موقع النيلين:
2025-02-11@20:10:22 GMT

من سيملأ الفراغ السياسي في سوريا؟

تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT

الدولة في سوريا ستستمر فقوة المجتمع والحضارة والمدنية العميقة ووجود كادر بيروقراطي متعلم، كل ذلك سيمنح الدولة قابلية للاستمرار في ظل النظام الجديد، لكن من سيملأ الفراغ السياسي ويحدد وجهة النظام؟

سوريا ستتحول بكليتها نحو اعتماد صيغ غربية في الحل، وسيطل القرار ٢٢٥٤ من الأمم المتحدة بصيغة جديدة محسنة النظام البعثي خارجها تماما، دعوات التسامح اليوم لن تصمد طويلا مع الزمن لأنها تطرح كيوتوبيا معلقة بالسماء.

لا يمكن نفي وكالة الذين أسقطوا نظام بشار عن أنفسهم وعن قضيتهم، ولكن في أي سياق عام تبرز القضية وتحت أي مظلة تتحرك؟ الغرب موجود والكيان المحتل موجود وتركيا كذلك، ولا يمكن نفي حقيقة أن النظام القديم دافع عن بقائه من خلال الدعم الخارجي أيضا، ومع تغير ظروف إيران وروسيا وفي توقيت مضطرب يسقط النظام.

الغرب ووكلاؤه هم من سيملؤون الفراغ، سيشكلون نظام جديد لسوريا منقسمة على نفسها بقيادة نخبة سورية جديدة عاشت زمنا طويلا في الخارج، سيعملون من أجل تحويل سوريا لنموذج جديد، يشجع بعض السوريين على العودة فتحل مشاكل كثيرة لدى تركيا والغرب، لكن هل هي حقيقية واستراتيجية ومستمرة؟ من سيكسب؟ ومن سيخسر؟

الرابح الفعلي هو الغرب والكيان المحتل، لن يتجرأ أحد ويقول أن الشعب السوري هو الخاسر اليوم فستقدم صفقة من قبيل: استقرار هش برعاية القوى المهيمنة مع العمل المستمر لتغيير سياسات النظام الاقتصادية والاجتماعية مقابل الخضوع للقوى المهيمنة. هذه الصفقة لا يوجد في المدى القريب ما يمنع استمرارها ولكن طبيعة القوى المهيمنة غير منسجمة، ووكالة بعض الثوار عن أنفسهم وعن قضيتهم قد تطل مستقبلا وتدفعهم للمقاومة، وسيقمع من يرغب في مشروع خارج ما تسمح به الدول المهيمنة. أما حين تتعارض المصالح الخارجية هنا وهناك ستكون حلبة الصراع المباشر هي الداخل السوري نفسه، وبالوكالة وقتها وبالتالي لا استقرار.

ما أخشاه ويخشاه كثير من المتحفظين هو فرص وجود المشروع الوطني السوري المستقل ولو خارج خيال البعثيين ونظامهم القديم، التحفظ بروح متشائمة لا يعني غياب الأمل فالتاريخ يتحرك وتموت الأنظمة ووتخثر لكن القضايا الحقيقية لن تموت، وسيعرف التاريخ كيف يعيد بعثها من جديد، كما يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي فتلك سنن الله في الكون.

نحن السودانيون لن نستطيع منح السوريين الحكمة، وبشكل أكثر تواضعا وصدقا يجب أن نتعلم من تجربتهم، وخلاصتها هو أن الحفاظ على الدولة القائمة أمر مهم، وأن تقليل التدخل الخارجي على بلادنا أمر استراتيجي ومن كافة الأطراف، أن نجعل مدافعتنا دوما أخلاقية وذكية، وأن نحارب النخبة المستقوية بالخارج من عملاء الغرب ونواجه الظروف التي تصنعهم. وأن ننتبه لألاعيب الخارج ووسائل إعلامه، تأمل كيف نظر للثوار هناك في وقت من الأوقات كإرهابيين متشددين، ثم نظر لهم في سياق آخر كمعارضة وطنية. كذلك اليوم عندنا في السودان يتحدثون عن إسلاميين بتضخيم يطرحهم كمشكلة، والهدف عداء الدولة وجيشها الوطني وإعادة صياغتها بطريقتهم. الدرس هو أن نحافظ على ما نملك وأن نمد الجسور ونقلل حدة الصراع ولا نستثني أحدا إلا الخونة.

هشام الشواني

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

نكبة 11 فبراير.. بداية انزلاق اليمن إلى هاوية الفوضى والانقسام

مثلت نكبة 11 فبراير 2011 بداية لانزلاق اليمن في هاوية الفوضى والانقسام، مع دخوله مرحلة جديدة من الاقتتال والدمار.

ففي ذلك اليوم، شهد اليمن بداية انهيار مسار الجمهورية والديمقراطية، إثر تحالف بين حزب الإصلاح، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن، وجماعة الحوثي، وهو التحالف الذي كان هدفه المشترك الانقلاب على النظام السياسي القائم والسيطرة على مؤسسات الدولة، وتدمير كل ما تم بناؤه على مدار عقود.

وبدا تحالف الإخوان والحوثيين يتكشف تدريجيًا عن نوايا هدم النظام الجمهوري والديمقراطي في البلاد، بدلاً من تحقيق الإصلاح السياسي والاجتماعي.

وبدأت هذه القوى تتعاون وتتحالف لهدم مؤسسات الدولة اليمنية، حيث اتفقوا على تقويض النظام السياسي وتدمير أسس الدولة الحديثة التي كانت قد بدأت تتطور خلال السنوات السابقة.

ومع مرور الوقت، تحول هذا التحالف التكتيكي إلى صراع مفتوح، ليصل الأمر إلى الانقلاب الفعلي حيث نفذت مليشيا الحوثي انقلابها المسلح في 21 سبتمبر 2014 على الحكومة الشرعية، واستولت على العاصمة صنعاء، لتبدأ مرحلة جديدة من الفوضى والحرب في اليمن، ما أسهم في تدمير البلاد بشكل كامل.

على الرغم من أن تحالف الإخوان المسلمين مع الحوثيين كان يهدف إلى تدمير النظام القائم وتفكيك مؤسسات الدولة، فإن هذا التحالف لم يكن سوى تكتيك لتحقيق مصالح شخصية، وفي النهاية، اختلف الطرفان على كيفية تقسيم السيطرة على البلاد.

وتسبب هذا الاختلاف في اندلاع الحرب المدمرة التي لم تقتصر على دمار البنية التحتية، بل أيضًا في معاناة الشعب اليمني.

يؤكد سياسيون أنه لا يمكن اعتبار جماعات ومليشيات الموت، سواء كانت الحوثية أو الإخوانية، كيانات يمكن أن تكون بديلًا للدولة أو تدافع عن مصالح اليمنيين، فبينما كانت هذه الجماعات تتصارع على النفوذ، كانت البلاد تتجه نحو مزيد من الخراب والانهيار.

وأشاروا إلى ضرورة أن تكون الذكرى السنوية لنكبة 11 فبراير، فرصة للاعتذار للوطن، الذي ضُحّي به على مذبح الأطماع السياسية والحزبية، مع الإدراك أن حجم الخسائر التي مُني بها اليمن نتيجة للتحالف الانقلابي المدمر، وأن يقر الجميع بأن نكبة 11 فبراير كانت بمثابة بداية الطريق إلى الدمار الشامل الذي لا يزال قائماً حتى اليوم.

مقالات مشابهة

  • سوريا ترفض طلب الجزائر للإفراج عن معتقلين من الجيش الجزائري والبوليساريو
  • الرئيس الشرع: سوريا الجديدة ستلعب دوراً رئيسياً في استقرار المنطقة
  • نكبة 11 فبراير.. بداية انزلاق اليمن إلى هاوية الفوضى والانقسام
  • تركيا ومهمة ملء الفراغ العسكري الإيراني في سوريا
  • مسؤولة أممية تؤكد أن معرفة مصير المفقودين إبان حكم النظام البائد تعد الخطوة الأولى نحو السلام الدائم في سوريا
  • الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية: خلال شهرين من تحرير سوريا من النظام البائد استقبلت المنافذ الحدودية مع تركيا 100,905 مواطنين سوريين عائدين
  • إليكم السبب الذي قد يؤدي إلى رفض طلبكم نحو هذه الدولة الأوروبية
  • على الغرب أن يرفع عقوبات سوريا الآن
  • خلية الأزمة عبر تلفزيون سوريا .. وثائق مسربة ومشاهد تعرض لأول مرة
  • بشير عبدالفتاح: تشكيل الحكومة اللبنانية خطوة مهمة رغم المشهد السياسي المعقد