حكم إضافة المصنعية على الثمن عند بيع الذهب.. دار الإفتاء توضح
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول: (ما حكم الشرع في إضافة ما يُعرف بـ"المصنعية" إلى الثمن عند بيع الذهب والفضة المَصُوغَين؟ حيث يُضِيفُ تُجَّار المشغولات الذهبية مبلغًا مُحدَّدًا نظير تلك المصنعية التي تختلف باختلاف شكلِ القطعة ونوعها.
وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال إن المراد بالمصنعية عند تجار المشغولات الذهبية والفضية -كما أفاده الخبراء-: القيمةُ المضافة لسعر جرام الذهب الأصلي، وذلك في مقابِل تكاليف الصِّناعة، وكُلْفَة التشغيل، وثمن الخدمات، وأجرة المرافق والمكان، ورسوم الضريبة والدمغة، وربحية كلٍّ من المصنع وتاجر الجملة وتاجر التجزئة، ويختلف تقديرُها من تاجرٍ لآخَر بحسب العلامة التجارية للذَّهب والفِضَّة ارتفاعًا وانخفاضًا، ومهارة الصياغة يدويًّا وآليًّا، بالإضافة إلى تفاوت التكاليف المذكورة.
وذكرت دار الإفتاء أن المختار للفتوى أن الصياغة تُخرِج الذهب والفضة عن كونهما أثمانًا وتُصَيِّرهما سِلَعًا؛ فيكون شأنُهما في ذلك كشأن أيِّ سلعةٍ تُباع وتُشترى، وأما أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه" من حديث عُبَادَة بن الصَّامِت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ» -فمحمولٌ "على الدراهم دون المُصاغ صياغة مباحة، فإنه بالصياغة خرج عن دخوله في إطلاق الذهب والفضة، وصار سلعة من السلع كالثياب ونحوها"، كما قال الإمام الحافظ ابن رَجَب في "أحكام الخواتيم" (ص: 123، ط. دار الكتب العلمية).
ولَمَّا صار الذهب والفضة المَصُوغَين كأيِّ سلعةٍ من السلع، فإنه يجري عليهما ما يجري على سائر السلع فيما يتعَلَّق بأحكام البيع والتجارة، ومِن ثَمَّ فيجوز تقويمُهما وبيعُهما بما قَامَا به على البائع بعد زيادة ما يُعرَف بـ"المصنعية" أو غيرها إلى أصلِ ثمنهما المتعارَف عليه في السُّوق العالمية أو المحلية تِبْرًا -أي: غير مَصُوغَين-، سواء كان هذا الثمن مِن جنسهما -أي: ذهبًا في مقابِل ذهب، وفضة في مقابِل فضة-، أو مِن غير جنسهما -كالمال الورقي (البنكنوت)-.
وإذا تقرَّر هذا فإنَّ المَرْجِعَ في تقويم تلك المشغولات حينئذٍ إلى البائع -بما قامت به عليه ومقدار ربحه فيها- بصفته العاقد؛ لأن "الثَّمنُ حَقُّ العَاقِد، فإِليهِ تَقدِيرُه"، كما قال الإمام برهان الدين المَرْغِينَانِي في "الهداية" (4/ 377، ط. دار إحياء التراث العربي).
ومتى تراضَى الطَّرَفان بعد ذلك على تلك القيمة جاز العقد؛ إذ مدار الأمر في العقود على التراضي بين طَرَفَيْها؛ لقول الله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأۡڪُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَڪُم بَيۡنَڪُم بِٱلۡبَٰطِلِ إِلَّآ أَن تَڪُونَ تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٍ مِّنڪُمۡۚ﴾ [النساء: 29].
وعن أبي سعيد الخُدْرِي رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ» أخرجه الإمامان: ابن ماجه في "السنن"، وابن حبان في "الصحيح".
ومع أن المرجِعَ في تقييم مشغولات الذهب والفضة إلى تقدير البائِع، إلا أنه يجب عليه شرعًا أن يَجتَنِب كلَّ ما مِن شأنه إلحاقُ الظلم أو الإجحاف بالمشتري، كأن يوهمَه بنُدْرَةِ القطعة المصوغةِ من حيث التصميم والجودة، أو يزيدَ في مقابل المصنعية عن نظرائه زيادةً مبالَغًا فيها مستغِلًّا جهل المشتري بالأسعار المتعارَف عليها، أو نحو ذلك مما يُغْلِي به الثمن على المشتري بالمبالغة والتهويل مع أنَّ الحقيقة دون ذلك؛ إذ ينطوي ذلك على الغَبْن الفاحش، الذي هو عبارة عن بيع السلعة بأكثر مِن سِعرها مما جَرَت العادةُ أن الناس لا يَتَغَابَنُون بمِثله فلا يبيعون بتلك الزيادة المُبَالَغ فيها، كما في "مواهب الجليل" للإمام شمس الدين الحَطَّاب المالكي (4/ 468- 469، ط. دار الفكر).
وذكرت أنه يجب على البائع أن يتحلَّى بأخلاق التاجر الصدوق، وأن يبتعد عن التغرير بالمبتاع، وأن يلتزم الصدق والأمانة في تجارته، فعن أبي سعيد الخُدْرِي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الْأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ» أخرجه الإمام التِّرْمِذِي في "سننه".
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «رَحِمَ اللهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".
وأوضحت أن سماحة التاجر، وعدم مجاوزته الربح المعتدل بالشَّطَطِ في طلب أكثر منه، واستعماله معالِيَ الأخلاق ومَكارمها، سببٌ لوجود البركة وحصولِ الأجر. ينظر: "شرح صحيح البخاري" للإمام ابن بَطَّال (6/ 210- 211، ط. مكتبة الرشد)، و"المنتقى شرح الموطأ" للإمام أبي الوليد الباجي (5/ 109، ط. السعادة).
ومما ينبغي التَّنبيه عليه: ضرورةُ الالتزام باللوائح والقوانين المُنَظِّمة لعَمَلِيَّة بيع المَصُوغاتِ الفِضِّيَّة والذَّهَبِيَّة وعدم التحايل عليها، فالحاكم -بما منحه الله مِن السلطة وما يتبعها مِن القدرة على الاطِّلاع على خفايا الأمور وظواهرها، وما يصلح فيها وما يفسدها- أباح له الشرعُ سَنَّ القوانين ووضع الضوابط وإصدار القرارات، إلا أنه قيَّد ذلك كلَّه بالمصلحة، فالقاعدة العامة في تصرُّفات ولي الأمر "أنها منوطة بالمصلحة"، كما قال الإمام السيوطي في "الأشباه والنظائر" (ص: 121، ط. دار الكتب العلمية).
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإضافةُ ما يُعرَف بـ"المصنعية" إلى الثمن عند بيع الذهب والفضة المَصُوغَين أمرٌ جائزٌ شرعًا، شأنُهما في ذلك شأن سائر السِّلَع والمنتجات، إلا أنه يجب على التَّاجر شرعًا أن يَجتَنِب كلَّ ما مِن شأنه إلحاقُ الظلم أو الإجحاف بالمشتري -كأن يزيدَ في المصنعية زيادةً مبالَغًا فيها عن نظرائه مستغِلًّا بذلك جَهْلَ المشتري بالأسعار المتعارَف عليها-، كما يجب عليه أن يلتزم باللوائح والقوانين المُنَظِّمة لعَمَلِيَّة بيع المَصُوغاتِ الفِضِّيَّة والذَّهَبِيَّة، وألَّا يتحايل عليها بأيِّ شكلٍ من الأشكال.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء سعر الذهب الفضة الذهب المصنعية المزيد المزيد صلى الله علیه وآله وسلم قال الذهب والفضة أخرجه الإمام دار الإفتاء رضی الله
إقرأ أيضاً:
ارتفاع ملحوظ في سعر أوقية الذهب عالميا.. و«جولد بيليون» توضح أسباب الصعود
على خلفية تبني دولة الصين لسياسات نقدية تتجه نحو مزيد من التيسير النقديفة؛ سجل سعر أوقية الذهب عالميا ارتفاعا ملحوظا، وفقا لتقرير حديث صادر عن جولد بيليون، موضحة أسباب صعود أسعار الذهب بالبورصات العالمية.
أسباب ارتفاع سعر الذهب عالمياًتواصل أسعار الذهب العالمية تحقيق مكاسب لليوم الثاني على التوالي، بدعم من تعهد الصين؛ أكبر مستهلك للذهب عالميا، بزيادة التحفيز لدعم النمو ومزيد من التيسير النقدي، ما يعني تخفيض سعر الفائدة على عملتها اليوان، وبالتالي دعم التوجه للاستثمار في الذهب وشراءه على حساب تخارج جزء من السيولة في العملة الوطنية للبلاد.
أسعار الذهب العالميةوأشارت المؤسسة المتخصصة في صناعة الذهب والاستثمار، إلى ترقب السوق العالمي والمستثمرين، خاصة المهتمين بـالمعدن الأصفر، لصدور بيانات التضخم الأمريكية للحصول على صورة أوضح لقرار البنك الفيدرالي الأمريكي المقبل.
سعر أوقية الذهب بالبورصات العالمية آخر تحديثوسجل سعر أوقية الذهب بالبورصات العالمية وفقا لآخر تحديث، صعودا بنحو 0.2% متداولة عند أعلى مستوى لها بقيمة 2673 دولاراً اليوم، بعد أن افتتح جلسة اليوم عند 2661 دولار للأونصة، ولا يزال يجرى تداول سعر اوقية الذهب حاليا عند 2664 دولارا، وفقا لآخر تحليل أعلنته جولد بيليون عن حركة الذهب في البورصة العالمية.
عودة تدفق الاستثمارات للصناديق بـ 8.2 طنوكان مجلس الذهب العالمي، أعلن مؤخرا عن انخفاض بالتدفقات النقدية لصناديق الاستثمار المدعومة بالذهب حول العالم على مدار الأسبوع المنتهي في 6 ديسمبر، نحو – 8.2 طن ذهب عقب ارتفاع في التدفقات بالأسبوع الماضي.
وعلى مدار الأسابيع الثلاثة الأخيرة، سجلت التدفقات النقدية على صناديق الاستثمار في الذهب تذبذبا واضحا على خلفية عدم استقرار أسعار الذهب واختلال توقعات وضع السياسة النقدية عقب فوز «ترامب» بانتخابات الرئاسة الأمريكية.