الإفتاء: خمسة أصناف تأخذ حكم الشهيد في الإسلام
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما المراد بالشهادة في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: المَطعُونُ، والمَبطُونُ، والغَرِيقُ، وَصَاحِبُ الهَدمِ، والشَّهِيدُ في سَبِيلِ اللهِ»؟ وهل هذا يعني أن الأصناف المذكورة تأخذ حكم الشهيد في عدم التغسيل والتكفين والصلاة عليه؟
وقالت دار الإفتاء إنه من المقرر شرعًا أن الشهداء على ثلاثة أقسام: الأول: شهيد الدُّنيا والآخرة: وهو الَّذي يُقتل في قتال الحربيين أو البُغاة أو قُطَّاع الطريق، وهو المقصود من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ قاتلَ لِتَكُونَ كلِمةُ اللهِ هيَ الْعُليا فهوَ في سبيلِ اللهِ» متفقٌ عليه من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وتسمى هذه الشهادة: بالشهادة الحقيقية.
والثاني: شهيد الدُّنيا فقط: وهو مَن قُتِلَ في قتال الحربيين أو البُغاة أو قُطَّاع الطريق لكنه غلَّ في الغنيمة بأن أخذ منها قبل قسمتها، أو قُتِلَ مدبرًا، أو قاتل رياءً، ونحو ذلك؛ فهو شهيد في الظاهر وفي أحكام الدنيا، فلا يُغَسَّل ولا يُصلَّى عليه، وليس له نصيب من ثواب الشهيد في الآخرة.
والثالث: شهيد الآخرة فقط: وهو من مات بسببٍ كالميِّت بداء البطن، أو بالطَّاعون، أو بالغرق، أو بالهدم، وكالنفساء التي تموت في طلقها، ونحو ذلك، وهذه الشهادة تُسمَّى بالشهادة الحكمية، وصاحبها له مرتبة الشهادة وأجر الشهيد في الآخرة، لكن لا تجري عليه أحكام الشهيد في الدنيا، فيجب تغسيله وتكفينه والصلاة عليه.
قال العلامة كمال الدين الدَّمِيرِي في "النجم الوهاج" (3/ 71، ط. دار المنهاج): [الشهداء ثلاثة أقسام: شهيد في حكم الدنيا -في ترك الغُسل والصلاة- وفي الآخرة، وهو: مَن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا.
والثاني: شهيد في الدنيا دون الآخرة، وهو: مَن قاتل رياءً وسُمعةً وقُتِل، والمقتول مدبرًا أو وقد غلَّ من الغنيمة، فلا يُغَسَّل ولا يُصلَّى عليه، وليس له من ثواب الشهيد الكامل في الآخرة.
والثالث: شهيد في الآخرة فقط، وهم: المبطون، والمطعون، ومَن قتله بطنه، والغريق، والحريق، واللديغ، وصاحب الهدم، والميت بذات الجنب أو محمومًا، ومَن قتله مسلم أو ذِمِّي أو باغٍ في غير القتال، فهؤلاء شهداء في الآخرة لا في الدنيا؛ لأن عمر وعثمان رضي الله عنهما غُسِّلَا وهما شهيدان بالاتفاق] اهـ.
-أمَّا بخصوص الحديث المسؤول عنه، فقد جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: المَطعُونُ، والمَبطُونُ، والغَرِيقُ، وَصَاحِبُ الهَدمِ، والشّهِيدُ في سَبِيلِ اللهِ» متفق عليه.
وتواردت أقوال العلماء في بيان معنى الشهادة المذكورة في الحديث، واتفقوا على أن المراد بها شهادة الآخرة، بمعنى أن الذي مات بأحد هذه الموتات المذكورات في الحديث يأخذ مثل أجر الشهيد في الآخرة فقط، دون أن تجري عليه أحكام الشهيد في الدنيا، وإنما كانت هذه الأسباب المتعددة وغيرها مما تفضَّل الله تعالى على مَن مات بها صابرًا مُحتسبًا بأجر الشهيد؛ لِمَا فيها من الشِدَّة الشِّدَّة وكثرة الألم والمعاناة.
قال الإمام محيي الدين النووي في "شرح صحيح مسلم" (13/ 63، ط. دار إحياء التراث العربي) في شرح الحديث: [وقد قال العلماء: وإنما كانت هذه الموتات شهادة بتفَضُّل الله تعالى بسبب شِدَّتها وكثرة ألَمِهَا.. قال العلماء المراد بشهادة هؤلاء كلهم غير المقتول في سبيل الله أنهم يكون لهم في الآخرة ثواب الشهداء، وأما في الدنيا فيُغَسَّلون ويُصلَّى عليهم] اهـ.
وقال شمس الدين الكِرْمَانِي في "الكواكب الدراري" (5/ 42، ط. دار إحياء التراث العربي) في شرح الحديث: [معناه: أن يكون لهم في الأجر مثل ثواب الشهيد] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "تحفة الباري" (5/ 643-644، ط. مكتبة الرشد): [والمراد بشهادة مَن عدا مَن قُتل في سبيل الله أن يكون له في الآخرة أجر الشهداء] اهـ.
وأمَّا ما يتعلَّق بتغسيل الأصناف المذكورة في الحديث وتكفينهم والصلاة عليهم، فحيث اعتبرهم الشرع شهداء آخرة فقط، فإن أحكام الشهيد تجري عليهم في الآخرة دون الدنيا، فيُغسَّلون ويُكفَّنُون ويُصلَّى عليهم، وقد نص على ذلك غير واحد من العلماء، بل نقل بعضهم الإجماع على ذلك.
قال العلامة زين الدين ابن نُجَيْم الحنفي في "البحر الرائق" (2/ 211، ط. دار الكتاب الإسلامي): [لو مات حَتْفَ أَنفِهِ أو تردَّى من موضع أو احترق بالنار أو مات تحت هدم أو غرق لا يكون شهيدًا -أي: في حكم الدنيا- وإلا فقد شهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للغريق وللحريق والمبطون والغريب بأنهم شهداء، فينالون ثواب الشهداء] اهـ.
وقال القاضي عبد الوهاب المالكي في "الإشراف" (1/ 359، ط. دار ابن حزم): [سائر شهداء المسلمين سوى المقتول في المعترك يُغَسَّلون ويُصلَّى عليهم] اهـ.
وقال الإمام محيي الدين النَّوَوي الشافعي في "المجموع" (5/ 264، ط. دار الفكر): [الشهداء الذين لم يموتوا بسبب حرب الكفار كالمبطون، والمطعون، والغريق، وصاحب الهدم، والغريب، والميتة في الطلق، ومَن قتله مسلم أو ذمي أو مأثم في غير حال القتال وشبههم فهؤلاء يُغَسَّلون ويُصلَّى عليهم بلا خلاف. قال أصحابنا رحمهم الله: ولفظ الشهادة الوارد فيهم المراد به أنهم شهداء في ثواب الآخرة لا في ترك الغسل والصلاة] اهـ.
وقال الشيخ البُهُوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 119، ط. دار الكتب العلمية): [(والشهيد بغير قتل كغريق ونحوه.. يُغَسَّل ويُصلَّى عليه) لأنه ليس بشهيد معركة ولا ملحقًا به] اهـ.
وبناء على ذلك: فالمراد من الشهادة الواردة في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: المَطعُونُ، والمَبطُونُ، والغَرِيقُ، وَصَاحِبُ الهَدمِ، والشَّهِيدُ في سَبِيلِ اللهِ» الشهادة الحكمية، فمن مات بأحد الأوصاف المذكورة في الحديث يأخذ أجر الشهيد في الآخرة، ويُسمَّى شهيدَ الآخرة دون الدنيا، ويُغسَّل ويُكفَّن ويُصلَّى عليه.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء الدنيا الشهداء الشهيد التكفين المزيد المزيد النبی صلى الله علیه وآله وسلم شهید فی الآخرة فی الحدیث فی الدنیا اهـ وقال ى علیهم شهید ا ل الله ى علیه
إقرأ أيضاً:
شهيد النصر والانتصار في معركة طوفان الأقصى المجاهد محمد الضيف
شهيد الأمة الكبير القائد العام لكتائب القسام، قائد هيئة أركان كتائب القسام شهيد النصر والانتصار في معركة طوفان الأقصى المجاهد الشهيد محمد الضيف (أبو خالد)، رضوان الله عليه.
السابع من أكتوبر تاريخ ارتبط بعملية الاقتحام الأكبر التي نفذتها كتائب القسام والمقاومة الفلسطينية بقيادة الشهيد المجاهد محمد الضيف (أبو خالد) رضوان الله عليه، الذي استطاع قلب الموازين في الشرق الأوسط، وهذا ما أثبتته الوثيقة السرية التي كشفت عنها قيادة القسام في الوثائقي ما خفي أعظم طوفان الأقصى، أمر العمليات رقم (١) لتنفيذ عملية طوفان الأقصى، وظهور القائد العام لكتائب القسام الشهيد المجاهد محمد الضيف -رضوان الله عليه- بصورة كاملة، وهو واقف على قدمة داخل غرفة العمليات العسكرية يضع اللمسات الأخيرة على خطة الهجوم مسابقاً في تغيير مجرى التاريخ .
وقد تضمنت هذا الوثيقة الصادرة من القائد العام مجموعة من القرارات أهمها تنفيذ عملية طوفان الأقصى، وتنفيذ موعد بداية العملية عند الساعة السادسة والنصف من صباح يوم السبت المواقف ٧أكتوبر ٢٠٢٣م، مستبصرين بالتوجيهات الإلهية لقوله تعالى { اَدْخُلُواْ عَلَيْهِمُ اُلْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَٰلِبُونَ وَعَلَى اَللَّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }، سورَةُ المَائـِدَةِ: ٢٥]، وبعد رصد تفاصيل السياج تم اختراق الجدار الأمني للعدو من فوق الأرض، وانهيار السياج الأمني للعدو، والوصول إلى المواقع السرية للعدو، الأمر الذي أرهب الكيان اللقيط كيف عرفت كتائب القسام الوصول إليها والهجوم عليها براً وجواً وبحراً، وكاشفة ضعف استخبارات العدو، ونقل القتال إلى وسط الكيان وفاءاً لتحرير الأسرى من التعذيب الوحشي والحكومات المؤبدة .
عملية طوفان الأقصى تمثل نموذجاً فريدياً في تاريخ الصراعات حيث نجحت في تحقيق الخداع الاستراتيجي على كافة المستويات بقيادة المجاهد الشهيد محمد الضيف أبو خالد، رضوان الله عليه.
محمد الضيف: الاسم المفرق لأحزاب قوى الاستكبار العالمي والشديد عليهم المناهض الاحتلال الإسرائيلي، الرجل الاستراتيجي من جعل الصهاينة ينظرون إلى جهنم في الدنيا، مدمراً مواقعهم وأرعبهم، مذلاً الاستخبارات العسكرية للعدو، محطماً الجداري الحديث الإسرائيلي، وهذا التحطيم يمثل تهديداً وجودياً لإسرائيل التي بنت وجودها على فكرة القوة التي لا تقهر.
محمد الضيف، المجاهد الذي لعب دوراً محورياً في تطوير كتائب القسام، وتحويلها إلى جيش منظم، مهندس الأزمات وصفقة الأحرار، وتطوير السلاح والتكتيكات العسكرية لكتائب القسام، مطوراً المهارات القتالية البحرية والجوية والبرية لكتائب القسام، وتحويلها من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم.
الضيف.. المجاهد العظيم الظل الخفي شبيه بملائكة الرحمن، الذي كانت الأمة لا تعرف سوى أسمه، ولن يعرف صوره أحد إلا المعارك فقط من تعرف الجندي المجهول الذي لا يعشق المنصب، بل يعشق الجهاد الخفي في سبيل الله في استراتيجيات الأنفاق والمسيرات واقتحام المستوطنات، مرعباً الاحتلال أكثر من ثلاثين عاماً، وكم مرات حاول العدو اغتياله.
إرادة الله فوق كل شيء وهي أن يكون ظهوره في الدنيا شهيداً حراً مقاوماً منيراً للمقاومة والمحرومين عدم الخنوع الاستكبار العالمي.
أبو خالد اسم يدل على الخلود الأبدي والعزة السرمدية، خلود العزة والكرامة والقوة والعنفوان والنصر والقضية تتوارثها الأجيال المتعاقبة، عاش ضيفاً ومضى ضيفاً في ضيافة الرحمن فرحاً مستبشراً عزيزاً كريماً مجاهداً في الدنيا وحياً يرزق في الآخرة.
قائد هيئة أركان كتائب القسام، الشهيد الأسطوري الذي استشهد في أعظم معركة عرفتها البشرية مقبلاً غير مدبر في خضم معركة طوفان الأقصى في مواطن الشرف والبطولة والعطاء بين غرف عمليات القيادة والاشتباك المباشر مع قوات العدو في الميدان، متفقداً صفوف المجاهدين، منظماً لهم سير المعركة وإدارة القتال، موقعاً بدمائه الزكية والطاهرة على صدق الانتماء والتضحية والإخلاص دفاعاً عن المقدسات ونصرة القضية وتحرير الأسرى ونال ما تمناه نصراً واستشهاداً.
{ وَلَا تَهِنُواْ وَلَا تَحْزَنُواْ وَأَنتُمُ اُلْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } [سُورَةُ آلِ عِمرَانَ: ١٣٩].