سقوط الأسد وعودة ترامب يخلطان أوراق الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
سقط بشار الأسد خلال 11 يوماً فقط، في حدث مدو أتى، في أعقاب حدثين زلزاليّين آخرين، ساهما في انهيار المعسكر الموالي لإيران في المنطقة من خلال ضربتين قاصمتين تلقّاهما أبرز حليفين إقليميين لطهران هما حزب الله اللبناني، الذي قضت إسرائيل على معظم قادته، وحركة حماس الفلسطينية، التي اغتيل رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية.
والهجوم الصاعق الذي فاجأ الجميع بسرعة تقدّمه، شنته فصائل مسلحة على الأسد تقودها هيئة "تحرير الشام"، الفصيل المتشدد الذي فك ارتباطه بتنظيم القاعدة الإرهابي.
وقبل أن ينطلق هذا الهجوم لم يكن أي من السوريين أو من سواهم، سواء أكانوا في دول صديقة للأسد أو معادية له، أو أكانوا خبراء أو محلّلين أو صحافيين، يعتقد أن بوصلة الأحداث ستتجه فجأة صوب دمشق، فيما كانت الأنظار مشدودة منذ أكثر من عام إلى الحرب المستعرة في قطاع غزة، والتي ما لبثت أن تمددت إلى لبنان.
والسبب في ذلك أن بشار الأسد بدا وكأنه ثابت في موقعه لا يتزحزح، بعد أن قضت القوة الضاربة لحلفائه الرئيسيين، إيران وروسيا وحزب الله، على كلّ من هدد حكمه.
لكن أياماً قليلة كانت كفيلة بتغيير الصورة بأكملها، وبعد فرار الرئيس، انفجر السوريون فرحاً، وراحوا يحطمون تماثيله وتماثيل والده حافظ الأسد.
ومنذ الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، انجرّت إيران ومعها حلفاؤها إلى نزاع، سرعان ما كشف نقاط وهنها.
فحرب الإسناد التي أعلنها حزب الله ضد إسرائيل دعماً لحماس أنهكت الحزب، وأهلكت معظم قادته، وفي مقدّمهم أمينه العام حسن نصر الله.
ومن المرجّح كذلك أن يكون سقوط الأسد قطع إلى غير رجعة شريان الحياة الذي كان الحزب يعتمد عليه لتلقي إمداداته من السلاح والمال من الجمهورية الإسلامية عبر سوريا، والذي تلقى ضربات إسرائيلية شديدة.
أما بقية أطراف "محور المقاومة"، أي الحوثيون في اليمن والفصائل الموالية لطهران في العراق، فحافظت من جهتها على قدرتها على مضايقة حلفاء الولايات المتحدة، لكن دون أن تتمكن من إحداث أي تغيير في الوضع الراهن.
ويرى الأستاذ في جامعة "كينغز كوليدج" في لندن أندرياس كريغ، أن "محور المقاومة يفقد طابعه العابر للحدود الوطنية، وعمقه الإقليمي الاستراتيجي".
أما بالنسبة لروسيا الغارقة في حرب ضد أوكرانيا، فخسارتها قد تكون جسيمة في سوريا، حيث لديها في مدينة طرطوس المطلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، أكبر قاعدة بحرية في الشرق الأوسط.
ويقول كريغ، "من الصعب أن نتصور أن النظام الاجتماعي والسياسي الجديد في دمشق سيسمح للروس بالبقاء بعد كل ما فعلوه من أجل الأسد".
بالمقابل يقول الأستاذ الجامعي، إن تركيا، راعية الفصائل المسلحة المعارضة التي شنت الهجوم ضد الأسد، هي "الرابح الأكبر" من سقوط الرئيس السوري، لكن "نفوذها على هذه الفصائل لا يعني أنها تملك السيطرة عليها".
وعلى هذا الصعيد يعتبر آرون لوند، الخبير في مركز أبحاث "سنتشري إنترناشونال"، أن الشرق الأوسط يبدو اليوم أمام "حرب في كل مكان"، مع قُرب "عودة دونالد ترامب" إلى البيت الأبيض.
ويوضح الخبير، أن ما يزيد من تعقيدات الوضع في سوريا "بالإضافة إلى سقوط نظام الأسد هي الأسئلة المتعلقة بمن سيحل محله، والمدة التي سيستغرقها وضع الأمور في نصابها، ومن هنا سنشهد منافسة إقليمية من شتى الأنواع".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية بشار الأسد حماس حزب الله دونالد ترامب سقوط الأسد سوريا حماس حزب الله إيران ترامب
إقرأ أيضاً:
ستيف ويتكوف.. رجل ترامب في الشرق الأوسط
رغم افتقاره للخبرة في السياسة الخارجية، أصبح مبعوث دونالد ترامب الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، معروفاً كمفاوض موهوب لا يخشى التعبير عن رأيه، فيما يُنسب إليه دور رئيسي في التفاوض على وقف إطلاق النار في غزة، بين إسرائيل وحركة حماس.
ودخلت الهدنة حيز التنفيذ في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، عشية تنصيب ترامب لولاية ثانية في البيت الأبيض.
وهذا الأسبوع، وجد ويتكوف (67 عاماً) نفسه في دائرة الضوء، مدافعاً عن اقتراح الرئيس الصادم نقل مليوني فلسطيني من سكان قطاع غزة إلى مكان آخر.
Real estate mogul Steve Witkoff, Trump's man in the Middle East https://t.co/aZRIcdEJqt
— AL-Monitor (@AlMonitor) February 9, 2025وقال ويتكوف للصحافيين الأسبوع الماضي أمام البيت الأبيض، قبيل وصول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو للقاء ترامب إنّه: "ليس عادلاً أن نقول للفلسطينيين إنّهم قد يعودون في غضون 5 سنوات. هذا أمر سخيف".
وردّاً على سؤال بشأن اقتراح ترامب "تنظيف" القطاع عبر نقل الفلسطينيين منه، قال: "عندما يتحدث الرئيس عن تنظيفه، فهو يتحدث عن جعله صالحاً للسكن".
وقال مستشار الأمن القومي مايك والتز، الذي ظهر إلى جانب المبعوث الخاص مبتسماً "وهذا الرجل يفهم في مجال العقارات".
وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، واصل ويتكوف، في حديثه على قناة "فوكس نيوز"، عرض مبررات الإدارة لفكرة إعادة توطين الفلسطينيين على نطاق واسع من غزة، رغم إثارة الفكرة موجة انتقادات في المنطقة، حيث وصفها البعض بأنها ترقى إلى التطهير العرقي.
وفي محاولة لتجاهل تعقيدات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عقود، أجاب "الحياة الأفضل لا ترتبط بالضرورة بالمساحة المادية التي تعيش فيها اليوم".
ولم يكن أمام ترامب سوى الثناء على ويتكوف في المؤتمر الصحافي الذي عقده البيت الأبيض. وناداه "ستيف، قف من فضلك. لقد قمت بعمل رائع".
وكان ويتكوف، وهو ملياردير وصديق لترامب، قد قدم الرئيس الجديد في تجمع احتفالي في ساحة واشنطن، بعد تنصيبه في 20 من الشهر الماضي.
وعلى الرغم من كونه مبتدئاً تماماً في عالم الدبلوماسية، فقد تم تعيين ويتكوف مبعوثاً خاصاً إلى الشرق الأوسط بعد أسبوع واحد فقط من انتخاب ترامب، وهو ما يعكس العلاقة الوثيقة بين الرجلين.
وقبل 8 سنوات، بعد انتخاب ترامب لولايته الأولى، عين مبتدئاً دبلوماسياً آخر، هو صهره جاريد كوشنر ، في نفس المنصب.
وحتى قبل تولي ترامب منصبه، انضم ويتكوف إلى محادثات وقف إطلاق النار في غزة، وشارك في الجولة النهائية من المفاوضات في أوائل يناير (كانون الثاني) الماضي، إلى جانب بريت ماكغورك، مستشار الشرق الأوسط للرئيس آنذاك جو بايدن. وكان تعاوناً نادراً بين إدارة أمريكية منتهية ولايتها وإدارة مقبلة.
وبعد حضور المحادثات في العاصمة القطرية الدوحة، توجه ويتكوف إلى إسرائيل يوم السبت الماضي، في محاولة عاجلة لإتمام اتفاق. وثم في 29 يناير (كانون الثاني) الماضي، سافر ويتكوف إلى غزة التي تحول الكثير منها إلى أنقاض، بعد 15 شهراً من الهجوم الإسرائيلي الذي شنته إسرائيل رداً على هجوم حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
وفي مقال نشرته مجلة "فورين بوليسي"، الخميس الماضي، قال ستيفن كوك، الخبير في مجلس العلاقات الخارجية، إن "افتقار ويتكوف إلى الخبرة الدبلوماسية، يمكن أن يكون ميزة، مما يمنحه منظوراً جديداً".
ومع ذلك، أضاف "الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ليس صفقة عقارية".
وولد ويتكوف في 15 مارس (أذار) 1957، في حي برونكس في نيويورك، وحقق ثروته في مجال العقارات، أولاً كمحام للشركات ثم على رأس شركات عقارية كبرى. وفي العام 1997، أسس مجموعة ويتكوف.