صدى البلد:
2025-04-14@10:16:02 GMT

الإفتاء: خمسة أصناف تأخذ حكم الشهيد في الإسلام

تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT

ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما المراد بالشهادة في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: المَطعُونُ، والمَبطُونُ، والغَرِيقُ، وَصَاحِبُ الهَدمِ، والشَّهِيدُ في سَبِيلِ اللهِ»؟ وهل هذا يعني أن الأصناف المذكورة تأخذ حكم الشهيد في عدم التغسيل والتكفين والصلاة عليه؟

وقالت دار الإفتاء إنه من المقرر شرعًا أن الشهداء على ثلاثة أقسام: الأول: شهيد الدُّنيا والآخرة: وهو الَّذي يُقتل في قتال الحربيين أو البُغاة أو قُطَّاع الطريق، وهو المقصود من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ قاتلَ لِتَكُونَ كلِمةُ اللهِ هيَ الْعُليا فهوَ في سبيلِ اللهِ» متفقٌ عليه من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وتسمى هذه الشهادة: بالشهادة الحقيقية.

والثاني: شهيد الدُّنيا فقط: وهو مَن قُتِلَ في قتال الحربيين أو البُغاة أو قُطَّاع الطريق لكنه غلَّ في الغنيمة بأن أخذ منها قبل قسمتها، أو قُتِلَ مدبرًا، أو قاتل رياءً، ونحو ذلك؛ فهو شهيد في الظاهر وفي أحكام الدنيا، فلا يُغَسَّل ولا يُصلَّى عليه، وليس له نصيب من ثواب الشهيد في الآخرة.

والثالث: شهيد الآخرة فقط: وهو من مات بسببٍ كالميِّت بداء البطن، أو بالطَّاعون، أو بالغرق، أو بالهدم، وكالنفساء التي تموت في طلقها، ونحو ذلك، وهذه الشهادة تُسمَّى بالشهادة الحكمية، وصاحبها له مرتبة الشهادة وأجر الشهيد في الآخرة، لكن لا تجري عليه أحكام الشهيد في الدنيا، فيجب تغسيله وتكفينه والصلاة عليه.

قال العلامة كمال الدين الدَّمِيرِي في "النجم الوهاج" (3/ 71، ط. دار المنهاج): [الشهداء ثلاثة أقسام: شهيد في حكم الدنيا -في ترك الغُسل والصلاة- وفي الآخرة، وهو: مَن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا.

والثاني: شهيد في الدنيا دون الآخرة، وهو: مَن قاتل رياءً وسُمعةً وقُتِل، والمقتول مدبرًا أو وقد غلَّ من الغنيمة، فلا يُغَسَّل ولا يُصلَّى عليه، وليس له من ثواب الشهيد الكامل في الآخرة.

والثالث: شهيد في الآخرة فقط، وهم: المبطون، والمطعون، ومَن قتله بطنه، والغريق، والحريق، واللديغ، وصاحب الهدم، والميت بذات الجنب أو محمومًا، ومَن قتله مسلم أو ذِمِّي أو باغٍ في غير القتال، فهؤلاء شهداء في الآخرة لا في الدنيا؛ لأن عمر وعثمان رضي الله عنهما غُسِّلَا وهما شهيدان بالاتفاق] اهـ.

-أمَّا بخصوص الحديث المسؤول عنه، فقد جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: المَطعُونُ، والمَبطُونُ، والغَرِيقُ، وَصَاحِبُ الهَدمِ، والشّهِيدُ في سَبِيلِ اللهِ» متفق عليه.

وتواردت أقوال العلماء في بيان معنى الشهادة المذكورة في الحديث، واتفقوا على أن المراد بها شهادة الآخرة، بمعنى أن الذي مات بأحد هذه الموتات المذكورات في الحديث يأخذ مثل أجر الشهيد في الآخرة فقط، دون أن تجري عليه أحكام الشهيد في الدنيا، وإنما كانت هذه الأسباب المتعددة وغيرها مما تفضَّل الله تعالى على مَن مات بها صابرًا مُحتسبًا بأجر الشهيد؛ لِمَا فيها من الشِدَّة الشِّدَّة وكثرة الألم والمعاناة.

قال الإمام محيي الدين النووي في "شرح صحيح مسلم" (13/ 63، ط. دار إحياء التراث العربي) في شرح الحديث: [وقد قال العلماء: وإنما كانت هذه الموتات شهادة بتفَضُّل الله تعالى بسبب شِدَّتها وكثرة ألَمِهَا.. قال العلماء المراد بشهادة هؤلاء كلهم غير المقتول في سبيل الله أنهم يكون لهم في الآخرة ثواب الشهداء، وأما في الدنيا فيُغَسَّلون ويُصلَّى عليهم] اهـ.

وقال شمس الدين الكِرْمَانِي في "الكواكب الدراري" (5/ 42، ط. دار إحياء التراث العربي) في شرح الحديث: [معناه: أن يكون لهم في الأجر مثل ثواب الشهيد] اهـ.

وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "تحفة الباري" (5/ 643-644، ط. مكتبة الرشد): [والمراد بشهادة مَن عدا مَن قُتل في سبيل الله أن يكون له في الآخرة أجر الشهداء] اهـ.

وأمَّا ما يتعلَّق بتغسيل الأصناف المذكورة في الحديث وتكفينهم والصلاة عليهم، فحيث اعتبرهم الشرع شهداء آخرة فقط، فإن أحكام الشهيد تجري عليهم في الآخرة دون الدنيا، فيُغسَّلون ويُكفَّنُون ويُصلَّى عليهم، وقد نص على ذلك غير واحد من العلماء، بل نقل بعضهم الإجماع على ذلك.

قال العلامة زين الدين ابن نُجَيْم الحنفي في "البحر الرائق" (2/ 211، ط. دار الكتاب الإسلامي): [لو مات حَتْفَ أَنفِهِ أو تردَّى من موضع أو احترق بالنار أو مات تحت هدم أو غرق لا يكون شهيدًا -أي: في حكم الدنيا- وإلا فقد شهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للغريق وللحريق والمبطون والغريب بأنهم شهداء، فينالون ثواب الشهداء] اهـ.

وقال القاضي عبد الوهاب المالكي في "الإشراف" (1/ 359، ط. دار ابن حزم): [سائر شهداء المسلمين سوى المقتول في المعترك يُغَسَّلون ويُصلَّى عليهم] اهـ.

وقال الإمام محيي الدين النَّوَوي الشافعي في "المجموع" (5/ 264، ط. دار الفكر): [الشهداء الذين لم يموتوا بسبب حرب الكفار كالمبطون، والمطعون، والغريق، وصاحب الهدم، والغريب، والميتة في الطلق، ومَن قتله مسلم أو ذمي أو مأثم في غير حال القتال وشبههم فهؤلاء يُغَسَّلون ويُصلَّى عليهم بلا خلاف. قال أصحابنا رحمهم الله: ولفظ الشهادة الوارد فيهم المراد به أنهم شهداء في ثواب الآخرة لا في ترك الغسل والصلاة] اهـ.

وقال الشيخ البُهُوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 119، ط. دار الكتب العلمية): [(والشهيد بغير قتل كغريق ونحوه.. يُغَسَّل ويُصلَّى عليه) لأنه ليس بشهيد معركة ولا ملحقًا به] اهـ.

وبناء على ذلك: فالمراد من الشهادة الواردة في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: المَطعُونُ، والمَبطُونُ، والغَرِيقُ، وَصَاحِبُ الهَدمِ، والشَّهِيدُ في سَبِيلِ اللهِ» الشهادة الحكمية، فمن مات بأحد الأوصاف المذكورة في الحديث يأخذ أجر الشهيد في الآخرة، ويُسمَّى شهيدَ الآخرة دون الدنيا، ويُغسَّل ويُكفَّن ويُصلَّى عليه.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء الدنيا الشهداء الشهيد التكفين المزيد المزيد النبی صلى الله علیه وآله وسلم شهید فی الآخرة فی الحدیث فی الدنیا اهـ وقال ى علیهم شهید ا ل الله ى علیه

إقرأ أيضاً:

كيف تحقق طموحك دون الوقوع فيما نهى عنه الاسلام؟.. علي جمعة يوضح

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن  النفس البشرية جبلت على التطلع للمستقبل‏,‏ والطموح إلى المراتب الأعلى دائما‏,‏ وهو ما حدا بالبعض إلى الجموح لتحقيق أهدافه وأحلامه‏,‏ مستندا إلى مبدأ‏:‏ "الغاية تبرر الوسيلة" دون نظر إلى ما تمثله تلك الوسيلة من خير أو شر‏,‏ وهو أمر شديد الخطورة‏,‏ يؤثر بالسلب على الفرد والمجتمع.

ونوه ان الطموح هو السعي باتجاه الوصول إلى أعلى الأهداف, وحتى يصل الإنسان إلى ما تطمح إليه نفسه في ظل الالتزام بالمبادئ التي قررها الإسلام ؛يجب أن يكون لديه الدافع المحاط بالأخلاق التي حددها القرآن الكريم والسنة النبوية، وإلا أصبح الطموح جموحا يوشك أن يودي بصاحبه ويدمره

هل يجوز الجمع بين نية صيام الست من شوال والأيام البيض؟علي جمعة: التمكين الدنيوي للظالمين لا يعني رضا الله عنهمماذا يحدث عند قراءة يس 7 مرات يوميا؟.. علي جمعة: اغتنموها لهذا السبب

الطموح الصحيح
وأشار الى ان  رسول الله ﷺ أوضح لنا الطموح الصحيح في أسمى صوره، وزرع فينا حب التميز والتفوق والحصول على أسمى المراتب في كل مكان نعمل فيه.

ولفت إلى أن التواضع والزهد في الدنيا لا يعنيان أبدا أن يقبل المسلم الحد الأدنى ، أو ينزوي وراء الآخرين ويكون في ذيلهم، ولذلك حثنا رسول الله ﷺ على العمل لبلوغ الغاية والهدف الأسمى لكل مسلم فقال: «إذا سألتم الله فسلوه الفردوس الأعلى, فإنه سر الجنة» [الكبير للطبراني], كذلك علمنا أن نعظم من رغباتنا عند الدعاء, فقال ﷺ : «إذا دعا أحدكم فلا يقل اللهم اغفر لي إن شئت, ولكن ليعزم المسألة وليعظم الرغبة, فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه» [مسلم]

واضاف:الإسلام -كما دعا إلى الطموح لنيل المنزلة العليا في ظل مبادئه السامية- جاء أيضا ليهذب النفس البشرية عن جموحها ويقوم سلوكها ويهديها سبيل الرشاد, فالنفس مائلة بطبعها إلى التوجه إلى السيئ, كما أكد القرآن الكريم في قوله تعالى: (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي), وهي غالبا ما تتبع الهوى بغية إشباع رغباته, ومن هنا جاء الإسلام ليعلمنا كيف نكبح جماح تلك النفس حتى تستكين وتعود إلى جادة الصراط المستقيم, وسبيل ذلك تربية النفس على طاعة الله ورسوله في كل شيء.

وبين ان الاسلام وازن بين الواجبات التي فرضها على المسلم وبين ما تطمح إليه نفسه البشرية, فعمل على ألا تكون فروض الدين شاغله أمره كله وداعية لترك دنياه, بل أمره بالجد والسعي في طلب الرزق وإعمار الأرض, قال تعالى: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ) .

فالاستغراق في المأمول بلا حدود هو الطموح الزائد الذي ينقلب إلى جموح، وهو أمر مرفوض في الإسلام, قال الله عز وجل: (وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا), أما إذا أعاد الإنسان ضبط هذا المأمول في إطار المشروع, وفي إطار ما أحله الله وأباحه ودون الخروج عن الهدي النبوي الكريم, وبما لا يخالف النظام العام, فسوف يصل إلى هدفه ويحقق طموحه الذي يأمله ،ويكون بهذا قد حقق التوازن والاتساق بين ما تطمح إليه نفسه وبين ما يأمره به ربه.

مقالات مشابهة

  • من ضاقت به الدنيا ماذا يفعل؟.. الإفتاء: هذا الذكر يفرِج كل ضيق
  • رمضان عبد المعز: الأخوّة نعمة إلهية وأعظم سند وشفيع في الآخرة.. فيديو
  • رمضان عبد المعز: الأخوّة نعمة إلهية.. وهي أعظم سند في الدنيا وشفيع بالآخرة
  • حكم القصاص في الإسلام وجزاء العفو.. دار الإفتاء توضح
  • الفارعي ..كفيف يتم حفظ القرآن في خمسة أشهر
  • كيف تحقق طموحك دون الوقوع فيما نهى عنه الاسلام؟.. علي جمعة يوضح
  • في عكار.. توفي إثر سقوط صخرة كبيرة عليه
  • أبرز الكوارث الجوية: خمسة من أكثر حوادث تحطم المروحيات دموية في العصر الحديث
  • دعاء قبل المذاكرة للفهم والحفظ وعدم النسيان.. احرص عليه حتى الامتحانات
  • فوق السلطة: الكركرية طريقة صوفية أم حركة مشبوهة؟