بدا لبنان معنياً بالحدث السوري الذي بلغ ذروة الإذهال بسقوط نظام بشار الأسد على نحو متسارع لا يصدق حاملاً مع سقوطه أسراراً لا بدّ من انكشافها في قابل الحقبة المصيرية الغامضة التي دخلتها سوريا ويستحيل اطلاق سيناريوات متسرعة حول طبيعتها حالياً.
وتابع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الأوضاع الأمنية في لبنان، ولا سيما على الحدود مع سوريا في خلال اتصال مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون وقادة الاجهزة الأمنية، وأكد على "أولوية التشدد في ضبط الوضع الحدودي والنأي بلبنان عن تداعيات المستجدات في سوريا"، كما دعا "اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم إلى التحلّي بالحكمة والابتعاد عن الانفعالات خصوصاً في هذا الوقت الدقيق الذي يمر به وطننا".

وأجرى ميقاتي أيضاً اتصالاً بالأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية وطلب منه التواصل مع "الهيئة الوطنيّة للمفقودين والمخفيين قسراً في لبنان" التي تم إنشاؤها بموجب القانون105 /2018 الخاص بالمفقودين والمخفيين قسراً، ومع لجنة معالجة قضية اللبنانيين المعتقلين في سوريا المؤلفة بموجب القرار رقم 2005/43 وشدد على "وضع كل الإمكانات المتوافرة والتواصل مع الجهات المعنية في ضوء الافراج عن مئات السجناء من السجون السورية".  


وكتبت" النهار": فجر الثامن من كانون الأول، صار تاريخاً مفصلياً يعني لمعظم الفئات والطوائف والقوى اللبنانية، ولا سيما منها القوى السيادية والاستقلالية التي تحالفت طويلاً ضمن ثورة 14 أذار 2005 على أساس تحرير لبنان من الوصاية التي فرضها النظام الأسدي طويلاً على البلد، إن بعضاً من العدالة حلّ لشهداء "حرب الاغتيالات" كما لألوف السجناء والمفقودين اللبنانيين في السجون السورية كما لضحايا حروب النظام السوري "البائد" والساقط حديثاً.
لم يكن يوم أمس بالنسبة إلى اللبنانيين إلا يوم انفعالات مبررة بالكامل بإزاء سقوط نظام بشار الأسد قبل بدء التطلع إلى ما سيحل بسوريا بعد اسقاطه وتولي الفصائل المسلحة والمعارضة سلطة الأرض الآن تمهيداً لما سيأتي لاحقاً من تطورات. ووسط انفعالات الحفاوة بسقوط هذا النظام، طرحت بسرعة استحقاقات أمنية لا تحتمل تريثاً، منها ما يتصل بواقع جديد على الحدود البرية الشرقية والشمالية مع سوريا حيث يضاعف الجيش اللبناني قدراته البشرية والآلية للإمساك بزمام الأمور. 
كما طرح على الفور ملف السجناء المفرج عنهم من السجون والمعتقلات السورية والسعي العاجل إلى كشف أعدادهم وأماكن وجودهم واسترجاعهم إلى لبنان. واقترن طرح هذه الملفات بمعطيات ذات دلالات كبيرة تؤكد "عودة" كاملة ناجزة وقسرية لعناصر "حزب الله" الذين كانوا في سوريا مع ما يعنيه سقوط النظام من تداعيات هائلة على الحزب في ظل تلقيه ضربات استراتيجية موجعة متلاحقة. كل هذا ظل دون الانطباعات الاستثنائية التي اجتاحت لبنان حيال سقوط النظام الذي طالما تلاعب بمصير البلد لعقود بوصاية مباشرة أو غير مباشرة، وأخيراً سقط... 
وكتبت" نداء الوطن": لا يمكن اعتبار أن سقوط الرئيس السوري بشار الأسد هو سقوط لشخص كان على رأس النظام، بل سقوط لمنظومة حكمت سوريا منذ الرئيس الراحل حافظ الأسد، والد بشار، والذي نجح في انقلاب 1970، ثم أصبح رئيساً بعد استفتاء شعبي عام 1971، ومنذ ذلك التاريخ وعائلة الأسد، وأصل الاسم عائلة «الوحش» تحكم سوريا بالحديد والنار، متَّكئةً على «اتفاق» غير معلن مع إسرائيل على ضبط جبهة الجولان، وعلى اتفاق غير معلن مع الولايات المتحدة الأميركية على ضبط جبهة الجنوب، والتحكم بأداء منظمة التحرير الفلسطينية. هذان الاتفاقان غير المعلنين بين سوريا وإسرائيل من جهة، وسوريا والولايات المتحدة الأميركية من جهة ثانية، أتاحا للرئيس حافظ الأسد أن يحافظ على الاستقرار في سوريا وأن يمسِك بالورقتين اللبنانية والفلسطينية، كان ذلك في تحوُّل قوات الردع العربية إلى «قوات الردع السورية» بعدما سحبت الدول العربية المشاركة فيها، مجموعاتها، فخلت الساحة للرئيس حافظ الأسد ليتحكَّم بالساحة اللبنانية، بكل مفاصلها السياسية والعسكرية.
طرح انهيار النظام السوري بهذه السرعة وخلال عشرة ايام تقريباً امام قوى المعارضة المسلحة المدعومة من الخارج، اسئلة كثيرة حول مصير سوريا مستقبلاً، وانعكاس هذا الزلزال السوري وارتداداته على لبنان وعلى منطقة الشرق الاوسط لاحقاً، في ظل خريطة الشرق الاوسط الجديدة التي تُرسم برضى اقليمي ودولي لا يستطيع احد تعديلها إلا بمواجهات دامية ليس أوانها الآن ولا احد بعد قادر على خوضها على الاقل في المدى المنظور؟ وفي ظل المخاوف من تمدد الفصائل المسلحة نحو المناطق اللبنانية، واغلبها كان للبنان معها تجربة مريرة في حرب الجرود البقاعية مع «جبهة النصرة واخواتها»؟ 
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی سوریا

إقرأ أيضاً:

المنظمة السورية للطوارئ قلقة من التضليل المتعلق بأحداث الساحل

أعربت المنظمة السورية للطوارئ عن بالغ قلقها إزاء حملة الإعلام المضللة التي تنشر أخبارا كاذبة عن أحداث العنف التي شهدتها منطقة الساحل السوري الأسبوع الماضي.

وقالت المنظمة في بيان نشرته على منصة "إكس"، أمس الأربعاء، إنها تعرب عن بالغ قلقها حيال الحملة الإعلامية المضللة التي تهدف إلى تأجيج الفتنة الطائفية في سوريا من خلال نشر مزاعم كاذبة تتحدث عن استهداف ممنهج تمارسه الحكومة ضد الأقليات الدينية.

وشدد البيان على أن "أعمال العنف جرى تنفيذها من قبل فصائل مسلحة منفلتة"، وأن "القوى الأمنية كانت في طليعة الجهود الرامية لحماية السكان واحتواء الموقف في مواجهة محاولات فلول النظام السابق إثارة الفوضى وتأجيج الصراع الطائفي".

ولفت إلى أن "هذه الادعاءات تروج لها جهات مرتبطة بنظام الأسد وتضخمها بعض وسائل الإعلام، وتهدف إلى تشويه الحقائق الميدانية وعرقلة الجهود الرامية إلى استعادة الأمن والاستقرار في البلاد".

رفض التحريض الطائفي

ودعا البيان جميع الأطراف إلى ضبط النفس ورفض كل أشكال التحريض الطائفي التي تسعى إلى تأجيج الصراع وإعادة البلاد إلى دوامة العنف.

كما أعرب البيان عن دعم المنظمة لكافة الجهود الرامية إلى تحقيق العدالة وتعزيز المصالحة الوطنية وبناء مستقبل تسوده المواطنة المتساوية، بعيدا عن رواسب الماضي وصراعاته.

إعلان

وفي السادس من مارس/آذار الجاري، شهدت منطقة الساحل السوري توترا أمنيا على وقع هجمات منسقة لفلول نظام الأسد، هي الأعنف منذ سقوطه، ضد دوريات وحواجز أمنية، ما أوقع قتلى وجرحى.

وإثر ذلك، استنفرت قوى الأمن والجيش ونفذت عمليات تمشيط ومطاردة للفلول، تخللتها اشتباكات عنيفة سقط فيها قتلى من رجال الأمن والجيش والمدنيين، وانتهت باستعادة الأمن والاستقرار وبدء ملاحقة الفلول وضباط النظام البائد في الأرياف والجبال.

يُشار أنه بعد إسقاط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، أطلقت السلطات السورية مبادرة لتسوية أوضاع عناصر النظام السابق، من الجيش والأجهزة الأمنية، شريطة تسليم أسلحتهم وعدم تلطخ أيديهم بالدم.

واستجاب عشرات الآلاف لهذه المبادرة، بينما رفضتها بعض المجموعات المسلحة من فلول النظام، لا سيما في الساحل السوري، حيث كان يتمركز كبار ضباط نظام الأسد.

ومع مرور الوقت، اختارت هذه المجموعات الفرار إلى المناطق الجبلية، وبدأت بإثارة التوتر وزعزعة الاستقرار وشن هجمات متفرقة ضد القوات الحكومية خلال الأسابيع الماضية.

مقالات مشابهة

  • أبرز الفئات التي شملها قرار الداخلية السورية إلغاء بلاغات منع السفر
  • المنظمة السورية للطوارئ قلقة من التضليل المتعلق بأحداث الساحل
  • رغم سقوط الأسد.. مصانع الكبتاغون تتجذر في الشرق الأوسط
  • سوريا.. وزارة الدفاع تعلن إحباط هجوم لفلول الأسد في اللاذقية
  • حكايات المندسين والفلول في سوريا
  • جلسة مجلس الوزراء غدا اختبار عملي للتعيينات.. إجتماع موسّع في دارة ميقاتي بطرابلس الجمعة
  • فرصة كي يثبت الشرع أنه ليس "الجولاني"…
  • من يتحمل مسؤولية ما يحدث في سوريا؟
  • إجتماع مُوسّع في دارة الرئيس ميقاتي في طرابلس... وهذا ما سيتمّ بحثه
  • البزري: ما حدث في الساحل السوري خطير وأيّ خلل في سوريا ينعكس على لبنان