العرب وسوريا بعد سقوط النظام: الآن أو لا
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
ليس المهم اليوم الحديث عن سقوط النظام السوري، بل الأهم هو كيف سيكون الوضع بعد السقوط؟، فأسوأ ما يمكن تصوره طول أمد حالة عدم الاستقرار، وتحول سوريا إلى ساحة صراع نفوذ سواء بين السوريين أنفسهم أو بين القوى الإقليمية والدولية.
ما حدث أمس في دمشق نقطة تحول تاريخية، وتأثيراتها ستمتد خارج الجغرافية السورية، وهذا ما يتطلب استجابة عربية حازمة ومبادرة استراتيجية تُعيد رسم مستقبل سوريا ضمن إطار عربي يحفظ وحدتها ويمنع انزلاقها نحو الفوضى.
تعودنا في الأزمات السابقة أن العرب ينتظرون ويراقبون التطورات، وعندما يقررون التحرك تكون الأمور قد وصلت نقطة اللاعودة، العرب تأخروا في 2011 والنتيجة كانت عدم استقرار سوريا وتحولها لساحة نفوذ إقليمي ودولي، وتشريد السوريين وأزمة لجوء أثقلت المنطقة كلها، وكل هذا ما لا نتمنى أن نراه اليوم.
اللحظة التي تمر فيها سوريا مفصلية، وعلى العرب أن يدركوا أن مستقبل سوريا يقع في صميم أمنهم القومي ومصالحهم الاستراتيجية، ولا يمكن لأي دولة عربية أن تتغافل عن أهمية الحفاظ على وحدة سوريا، جغرافياً وديموغرافياً، وأي سيناريوهات أخرى ستُهدد بانفجار أزمات أخرى، تنتقل شرارتها إلى خارج سوريا، كونها مترابطة عضوياً وجغرافياً مع المحيط العربي، وفيها من التداخلات الإقليمية والتشعبات الداخلية والانقسامات الفصائلية ما يجعل من التدخل العربي الفوري أمراً لا يمكن تأجيله أو انتظار ما ستسفر عنه الأمور.
ما حدث في سوريا خلال الأعوام الأربعة عشرة الماضية نموذج لإهدار الفرص العربية، فقد كان بإمكان النظام العربي أن يتدخل بفاعلية، لينقذ سوريا من كل ما مرت به خلال العقد الفائت، واليوم الفرصة قائمة، ولكنها ليست ممتدة، فإما أن يكون للعرب رؤيتهم واستراتيجيتهم، وإما سنُعيد تجاربنا السابقة في العراق وليبيا والتي أكدت أن سقوط النظام دون وجود خطة متماسكة لإدارة المرحلة الانتقالية يؤدي إلى فراغ أمني يُستغل من قبل قوى عديدة.
ومن هنا، فإن الدور العربي يجب أن يتجاوز البيانات الدبلوماسية ليشمل تقديم الدعم اللوجستي، والسياسي، وحتى الأمني، لضمان استقرار الوضع الداخلي. يجب بناء مؤسسة عسكرية وأمنية وطنية لا تُخضع الولاءات لأي طرف خارجي.
لا يزال هناك وقت لتصحيح المسار، لكن ذلك يتطلب إرادة حقيقية للانفتاح على الخيارات العربية، والابتعاد عن الرهانات الخاسرة التي أضرّت بموقع سوريا الاستراتيجي. الفرص لا تبقى متاحة للأبد، والنظام السوري مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى باتخاذ قرارات جريئة تنقذ بلاده من الضياع الكامل.
اللحظة الراهنة فرصة تاريخية للعرب لاستعادة زمام المبادرة في سوريا، وتأخير التدخل العربي سيُضعف أي فرصة للتأثير مستقبلاً، وسيترك الساحة خالية أمام قوى أخرى ترسم مصير سوريا وفق مصالحها. لذلك، فإن التحرك اليوم يجب أن يكون قائماً على رؤية استراتيجية واضحة تتجاوز الحسابات الضيقة، وتضع مصلحة سوريا والمنطقة فوق أي اعتبار.
بالمحصلة، فإن سوريا ليست مجرد دولة أخرى تشهد تغيراً في نظام الحكم؛ بل هي حجر زاوية في الأمن القومي العربي. وغياب الدور العربي سيجعل منها فريسة جديدة لصراعات النفوذ الإقليمي والدولي، وهو ما سيدفع ثمنه الجميع. الوقت الآن للعمل وليس التردد.
الدستور الأردني
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا الدور العربي سوريا المعارضة الدور العربي سقوط الاسد مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
أستاذ العلوم السياسية: إسرائيل توظف الفوضى في سوريا لتحقيق أهدافها
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الدكتور أحمد الشحات، أستاذ العلوم السياسية، إن العمليات الإسرائيلية في سوريا استمرار لاستغلال هذا الوضع الانتقالي في سوريا، موضحًا أن إسرائيل توظف الفوضى في سوريا لتحقيق أهدافها.
وأضاف الشحات في تصريحات نقلتها فضائية القاهرة الإخبارية، اليوم الثلاثاء، أن إسرائيل كانت أول من تفاعل مع هذا الوضع بعد 24 ساعة من تولي الإدارة الحالية، أي السلطة، بشكل غير رسمي في البداية، واستهدفت كل أو معظم القدرات العسكرية للجيش السوري لتدميرها أو تفكيكها، أي منع بشكل واضح فكرة محاولة إحياء هذا الجيش مجدداً، واستمرار الغارات في إطار الرمزية، أي استنزاف القدرات، أو بمعنى استهداف القدرات العسكرية، حتى لو كان لها خطة مستقبلية.
وتابع، أن منع التقسيم في سوريا بالاتفاق مع قوات سوريا الديموقراطية أعطى انطباعاً بأن هناك نوايا أو مبررات أو توجهاً لاستقرار سوريا بشكل كبير، وهذا يمثل تهديداً كبيراً لإسرائيل، ومن الممكن أن يتم إحياء الجيش السوري وانتشاره في مناطق درعا والسويداء والقنيطرة.
وأكد أن إسرائيل تحاول فرض الاحتلال على جبل الشيخ حتى من خلال استهداف أي أهداف تم تدميرها من قبل أي لا قيمة لهذه الأهداف، لكن يبدو أن الرسالة أخلاقية أكثر منها مادية، فهي رمزية في نفس الوقت أنني قادر على انتهاك كل الأراضي السورية وعدم إعطاء الفرصة لإحياء هذه الأماكن مرة أخرى ولو رمزية، لأنه مع نية الدخول على المشهد وحرص الإدارة الحالية كأولوية أولى على إحياء القوات المسلحة مرة أخرى وجلب الأسلحة والقدرات العسكرية، سيتم نشر هذه المواقع مرة أخرى ولو تم تدميرها بشكل أو بآخر.