مرحلة انتقالية تمهيداً لـطائف سوري وغطاء دولي لتثبيت الأمن لبنانياً
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
تدخل سوريا مرحلة انتقالية غامضة ومحفوفة بالتحديات والمخاطر، حيث تتنافس القوى الإقليمية والدولية على صياغة مستقبلها ، ويأتي ذلك بعد دخول فصائل المعارضة السورية المسلحة إلى دمشق، وبعد سيطرتها على حمص، ودخولها إلى العديد من المرافق الحكومية والحيوية. وأعلن رئيس الحكومة السورية محمد غازي الجلالي استعداده لتسليم المرافق العامة والمؤسسات، وأنه يمد يده إلى المعارضين بعد اعلانهم عدم التعرض لأي انسان في الوطن، وقال إن سوريا ملك لجميع السوريين.
وفيما غادر الرئيس السوري بشار الأسد إلى روسيا، أفاد مصدر في الكرملين مساء الأحد، بأن الأسد وأفراد عائلته وصلوا إلى موسكو، وقدمت لهم روسيا حق اللجوء.
فما هي السيناريوهات المتوقعة لسوريا بعد قرار الأسد التنحي عن الرئاسة ومغادرة سوريا موعزاً بانتقال سلمي للسلطة كما أفادت الخارجية الروسية؟ وهل ستشهد سوريا نقطة تحول كما أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن؟
إن قرار إنهاء دور الرئيس الاسد في سوريا، جاء في سياق تفاهم دولي، بين روسيا وتركيا وإيران، وموافقة قطر والسعودية، ومصر، والولايات المتحدة الامريكية، وإسرائيل، يقول العميد أكرم سريوي لـ"لبنان24".
أما عن السيناريوهات ما بعد الاسد، فالموجود حالياً ، بحسب العميد سريوي، هو مرحلة انتقالية تديرها فصائل المعارضة، يتم خلالها صياغة دستور جديد للبلاد، برعاية الامم المتحدة والجامعة العربية والدول الراعية للاتفاق، وسيكون على الأرجح شبيهاً باتفاق الطائف اللبناني، والصيغة العراقية، في تقاسم الحكم على أسس مذهبية، تضمن مشاركة جميع الاطراف داخل سوريا. لكن المشكلة أن هذه الدول، لديها مصالح متضاربة داخل سوريا، وبالتالي هذا سيؤدي إلى نشوب خلافات، وقد تتحول سوريا إلى النموذج الليبي، أي مناطق نفوذ لكل من هذه الدول، مما يعني أن سوريا قد لا تبقى دولة واحدة، بل ستذهب إلى التقسيم، أو بأفضل الحالات، نوع من الفيدرالية المذهبية والعرقية، في ظل طغيان النفوذ السنّي عليها.
منذ بدء الحرب السورية في العام 2011 والطروحات والأفكار على قدم وساق لتقسيم سوريا، فوزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر، في تعليقه حول مآلات الملفّ السوري، خلال ندوة نظمتها مدرسة جيرالد فورد للسياسة العامة، التابعة لجامعة ميشيغان في العام 2013 قال هنالك ثلاث نتائج ممكنة: انتصار للأسد. إنتصار للسنّة. أو نتيجة تنطوي على قبول مختلف القوميات بالتعايش معاً، ولكن في مناطق مستقلة ذاتياً على نحو أو آخر، بحيث لا تقمع بعضها البعض. وفي العام 2015 اقترح الخبير في الشؤون الأمنية بمعهد بروكينغز، مايكل أوهانلون، حسم الصراع في سوريا من خلال تأسيس نظام فيدرالي يبدأ من منطقتين: كردية في الشمال ودرزية في الجنوب، ومن ثم إنشاء منطقة آمنة للعلويين وتشكيل مجلس إدارة علوي يعمل على توفير الخدمات الأساسية بالتنسيق مع الروس والإيرانيين.
فهل ستقسم سوريا اليوم وكيف؟
بحسب العميد سريوي، بدأت خطة تقسيم سوريا مع الانتداب الفرنسي عام 1920 عندما تم إنشاء أربع دول هي؛ دولة حلب، دولة دمشق، دولة جبل الدروز، ودولة جبل العلويين، والآن اضيفت إلى هذا السيناريو القديم دولة الأكراد، التي تدعم إنشاءها كل من الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا وإسرائيل، وتعارض تركيا ذلك بشدة.
لقد نشرت بعض الدراسات الأميركية خارطة مقترحة لتقسيم سوريا إلى خمس دويلات مذهبية وعرقية، ولحظت الدراسة، أن إنشاء هذه الدويلات سيحتاج إلى بعض عمليات النقل للسكان (ترانسفير) لتتحول الدويلات إلى مناطق مذهبية بشكل شبه كامل، وركّزت الدراسة على أن يحصل ذلك بطريقة سلمية، وليس كما حدث في كشمير بين الهند وباكستان.
وهنا يعتقد سريوي أن محاولات ستحصل لإحياء هذه المشاريع التقسيمية، مع محاولة كل طرف توسعة حدود دولته على حساب الآخرين، وهذا ما سيخلق مناطق نزاع حدودية لا تنتهي بين هذه الدول.
لكن ما مدى تأثير الاوضاع في سوريا على لبنان؟ وهل هناك قرار دولي بتحييد لبنان؟
لا شك أن ما يحدث في سوريا يؤثر بشكل مباشر ، وفق العميد سريوي، على لبنان، لعدة أسباب: أولاً لأن سوريا هي المنفذ البري الوحيد للبنان، وخاصة نحو دول الخليج العربي. ثانياً بسبب التداخل السكاني بين الشعبين اللبناني والسوري، والحدود البرية الطويلة والمفتوحة، والتي يصعب ضبطها، وتبقى ممراً للتهريب. ثالثاً لوجود كثير من المصالح المشتركة بين البلدين، وقرب المسافة، التي تسهل عمليات التجارة والنقل والسياحة والسفر وغير ذلك. رابعاً العلاقات التاريخية والسياسية والثقافية، والتي يتأثر بها البلدان.
لقد فقد لبنان بسبب الحرب في سوريا منذ عام 2011 موارد اقتصادية مهمة، خاصة في مجال التصدير والاستيراد من دول الخليج العربي وأسيا واليها ، وكذلك الحركة السياحية التي كانت نشيطة عبر البر، من تلك الدول نحو لبنان، فضلاً عن نشاط حركة التهريب عبر المعابر غير الشرعي. ولهذه الأسباب تكبد لبنان خسائر، تقدر بمليارات الدولارات. أمًا من الناحية الأمنية فقد عانى لبنان، وخاض معركة الجرود ضد الإرهابيين، الذين حاولوا التسلل من سوريا إلى لبنان، وقتلوا عدداً من العسكريين اللبنانيين، وأثّر وجودهم على انتشار بعض الخلايا المتطرفة داخل لبنان، وما زال الخطر اليوم موجوداً. لكن الجيش ، بحسب العميد سريوي، لديه القدرة الكافية للتصدي لأي محاولات دخول إلى لبنان، ويحظى بدعم دولي لحماية حدوده، ولا اعتقد أن هذه الدول وفي مقدمتها فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الاميركية، ستسمح بالمساس بأمن لبنان، من قبل الجماعات المسلحة في سوريا.
وبعد اتفاق وقف اطلاق النار في الجنوب، وبوجود اليونفيل ولجنة الإشراف على تطبيق الاتفاق والقرار 1701، بات لبنان، كما يؤكد سريوي، يحظى بغطاء دولي، لتثبيت الأمن والاستقرار وحماية حدوده من أي اعتداء، وقد نشهد في المرحلة المقبلة تعزيز كبير لقدرات الجيش، على مستوى التسليح، وتقديم المساعدات الدولية المهمة له.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: هذه الدول فی سوریا
إقرأ أيضاً:
وكيل الشؤون العربية بـ«النواب»: توغل إسرائيل في سوريا يخالف قرارات الأمم المتحدة
أدان الدكتور أيمن محسب وكيل لجنة الشئون العربية بمجلس النواب توغل جيش الاحتلال الإسرائيلي داخل الأراضي السورية، مستغلة حالة الضبابية التي تسيطر علي المشهد بعد سقوط نظام بشار الأسد، مؤكّدًا أنَّ ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي انتهاك واضح لسيادة الدول ومخالفة صريحة لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي، الأمر الذي يقوض الاستقرار الإقليمي، خاصة مع التجاهل الواضح من جانب المجتمع الدولي للمعايير الدولية التي تهدف إلى تحقيق السلام والأمن في المنطقة.
التوغل الإسرائيلي داخل الأراضي السورية يخالف قرارات الأمم المتحدةوقال «محسب» إنَّ قرارات الأمم المتحدة، بما في ذلك قرار مجلس الأمن رقم 242 و338 وغيرهما، تؤكّد ضرورة احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، وتحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة، مشيرًا إلى أنَّ التوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية يتنافى مع هذه المبادئ، ويُعد تصعيدًا خطيرًا ويزيد الأوضاع تعقيدًا ويهدد فرص التوصل إلى حل سياسي للأزمات في المنطقة، داعيًا المجتمع الدولي للتخلي عن سلبيته وأن يتحمل مسؤولياته في الضغط على إسرائيل لوقف مثل هذه التصرفات العدوانية، والالتزام بقرارات الشرعية الدولية، والعمل على تحقيق تسوية شاملة وعادلة تنهي الاحتلال وتعيد الحقوق إلى أصحابها.ي
يجب احترام سيادة الدول العربية ووحدة أراضيهاوشدد عضو مجلس النواب على صلابة الموقف المصري الرافض للانتهاكات الإسرائيلية، ومطالبتها الدائمة بضرورة احترام سيادة الدول العربية ووحدة أراضيها، ورفض أي تدخل أو اعتداء ينتهك القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة، مؤكّدًا ضرورة حل النزاعات من خلال الحوار والطرق الدبلوماسية، والالتزام بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والتي من بينها انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها عام 1967، بما في ذلك الجولان السوري المحتل.
وأكّد أنَّ مصر مستمرة في دعم الجهود الدولية والإقليمية لتحقيق التهدئة وحماية الاستقرار في المنطقة، فضلًا عن مواصلة التنسيق مع الدول العربية والمجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لوقف هذه الانتهاكات، مشددًا على أنَّ استمرار مثل هذه التصرفات يُفاقم التوترات ويهدد فرص السلام الشامل والعادل في المنطقة.