أمسية حوارية بعنوان رذاذ المحبة في خريف ظفار
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
صلالة- ((عمان)): أقيمت بقاعة بهجة للمؤتمرات جلسة حوارية بعنوان "رذاذ المحبة في خريف ظفار" التي نظمها مجلس نون النسوة الثقافي، وكان ضيفا الجلسة الشاعر والكاتب عبد الرزاق الربيعي -نائب رئيس مجلس إدارة النادي الثقافي بسلطنة عمان-، والشاعرة الأردنية جمانة الطراونة -عضو لجنة النقد بمهرجان شاعر شباب العرب-، بحضور عدد من الشعراء والمهتمين.
وأدارت الجلسة الكاتبة عائشة السريحية التي بدأت بمناقشة الشاعر عبد الرزاق الربيعي عن بداياته ومحطاته المتنوعة في العراق واليمن وسلطنة عمان والأردن، وأجابها: في رحلة مستمرة ونتيجة لما حدث بالعراق أبحرت في دول مختلفة وعوالم مختلفة وبدايتي كانت فيها محاولات عدة لكنها تبقى بدايات ومؤشرات لتجربة ناجحة، وطبيعة الشاعر يحاول أن يجود من وقت لآخر ويرتدي قناعا ويتحدث من خلال ذلك القناع. وعن زواجه من شاعرة أوضح أن الاختيار كان لأنها شاعرة، وهناك مشاركة في الخيال والهواجس، وارتباط شاعر بشاعرة هو رحلة داخل قصيدة أو داخل حلم ويوجد بينهما تحفيز لا تنافس، وتخلل محاورته تقديم قصائد عدة منها "المرايا وطائرة ورقية، وغيوم مسافرة".
أما الشاعرة جمانة فتحدثت عن دواوينها ومشاركتها في عددٍ من المهرجانات وألقت قصيدة بعنوان "صلالة "، وذكرت أنها كتبت تلك القصيدة عندما رأت طبيعتها الساحرة؛ فطبيعة ظفار تخلق من كل إنسان شاعرا.
وعن اتصاف بعض الشعراء بالغرور قالت: أحيانا يتملك الشاعر رغبة في التحليق، فعندما يحلق بقصيدته لا يلتفت لأحد لأنه يعد القصيدة مملكته التي لا يحب الاقتراب منها، فتكون ملكا للجميع؛ لكن دون الدخول في مضمونها.
وعن تأثر الشاعر بالمواقف الحياتية أوضحت أن الإبداع نتاج المعاناة وبالنسبة لها لكل قصيدة موقف، ثم قدمت عدة قصائد من دواوينها منها "أحبك لم تعد تشفي غليلي، وخاتم ياقوت"، وعن مشاركتها بتلك الأمسية قالت الشاعرة جمانة الطراونة: سعيدة بمشاركتي ووجودي في محافظة ظفار لأول مرة، وسابقًا كانت لي مشاركات عديدة بمسقط منها معرض الكتاب، حيث تم توقيع ديواني "قصائد مشاغبة" وكنت حينئذ محاطة بحب وتقدير من محبي الشعر، وشاركت في صالون الدكتورة سعيدة بنت خاطر الثقافي، كما شاركت في جلسة نقد وتحليل فيلم "رماد" للجمعية العمانية للسينما والمسرح، وقمت بعمل دراسات نقدية لعدة مسرحيات شعرية منها مسرحية "كأسك يا سقراط" للشاعر عبدالرزاق الربيعي، وحضرت الكثير من الفعاليات الثقافية بسلطنة عمان وسعيدة جدا بهذا الحراك الثقافي، وسلطنة عمان حاضنة للثقافة والمثقفين فأجواؤها ساحرة وشعبها مضياف.
وعن الحركة الثقافية النسائية في الوطن العربي قالت: أنا ضد تقسيم الحركة الثقافية إلى نسائية ورجالية فالثقافة للجميع؛ لأنها كالهواء فلا يوجد هواء مخصص لكن نقول إن المرأة لها مشاركات في جميع المجالات، فعلى سبيل المثال نجد المرأة مشاركة بدار الأوبرا السلطانية، وأكبر دليل في مجال الشعر حصول الشاعرة عائشة السيفية على لقب "أميرة الشعراء"، وكذلك حصول الشاعرة بدرية البدرية على "جائزة كتارا"، وحصول الكاتبة بشرى خلفان عن رواية "دلشاد" بجائزة كتارا أيضاً فنجد في سلطنة عمان العديد من تلك النماذج المتميزة في المجال الثقافي.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
نجم العيوق
لطالما كان للنجوم حضور قوي في الثقافة العربية، ولا تزال الكثير منها تحمل أسماء عربية حتى اليوم، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في سورة الأنعام: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ «قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»، وارتبط العرب بالنجوم بشكل وثيق، فأطلقوا عليها أسماء ووصفوها بدقة، ولم يقتصر تأثيرها على علم الفلك وحسب، بل امتد أيضًا إلى الشعر والأدب، حيث تغنّى بها الشعراء وحيكت حولها الأساطير، مستخدمين إياها لرسم صور خيالية تربط بين النجوم وتوضح مواقعها في السماء ضمن حكايات وقصص مشوّقة.
والنجم الذي نتحدث عنه اليوم هو نجم «العيوق» ولأن العرب تختار أسماء النجوم من مسميات بيئتها التي تعيش فـيها فقد اختارت لهذا النجم اسم «العيوق» ومعناه صغير الماعز، وهذا النظام النجمي يعد فـي المرتبة السادسة من حيث لمعانه فـي السماء، وهو ويقع فـي كوكبة ممسك الأعنة، وهي كوكبة بارزة فـي نصف الكرة الشمالي، وعادة العرب فـي القديم أن تقوم بتقسيم النجوم فـي كل ناحية من السماء والتي تقترب من بعضها البعض بتسميتها بالكوكبة، وفـي الحقيقة أن نجم العيوق هو ليس نجما مفردا، وإنما هو نظام نجمي يتكون من نجمين رئيسيين وكل نجم فـيهما يبلغ قطره 10 أضعاف قطر شمسنا، بالإضافة إلى نجمين قزمين، فهو عبارة عن أربعة نجوم تشكل هذا النظام النجمي الذي استدل عليه العرب قديما فـي معرفة الجهات فـي الصحراء وعند ركوبهم البحر.
ويبعد نجما العيوق الرئيسيان عن بعضهما البعض مسافة مائة مليون كيلومتر، ويكملان الدوران حول قطريهما فـي مدة تقدر بـ 104 أيام، بينما يبعد هذا النظام النجمي عن الأرض حوالي 42 سنة ضوئية ولذلك يعتبر من النجوم القريبة إلينا نسبيا، يقدر العمر الحالي لكلا النجمان بـ 500 مليون عام.
ولأن العرب فـي صحرائهم كانوا يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، وكانوا يعتمدون على النجوم فـي دخول المواسم وخروجها، وهي دليلهم فـي رحلاتهم شتاء وصيفًا، فلم يكن نجم العيوق بمعزل عن أشعارهم، فنجد أكرم العرب الشاعر الجاهلي حاتم الطائي يذكر هذا النجم فـي مطلع قصيدته فـيقول:
وَعاذِلَةٍ هَبَّت بِلَيلٍ تَلومُني
وَقَد غابَ عَيّوقُ الثُرَيّا فَعَرَّدا
تَلومُ عَلى إِعطائِيَ المالَ ضِلَّةً
إِذا ضَنَّ بِالمالِ البَخيلُ وَصَرَّدا
حتى أن أحد أشهر قصائد الرثاء فـي الشعر العربي وهي القصيدة التي رثى بها الشاعر أبو ذؤيب الهذلي خمسة من أبنائه وهو شاعر مخضرم الذي عاش فـي الجاهلية والإسلام ومطلعها:
أَمِنَ المَنونِ وَريبِها تَتَوَجَّعُ
وَالدَهرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِن يَجزَعُ
ويقول فـيها:
فَوَرَدنَ وَالعَيّوقُ مَقعَدَ رابِىءِ ال
ضُّرَباءِ فَوقَ النَظمِ لا يَتَتَلَّعُ
حتى فـي شعر الهجاء استخدم العرب هذا النجم، فنجد أن الشاعر الأموي البعيث المجاشعي يهجو الشاعر المشهور جرير بأبيات مقذعة ويذكر نجم العيوق فـي مطلع قصيدته فـيقول:
إذا طلع العيوق أول كوكب
كفى اللؤم عند النازحين جرير
كما استخدم العرب هذا النجم فـي قصائد المدح فنجد الشاعر العباسي أبو عثمان الخالدي يصف قلعة عالية ويمدح بانيها فـيقول:
وقَلْعَةٍ عَانَقَ العيُّوقُ سَافِلَها
وجَازَ مَنْطِقَةَ الجَوْزا أَعالِيها
لا تَعْرِفُ القَطْرَ إِذْ كَان الغَمامُ لَها
أَرْضًا تَوَطّأُ قطريه مَواشيها
وهذا الشاعر الشهير أبو تمام الطائي الذي عاش فـي العصر العباسي يمدح قوما بقصيدة ويذكر فـيها نجم العيوق فـيقول:
لَو خَرَّ سَيفٌ مِنَ العَيّوقِ مُنصَلِتًا
ما كانَ إِلّا عَلى هاماتِهِم يَقَعُ
إِذا هُم شَهِدوا الهَيجاءَ هاجَ بِهِم
تَغَطرُفٌ فـي وُجوهِ المَوتِ يَطَّلِعُ
وَأَنفُسٌ تَسَعُ الأَرضَ الفَضاءَ وَلا
يَرضَونَ أَو يُجشِموها فَوقَ ما تَسَعُ
ومن قصائد المدح فـي العصر العباسي التي ذكرت نجم العيوق قصيدة الشاعر بديع الزمان الهمذاني التي يقول فـيها:
لك يا عماد المشرقين وإنها
كالنجم دونك أو أعز منالا
فلئن سلبنك خاتميك لقد غدت
تاجًا عليك فهل نقصنك حالا
فليبلغ العيوق فصك وليكن
مثل الشقائق وليزن مثقالا