في عالم السينما، تُعد الأزياء مفتاحًا لإحياء العصور التاريخية على الشاشة، حيث تلعب دورًا بارزًا في إقناع المشاهد بأنه يعيش في حقبة ماضية. لكن، هل الملابس التي نراها في الأفلام التاريخية تمثل تلك الحقبة بدقة؟ أم أنها مزيج من خيال صناع الأفلام ومتطلبات العصر الحديث؟

الدقة التاريخية: سلاح الإبهار الواقعي

تعتمد بعض الأفلام التاريخية على بحث عميق في الأزياء التقليدية، بهدف إعادة تقديم العصور الغابرة كما كانت بالفعل.

تُعتبر أعمال مثل "The Favourite" (2018) و*"Lincoln"* (2012) نماذج تُدرّس في الدقة التاريخية.

في هذه الأفلام، يُستعان بمؤرخين ومصممي أزياء متخصصين لتحليل اللوحات القديمة، والنقوش، وحتى النصوص الأدبية التي تصف ملابس تلك الحقبة. على سبيل المثال، في فيلم "Elizabeth" (1998)، اعتمد المصممون على أرشيفات ملكية لتصميم الأزياء التي ظهرت بها الملكة إليزابيث الأولى، مما أضفى على الفيلم مصداقية بصرية هائلة.

ومع ذلك، هناك تحديات عملية تدفع المصممين لتقديم تنازلات. فالأقمشة الثقيلة أو الطبقات الكثيرة التي كانت جزءًا من ملابس الماضي تُعد غير ملائمة لحركة الممثلين، ما يفرض تعديلات خفية لا ينتبه إليها المشاهد العادي.

الخيال الإبداعي: خدمة السينما أولًا

على الجانب الآخر، تتبنى بعض الأفلام نهجًا أكثر تحررًا، حيث تُستخدم الأزياء كوسيلة للتعبير الفني أو الدرامي، دون الالتزام الكامل بالتاريخ. فيلم "300" (2006) خير مثال، حيث أظهرت ملابس الجنود الإغريق بأناقة مبالغ فيها، أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع. الهدف هنا لم يكن تقديم درس في التاريخ، بل إبهار الجمهور وإبراز الطابع الأسطوري للحكاية.

مصممة الأزياء "إيلين ميروجنيك"، التي عملت في فيلم "The Greatest Showman"، تقول: "الأزياء ليست مجرد ملابس، بل أداة تعبير. أحيانًا تحتاج القصة إلى أزياء تخرج عن القيود التاريخية لتصبح أكثر تأثيرًا بصريًا".

الجمهور: بين الدقة والإبداع

مع تطور وعي الجمهور التاريخي بفضل انتشار المعرفة، أصبحت الملابس موضوعًا للنقاش والجدل. البعض يرى أن الأفلام التاريخية مسؤولة عن تقديم صورة دقيقة للعصور الماضية، بينما يعتبر آخرون أن السينما، في جوهرها، فنّ إبداعي أكثر منه وسيلة تعليمية.

 

الخاتمة 

لا يمكن إنكار أن الأزياء في الأفلام التاريخية تُشكل جسرًا بصريًا بين الماضي والحاضر. وبينما يسعى البعض إلى الدقة، يفضل آخرون التحرر لصالح الفن. لكن الحقيقة تبقى واحدة: الأزياء، سواء كانت دقيقة أو خيالية، هي إحدى أدوات السينما الأساسية التي تجعل التاريخ نابضًا بالحياة.

 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الفجر الفني

إقرأ أيضاً:

توقيع كتاب سقف جديد للإبداع عن خالد النبوي

شهد اليوم الثاني من فعاليات مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية، في دورته الرابعة عشرة (دورة الفنان نور الشريف) ندوة لمناقشة كتاب "خالد النبوي.. سقف جديد للإبداع" للكاتب والناقد أيمن الحكيم، وذلك بحضور النجم خالد النبوي، وأدارة الندوة المخرجة عزة الحسيني مدير المهرجان.

في البداية أشادت المخرجة عزة الحسيني، بموهبة النجم خالد النبوي، مشيرة إلى أنه ليس من السهل الوصول إلى هذه المرحلة التي وصل إليها في مشواره، حيث تخطي الكثير من المراحل الصعبة، حتى أصبح نجما له قيمته وحجمه وسط عمالقة من نجوم التمثيل الذين وقف أمامهم ولعب أدوار البطولة، ومنهم الفنان الكبير نور الشريف.

 قال الكاتب والناقد أيمن الحكيم: "معرفتي بخالد النبوي منذ بدايتي الصحفية، وبحكم معرفتي بالأستاذ محمد سلماوي، تعرفت على المخرج الكبير جلال الشرقاوي، أثناء التحضير لمسرحية "الجنزير"، ومنها تعرفت على خالد النبوي ورأيت شخص واعي ولديه رؤية، ولفت نظري من خلال عمل مسرحي كان يقدمه ولعب فيه دور إرهابي، وأكبر دليل على ذلك هو أن الأستاذ جلال الشرقاوي كان يستمع له رغم ما هو معروف عنه من صرامة في التعامل".

وأكد "الحكيم": "خلال تلك الفترة كان خالد النبوي قد قدم المهاجر، وأصبح بطلا وحقق في البداية كل ما يحتاجه النجم، لكن كان واعيا لهذا النجاح، والحقيقة أن النبوي لديه دروس يجب أن يتعلم منها أي فنان، أولها الوعي بقيمة الناس، مثل الكاتب الراحل محمود عوض، والذي اقنعه "النبوي" بمشاهدة عرض "لعب عيال" رغم أن محمود عوض كان صعب إقناعه بشىء، لكنه نجح في ذلك، وثاني تلك الدروس هو درس الإصرار، لأن خالد النبوي لديه إصرار كبير جداً، وأتذكر أنه تعلم اللغة الفرنسية أثناء تصوير فيلم المهاجر حتى يساعده على التعامل مع فنان فرنسي يشترك في العمل، فهو كان يجتهد ليصل إلى تلك المرحلة"، وفي الحقيقة خالد النبوي شخص حالم، طول الوقت يحلم، وأحلامه وصلت إلى حدود السماء، فهو يحلم بتقديم شخصية الإمام الحسين، وهى شخصية تؤكد على وعيه الكبير من جهة وعلى حدود أحلامه من جهة أخرى.

من جانبه قال النجم خالد النبوي: "في الحقيقة أنا كنت جاهلا جداً، ربما كان لدي وعي كبير، لكنني في الوقت نفسه كنت أجهل كيفية تحقيق حلمي ، وكنت جاهل أيضا بمهنتي فلم يكن لدي علم نور الشريف أو يوسف شاهين، أو محمود ياسين، وحتى الآن أجهل بعض الأشياء التي أقدمها، وفي فهمي لبعض الشخصيات التي أقدمها، ولذلك فشلت في بعض الأوقات خلال مسيرتي، فأننا اعترف أيضا أنني فشلت كثيرا".

واستطرد "النبوي": "الحلم شىء عظيم، لكن الحلم لابد أن يكون معه إصرار، لذلك قررت ألا اتكلم وأن أعمل فقط، وأن اتعلم ما أجهله، وعلى الأجيال الجديدة أن تثق في مجهودها، وأنا أقوم من نومي كل يوم و أرى أنني لم أقدم شيئا بعد، وأرى أنني مقصر في الكثير، هذه طبيعتي الشخصية، ومهم أن نعلي من السقف، ونتعلم من القامات السابقة، وفي الحقيقة أتفاجأ عندما أجد بعض الناس التي لا تعرف الأجيال الكبيرة والقامات القديمة.

وعن عرض فيلم "المهاجر" خلال فعاليات المهرجان أشار النجم خالد النبوي: "لولا المهاجر وأستاذي يوسف شاهين، لا اتصور ما أنا عليه "مش عارف كنت هبقى فين"، في الواقع هذا العمل بمثابة التأسيس الكبير في حياتي المهنية.

مقالات مشابهة

  • كريستوفر نولان.. ساحر هوليود الذي يغير وجه السينما
  • توقيع كتاب سقف جديد للإبداع عن خالد النبوي
  • اقترب من 3 ملايين جنيه.. محمد سعد يتصدر إيرادات الأفلام «صور»
  • خالد النبوي من مهرجان الأقصر: أحمد زكي قالي توزيع الأفلام في السينما غير عادل
  • مركز الأورام بجامعة المنصورة.. صرح طبي عكس الدقة والتميز في المبادرات الرئاسية لدعم صحة المرأة المصرية
  • مرآة ذكية وواي فاي محمول.. 3 ابتكارات تخطف الأضواء في CES 2025
  • مي عمر تدق باب الموضة العالمية بخطى عارضات الأزياء (صور)
  • عفاف شعيب: ظهور محمد رمضان بدون ملابس لا يليق
  • سرقة غرفة ملابس ريال مدريد بعد مباراة ديبورتيفا مينيرا
  • السيسي: القمة «المصرية القبرصية اليونانية» تجسد العلاقات التاريخية التي تجمع شعوبنا