لبنان ٢٤:
2025-01-11@07:00:05 GMT

سقوط نظام الأسد يعيد خلط الأوراق في لبنان

تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT

كان يُقال إن موقع لبنان الجغرافي الملاصقة حدوده من الجنوب مع إسرائيل ومن الشمال والشرق مع سوريا هو ما استجلب عليه كل المصائب منذ اللحظة الأولى لإعلان استقلاله، مع أن ثمة كثيرين من اللبنانيين يعترضون على المساواة بين دولة عدوة وأخرى شقيقة، فيما يرى آخرون أن ما تعرّضت له بعض المناطق اللبنانية من قصف سوري يجعل سوريا، في نظرهم، متساوية من حيث النتائج السلبية على الاستقرار الداخلي اللبناني.

إلا أن تاريخ لبنان الحديث يشهد على صوابية ما يُقال عن تساوي الأضرار الناجمة عن طبيعة الموقع اللبناني الجغرافي. فإسرائيل لها أطماع قديمة – جديدة بما يتميز به لبنان من مقومات طبيعية تجعله عرضة لحسد جيرانه. أمّا سوريا فكانت تخشى حتى قبل حكم البعث من أن يكون لبنان مقرًّا أو ممرًا لشتى أنواع المؤامرات عليها. وقد يكون هذا السبب مع غيره من الأسباب الكثيرة وراء دخول الجيش السوري إلى لبنان وإخضاعه للوصاية.
وتضاف إلى هذين العاملين عوامل أخرى كثيرة جعلت من لبنان بلدًا معرّضًا وفي شكل موسمي لخضّات أمنية وسياسية واقتصادية تجعل عملية إنهاضه من كبواته مهمة شبه مستحيلة. فالتدخلات الخارجية على تعدّدها ساهمت في إبقاء هذا البلد الصغير جغرافيًا غير مستقر وفي حال دائمة من اللاتوازن، فضلًا عن ميل اللبنانيين إلى الاستعانة بالخارج للاستقواء به على الآخرين. وهذه التجربة سقط فيها كثيرون منذ الاستقلال حتى يومنا هذا، من دون أن يتعلم جميع اللبنانيين وبمستويات مختلفة من هذه التجارب الكثير من الدروس. والدليل على ذلك أنه منذ اتفاق القاهرة حتى اليوم لم ينعم لبنان واللبنانيون باستقرار مستدام، بل كانوا عرضة لخضّات موسمية على رغم محاولات كثيرة لانتشاله من مستنقعه الجغرافي ومن موقعه الطائفي القائم على تركيبة من توازنات هشّة. إلا أن هذه المحاولات باءت كلها بالفشل الذريع، وذلك نتيجة انحياز قسم من اللبنانيين، ومداورة، إلى الخارج الساعي وراء مصلحته.
فنصف الشعب اللبناني إن لم يكن أكثر وعى على هذه الدنيا وهو في حال من الخوف الدائم من خطر مستشرٍ يطاردهم حتى في أحلامهم. وهذا ما جعل معظم اللبنانيين يعيشون تجربة التهجير أو النزوح القسري من مناطقهم إلى مناطق أخرى في الداخل، فضلًا عن أن كثيرين منهم فضّلوا الهجرة الدائمة إلى بلاد الله الواسعة.
ويعجز المرء أن يحصي الفترات التي كان فيها اللبنانيون عرضة للأطماع الخارجية، والتي تُرجمت على أرض الواقع حروبًا متنقلة بدءًا بأحداث سنة 1958، ومرورًا بأحداث 1973، وصولًا إلى حرب 1975، وما تخللها من اجتياحات إسرائيلية لأراضيه أكثر من مرّة، وما عانه من الوصاية السورية وغيرها من الوصايات المقنعة. ولأن لبنان بموقعه الجغرافي، الذي اعتُبر في حقبة من حقبات الزمن الرديء "غلطة تاريخية"، يقف على فوهة بركان أو فوق فالق من الزلازل السياسية والأمنية والاقتصادية، فإن الفترات التي نعم بها باستقرار نسبي قليلة جدًّا.
وما يمكن استخلاصه من كل هذه التجارب المؤلمة التي مرّ بها لبنان منذ اليوم الأول لإعلان استقلاله، وفق رأي بعض المراقبين الذين يصنفون في خانة "حراس الهيكل"، هو أن خروج اللبنانيين من دوامة "اللعنة الجغرافية" يكون بإعادة تموضعهم حول فكرة الدولة من خلال تطبيق اتفاق الطائف تطبيقًا صحيحًا وغير مجتزأ، وبالتالي تحييد أنفسهم عن صراعات المنطقة وعدم ربط مصيرهم بمصير الآخرين، سواء في قطاع غزة أو في سوريا، أو في أي مكان آخر، خصوصًا أن مساندة "حزب الله" لأهالي القطاع بالبارود والنار لم تؤدِ الغاية المرجوة من هذا الاسناد، الذي استجلب على لبنان الدمار والخراب والتهجير.
وقد تكون للعاصفة التي هبت على سوريا حاليًا وأدّت إلى نهاية حكم حزب البعث التأثير المباشر على لبنان ومستقبله، خصوصًا أذا لم يستفد البعض من تجاربه السابقة الاسنادية، مع الاخذ في الاعتبار أن الوحدة الداخلية البعيدة عن التأثيرات الخارجية هي الملاذ الأخير للبنانيين لكي يحصنوا بلدهم من أي تدّخل خارجي. وقد يكون انتخاب رئيس للجمهورية وفاقي وتوافقي بداية الارتداد إلى الداخل.
فسقوط نظام الأسد من شأنه أن يعيد خلط الأوراق في لبنان من جديد.  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

ما هو مستقبل السياسة الخارجية لإيران بعد سقوط الأسد؟

تناول د. بهبودي نجاد، خبير مختص بالدراسات الشرق أوسطية والأوراسية، تداعيات سقوط نظام بشار الأسد على النفوذ الإقليمي لإيران، وكيف يعطل هذا التطور الاستراتيجيات الجيوسياسية لإيران، خاصة في سوريا، وتداعياته الأوسع على السياسة الخارجية الإيرانية في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

التحولات في سوريا ستعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط

وقال الكاتب في مقاله بموقع "مودرن ديبلوماسي" الإلكتروني الأوروبي: "يمثل انهيار نظام الأسد خسارة عميقة لإيران، التي عدّت سوريا حليفاً محورياً منذ الثورة الإسلامية في عام 1979، وكانت علاقتهما متجذرة في العداء المتبادل تجاه صدام حسين وإسرائيل والولايات المتحدة، وكانت سوريا بمنزلة قناة رئيسة للدعم الإيراني لجماعة حزب الله، مما أدى إلى تعزيز ما يسمى "محور المقاومة" ضد إسرائيل".

ولعبت إيران دوراً حاسماً في دعم الأسد أثناء الثورة السورية من خلال تقديم المساعدات العسكرية والاقتصادية، ومع سقوط النظام، فقد العلويون - القاعدة الطائفية للأسد - نفوذهم السياسي.

وترك هذا إيران بدون حليف مهم في العالم العربي وعرضها لعداء متزايد من الفصائل القومية والإسلامية المهيمنة الآن في سوريا، مثل الجيش السوري الحر وهيئة تحرير الشام.

الخسائر الجيوسياسية لإيران

وأشار الكاتب إلى عدة انتكاسات جيوسياسية تعرضت لها إيران بعد إزاحة الأسد:

1. فقدان الطرق الاستراتيجية:

كانت سوريا القناة الرئيسة للدعم العسكري واللوجستي الإيراني لحزب الله في لبنان. وبتعطيل هذا الطريق، يواجه حزب الله صعوبات في إعادة بناء قدراته بعد صراعه المطول مع إسرائيل. 

The Future of Iran's Foreign Policy in the Complex Geopolitics of the Post-Assad Middle East - https://t.co/9XnrabBojk Future of Iran's Foreign Policy in the Complex G... pic.twitter.com/iZRANEMMWQ

— Modern Diplomacy (@MDiplomacyWORLD) January 7, 2025 2. ضعف الوجود الإقليمي:

تضاءلت قدرة إيران على ممارسة النفوذ في سوريا وفرض قوتها ضد إسرائيل والولايات المتحدة بشكل كبير. وأصبحت جبهة مرتفعات الجولان وخطط تسليح الضفة الغربية عبر سوريا غير قابلة للتطبيق.

3. التهديدات من الحركات السُنّية:

أصبحت سوريا ملاذاً للجماعات الجهادية السُنّية، وبعضها له علاقات أيديولوجية مع داعش والقاعدة. وقد تتسلل هذه الجماعات إلى العراق، مما يشكل مخاطر أمنية لكل من العراق وإيران.

القضية الكردية

قد تفكر إيران، في ظل نفوذها المتضائل، في تعزيز العلاقات مع الأكراد السوريين كوسيلة محتملة لإعادة ترسيخ موطئ قدم لها. إن "وحدات حماية الشعب الكردية" السورية متحالفة مع الولايات المتحدة وتعارضها تركيا التي تعدها امتداداً لـ "حزب العمال الكردستاني".
وفي حين أن تحالف الأكراد مع إيران قد يخدم المصالح المتبادلة، فإن اعتمادهم على التعاون السري يعكس الحذر بسبب ردود الفعل العنيفة المحتملة من الولايات المتحدة وإسرائيل.

التعامل مع القيادة السورية الجديدة

ولفت الكاتب النظر إلى إمكانية تعامل إيران مع الحكام السُّنة الجدد لدمشق.

ومع ذلك، يواجه هذا النهج عقبات كبيرة. فقد أعربت مجموعات مثل "هيئة تحرير الشام" عن انفتاحها على التعاون مع الولايات المتحدة، مما يشير إلى توجه مؤيد لأمريكا، وهذا يقوض أي تقارب محتمل مع إيران، التي تظل خصماً قوياً للولايات المتحدة. 

???????????????????? IRAN SEEKS ALLIES IN POST-ASSAD SYRIA

Following Assad's fall, Iran is racing to establish ties with Syria's new leadership to maintain influence and prevent a "hostile trajectory."

Tehran fears losing its foothold in the region, including Hezbollah's vital supply routes… https://t.co/NWTpl6oYo2 pic.twitter.com/JNyHIYG2ja

— Mario Nawfal (@MarioNawfal) December 9, 2024

وقد تسعى إيران أيضاً إلى التحالف مع العلويين أو الشيعة السوريين. ومع ذلك، فإن هذه المجتمعات ضعيفة سياسياً، ويواجه العديد منها الاضطهاد في ظل النظام الجديد. وقد تلاشت إمكانية إنشاء كانتون علوي في المناطق الساحلية السورية، كما أن احتمال الهجرة الجماعية للعلويين يزيد من تعقيد خيارات إيران.

التأثيرات المتتالية في لبنان والعراق

وأوضح الكاتب أنه قد يكون لانهيار نظام الأسد آثار متتالية على حلفاء إيران في لبنان والعراق: ففي لبنان؛ قد يواجه حزب الله، الذي أضعفته بالفعل صراعاته مع إسرائيل، تسلل الحركات السُنيّة من سوريا، وهو ما قد تستغله الولايات المتحدة وإسرائيل والفصائل المناهضة لحزب الله داخل لبنان لتقليص قوة حزب الله.
وفي العراق؛ قد تتدفق الجماعات الجهادية المتطرفة من سوريا، مما يشكل تحديات لـ "قوات الحشد الشعبي" والحكومة العراقية. وقد يؤدي الانسحاب الأمريكي المحتمل من العراق إلى تشجيع هذه الجماعات بشكل أكبر، مما يخلق تهديدات إضافية للجناح الغربي لإيران.

الخيارات الاستراتيجية 

ونظراً لهذه التحديات، يقول الكاتب، تبدو قدرة إيران على استعادة النفوذ في سوريا محدودة. ويشير  نجاد إلى أن الخيارات المتبقية أمام إيران تشمل تعزيز العلاقات السرية مع الأكراد السوريين وغيرهم من الفصائل للحفاظ على مستوى معين من النفوذ، فضلاً عن الاستفادة من التنافسات الإقليمية بين الفصائل السنية، لخلق فرص للمشاركة غير المباشرة.
ومع ذلك، فإن هذه الاستراتيجيات محفوفة بعدم اليقين. وتظل القوى الحاكمة في سوريا أكثر انسجاماً مع تركيا مما يترك مجالاً ضئيلاً للتدخل الأجنبي، وفق الكاتب.

مقالات مشابهة

  • سوريا والمشوار الطويل
  • الأمن والعقوبات.. أولويات سوريا بعد الأسد
  • اجتماع أميركي أوروبي في روما لتقييم الوضع بسوريا بعد سقوط نظام الأسد
  • لماذا لم يعد معظم النازحين واللاجئين السوريين رغم سقوط الأسد؟
  • تركيا تكشف عدد السوريين العائدين إلى بلادهم منذ سقوط نظام الأسد
  • عين الأسد تغذّي الحسكة.. أمريكا تتذرع بـمكافحة داعش لإدامة وجودها في سوريا
  • عين الأسد تغذّي الحسكة.. أمريكا تتذرع بـمكافحة داعش لإدامة وجودها في سوريا - عاجل
  • ما هو مستقبل السياسة الخارجية لإيران بعد سقوط الأسد؟
  • بعد شهر من سقوط نظام الأسد..وفد بحريني يبحث في سوريا العلاقات بين البلدين
  • مسعى حثيث لاستقطاب سوريا لخدمة المصالح الأوروبية بعد سقوط نظام الأسد.. فيديو