لجريدة عمان:
2025-02-05@03:50:54 GMT

قلهات.. مدينة التاريخ الخالد في سلطنة عمان

تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT

قلهات.. مدينة التاريخ الخالد في سلطنة عمان

((عمان)): مدينة قلهات التاريخية واحدة من أقدم المدن والموانئ العمانية، حيث تقع في موقع استراتيجي يطل على البحر، مما جعل ميناءها محط جذب للسفن القادمة من مختلف أنحاء العالم، وتعد المدينة نقطة تلاق للثقافات المختلفة ومحطة للتجارة البحرية. وكانت قلهات تجذب السفن من الهند واليمن ومناطق أخرى من العالم، كما كانت مركزا لتصدير الخيول العربية إلى الهند.

وتشتهر المدينة بتاريخها العريق وموقعها الاستراتيجي كميناء تجاري. وقد وصفها العديد من الرحالة والمستكشفين في مذكراتهم، ناهيك عن الشواهد التاريخية والنقوش والآثار البشرية، وضريح "بيبي مريم" الذي يعد أحد أبرز المعالم الأثرية فيها، حيث يتميز بتصميمه الفريد والقصص الغامضة التي تحيط به.

المؤرخون

قام العلماء بدراسة التاريخ الاقتصادي والثقافي والسياسي لقلهات القديمة من خلال المذكرات التي كتبها الرحالة العرب والغربيين الذين زاروا المدينة، بالإضافة إلى دراسة النقوش والحجارة والعناصر البشرية المتبقية.

وقام الرحالة ماركو بولو بزيارة المدينة في القرن الثالث عشر الميلادي، وأشاد بمينائها الكبير وأهميته كواجهة تجارية، وكتب: "إن المدينة لديها موقع استثنائي وميناؤها كبير وتقدم خدمات بجودة عالية وتستقبل العديد من السفن المحملة بالبضائع، وكانت تستخدم أيضا لتصدير الخيول العربية إلى الهند". كما زارها الرحالة العربي ابن بطوطة بعد ذلك بخمسين عاما، ووصف جمال المدينة وتصميم مسجدها الإسباني. واكتسبت قلهات أهميتها عبر الملايين من السنين، وأصبح من الصعب معرفة تاريخ نشأتها بالضبط. وهناك احتمالان حول تأسيس المدينة؛ إما أنها تأسست كمركز تجاري نتيجة لازدهار مدينة صور، أو أنها كانت محطة توقف لقبيلة الأزد خلال هجرتهم من اليمن إلى عمان.

وتعرضت المدينة لهزة زلزالية في القرن الخامس عشر، وتم تدمير معظم أجزائها. وتتألف المدينة اليوم من بقايا معالم تاريخية تشمل ضريح بيبي مريم وآثارا أخرى كخزان للمياه وحوض ماء وبعض القبور.

جهود حفظ التراث

تضافرت جهود سلطنة عمان، من خلال مخاطبة منظمة اليونسكو، لإدراج موقع مدينة "قلهات" الأثرية على قائمة التراث العالمي لليونسكو. ويأتي ذلك في إطار التركيز الدائم الذي توليه سلطنة عمان للترويج لتراثها الثقافي والحضاري والإنساني وتسليط الضوء على قيمته الاستثنائية بصفته تراثا ثقافيا عالميا فريدا. ويعد إدراج موقع مدينة قلهات الأثرية في قائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 2018، تأكيدا من المجتمع الدولي ومنظمة اليونسكو على أهمية هذه المدينة التاريخية العريقة، والمحافظة على أصالتها على مر العصور.

الموقع الجغرافي

يعتبر موقع مدينة قلهات استراتيجيا، وتقع المدينة في شمال شرق عمان، على بعد 20 كم شمال صور، حيث تقع على جبل وتأخذ شكل المثلث، وتحظى بموقع استراتيجي محمي بتضاريس طبيعية. وتحيط بها الجبال الشاهقة من الغرب ويحدها البحر من الجهة الشمالية الشرقية والخور ووادي حلم من الجهة الشمالية الغربية. وتعاقبت الشواهد الأثرية في المدينة على مر الزمن، مما أسهم في تنظيف أسوار المدينة وإظهار الطرق والممرات والجدران التي كانت تخترق البيوت والمنشآت الأخرى في المدينة. كما أسفرت أعمال المسح والحفريات عن اكتشاف منشأة مائية تعتبر فريدة من نوعها في التاريخ العماني، حيث يعتقد أنها استخدمت لتصريف الماء من البئر إلى حمامات وأنابيب فخارية، وأثناء المسح، تم العثور على عدد من المراسي الحجرية في قاع البحر بالقرب من شاطئ قلهات، يدل على العمق التاريخي للمدينة الأثرية.

الأهمية الحيوية

مدينة قلهات هي أقدم مدينة عمانية على الإطلاق وكانت العاصمة الأولى لعمان قبل انتشار الإسلام في المنطقة، وبسبب موقعها الاستراتيجي المطل على البحر، كان ميناء المدينة يجذب السفن من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك الهند واليمن والسفن العابرة لمضيق هرمز الحيوي.

وكانت المدينة تعتبر نقطة توقف هامة في منطقة المحيط الهندي وكانت ثاني أهم مدينة في مملكة هرمز. وتحيط المدينة، التي تغطي مساحة تزيد على 240,000 متر مربع، الأسوار القوية وتحتوي على منازل ومتاجر، وتم اكتشاف آثار مناطق بعيدة مثل إيران والصين في هذا الموقع.

معالم المدينة

تحتضن المدينة العديد من الآثار والمعالم التي تروي تاريخ المنطقة، بما في ذلك الجامع الكبير وضريح "بيبي مريم"، والقلعة وبرج المدينة، وبعض المباني الأثرية والسور الخارجي. وهناك خطة وضعتها الحكومة تهدف إلى حماية المدينة والحفاظ عليها وضمان استدامتها من خلال التنمية السياحية ونشر الوعي المجتمعي بأهمية المدينة ومراقبة الموقع للحيلولة دون حدوث أية تجاوزات كما ينص على ذلك في القوانين والتشريعات المحلية والدولية المعتمدة في حماية مواقع التراث العالمي.

كما تحتوي مدينة قلهات القديمة على مدن مدفونة في باطن الأرض، حيث تم دفن معظم آثارها ومبانيها القديمة بعد زلزال مدمر قبل 300 عام، وما تبقى من آثارها هو جزء صغير جدا مما كانت تحتويه المدينة ويمكن العثور عليه ودراسته وتوثيقه من خلال الحفريات.

ضريح "بيبي مريم"

يعتبر ضريح بيبي مريم واحدا من أبرز المعالم الأثرية في المدينة، والذي تحكى حوله العديد من القصص والأساطير، ووفقا للقصة التقليدية، يعتقد أن الضريح بني عام 1311 قبل الميلاد من قبل حاكم قلهات لزوجته. ولم يوثق تاريخ بناء الضريح أو هوية البناء، ولكن تصميمه الفريد يجذب الزوار ويحثهم على استكشافه وتجربة حجراته. وتم بناء الضريح باستخدام خليط من الحجر والشعاب المرجانية، مما يجعله فريدا ومصمما وفقا للطبيعة المحيطة به. ويحتوي الضريح على قبور تحت الأرض وقبة تحت الأرض، حيث انهار جزء من القبة بسبب التغيرات المناخية والظواهر الطبيعية. ويميز الموقع أيضا التصميم الأسطواني، الذي يعكس الأسلوب المعماري المعتاد في ذلك العصر.

وتعكس واجهات الضريح تأثير الحضارة الهندية والإيرانية على المنطقة، وتم تصميم الواجهات على شكل أقواس مستوحاة من الطراز المغولي الذي كان يستخدمه الهنود والإيرانيون في ذلك الوقت. وتدل النقوش والزخارف الموجودة على جدران الضريح على مهارات الحرفيين في تلك الفترة واهتمام الحضارة القديمة بالتفاصيل الجمالية.

تاريخ المدينة

ترتبط مدينة قلهات التاريخية بالزراعة كنشاط رئيسي للأهالي لتحقيق الاكتفاء الذاتي قديما وتلبية احتياجاتهم، وتشتهر المدينة بزراعة النخيل والخضار والبرسيم. كما يقوم الأهالي بمزاولة أنشطة صيد الأسماك والزراعة ورعي الأغنام، واشتهروا بالفنون التقليدية المختلفة.

انطباع الزوار

يرى زوار المدينة أن هناك مساحة كبيرة لتطويرها وجعلها موقعا سياحيا تبرزه سلطنة عمان بشكل أكبر. واقترحوا إجراء حفريات لاكتشاف المزيد من الآثار المدفونة تحت الأرض أو إقامة متحف يروي قصته.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: سلطنة عمان الأثریة فی العدید من من خلال فی ذلک

إقرأ أيضاً:

ندوة تناقش الحوار الاجتماعي في نمو الأعمال

نظم الاتحاد العام للعمال اليوم ندوة لأطراف الإنتاج الثلاثة بالتعاون مع وزارة العمل وغرفة تجارة وصناعة عمان تحت عنوان «نحو حوار اجتماعي أكثر استدامة» في فندق موفنبيك بمحافظة مسقط التي تستمر على مدى يومين متتاليين. رعى الافتتاح معالي المهندس سعيد بن حمود المعولي وزير النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، وبمشاركة عدد من الجهات المحلية والدولية.

يأتي تنظيم هذه الندوة من منطلق تشكيل لجان تخصصية دائمة للحوار الثلاثي لضمان استمراره وإكسابه الأهمية حيث إن سلطنة عمان عملت بهذا المنهج حرصًا على تنظيم الحوار الاجتماعي وتحسينه وتجويده.

تضمنت الندوة في يومها الأول جلستين نقاشيتين، اشتملت الجلسة الأولى على ثلاث أوراق عمل، تناولت الورقة الأولى (الإطار الدولي للحوار الاجتماعي في معايير العمل الدولية)، وتناولت الورقة الثانية (الإطار التشريعي والمؤسسي للحوار الاجتماعي في سلطنة عمان)، كما تناولت الورقة الثالثة (المشاركة المجتمعية في رسم السياسات الاقتصادية وآلية التكامل مع الجهات ذات العلاقة).

كما تضمنت الجلسة الثانية ورقتي عمل، استعرضت الورقة الأولى التجربة السنغافورية في مجال الحوار الاجتماعي، وقد اختتمت الجلسة الثانية بورقة عمل حول (أثر الحوار الاجتماعي في نمو الأعمال).

وقال نبهان بن أحمد البطاشي رئيس مجلس إدارة الاتحاد العام للعمال: الانتقال بالحوار الاجتماعي إلى إطار مؤسسي يتسم بالشمولية والاستدامة لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الوقوف على التحديات وتحليل الوضع الراهن، وبحث مقومات النجاح التي باتت ملامحها تتضح من خلال النهج الحكومي الداعم لطرفي الإنتاج (أصحاب العمل، والعمال) على جميع الأصعدة.

وأكد أن التفاعل المكثف بين اللجان الوطنية المشتركة وفرق العمل والمنتديات، إلى جانب تبادل المعلومات، يعزز دور لجنة الحوار المشترك كفرصة للتطوير المستمر. ويشمل ذلك استكمال هيكلة الحوار الاجتماعي، وحوكمة إجراءاته، واستحداث أمانة فنية متخصصة بكافة الموارد اللازمة، مع توسيع نطاق المشاركة لتشمل الجهات المالية والاقتصادية والاجتماعية، لضمان سياسات قائمة على الأدلة، مشيرًا إلى أن الحوار الاجتماعي يعد ركيزة أساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، خاصة تعزيز النمو الاقتصادي الشامل وتوفير العمل اللائق.

من جهته أكد لوك تراينجل، الأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات، أن الاجتماع يمثل حدثًا بارزًا ليس فقط لسلطنة عمان، بل لمنطقة الخليج والعالم العربي، حيث يعد تعزيز الحوار الاجتماعي هدفًا أساسيًا للحركة النقابية والشركاء الاجتماعيين. وأوضح أن انعقاد الندوة في عمان يحمل دلالة عميقة، إذ اختارت السلطنة نهجًا قائمًا على الحوار والتشاركية لضمان استقرار العلاقات الاجتماعية في مختلف السياسات الاقتصادية والاجتماعية.

وأشار إلى أن العلاقات الاجتماعية بين أطراف الإنتاج الثلاثة في سلطنة عمان قد بلغت مستويات متطورة بفضل استمرارية عمل لجنة الحوار المشترك بين أطراف الإنتاج الثلاثة إلى جانب اللجان المعنية بتوفيق نزاعات العمل التي سجلت العديد من النجاحات وعلى سبيل الذكر لا الحصر دورها في الحفاظ على استقرار سوق العمل والعمال إبان جائحة كوفيد 19. ونحن نثق في قدرة الشركاء الاجتماعيين في السلطنة على النجاح تحقيق هذا الهدف وتسجيل إنجاز جديد ببعد وطني وإقليمي.

وقال مبارك بن خميس الحمداني مدير دائرة الاقتصاد السلوكي بوزارة الاقتصاد: إن وزارة الاقتصاد تعمل حاليا على مسألة مراجعة ودراسة آليات الإنفاق الحكومي، إلى تطوير المعايير التي تضمن أن تسهم هذه سياسات الإنفاق الحكومي في خدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ولدى الوزارة مصفوفة المشاريع التنموية تعمل على مراعاة آليات اختيار المشاريع بحيث توفر هذه المشاريع أكبر قدر من فرص العمل وتوفير فرص المحتوى المحلي.

وأضاف الحمداني: إن وزارة الاقتصاد تعمل أيضا على مراعاة أن تكون هذه المشاريع تخدم التنمية الإقليمية وتحسين مستويات التنمية البشرية. حيث إنه في المرحلة القادمة سيتم التركيز بشكل أكبر على المشروعات ذات الأثر الأكبر فيما يتعلق بمشاريع المحتوى المحلي التي تقوم بدورها أيضاً في توفير فرص عمل بشكل أكبر.

وقالت الدكتورة هند بنت عمار السكرتيرة التنفيذية للاتحاد العربي للنقابات: إن مشاركة سلطنة عمان ممثلة في أطراف الإنتاج الثلاثة قد تمت دعوتها للحضور بصفة مراقب في اجتماع مجموعة العشرين في الهند، الذي تابعت من خلاله مراحل اتخاذ القرارات الدولية الكبيرة التي كانت أيضاً ممثلة بأطرافهم الإنتاجية الثلاثة، حيث إن مشاركة الشركاء الاجتماعيين بما فيهم الاتحاد العام للعمال في سلطنة عمان تجربة مميزة ومشجعة لان تتكرر في الكثير من المشاركات الدولية.

مقالات مشابهة

  • النهر الخالد على صفحات الكتب.. شاهد على الحضارات المصرية وشريان الحياة في الوادي والدلتا.. مؤلفات المفكرين تتناول تأثيره في الاقتصاد والسياسة والتاريخ.. ورؤية معرفية حول أثر النيل في التاريخ الإنساني
  • الثقافة العمانية تشعل معرض القاهرة للكتاب بالأسئلة وتفتح حوارات التاريخ والأدب
  • سلطنة عمان في عيون الخبراء..وجـهة عـالمية رائــدة للســــــياحة
  • جمل يستمتع بمياه البحر على سواحل صلالة في سلطنة عمان.. فيديو
  • النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الكويتي يزور سلطنة عمان
  • مباحثات أمنية بين سلطنة عمان وتركيا
  • مفتي الجمهورية: التاريخ نماذج التلاحم بين المسلمين والمسيحيين مثل الهجرة للحبشة ووثيقة المدينة
  • ندوة تناقش الحوار الاجتماعي في نمو الأعمال
  • بالفيديو | حاكم الشارقة يستقبل سفير سلطنة عمان
  • حاكم الشارقة يستقبل سفير سلطنة عمان