مع إعلان وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، ووقف حمام الدم الذي راح ضحيته حوالي أربعة آلاف لبناني، بعضهم لاتزال جثثهم تحت الركام، مع المحو شبه الكامل لعدد من القرى في الجنوب، وعدد ضخم من الأبنية في الأحياء اللبنانية في العاصمة، انتهت ما عرفت بمعركة «مساندة غزة»، وكان ذلك مقدمة لتقليص (أهم ذراع لما عرف بمحور المقاومة)، إلا أن جماعة الحوثي في شمال اليمن، الذراع الأخرى، قرأت النتائج كما تهوى خارج سياق الواقع، فعادت إلى شعار رفعته منذ فترة (الفتح الموعود، والجهاد المقدس)، وهي سردية غارقة في شعارات براقة، وكثيراً ما رددت على مسامع الجمهور العربي.
وكما هو متوقع اعتبرت مجموعة الحوثي أن (حزب الله قد انتصر) فزعيم الجماعة عبدالملك الحوثي قال في كلمة له بعد وقف إطلاق النار (إنه انتصار تاريخي عظيم ومهم جداً على العدو الإسرائيلي، ليضاف هذا الانتصار إلى الانتصارات الكبرى والتاريخية). ذاك الخطاب هو عنوان واضح للقراءة الخاطئة للأحداث، ولما يدور على ساحة الشرق الأوسط قاطبة من تطورات.
يضيف المتحدث الرسمي للحوثي أن العمليات العسكرية في البحر الأحمر مستمرة ضد السفن الإسرائيلية أو المرتبطة بإسرائيل، أو الشركات المتعاونة معها، كما استهداف أي قطعة عسكرية بريطانية أو أمريكية.
ومن الجدير بالذكر أن الحوثي قام منذ 19 فبراير 2023 وحتى يوليو 2024 باستهداف سفن حربية أو تجارية بلغ عددها 166 سفينة، بعضها أصيب مباشرة والبعض الآخر جزئياً، وقد كلفت تلك العمليات الاقتصاد المصري ما يقارب 6 مليارات دولار من دخل قناة السويس ومليارات أخرى للاقتصاد العالمي.
يبدو أن جماعة الحوثي بهذا التصريح، والتهديد بالعمل الذي يشبه القرصنة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن وبحر العرب، ترشح نفسها بأن تصعد في سلم أولويات الاستهداف من التحالف الدولي ضد الإرهاب، إن قامت بالفعل من جديد بما تهدد به، وقد يكون ذلك التهديد للاستهلاك المحلي، والذي يطرب المريدين من الأنصار، وقد تندفع بتهور من جانب آخر باستئناف القرصنة من جديد.
غاب عن الحوثي قراءة التطورات في المنطقة ككل، فقد غاب عنه معرفة أن الشخص الذي قام بهندسة اتفاق لبنان مع إسرائيل هو (جندي سابق في الجيش الإسرائيلي) وأمريكي أيضاً، كما أن رئيس جهاز لجنة المراقبة بين إسرائيل ولبنان، هو جنرال أمريكي، بل يجري الحديث أن يكون رئيس اللجنة المشرفة على مرحلة الانتقال في غزة أيضاً (جنرال أمريكي)! فشعار (الموت لأمريكا) الذي يرفعه الحوثي في شوارع صنعاء، حدث عكسه، وهو مغيب.
القضية برمتها محزنة، فمعظم اليمنيين هم تحت خط الفقر، ويتراجع الاقتصاد اليمني بسبب استيلاء الحوثي على جزء من اليمن، وتنتشر أكثر الأمية والأمراض، ويسود القمع ويضطرب الأمن الإقليمي بل والدولي.
هذه القراءة العمياء لما يحدث، ومع الاضطراب الكبير الحاصل في سوريا، ما زال الحوثي يتحدث عن الانتصار، والأكثر سوءاً أنه يصدق نفسه، أما الأعظم سواداً أن هناك من يصدق تلك الشعارات الجوفاء.
من المؤكد أن أمن مضيق باب المندب وبحر العرب مهم للتجارة الدولية، لذلك فإن القوى الدولية لن تردد في مهاجمة الجماعة الحوثية وفي العمق، ولن يتحقق للحوثي كما كان يعتقد قبل أشهر أنه لاعب إقليمي يعتد به، فالعين الآن على اليمن، وتصفية هذا الملف من أجل السلم في المنطقة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إيران وإسرائيل عام على حرب غزة سقوط الأسد غزة وإسرائيل الحرب في سوريا إسرائيل وحزب الله
إقرأ أيضاً:
بمشاركة ممثلين عن 48 دولة.. انطلاق منتدى الحوار المفتوح في موسكو لرسم ملامح الاقتصاد العالمي الجديد
روسيا – انطلق مساء الاثنين في مركز “روسيا” الوطني بموسكو منتدى الحوار المفتوح تحت عنوان “مستقبل العالم. منصة جديدة للنمو العالمي”، لمناقشة التحديات الاقتصادية التي يواجهها العالم.
ومن 28 وإلى 30 أبريل 2025، سيناقش المشاركون آفاق تطور الاقتصاد العالمي وتأثير التغيرات الراهنة على حياة ورفاهية البشر، استنادا إلى قرابة 700 مقال قدمها خبراء وعلماء من مختلف أنحاء العالم.
ويهدف مركز “روسيا” من خلال هذا الحدث تأسيس منصة لمناقشة وبحث آفاق نمو الاقتصاد العالمي حيث يشارك في المنتدى ممثلون من 48 دولة، بينهم خبراء من مراكز بحثية رائدة، ومؤسسات تنموية، وجامعات، ومنظمات شبابية، بالإضافة إلى مسؤولين حكوميين ورجال أعمال.
وبمناسبة إطلاق منتدى الحوار المفتوح، قال نائب رئيس الإدارة الرئاسية الروسية مكسيم أوريشكين: “ننظم لأول مرة حدثا دوليا مفتوحا بهذا الشكل. سنناقش معا أفكارا جديدة، ونصمم مشاريع مبتكرة، ثم ننفذها لصالح بلداننا وخير البشرية جمعاء. أهلا بكم في موسكو!”.
مشاركون في منتدى “الحوار المفتوح” في موسكووفي إطار التحضيرات للفعالية، دعا المنظمون المشاركين لتقديم أفكارهم حول استدامة نمو الاقتصاد العالمي على شكل مقالات على أن تركز المقالات على أحد المحاور الأربعة: “الاستثمار في الإنسان”، “الاستثمار في التكنولوجيا”، “الاستثمار في البيئة”، أو “الاستثمار في الترابط”. ويمكن تقديم المقالات بأي لغة.
والهدف الرئيسي للمقالات هو توضيح كيف يمكن للتغيرات العالمية طويلة الأمد أن تؤثر على حياة الأفراد ورفاهيتهم في العالم.
وقال أوريشكين بهذا الصدد: “تلقينا حوالي 700 مقالة من أكثر من 100 دولة. قدم أشخاص من مختلف القارات أفكارهم حول المشاريع المبتكرة التي يجب تنفيذها لدفع العالم نحو الأمام”.
واللافت أن مقالات لمشاركين من المكسيك وسلطنة عمان والصين وإيطاليا تصدرت قائمة المشاركين الأجانب، فيما سجلت المقالات من روسيا أعلى عدد، بحسب ما أوضحته المديرة العامة لمركز “روسيا” الوطني ناتاليا فيرتووزوفا.
وعن مواضيع المقالات، ذكرت فيرتووزوفا أن “غالبية المقالات ركزت على الاستثمار في الإنسان مثل إمكانية الحصول على التعليم والحفاظ على الهوية الوطنية، أما فيما يخص التكنولوجيا، فقد كان الذكاء الاصطناعي المحور الرئيسي. وفي موضوع العلاقات الدولية، تناولت معظم المقالات التجارة الدولية، بينما كتب المشاركون من الدول الصغيرة عن أهمية الوصول إلى المعلومات الموثوقة. أما مقالات الاستثمار في البيئة، فقد ناقشت مستقبل المدن”.
مشاركون في منتدى “الحوار المفتوح” في موسكويذكر أن المشاركين كتبوا مقالاتهم بـ 18 لغة مختلفة، بما فيها البشتوية والملغاشية والصربية واليونانية. وتمت دعوة أكثر من 100 كاتب لحضور الحوار بشكل شخصي في موسكو بعد عملية الفرز.
وأكد الرئيس التنفيذي لمؤسسة “تانسسي” من البرازيل روديجر تياجو أن “الحوار المفتوح منصة مهمة، خاصة لدول “بريكس” لمناقشة آفاق التعاون والمبادرات التكنولوجية. إنها فرصة للتواصل مع خبراء جدد وتبادل الخبرات وإيجاد سبل للتنمية المشتركة”.
وأعرب مؤسس منظمة “Tools for the Commons” البرازيلية هوغو ماتيكوفيتش، عن رأي مماثل، وقال إن “الفعالية تتيح للمشاركين “التعلم من بعضهم البعض وبناء تعاون مشترك”.
وأضاف ماتيكوفيتش: “نحن سعداء جدا بحضور ممثلين من دول مختلفة لتبادل الخبرات والآراء.. أنا منبهر بمستوى التكنولوجيا والمعرفة التقنية في روسيا، وأعتقد أنها ستلعب دورا مهما في المستقبل”.
يمكن متابعة سير الفعالية من خلال زيارة الموقع الرسمي: russia.ru، واللافت أن الحوار متاح باللغات الروسية والإنجليزية والصينية والعربية والبرتغالية.
وعن برنامج المنتدى فقد خصص اليوم الأول لعروض تقديمية للمشاركين، بينما يشمل اليوم الثاني (29 أبريل 2025) جلسات نقاش مع خبراء عالميين.
وأكد المنظمون أن “هذا الحوار المفتوح فريد من نوعه. في ظل بناء واقع اقتصادي جديد، دعونا الخبراء والاقتصاديين والصحفيين ورواد الأعمال والطلاب لتقديم فرضياتهم وأفكارهم وأبحاثهم العلمية. كل من يهتم بالازدهار والتعاون المبني على المساواة والاحترام المتبادل لصالح البشرية”.
وسيتم تلخيص وجمع نتائج الحوار في تقرير ختامي يشمل جميع الأفكار والفرضيات المطروحة، بالإضافة إلى آراء الخبراء.
المصدر: RT