال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، في مؤتمر صحافي، مع نظيره البحريني، إن الزيارة تعبير معلن عن دعم البحرين لإرادة الشعب السوري في تقرير مصيره، ووحدة أراضيه، واستقرار سوريا والمنطقة، حسب وكالة الأنباء السورية.

وزير الخارجية أسعد الشيباني خلال مؤتمر صحفي مع نظيره البحريني:
1️⃣ نشكر الوفد البحريني برئاسة سعادة وزير الخارجية الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني، على زيارتهم #دمشق، والتي جاءت تعبيراً معلناً عن دعمهم لإرادة الشعب السوري في تقرير مصيره، ووحدة أراضيه، واستقرار #سوريا والمنطقة.

— الوكالة العربية السورية للأنباء - سانا (@SanaAjel) January 8, 2025

وتابع الشيباني: "اليوم مضى شهر كامل على عملنا، واستطعنا خلال هذه الفترة الوجيزة أن نعيد لسوريا دورها العربي المفقود منذ زمن، ونعلن استعدادنا لتمثيل سوريا في كافة المؤتمرات العربية بدءاً من الجامعة العربية".

وأعرب وزير الخارجية السوري عن طموح بلاده "إلى إنشاء شراكات سياسية واقتصادية مع المملكة البحرينية الشقيقة بما يعود بالنفع على البلدين، والاستثناءات والرخص التي صدرت مؤخراً عن الإدارة الأمريكية تفسح المجال لدعم القطاعات الخدمية الهامة لحياة السوريين، كما تمهد للدول الراغبة بالاستثمار".

وأكد الشيباني أن "سوريا المستقبل ستشكل صفحة جديدة في ذاكرة شعبنا يشعر من خلالها بالتمثيل والمشاركة، كما نؤكد لشعبنا بأن علاقة الدولة بالشعب ستكون قائمة على المواطنة والاحترام، لا على أساس الظلم والتسلط الأمني والعسكري".

وزير الخارجية:
3️⃣نطمح إلى إنشاء شراكات سياسية واقتصادية مع المملكة البحرينية الشقيقة بما يعود بالنفع على البلدين، والاستثناءات والرخص التي صدرت مؤخراً عن الإدارة الأمريكية تفسح المجال لدعم القطاعات الخدمية الهامة لحياة السوريين، وتمهد للدول الراغبة بالاستثمار.#سوريا #البحرين

— الوكالة العربية السورية للأنباء - سانا (@SanaAjel) January 8, 2025

ومن جانبه،أكد الزياني حرص البحرين على استقرار سوريا وسيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها وازدهار شعبها، ورفض التدخل في شؤونها الداخلية، واحترام خيارات شعبها، واهتمام المملكة بأن تتجاوز سوريا التحديات الحالية بتضامن وتكاتف شعبها بكافة مكوناته وطوائفه وأعراقه، وتستعيد دورها الفاعل على الصعيدين العربي والدولي، حسب وكالة الأنباء البحرينية.

قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني يستقبلان في قصر الشعب وفداً من مملكة #البحرين برئاسة الدكتور عبداللطيف الزياني وزير الخارجية.#سوريا pic.twitter.com/c5AkuRAwc8

— الوكالة العربية السورية للأنباء - سانا (@SanaAjel) January 8, 2025

وأشار وزير الخارجية البحريني إلى أنه استعرض مع أحمد الشرع قائد الإدارة السورية الجديدة مخرجات ومبادرات "قمة البحرين"، التي تعكس عزماً جماعياً لقادة الدول العربية على تحقيق السلام في الشرق الأوسط، مع ضمان قدرة جميع الشعوب في المنطقة على التعايش في بيئة آمنة ومستقرة ومزدهرة تنعم بالسلام المستدام.

وزير الخارجية يعقد مؤتمرا صحفيا مع وزير الخارجية والمغتربين في الحكومة السورية المؤقتةhttps://t.co/uvzRghrjH6

— وكالة أنباء البحرين (@bna_ar) January 8, 2025

وقال إن المناقشات تطرقت إلى تعزيز علاقات التعاون الثنائي، مؤكدا استعداد المملكة لتوسيع آفاق التعاون المشترك في مختلف المجالات الحيوية مع الأشقاء في سوريا، إلى جانب التطرق أيضاً إلى جهود الإدارة السورية الجديدة على مختلف المستويات لتجاوز هذه المرحلة التاريخية الحرجة، وضمان الحفاظ على سيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها، مع تحقيق تطلعات شعبها للاستقرار والأمن والنماء، واستعادة دورها المحوري ومكانتها الطبيعية على الصعيدين العربي والدولي، داعياً إلى تجميد العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا.

مقالات مشابهة

  • تركيا تكشف عدد السوريين العائدين إلى بلادهم منذ سقوط نظام الأسد
  • تركيا .. عودة 52 ألف سوري لبلادهم منذ سقوط الأسد
  • عين الأسد تغذّي الحسكة.. أمريكا تتذرع بـمكافحة داعش لإدامة وجودها في سوريا
  • تركيا بديلة إيران.. قلق إسرائيلي من عدو جديد بعد سقوط الأسد
  • بعد شهر من سقوط نظام الأسد..وفد بحريني يبحث في سوريا العلاقات بين البلدين
  • بعد شهر من الحرية.. ماذا يريد السوريون أن يسألوا الأسد؟
  • وزير الدفاع السوري: النظام البائد استعمل الجيش لأطماعه وقتل الشعب
  • وزير الدفاع السوري: نظام الأسد استعمل الجيش لقـ.تل الشعب وحماية نفسه
  • مصير مسؤولي النظام السوري الهاربين إلى روسيا إقامة جبرية في مجمع خارج موسكو
  • صحيفة: كفاح ملحم المسؤول الأمني البارز بنظام الأسد موجود في لبنان