هل السخرية بالآخرين من الكبائر؟.. تعرضك لـ16 مصيبة فاحذرها
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
لاشك أن ما يطرح السؤال عن هل السخرية من الكبائر ؟ هو شيوع وانتشار هذا الفعل بين الكثيرين ، من الصغار والكبار ، وذلك رغم النهي عن السخرية في كثير من نصوص الكتاب والسُنة النبوية الشريفة، ومن ثم ينبغي الوقوف على حقيقة هل السخرية من الكبائر ؟ خاصة مع استهانة الكثير من الناس بهذا الفعل .
. انتبه لـ10 حقائق لا يعرفها كثيرون
قالت دار الإفتاء المصرية ، إنه جاء التحذير من السخرية من الآخرين وخطورة ذلك اجتماعيًا في كثير من نصوص الشرع الحنيف، منوهًة بأن السخرية والاحتقار أفعال مذمومة.
وأوضحت " الإفتاء " في إجابتها عن سؤال : هل السخرية من الكبائر ؟، أنه جاء الشرع الشريف بالنهي عنها صراحة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الحجرات: 11].
وأضافت أن هذا نهيٌ عن السخرية، وهي في معنى الاستهزاء والاحتقار، وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه"، مشيرة إلى أن الحديث يبين أن مجرد احتقار الشخص لأخيه يُعدّ ذنبًا عظيمًا.
ونبه الدكتور مجدي عاشور، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إلى أن القرآن الكريم نهانا عن التهكم والسخرية من أي أحد، حتى ولو كان عاصيا؛ لأننا لا نعرف ما بينه وبين ربه، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ).
وبين أنه إذا كان النهي عن السخرية من أي أحد، فهو أولى مع أهل الابتلاء والمحن، الذين هم في رحمة الله تعالى، مشددًا على أن التهكم والسخرية والتنمر بأهل الابتلاء أو التخويف منهم بغير حاجة، خاصة ذوي الأمراض الخطيرة أو المعدية، هو حرام شرعا، ويعد فاعله مرتكبا لكبيرة من الكبائر؛ لاعتراضه على قضاء الله وحكمته، ولإيذائه لأخيه الإنسان.
معنى السخريةورد أن معنى السُّخْريَّةِ لُغةً: مادَّةُ (سخر): أصلٌ يَدُلُّ على احتقارٍ واستِذلالٍ، يقالُ: سَخِر منه وبه سَخْرًا وسَخَرًا ومَسْخَرًا وسُخْرًا -بالضَّمِّ-، وسُخْرةً وسِخْرِيًّا وسُخْرِيًّا وسُخْريَّةً: هَزِئَ به، والاسمُ السُّخْريَّةُ والسُّخْرِيُّ، ويُكسَرُ . ومعنى السُّخْريَّةِ اصطِلاحًا: السُّخْريَّةُ هي الاستهانةُ والتَّحقيرُ، والتَّنبيهُ على العُيوبِ والنَّقائِصِ، على وَجهٍ يُضحَكُ منه .
وجاء أن معنى الاستِهْزاءِ لُغةً: الاستِهْزاءُ مَصدَرُ قَولِهم: استَهزَأَ يَستهزِئُ، يقالُ: هَزَأ منه وهَزَأ به، يَهْزَأُ هُزْءًا -بالضَّمِّ-، وهُزُؤًا -بضَمَّتينِ-، وهُزُوءًا -بالضَّمِّ والمدِّ-، ومُهْزَأةً -على مُفْعَلةٍ بضَمِّ العَينِ-: أي: سَخِر منه . معنى الاستِهْزاءِ اصطِلاحًا:الاستِهْزاءُ هو: ارتيادُ الهُزءِ من غيرِ أن يَسبِقَ منه فِعلٌ يُستهزَأُ به مِن أجلِه .
وقال ابنُ تَيميَّةَ: (الاستِهْزاءُ هو: السُّخْريَّةُ، وهو حَملُ الأقوالِ والأفعالِ على الهَزلِ واللَّعِبِ لا على الجِدِّ والحقيقةِ؛ فالذي يَسخَرُ بالنَّاسِ هو الذي يَذُمُّ صِفاتِهم وأفعالَهم ذَمًّا يُخرِجُها عن دَرَجةِ الاعتِبارِ) . وقيل: الاستِهْزاءُ هو صُدورُ ما يدعو لانتِقاصِ شأنِ المقصودِ به من المُستهزئِ، بوُجودِ المُقتضي أو بعَدَمِه، بغَرَضِ التَّحقيرِ له أو التَّنفيرِ عنه أو كِلَيهما .
النهي عن السخرية بالكتاب والسنة- قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الحجرات: 11] .
قال ابنُ كثيرٍ: (ينهى تعالى عن السُّخْريَّةِ بالنَّاسِ، وهو احتِقارُهم والاستِهْزاءُ بهم... فإنَّه قد يكونُ المحتَقَرُ أعظَمَ قَدرًا عِندَ اللهِ، وأحَبَّ إليه من السَّاخِرِ منه المحتَقِرِ له... وقولُه: وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ، أي: لا تَلمِزوا النَّاسَ. والهَمَّازُ اللَّمَّازُ من الرِّجالِ مذمومٌ ملعونٌ... وقولُه: وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ، أي: لا تتداعَوا بالألقابِ، وهي التي يسوءُ الشَّخصَ سَماعُها) .
وقال ابنُ جريرٍ: (إنَّ اللهَ عَمَّ بنَهْيِه المُؤمِنين عن أن يَسخَرَ بعضُهم من بعضٍ جميعَ معاني السُّخْريَّةِ؛ فلا يَحِلُّ لمُؤمِنٍ أن يَسخَرَ من مُؤمِنٍ لا لفَقرِه، ولا لذَنبٍ رَكِبَه، ولا لغيرِ ذلك) .
- وقال سُبحانَه: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ * الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ * كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ [الهمزة: 1-4] . (وَيْلٌ أي: وَعيدٌ ووَبالٌ وشِدَّةُ عَذابٍ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ الذي يَهمِزُ النَّاسَ بفِعلِه، ويَلمِزُهم بقولِه؛ فالهَمَّازُ: الذي يعيبُ النَّاسَ ويَطعَنُ عليهم بالإشارةِ والفِعلِ، واللَّمَّازُ: الذي يعيبُهم بقَولِه. ومِن صفةِ هذا الهَمَّازِ اللَّمَّازِ أنَّه لا هَمَّ له سوى جمعِ المالِ وتعديدِه والغِبطةِ به، وليس له رَغبةٌ في إنفاقِه في طُرُقِ الخيراتِ وصِلةِ الأرحامِ، ونحوِ ذلك) .
ولقد سجَّل القرآنُ الكريمُ عاقِبةَ السَّاخِرينَ والمُستَهزِئينَ من المُؤمِنين، وأخبَرَ بانعِكاسِ الوضعيَّةِ يومَ القيامةِ بصورةٍ يُصبِحُ السَّاخِرون مَوضِعَ سُخريَّةٍ واستهزاءٍ من طَرَفِ عبادِه المُستَضعَفين في هذه الدُّنيا؛ قال الحَقُّ سُبحانَه: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ * وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ * فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ [المطففين: 29-34] ) .
- وقال تعالى: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ [الزمر: 56] .
قال ابنُ كثيرٍ: (قَولُه: وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ، أي: إنَّما كان عملي في الدُّنيا عَمَلَ ساخِرٍ مُستَهزئٍ غيرِ مُوقِنٍ مُصَدِّقٍ)
-عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((حكيتُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رجلًا فقال: ما يَسُرُّني أنِّي حكيتُ رَجُلًا وأنَّ لي كذا وكذا، قالت: فقُلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ صفيَّةَ امرأةٌ- وقالت بيَدِها هكذا، كأنَّها تعني قصيرةً- فقال: لقد مَزَجْتِ بكَلِمةٍ لو مَزَجْتِ بها ماءَ البحرِ لمُزِجَ)) . وفي روايةِ أبي داودَ قالت: ((حَسْبُك من صفيَّةِ كذا وكذا!)) . (قولُه: ((وقالت بيَدِها))، أي: أشارت بها ((تعني قصيرةً))، أي: تريدُ عائشةُ كونَها قصيرةً، وفي المِشكاةِ: "قُلتُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: حَسْبُك من صفيَّةَ كذا وكذا، تعني قصيرةً ((لقد مزَجْتِ بكَلِمةٍ)) أي: أعمالَك، ((لو مُزِج)) بصيغةِ المجهولِ، أي: لو خُلِط ((بها))، أي: على تقديرِ تجسيدِها، وكونِها مائعةً "لمُزِج" بصيغةِ المجهولِ أيضًا، والمعنى: تغَيَّرَ وصار مغلوبًا. وفي المِشكاةِ: لقد قُلْتِ كَلِمةً لو مُزِج بها البَحرُ لمزَجَتْه. قال القاريُّ: أي: غلبَتْه وغيَّرَتْه. قال القاضي: المَزْجُ: الخَلطُ والتَّغييرُ بضَمِّ غيرِه إليه) .
-وقَولُه ((ما أُحِبُّ أنِّي حكيتُ إنسانًا)): (أي: فعَلْتُ مِثلَ فِعلِه أو قُلتُ مِثلَ قولِه، مُنَقِّصًا له، يقال: حكاه وحاكاه، قال الطِّيبيُّ: وأكثَرُ ما تُستعمَلُ المحاكاةُ في القبيحِ، ((وأنَّ لي كذا وكذا))، أي: لو أُعطيتُ كذا وكذا من الدُّنيا، أي: شيئًا كثيرًا منها بسَبَبِ ذلك، فهي جملةٌ حاليَّةٌ واردةٌ على التَّعميمِ والمبالغةِ، قال النَّوويُّ: من الغِيبةِ المحرَّمةِ المحاكاةُ بأن يمشيَ متعارِجًا أو مطاطيًا رأسَه، أو غيرَ ذلك من الهيئاتِ) .
- عن ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه ((أنَّه كان يجتَني سِواكًا من الأراكِ، وكان دقيقَ السَّاقينِ، فجعَلَتِ الرِّيحُ تَكْفَؤُه ، فضَحِك القومُ منه! فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مِمَّ تضحَكون؟ قالوا: يا نَبيَّ اللهِ، مِن دِقَّةِ ساقَيه! فقال: والذي نفسي بيَدِه، لهما أثقَلُ في الميزانِ من أُحُدٍ!)) .
- وعن أبي هُرَيرةَ قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَحاسَدوا، ولا تَناجَشوا ، ولا تَباغَضوا، ولا تَدابَروا ، ولا يَبِعْ بَعضُكم على بَيعِ بَعضٍ، وكونوا عبادَ اللهِ إخوانًا، المُسلِمُ أخو المُسلِمِ، لا يَظلِمُه ولا يَخذُلُه، ولا يَحقِرُه، التَّقوى هاهنا -ويُشيرُ إلى صَدْرِه ثلاثَ مرَّاتٍ-، بحَسْبِ امرئٍ من الشَّرِّ أن يَحقِرَ أخاه المُسلِمَ، كُلُّ المُسلِمِ على المُسلِمِ حرامٌ: دَمُه، ومالُه، وعِرْضُه)) .
قوله: ((بحَسْبِ امرئٍ من الشَّرِّ أن يَحقِرَ أخاه المُسلِمَ))، (يعني: يكفي المُؤمِنَ من الشَّرِّ أن يَحقِرَ أخاه المُسلِمَ، وهذا تعظيمٌ لاحتقارِ المُسلِمِ، وأنَّه شَرٌّ عظيمٌ، لو لم يأتِ الإنسانُ من الشَّرِّ إلَّا هذا لكان كافيًا؛ فلا تَحقِرَنَّ أخاك المُسلِم، لا في خِلقتِه، ولا في ثيابِه، ولا في كلامِه، ولا في خُلُقِه، ولا غيرِ ذلك، أخوك المُسلِمُ حَقُّه عليك عظيمٌ؛ فعليك أن تحتَرِمَه وأن تُوَقِّرَه، وأمَّا احتِقارُه فإنَّه محرَّمٌ، ولا يَحِلُّ لك أن تحتَقِرَه) .
آثار السخرية1- أنَّ السُّخْريَّةَ والاستِهْزاءَ تقطَعُ الرَّوابِطَ الاجتماعيَّةَ القائمةَ على الأخُوَّةِ، والتَّوادِّ، والتَّراحُمِ.
2- تَبذُرُ بُذورَ العداوةِ والبغضاءِ، وتورِثُ الأحقادَ والأضغانَ.
3- تُوَلِّدُ الرَّغبةَ بالانتِقامِ.
4- أنَّ ضَرَرَ الاستِهْزاءِ بالمُؤمِنين راجِعٌ إلى المُستَهزِئين بهم.
5- حُصولُ الهوانِ والحَقارةِ للمُستهزئِ.
6- المُستهزئُ يُعَرِّضُ نفسَه لغَضَبِ اللهِ وعذابِه.
7- ضَياعُ الحَسَناتِ يومَ القيامةِ.
8- تُوَلِّدُ الشُّعورَ بالانتِقامِ.
9- السُّخْريَّةُ نذيرُ شُؤمٍ للسَّاخِرين؛ فقد كان الغَرَقُ عاقِبةَ قومِ نُوحٍ الذين كفَروا باللهِ وسَخِروا من نوحٍ عليه السَّلامُ.
10- السُّخْريَّةُ تُفقِدُ السَّاخِرَ الوَقارَ، وتُسقِطُ عنه المروءةَ.
11- السَّاخِرُ يَظلِمُ نَفسَه بتحقيرِ مَن وقَّره اللهُ عزَّ وجَلَّ، واستصغارِ مَن عَظَّمه اللهُ.
12- السُّخْريَّةُ تُميتُ القلبَ، وتُورِثُه الغَفلةَ، حتَّى إذا كان يومُ القيامةِ نَدِم السَّاخِرُ على ما قدَّمَت يداه، ولاتَ ساعةَ مَندَمٍ! أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ [الزمر: 56] .
13- السُّخْريَّةُ من سماتِ الكُفَّارِ والمُنافِقين، وقد نُهينا عن التَّشبُّهِ بهم.
14- السَّاخِرُ متعَرِّضٌ للعُقوبةِ في الدَّارِ العاجِلةِ أيضًا، بأن يحدُثَ له مِثلُ ما حدَث للمَسخورِ منه.
15- بُعدُ النَّاسِ عن المُستهزِئِ؛ لخوفِهم منه، وعَدَمِ سلامتِهم منه.
16- يُصرَفُ عن قَبولِ الحَقِّ، واستِماعِ النُّصحِ.
ورد أن الكلام شهوة، والضحك شهوة، ولفت الأنظار بكلام مختلف شهوة، بينما الصمت عبادة، عندما لا يكون لدي الشخص كلام مفيد، ويمكنه ممارسة هذه العبادة عن طريق أربعة أمور.
وأولها أنه ينبغي على الشخص أن يعترف بأن دوافع الكلام هو أساس لفت الأنظار، فطالما أنكر الشخص ما يفعل من أخطاء فلن يتقدم إلى الأمام، وكذلك عليه أن يتذكر قبل السخرية من الآخرين، للفت الأنظار إليه، أن الله سبحانه وتعالى هو النافع والضار،و ما لم يكن لدى الشخص نية خير وإصلاح من كلامه، فعليه بأربعة أمور، هي: «الصمت، رياضة النفس، واشغال نفسه بالذكر، وترك مجلس السخرية»، فبهذه الأمور يتمكن الشخص من ممارسة عبادة الصمت.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: آثار السخرية المزيد المزيد ل ا ت ل م ز وا أ ن عن السخریة قال تعالى علیه وسل الم ؤم ن ا وس خ ر قال ابن لم ؤم ن من الش ى الله عن الس الم ست الذی ی
إقرأ أيضاً:
حكم الهبة للزوجة مدة حياتها ثم العودة إلى الواهب بعد ذلك
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"ما حكم الهبة للزوجة مدة حياتها ثم العودة إلى الواهب بعد ذلك؟ فقد تزوَّج رجلٌ بزوجةٍ ثانية، وله منها أولاد صغار، ويريد أنْ تبقى الزوجة في الشقة حتى وفاتها، ويريد أن يكتب لها هبة مُدَّة حياتها، على أنها بعد وفاتها تعود إلى الورثة. فما حكم ذلك شرعًا؟".
وردت دار الإفتاء موضحة:" إن إعطاء الزوج الشقة لزوجته مدة حياتها، واشتراطه أن تؤول إلى ورثته بعد وفاتها هو هبةٌ لمنفعة تلك الشقة دون عينها، وهو ما يعرف في الفقه الإسلامي بـ"العُمرى"، وهو تصرف صحيح وجائز شرعًا، ومن ثم فيحق للزوجة المذكورة أنْ تنتفع بتلك الشقة مدة حياتها، ثم ترجع إليه بعد وفاتها إن كان حيًّا، أو تؤول إلى ورثته إن كان قد توفي، ولا يؤثِّر في ذلك شرطُ التأقيت.
حرية الإنسان في التصرف في ممتلكاته
من المقرر شرعًا: أن الإنسان ما دام كامل الأهلية، فهو حرُّ التصرفِ فيما يدخل تحت ملكه؛ ببيعه، أو هبته، أو وقفه، أو إجارته، أو غير ذلك من التصرفات الشرعية التي هي فرع المِلك حسبما يراه مُحَقِّقًا للمَصلحة؛ ففي الحديث: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كُلُّ أَحَدٍ أَحَقُّ بِمَالِهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» رواه سعيد بن منصور والدَّارَقُطْنِي والبَيْهَقِي في "سننهم".
حكم هبة شقة للزوجة للإقامة فيها طيلة حياتهاالتصرُّف المسؤول عنه، والذي أراد به الزوجُ انتفاع زوجته بالإقامة في شقَّتِهِ طيلة حياتها؛ بِرًّا بها، ووفاء لعشرتها، على أن تعود الشَّقَّة إلى ورثته بعد وفاتها يُكيَّف من الناحية الفقهية على أنه "هبة منفعة"، أو فيما يُعرف بـ"العُمرى" أو "السُّكنى"، وهو تصرُّفٌ صحيحٌ شرعًا، دلَّ على مشروعيته الكتابُ والسُّنَّةُ.
فمن الكتاب: قوله تعالى: ﴿أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ﴾ [الشعراء: 18]، حيث دل لفظ العمر على النعمة؛ لأنه مأخوذ من العُمْرى المذكورة في الفقه، فإنها هبة المنافع، كما أفاده الإمام ابن عرفة في "تفسيره" (3/ 238، ط. دار الكتب العلمية).
ومن السُّنَّة: ما رواه الإمام البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رجلًا -وقال حامد، وابن عبد الأعلى: أن الرجل- كان يجعل للنبي صلى الله عليه وسلم النخلات من أرضه حتى فتحت عليه قريظة والنضير، فجعل بعد ذلك يرد عليه ما كان أعطاه، قال أنس: وإن أهلي أمروني أن آتي النبي صلى الله عليه وسلم، فأسأله ما كان أهله أعطوه أو بعضه، وكان نبي الله صلى الله عليه وسلم قد أعطاه أم أيمن، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأعطانيهن، فجاءت أم أيمن فجعلت الثوب في عنقي، وقالت: والله، لا نعطيكاهن وقد أعطانيهن، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «يَا أُمَّ أَيْمَن، اتْرُكِيهِ وَلَكِ كَذَا وَكَذَا»، وتقول: كلَّا والذي لا إله إلا هو، فجعل يقول: «كَذَا»، حتى أعطاها عشرة أمثاله أو قريبًا من عشرة أمثاله. واللفظ لمسلم.
قال الحافظ ابن حجر العَسْقَلَانِي في "فتح الباري" (7/ 411، ط. دار المعرفة): [وفي الحديث مشروعية هبة المنفعة] اهـ.
مدى اعتبار التأقيت في هبة شقة للزوجة للإقامة فيها طيلة حياتها
اختلف الفقهاء في مدى اعتبار التأقيت بهذه الهبة، هل يعتبر فتنتهي المنفعة بموت المنتَفَع (الموهوب له)، أم أنه يبطل تأقيته ومن ثمَّ فإنَّ العين الموهوبة تبقى في حيازة الموهوب له وتحت تصَرُّفهِ مدة حياته، ثم تنتقل إلى ورثته بعد وفاته.
فذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والشافعية في الأصح، والحنابلة، وهو قول الثوري، والحسن بن حي، وابن شُبرُمة، إلى بطلان شرط التأقيت، وأنَّ العين الموهوبة تكون مدةَ حياة الموهوب له وبعد وفاته تؤول إلى ورثته؛ لأن معنى العُمْرَى هو تمليك للحال، واشتراط استرداده بعد موت المُعْمَرِ شرطٌ فاسد، والهبة لا تبطل بالشروط الفاسدة.
واستدلوا على ذلك بحديث أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَيُّمَا رَجُلٍ أُعْمِرَ عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ: فَإِنَّهَا لِلَّذِي أُعْطِيَهَا، لَا تَرْجِعُ إِلَى الَّذِي أَعْطَاهَا؛ لِأَنَّهُ أَعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ» أخرجه الإمام مسلم، والإمام مالك في "موطَّئه"، وأصله في البخاري، ومعناه: أنها "صارت مِلْكًا للمدفوع إليه، فيكون بعد موته لوارثه كسائر أملاكه، ولا ترجع إلى الدافع"؛ كما قال العلامة المُلا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (5/ 2005، ط. دار الفكر). وقوله: "لأنه أعطى عطاءً وقعت فيه المواريث" مُدرَجٌ من قول أبي سلمة؛ كما قال الحافظ السيوطي في "تنوير الحوالك" (2/ 128، ط. المكتبة التجارية الكبرى).
قال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" (7/ 116، ط. أوقاف المغرب): [قال أبو حنيفة والشافعي وأصحابهما، وهو قول الثوري والحسن بن حي وابن شُبرُمة وأحمد بن حنبل وأبي عبيد: العمرى.. يملكها المعمر ملكًا تامًّا؛ رقبتها ومنافعها، واشترطوا فيها القبض على أصولهم في الهبات، قالوا: ومن أعمر رجلًا شيئًا في حياته؛ فهو له حياته وبعد وفاته لورثته؛ لأنه قد ملك رقبتها، وشرط المعطي وذكره العمرى والحياة باطل؛ لأنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبطل شرطه وجعلها بتلة للمعطى، وسواء قال: هي ملك حياتك وهي لك ولعقبك بعدك عمرى حياتهم أو ما عشت وعاشوا، كل ذلك باطل؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبطل الشرط في ذلك، وإذا بطل شرطه لنفسه في حياة المعمر: فكذلك حياة عقبه الشرط أيضا باطل] اهـ. وقوله "بتلة": أي عطية غير راجعة.
وعلى ذلك جاءت تفصيلات المذاهب القائلة بذلك:
قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (6/ 116، ط. دار الكتب العلمية): [ولو قال: أَعْمَرْتُكَ هذه الدار، أو صَرَّح فقال: جعلتُ هذه الدار لك عُمْرَى، أو قال جعلتُها لك عُمرك، أو قال: هي لك عمرك أو حياتك فإذا مِتَّ أنتَ فهي رَدٌّ عليَّ، أو قال: جعلتها عُمرِي أو حياتي فإذا مِتُّ أنا فهي رَدٌّ على ورثتي، فهذا كله هبة، وهي للمُعْمَر له في حياته، ولورثته بعد وفاته، والتوقيت باطل] اهـ.
وقال الإمام الزَّيْلَعِي في "تبيين الحقائق" (5/ 92، ط. الأميرية): [معنى العُمْرَى هو التمليك للحال، واشتراطُ الاسترداد بعد موت المعمر له، فصحَّ التمليكُ وبطل الشرطُ؛ لأن الهبة لا تبطلُ بالشروط الفاسدة] اهـ.
وقال العلامة ابن حجر الهَيْتَمِي الشافعي في "تحفة المحتاج" (6/ 301): [(ولو قال:) أَعْمَرْتُكَ هذه، أو جعلتها لك عُمرك -وألحَقَ به السبكيُّ: وهبتُكَ هذه عُمركَ- (فإذا مِتَّ عادتْ إلي) أو إلى ورثتي إنْ كنتُ مِتُّ (فكذا) هو هبةٌ (في الأصح) إلغاءً للشرط الفاسد] اهـ.
وقال العلامة البُهُوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (4/ 371، ط. دار الكتب العلمية): [(ولا يصح توقيتها) أي: الهبة (كقوله: وهبتك هذا سَنَةً) أو شهرًا، فلا تصح؛ لأنها تمليك عين فلا تُوَقَّتُ كالبيع (إلا العُمرى والرُّقبَى) فيصحان، ويصح توقيتها، (كقوله: أعمرتكَ هذه الدار أو) أعمرتكَ هذه (الفرس، أو جعلتها) أي: الدار أو الفرس (لك عمركَ، أو) جعلتها لك (عمري، أو) جعلتها لك (رُقْبَى أو) جعلتُها لك (ما بقيتَ أو أعطيتكها عمركَ، ويقبلها) الموهوب له، (فتصح) الهبة في جميع ما تقدم، وهي أمثلة العُمرى، (وتكون) العين الموهوبة (للمُعْمَر بفتح الميم) وللمُرقَب بفتح القاف ولورثته من بعده (إن كانوا، فإن لم يكن له) أي: الموهوب له (ورثة: فلبيت المال)] اهـ.
وذهب المالكية والإمام الشافعي في القديم، وهو قول الإمام الليث بن سعد، إلى أن تأقيت هبة المنفعة صحيحٌ ونافذٌ شرعًا على ما اشترطه الواهبُ، مثلها مثل الوقف غير المؤبَّد، فإذا انقضت المُدَّة رجعت إلى الواهب، ولا يلزمه أكثر ممَّا وهب، مفرقين في ذلك بين هبة المنفعة وهبة الرقبة.
قال العلامة ابن الحاجب المالكي في "جامع الأمهات" (ص: 454، ط. اليمامة): [الهبة، أركانها -ثلاثة- صيغة وشبهها من قول وفعل في الإيجاب والقبول، ومثلها: العمرى، كقوله: أعمرتك داري أو ضيعتي، وهي هبة المنفعة حياته، فإذا مات: رجعت للواهب أو لورثته؛ كوقفٍ غير مؤبَّدٍ] اهـ.
وقال الإمام أبو البركات الدَّرْدِير المالكي في "الشرح الكبير" (4/ 108، ط. دار الفكر): [(وجازت العُمْرَى)... (كأعمرتكَ) داري، أو ضيعتي، أو فرسي، أو سلاحي، أو أَسكنتك، (أو) أعمرتُ (وارثك)، أو أعمرتكَ ووارثكَ، (ورَجَعَت) العُمْرَى بمعنى الشيء المُعْمَر إذا مات المُعْمَر بالفتح مِلْكا (للمُعمِر) بالكسر (أو وارثه) إن مات] اهـ.
وقال الإمام العمراني الشافعي في "البيان" (8/ 139، ط. دار المنهاج): [إذا قال: أعمرتك هذه الدار، أو جعلتها لك حياتك، أو عمرك، فإذا مِتَّ عادت إليَّ إنْ كنتُ حيًّا، وإلى ورثتي إنْ كنتُ ميتًا... القديم: تكون على ما شرط للمُعْمَرِ في حياته، فإذا مات: رجعت إلى المعطي إن كان حيًّا، وإلى ورثته إن كان ميِّتًا] اهـ.
وقال الإمام ابن قُدَامة في "المغني" (6/ 68، ط. مكتبة القاهرة): [وقال مالك، والليث: العمرى تمليك المنافع، لا تملك بها رقبة المعمر بحال، ويكون للمعمر السكنى، فإذا مات عادت إلى المعمر] اهـ.
وهناك من العلماء من جعل ذلك في السُّكنى خاصة دون العُمرى؛ كابن عمر رضي الله عنهما، وذكر ابن عبد البر أنَّ الذي عليه جمهورُ أهل العلم فِي السُّكْنَى والإسكان أَنَّهُ لَا تُمْلَكُ بِهِ رَقَبَةُ الشَّيْءِ؛ كما في "الاستذكار" (7/ 241-242، ط. دار الكتب العلمية).
والقول بصحة شرط التأقيت (عُمرى، أو سُكنى) يتفق والأصل العام في صحة العقود والشروط، على أنَّ الأصل في التعاقدات: أن العاقدين لا يشترطان شرطًا إلا ولأحدهما مصلحة فيه يسعى في جلبها أو مضرة يريدُ دفعها، كما أفاده الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه "ابن حنبل: حياته وعصره وآراؤه الفقهية" (ص: 392، ط. دار الفكر العربي).
وتصحيح الشروط في عقود التبرعات آكد وأولى، وقد تقرر في قواعد الفقه أنه يجوز في عقود التبرعات ما لا يجوز في المعاوضات؛ لأن التبرعات مبناها على الإرفاق، وهو مقصد تتشوَّف له الشريعة. والمالكية والحنابلة أكثر المذاهب توسعًا في ذلك؛ فربما كان الشرط فاسدًا في باب البيوع، فإذا اشتُرِطَ عندهم في الهبة صح العقد والشرط، ولا يكون الشرط فاسدًا حتى ينافي مقتضى الهبة، وإذا فسد الشرط لم يكن هذا مؤديًا إلى فساد العقد، بل يصح العقد ويبطل الشرط حينئذٍ؛ كما فصَّله العلامة الحَطَّاب المالكي [ت: 954هـ] في "تحرير الكلام في مسائل الالتزام" (ص: 401، ط. دار الغرب الإسلامي).
قال العلامة أبو القاسم الغُبْرِينِي المالكي [ت: بعد770هـ]: [يجوز في التبرعات كالهبة، والصدقة، والوصية، حتى ما خرج منها مخرج المعروف وإن كان من باب المعاوضات- ما لا يجوز في المعاوضات والمكايسات] اهـ بتصرف يسير، نقلًا عن العلامة الوَنْشَرِيسِي المالكي [ت: 914هـ] في "المعيار المعرب" (9/ 271، ط. دار الغرب الإسلامي).
رأي القانون المصري في هبة شقة للزوجة للإقامة فيها طيلة حياتها
بصحة الشروط في الهبة -ومنها التأقيت- جرى القانون المدني المصري، فقد نصت المادة (993) على أنه: [ينتهي حق الانتفاع بانقضاء الأجل المعين، فإن لم يعيَّن له أجلٌ عُدَّ مقرَّرًا لحياة المنتفع، وهو ينتهي على أيِّ حال بموت المنتفع حتى قبل انقضاء الأجل المعين] اهـ، والمادة (486)على أنه: [يجوز للواهب، دون أن يتجرد عن نية التبرع أن يفرض على الموهوب له القيامَ بالتزام معين] اهـ.
وأيدت ذلك أحكام محكمة النقض، فجاء في الطعن رقم (1589) لسنة (55) قضائية، ما نصه: [حق الملكية يغاير في طبيعته وحكمه في القانون حق الانتفاع، فحق الملكية هو جماع الحقوق العينية؛ إذ مالك العقار يكون له حق استعمالٍ وحق استغلالٍ وحق التصرف فيه، فإذا أنشأ هذا المالك لآخر حقًّا بالانتفاع فإن هذا الحق يجرِّد الملكية من عنصُرَي الاستعمال والاستغلال، ولا يبقى لها إلا العنصر الثالث وهو حق التصرف، فتصبح الملكية المثقلة بحق الانتفاع هي ملكية الرقبة، فيجتمع في العقار حقان عينيان: حق الرقبة للمالك، وحق الانتفاع للمنتفع، وهذا الحق بالانتفاع موقوت ينتهي بانتهاء الأجَل المعيَّن له، فإن لم يعيَّن له أجلٌ عُدَّ مقرَّرًا لحياة المنتفع، وينتهي على أيِّ حالٍ بموت المنتفع] اهـ.
الخلاصة
بناءً على ذلك: فإن إعطاء الزوج الشقة لزوجته مدة حياتها، واشتراطه أن تؤول إلى ورثته بعد وفاتها -هو هبةٌ لمنفعة تلك الشقة دون عينها، وهو ما يعرف في الفقه الإسلامي بـ"العُمرى"، وهو تصرف صحيح وجائز شرعًا، ومن ثم فيحق للزوجة المذكورة أنْ تنتفع بتلك الشقة مدة حياتها، ثم ترجع إليه بعد وفاتها إن كان حيًّا، أو تؤول إلى ورثته إن كان قد توفي، ولا يؤثِّر في ذلك شرطُ التأقيت.