سيناريوهات تعامل واشنطن مع سوريا ما بعد الأسد
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
واشنطن- استيقظت العاصمة الأميركية واشنطن، صباح اليوم الأحد، على أخبار سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، ولم تحل عطلة نهاية الأسبوع دون أن يطلب الرئيس جو بايدن اجتماعا مع فريق مجلس الأمن القومي التابع له لتلقي آخر مستجدات الوضع.
وقال المجلس، في وقت سابق، إن بايدن سيظل على اتصال وثيق مع الشركاء الإقليميين حيث تراقب الولايات المتحدة "الأحداث الاستثنائية" هناك.
وعلى مدار السنوات الماضية، صنفت الولايات المتحدة النظام السوري كأحد الدول الداعمة للإرهاب العالمي، وفرضت عليه الكثير من العقوبات. وضاعف تحالف الأسد مع أعداء واشنطن، وعلى رأسهم سوريا وإيران، من حرارة ترحيب الدوائر الأميركية بسقوط نظام الأسد.
في الوقت ذاته، عرف الحذر طريقه للنقاش داخل واشنطن، خاصة مع ظهور الدور القيادي البارز لأحمد الشرع (الجولاني)، والجماعة التي يقودها، هيئة تحرير الشام، حيث إنهما مصنفان على قوائم الإرهاب التابعة لوزارة الخارجية الأميركية.
قلق أميركي
وفي مشاركة له بمنتدى ريغان الأمني المنعقد بولاية كاليفورنيا أمس، والذي يضم عددا من كبار المسؤولين والخبراء الأمنيين لبحث أهم القضايا الدولية، قال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، إن "ما يحدث في سوريا سببه تعامل الأسد بوحشية مع السوريين".
إعلانوأضاف أن "سرعة هجمات المعارضة تعكس فقدان الأسد داعميه مثل إيران وحزب الله وروسيا، وأنهم غير مستعدين لتقديم الدعم الذي حصل عليه سابقا".
وعبر سوليفان عن قلقه من انتقال الصراع في سوريا إلى الخارج، مشيرا إلى أن واشنطن ستعمل على تقوية إسرائيل والعراق والأردن حتى لا ينتقل الصراع إليهم.
كما لم يخف الكثير من المعلقين الأميركيين تخوفهم من طبيعة هيئة تحرير الشام، حيث يرونها "جماعة استبدادية تتبنى أيديولوجية معادية للولايات المتحدة"، رغم معارضتها شن هجمات إرهابية على أميركا واتخاذها إجراءات صارمة ضد تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في المناطق التي تسيطر عليها، مشيرين -في المقابل- إلى براغماتية سياستها الخارجية.
وجود عسكريولا يزال الوجود العسكري الأميركي المقدر بنحو 900 جندي في سوريا، أمرا حيويا للمصالح الأميركية بمنطقة الهلال الخصيب.
ولعل جزءا من أهداف هذا الوجود هو الاستعداد لمواجهة الأخطار غير المعروفة حاليا، حيث يمكن أن يتحرك الوضع السوري إلى اتجاهات لا يمكن التنبؤ بها.
وتشير بعض الرؤى الأميركية التقليدية إلى أهمية امتلاك واشنطن قدرات عسكرية، وتحالفها مع قوى محلية -مثل الأكراد- في سوريا.
كما تؤمن هذه المدرسة بأن وجود القوات الأميركية ضروري لمساعدة الحلفاء المحليين ضد عودة تنظيم الدولة الإسلامية، وتذكير هيئة تحرير الشام بأن واشنطن يمكنها استخدام العصا إذا لزم الأمر.
ومع ذلك، يرى عدد من المعلقين أن على الولايات المتحدة أيضا إدراك أن نفوذها نسبي، وأن عدد جنودها وقوتها القتالية الإجمالية في سوريا محدودة.
ومن بين القوى المعارضة، لا تتمتع الولايات المتحدة إلا بنفوذ على قوات سوريا الديمقراطية الكردية، ومن المرجح أن تسير الفصائل الرئيسية الأخرى في طريقها الخاص سواء بالتحالف مع بعضها بعضا، أو اللجوء للقوى الإقليمية وعلى رأسها تركيا.
ومع بقاء ما يقرب من 40 يوما على وصول الرئيس المنتخب دونالد ترامب للحكم، قد يعني مبدأ "أميركا أولا" الذي يتبناه دورا محدودا لواشنطن في مناطق ليست فيها مصالح أميركا واضحة.
إعلانويرغب ترامب في الضغط على الدول العربية لدفعها للقيام بالمزيد إزاء قضايا المنطقة عبر توفير الموارد المالية والبشرية والعسكرية.
وخلال خطاب حالة الاتحاد عام 2019 انتقد حينها سجل بلاده في قضايا المنطقة، مشيرا إلى أن الإدارات المتعاقبة "تقاتل في الشرق الأوسط منذ 19 عاما تقريبا، وتسبب ذلك في مقتل ما يقرب من 7 آلاف عسكري أميركي ونحو 52 ألف من الجرحى والمعاقين، وتكلفة تقدر بـ7 تريليونات دولار".
واتساقا مع دعواته السابقة بضرورة إنهاء الوجود العسكري بالمنطقة، غرّد ترامب على منصة تروث سوشيال محذرا إدارة جو بايدن من مغبة التورط في النزاع السوري.
وقبل الإعلان عن سقوط الأسد، قال إن استيلاء المعارضة السورية على العديد من المدن يعد خطوة كبيرة نحو القضاء على نظام الأسد.
وبعد إعلان سقوط النظام رسميا، غرد مجددا مؤكدا أن تهاوي سلطة الأسد كان من أسبابها عدم تلقيه مساعدة من روسيا، التي لم تكن أصل لتتورط بسوريا في المقام الأول.
وقال إن موسكو "فقدت كل اهتمامها بسوريا بسبب أوكرانيا، حيث كان ما يقرب من 600 ألف جندي روسي جرحى أو قتلى، في حرب لم يكن ينبغي أن تبدأ أبدا، ويمكن أن تستمر إلى الأبد. روسيا وإيران في حالة ضعيفة الآن، واحدة بسبب أوكرانيا وسوء الاقتصاد، والأخرى بسبب نجاح هجمات إسرائيل في القتال".
واعتبر سام هيلر، خبير الشؤون العربية بمؤسسة سينشري فونديشن البحثية بنيويورك، أن سياسة ترامب تجاه سوريا "تجسد اتجاهات متضاربة، فقد سبق وأعرب مرارا وتكرارا عن رغبته في سحب القوات الأميركية من شمال شرق سوريا.
لكن بالرغم من ذلك فإن فريقه للأمن القومي الرئاسي يشمل مسؤولين ساعدوا في إفشال محاولاته السابقة للانسحاب من سوريا، وفق تعبيره.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة فی سوریا
إقرأ أيضاً:
بوتين يحدد مهام السفير الروسي لدى واشنطن
كشف المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف عن تطوير العلاقات مع الولايات المتحدة والدفاع عن مصالح روسيا من المهام الرئيسية التي حددها الرئيس بوتين للسفير الروسي الجديد في واشنطن.
وسابقا؛ أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوما بتعيين ألكسندر دارشييف ، مدير إدارة شمال الأطلسي بوزارة الخارجية الروسية ، سفيرا لدى الولايات المتحدة الأمريكية .
وفي وقت سابق، أعرب مسؤول روسي كبير، عن اندهاش بلاده من "التغيير الهائل" في السياسة الأمريكية تجاه موسكو، مرحبا بما وصفه النهج "البراجذماتي عوضا عن العدائي".
ويأتي تصريح المسؤول الروسي بعد أن شن نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديميتري ميدفيديف، الجمعة، هجوماً لاذعاً على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قائلاً إنه حصل على "صفعة مناسبة".
وبحسب صحيفة "واشنطن بوست"، قال مسؤول كبير في الكرملين، إن "موسكو اندهشت من التغيير الهائل منذ تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة".
لكن المسؤول حذر من أن أي صفقات بين روسيا والولايات المتحدة تبقى احتمالات، وليست بالضرورة خططا وشيكة.
هدية للكرملين
وأضاف: "قال ترامب إن أمريكا قد تكون مستعدة للحديث عن رفع العقوبات، ولكن فقط بعد التسوية السلمية"، في إشارة إلى محادثات السلام المزمعة حول الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
يأتي ذلك، بعد نقاش حاد شهده البيت الأبيض بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونائبه جي دي فانس من جهة، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من جهة أخرى.
وقالت الصحيفة، إن "انفجار المكتب البيضاوي الأسبوع الماضي، والذي اتهم فيه نائب الرئيس جي دي فانس زيلينسكي بعدم الامتنان الكافي للدعم الأمريكي وحذر ترامب من أن رفضه التسوية مع بوتين هو المقامرة بالحرب العالمية الثالثة، يُنظر إليه هنا (في روسيا) على أنه هدية للكرملين".
ونقلت الصحيفة أيضا، عن أكاديمي روسي مقرب من كبار الدبلوماسيين الروس قوله، إن "وزارة الخارجية منقسمة حالياً بين أولئك الذين لن يثقوا أبداً بالأمريكيين وأولئك الذين يرون فرصة تاريخية لاستعادة الحوار، والتحضير السريع للقمة والحصول على النتائج".
وفي وقت سابق، أعلن الكرملين أن "التحول الكبير" الذي شهدته السياسة الخارجية الأمريكية تجاه روسيا تماشى إلى حد كبير مع رؤيته.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف لمراسل من التلفزيون الرسمي، إن "الإدارة الجديدة تغير بسرعة جميع إعدادات السياسة الخارجية. وهذا ينسجم إلى حد كبير مع رؤيتنا".
وأضاف "لا يزال الطريق طويلا، لأن هناك أضراراً جسيمة لحقت بالعلاقات الثنائية بأكملها. لكن إذا تواصلت الإرادة السياسية، للرئيسين بوتين وترامب، فإن هذا المسار يمكن أن يكون سريعا وناجحا للغاية".