قلهات.. مدينة التاريخ الخالد في سلطنة عمان
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
((عمان)): مدينة قلهات التاريخية واحدة من أقدم المدن والموانئ العمانية، حيث تقع في موقع استراتيجي يطل على البحر، مما جعل ميناءها محط جذب للسفن القادمة من مختلف أنحاء العالم، وتعد المدينة نقطة تلاق للثقافات المختلفة ومحطة للتجارة البحرية. وكانت قلهات تجذب السفن من الهند واليمن ومناطق أخرى من العالم، كما كانت مركزا لتصدير الخيول العربية إلى الهند.
المؤرخون
قام العلماء بدراسة التاريخ الاقتصادي والثقافي والسياسي لقلهات القديمة من خلال المذكرات التي كتبها الرحالة العرب والغربيين الذين زاروا المدينة، بالإضافة إلى دراسة النقوش والحجارة والعناصر البشرية المتبقية.
وقام الرحالة ماركو بولو بزيارة المدينة في القرن الثالث عشر الميلادي، وأشاد بمينائها الكبير وأهميته كواجهة تجارية، وكتب: "إن المدينة لديها موقع استثنائي وميناؤها كبير وتقدم خدمات بجودة عالية وتستقبل العديد من السفن المحملة بالبضائع، وكانت تستخدم أيضا لتصدير الخيول العربية إلى الهند". كما زارها الرحالة العربي ابن بطوطة بعد ذلك بخمسين عاما، ووصف جمال المدينة وتصميم مسجدها الإسباني. واكتسبت قلهات أهميتها عبر الملايين من السنين، وأصبح من الصعب معرفة تاريخ نشأتها بالضبط. وهناك احتمالان حول تأسيس المدينة؛ إما أنها تأسست كمركز تجاري نتيجة لازدهار مدينة صور، أو أنها كانت محطة توقف لقبيلة الأزد خلال هجرتهم من اليمن إلى عمان.
وتعرضت المدينة لهزة زلزالية في القرن الخامس عشر، وتم تدمير معظم أجزائها. وتتألف المدينة اليوم من بقايا معالم تاريخية تشمل ضريح بيبي مريم وآثارا أخرى كخزان للمياه وحوض ماء وبعض القبور.
جهود حفظ التراث
تضافرت جهود سلطنة عمان، من خلال مخاطبة منظمة اليونسكو، لإدراج موقع مدينة "قلهات" الأثرية على قائمة التراث العالمي لليونسكو. ويأتي ذلك في إطار التركيز الدائم الذي توليه سلطنة عمان للترويج لتراثها الثقافي والحضاري والإنساني وتسليط الضوء على قيمته الاستثنائية بصفته تراثا ثقافيا عالميا فريدا. ويعد إدراج موقع مدينة قلهات الأثرية في قائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 2018، تأكيدا من المجتمع الدولي ومنظمة اليونسكو على أهمية هذه المدينة التاريخية العريقة، والمحافظة على أصالتها على مر العصور.
الموقع الجغرافي
يعتبر موقع مدينة قلهات استراتيجيا، وتقع المدينة في شمال شرق عمان، على بعد 20 كم شمال صور، حيث تقع على جبل وتأخذ شكل المثلث، وتحظى بموقع استراتيجي محمي بتضاريس طبيعية. وتحيط بها الجبال الشاهقة من الغرب ويحدها البحر من الجهة الشمالية الشرقية والخور ووادي حلم من الجهة الشمالية الغربية. وتعاقبت الشواهد الأثرية في المدينة على مر الزمن، مما أسهم في تنظيف أسوار المدينة وإظهار الطرق والممرات والجدران التي كانت تخترق البيوت والمنشآت الأخرى في المدينة. كما أسفرت أعمال المسح والحفريات عن اكتشاف منشأة مائية تعتبر فريدة من نوعها في التاريخ العماني، حيث يعتقد أنها استخدمت لتصريف الماء من البئر إلى حمامات وأنابيب فخارية، وأثناء المسح، تم العثور على عدد من المراسي الحجرية في قاع البحر بالقرب من شاطئ قلهات، يدل على العمق التاريخي للمدينة الأثرية.
الأهمية الحيوية
مدينة قلهات هي أقدم مدينة عمانية على الإطلاق وكانت العاصمة الأولى لعمان قبل انتشار الإسلام في المنطقة، وبسبب موقعها الاستراتيجي المطل على البحر، كان ميناء المدينة يجذب السفن من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك الهند واليمن والسفن العابرة لمضيق هرمز الحيوي.
وكانت المدينة تعتبر نقطة توقف هامة في منطقة المحيط الهندي وكانت ثاني أهم مدينة في مملكة هرمز. وتحيط المدينة، التي تغطي مساحة تزيد على 240,000 متر مربع، الأسوار القوية وتحتوي على منازل ومتاجر، وتم اكتشاف آثار مناطق بعيدة مثل إيران والصين في هذا الموقع.
معالم المدينة
تحتضن المدينة العديد من الآثار والمعالم التي تروي تاريخ المنطقة، بما في ذلك الجامع الكبير وضريح "بيبي مريم"، والقلعة وبرج المدينة، وبعض المباني الأثرية والسور الخارجي. وهناك خطة وضعتها الحكومة تهدف إلى حماية المدينة والحفاظ عليها وضمان استدامتها من خلال التنمية السياحية ونشر الوعي المجتمعي بأهمية المدينة ومراقبة الموقع للحيلولة دون حدوث أية تجاوزات كما ينص على ذلك في القوانين والتشريعات المحلية والدولية المعتمدة في حماية مواقع التراث العالمي.
كما تحتوي مدينة قلهات القديمة على مدن مدفونة في باطن الأرض، حيث تم دفن معظم آثارها ومبانيها القديمة بعد زلزال مدمر قبل 300 عام، وما تبقى من آثارها هو جزء صغير جدا مما كانت تحتويه المدينة ويمكن العثور عليه ودراسته وتوثيقه من خلال الحفريات.
ضريح "بيبي مريم"
يعتبر ضريح بيبي مريم واحدا من أبرز المعالم الأثرية في المدينة، والذي تحكى حوله العديد من القصص والأساطير، ووفقا للقصة التقليدية، يعتقد أن الضريح بني عام 1311 قبل الميلاد من قبل حاكم قلهات لزوجته. ولم يوثق تاريخ بناء الضريح أو هوية البناء، ولكن تصميمه الفريد يجذب الزوار ويحثهم على استكشافه وتجربة حجراته. وتم بناء الضريح باستخدام خليط من الحجر والشعاب المرجانية، مما يجعله فريدا ومصمما وفقا للطبيعة المحيطة به. ويحتوي الضريح على قبور تحت الأرض وقبة تحت الأرض، حيث انهار جزء من القبة بسبب التغيرات المناخية والظواهر الطبيعية. ويميز الموقع أيضا التصميم الأسطواني، الذي يعكس الأسلوب المعماري المعتاد في ذلك العصر.
وتعكس واجهات الضريح تأثير الحضارة الهندية والإيرانية على المنطقة، وتم تصميم الواجهات على شكل أقواس مستوحاة من الطراز المغولي الذي كان يستخدمه الهنود والإيرانيون في ذلك الوقت. وتدل النقوش والزخارف الموجودة على جدران الضريح على مهارات الحرفيين في تلك الفترة واهتمام الحضارة القديمة بالتفاصيل الجمالية.
تاريخ المدينة
ترتبط مدينة قلهات التاريخية بالزراعة كنشاط رئيسي للأهالي لتحقيق الاكتفاء الذاتي قديما وتلبية احتياجاتهم، وتشتهر المدينة بزراعة النخيل والخضار والبرسيم. كما يقوم الأهالي بمزاولة أنشطة صيد الأسماك والزراعة ورعي الأغنام، واشتهروا بالفنون التقليدية المختلفة.
انطباع الزوار
يرى زوار المدينة أن هناك مساحة كبيرة لتطويرها وجعلها موقعا سياحيا تبرزه سلطنة عمان بشكل أكبر. واقترحوا إجراء حفريات لاكتشاف المزيد من الآثار المدفونة تحت الأرض أو إقامة متحف يروي قصته.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: سلطنة عمان الأثریة فی العدید من من خلال فی ذلک
إقرأ أيضاً:
في التصفيات الأوروبية.. هالاند «استثنائي» بحكم التاريخ!
عمرو عبيد (القاهرة)
أخبار ذات صلة
عندما يحصل إيرلينج هالاند على لقب هداف «البريميرليج» أو «الشامبيونزليج» مع مانشستر سيتي، فلا تُوجد أي غرابة في ذلك، لكن الوضع يختلف بالتأكيد عندما يرتبط اسمه هالاند بمنتخب بلده، النرويج، نظراً للفوارق التاريخية بين «الأحمر والأبيض والأزرق»، وكبار منتخبات «القارة العجوز».
ومع ذلك يُغيّر هالاند التاريخ حالياً، بقيادة النرويج إلى صدارة المجموعة التاسعة، على حساب منتخب إيطاليا «العريق»، ولم يكتفِ «الهداف العملاق» بذلك، بل يتفوق على الجميع بوجوده فوق قمة هدافي التصفيات الأوروبية، برصيد 14 هدفاً، وزاد على ذلك كونه ساعد النرويج على بلوغ صدارة قائمة الأكثر تهديفاً، بـ33 هدفاً، في مشهد غير مألوف بتصفيات «القارة العجوز».
وإذا كان ما يُقدمه هالاند مع منتخب بلده يُعد حدثاً غير عادي، فإن حصيلته التهديفية منحته فارقاً كبيراً بينه وبين أقرب ملاحقيه، حتى الآن، إذ يأتي بعده ممفيس ديباي الهولندي، برصيد 7 أهداف، أي نصف حصاد «الصاروخ النرويجي»، وهو ما يجعله «استثنائياً» بحكم التاريخ، لأنه لم يسبق لأي لاعب أنهى التصفيات المونديالية الأوروبية في صدارة الهدافين، بهذا الفارق الكبير مع منافسيه.
ومنذ ما يزيد على 67 عاماً، مع بداية تطبيق نظام تقسيم التصفيات المونديالية بين القارات، لم يسبق لأي هداف في التصفيات الأوروبية تحقيق ما يقدمه هالاند حالياً، على الإطلاق، ولا يقترب منه سوى الصربي بريدراج مياتوفيتش، هداف تصفيات مونديال 1998، عندما سجّل 14 هدفاً أيضاً، بفارق 5 أهداف عن مواطنه سافو ميلوشيفيتش، الذي أحرز وقتها 9 أهداف، قبل نحو 28 عاماً، وجاء التركي شوكور والروماني بوبيسكو في المرتبة الثالثة، بـ8 أهداف لكل منهما، أي بفارق 6 أهداف عن الهداف الأول للتصفيات.
منذ ذلك التاريخ، وقبله أيضاً، لم يزد الفارق بين هداف التصفيات الأوروبية، ووصيفه، عن 3 أهداف، تحققت في مرة واحدة فقط، كانت قبل المونديال السابق في 2022، حيث تساوى ديباي مع هاري كين في رصيد 12 هدفاً، تلاهما ليفاندوفسيكي بـ9 أهداف، بل إنه عندما تصدّر هداف بولندا التاريخي المشهد، في تصفيات 2018، بالرصيد الأكبر من الأهداف، 16 هدفاً، كان الفارق بينه وبين «الأسطوري» كريستيانو رونالدو، هدفاً واحداً فقط، بل أتى بعدهما لوكاكو وإيركسن بفارق 5 أهداف فقط عن «ليفا»!
الفارق الضئيل بين هداف تصفيات «القارة العجوز» ووصيفه، كان علامة مميزة عبر التاريخ، حيث تكرر فارق الهدف الواحد مرات عدة، بينها تصفيات 2014، حيث سجّل روبن فان بيرسي 11 هدفاً، مقابل 10 لإدين دجيكو، الذي أتى وصيفاً أيضاً في تصفيات 2010، مع واين روني، بـ9 أهداف، مقابل 10 للهداف اليوناني، ثيوفانيس جيكاس، وظهر فارق الهدف الوحيد في تصفيات 1990 و1994 و2002، وغيرها، كما حدث ذلك في «العصر القديم»، بينها تصفيات 1966، التي تصدرها «الأسطوري» إيوزيبيو برصيد 7 أهداف، مقابل 6 لوصيفه اليوناني ميمي بابايوانو.