سجناء سوريا.. الفرج يأتي ولو بعد حين
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
هتافات واحتفالات بسقوط النظام، وتحليلات وتساؤلات حول المستقبل.. لكن اللقطة الأبرز في مشهد نجاح الثورة السورية كانت لآلاف المظلومين وهم يغادرون سجونا ربما لم يتصوروا أنهم سيفلتون من براثنها يوما ما.
في عالم يعج بمنظمات دولية وحقوقية، وبأصوات لا تتوقف عن ترديد شعارات الحرية والديمقراطية والعدل، يبقى واقع حقوق الإنسان بعيدا عن هذه الشعارات في دول كثيرة، لكن سوريا بشار الأسد ربما فاقت بقية الدول في قائمة العار هذه.
ربع قرن تربع فيه بشار الأسد على السلطة في سوريا، تزداد إلى أكثر من نصف قرن إذا أضفنا فترة حكم أبيه حافظ الأسد من قبله، وهذه البلاد المنكوبة تتشبث بموقع الصدارة فيما يتعلق بانتهاك حقوق الإنسان، ليس فقط لحقوقه في الحرية والعدل، بل حتى حقه في الحياة.
يكفي أن نأتي من فترة حكم الأب حافظ بمثال واحد هو مجزرة حماة التي وقعت في فبراير/شباط 1982، وكانت التهمة فيها هي التمرد على الحكم والانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين هناك، أما العقاب فكان حملة عسكرية وحشية أدت إلى مقتل نحو 40 ألف شخص، وفقا لبعض الروايات، في حين وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان ما يقرب من 10 آلاف منهم، فضلا عن 4 آلاف مفقود.
إعلانوسار الابن بشار على نهج أبيه، فكان حاكما فردا لا شريك له في السلطة أو في الرأي، وذلك ما جعله يرفض خروج احتجاجات شعبية تطالب بالتغيير ضمن موجة الربيع العربي في العام 2011، فواجهها بقمع استمر سنوات طوال، راح ضحيته مئات الآلاف من السوريين، فضلا عن تشريد الملايين نزوحا في الداخل أو لجوءا في الخارج.
لا تسل عن فرحة من خرجوا من المعتقلات بعدما كاد الأمل يتلاشى (وكالات) حتى الأطفالالسجن والتعذيب كان دائما وسيلة النظام في مواجهة الشعب، وحتى عندما كتب بعض الأطفال على سور مدرستهم عبارات مثل "الشعب يريد إسقاط النظام" كان الرد حاضرا بالاعتقال في فرع الأمن السياسي بمدينة درعا، وبتعذيب طال بعدهم كل من تمكنت السلطة منه وضبطته متلبسا بجرم الحلم بالحرية والعدل.
القمع الذي واجه به نظام بشار الأسد دعوات الإصلاح والتغيير، أشعل جذوة الثورة التي تحولت بعد ذلك إلى ثورة مسلحة كادت تسقط النظام لولا أنه لاذ بالخارج، فجاءه المدد من إيران وحزب الله اللبناني ومعهما مليشيات من العراق وأفغانستان، ثم مدد حاسم من روسيا.
خلال تلك السنوات لم يتورع نظام الأسد عن ارتكاب كثير مما يعده العالم المعاصر من المحرمات، حيث تجاوز الاعتقال والتعذيب والقتل ليصل إلى حد الإبادة الجماعية عبر استخدام أسلحة كيميائية كما حدث في الغوطة الشرقية لدمشق عام 2013.
في هذه السنوات كانت الأنباء تتوالى عن حال السجون في سوريا، وكيف أنها أقرب إلى مسالخ بشرية يتعرض فيها المعتقلون، الذين يقدر عددهم بمئات الآلاف من السوريين، إلى ما لا يخطر على بال بشر من صنوف التعذيب.
وخرجت مقاطع فيديو يندى لها الجبين ولم تجد من العالم الحر إلا الإدانات المعتادة والتصريحات الرنانة.
وأصبحت سجون سوريا أشهر ما فيها مع تكرار الحديث عما يجري في سجون أشهرها صيدنايا وإن لم يكن هو الأوحد، فهناك الكثير غيره سواء في العاصمة دمشق وضواحيها أو في كل المدن الكبرى تقريبا.
إعلانفي عام 2015 أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية تقريرا صادما عن الوفيات الجماعية والتعذيب في المعتقلات السورية، جاء تحت عنوان "لو تكلم الموتى"، وتحدث عن تواتر شهادات عن التعذيب والقتل في 27 من المعتقلات السورية.
من داخل أحد سجون حماة بعد تحرير المدينة من قوات الأسد (الأناضول) تسريبات قيصروفي عام 2017 كان العالم على موعد مع صدمة للإنسانية، تمثلت في آلاف الصور التي تظهر بشاعات ترتكب في سجون الأسد، تم تسريبها على يد مصور عسكري انشق عن النظام وغادر البلاد، واشتهر باسم رمزي هو "قيصر".
الصور كانت أصعب من أن يتحملها من كان له قلب أو ألق نظرات خاطفات على بعضها، وكيف أن القتل والتعذيب والتنكيل في هذه السجون بلغ حدا يذكّر بما شهده العالم في عصور وصفت بالهمجية والظلام.
ثم جاء مشهد تحرير الآلاف من السجناء بعدما نجحت الثورة أخيرا في التخلص من نظام الأسد في موجة خاطفة لم تكمل أسبوعين ولم تتكشف أسرارها بعد، وهو مشهد صار رئيسيا في بعده الإنساني خصوصا مع مشاعر المحررين التي اختلطت فيها الفرحة بالاندهاش وعدم التصديق.
الساعات الأولى شهدت تدفق عشرات القصص المروعة لتعذيب لم يفرق بين الرجال والنساء، ولا بين البالغين والأطفال، لكن هذا ربما لا يمثل نقطة من بحر ما سيتم الكشف عنه خلال الأيام والأسابيع المقبلة.
فالساعات الأولى كانت ساعات الفرحة بحرية ربما كان الكثيرون قد فقدوا الأمل في الحصول عليها، أما الأيام التالية فستكشف أبعاد الموقف لمن غفل عن هذه اللحظة الإنسانية ولم يدرك بشاعة أن يتعرض إنسان للقهر والتعذيب، وأن يحرم أهله حتى من معرفة مصيره.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
ما اتفاقية فض الاشتباك التي ألغتها إسرائيل بعد هروب الأسد؟
#سواليف
مع #هروب #الرئيس_المخلوع #بشار_الأسد من #دمشق، بدأ #الجيش_الإسرائيلي توغلا بريا اجتاز على إثره #خط #فض_الاشتباك مع #سوريا، وسيطر على عدد من النقاط، بعضها يقع على مرتفعات في جبل الشيخ.
ووفقا لتقرير معلوماتي أعدته سلام خضر، يمثل جبل الشيخ نقطة إستراتيجية من الناحية العسكرية كونه يفصل بين لبنان وسوريا، وهو أيضا ملاصق للجولان السوري المحتل.
وكانت هذه المناطق مشمولة باتفاقية فض الاشتباك بين دمشق وتل أبيب، التي رعتها الولايات المتحدة والأمم المتحدة سنة 1974.
مقالات ذات صلة سائق اردني قضى 17 عاما في السجون السورية يروي التفاصيل 2024/12/11** استغلال هروب بشار الأسد
ومع تواتر الأخبار عن هروب بشار الأسد من دمشق، سارعت إسرائيل لشن غارات جوية استهدفت مواقع عدة في العاصمة السورية، وذلك بعد وقت قصير من اجتيازها خط فض الاشتباك بحجة “استشعار الخطر على الحدود الشرقية”.
وتمثل حدود إسرائيل الشرقية -أو ما يسمى الخط الأرجواني- الحد الفاصل بين سوريا وإسرائيل وفق اتفاق فض الاشتباك الذي أوقف العمليات العسكرية بين الجانبين في أعقاب حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973.
ونص الاتفاق أيضا على إعادة رسم خطوط التماس بين الجانبين في مرتفعات الجولان السوري المحتلة، وقد استعادت دمشق بموجبه بعض المناطق منها مدينة القنيطرة، التي كانت إسرائيل قد احتلتها بعد حرب يونيو/حزيران 1967.
وبموجب الاتفاق، تم إنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح تقع بين خطي تموضع القوات السورية والإسرائيلية، تنتشر فيها قوة تابعة للأمم المتحدة لمراقبة الالتزام بفض الاشتباك.
وقد أبقت القوات الإسرائيلية هضبة الجولان تحت سيطرتها، كونها مصدر تهديد جيو-عسكري، حسب وصف رئيس وزراء إسرائيل السابق ليفي أشكول، ثم أعلنت ضمها رسميا عام 1981.
وكان قرار الضم محل اعتراض دولي حتى أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيادة إسرائيل على الجولان في 25 مارس/آزار 2019.
وفي صباح 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بدأت إسرائيل توغلا تدريجيا نحو المنطقة منزوعة السلاح، لتفرض سيطرتها على نقاط بعمق بضعة كيلومترات، إضافة لمرتفعات جبل الشيخ الحدودية بين لبنان وسوريا.
وأمس الاثنين، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل تعمل بطريقة منهجية على تفكيك ما يسميه محور الشر، وإن فصلا جديدا من تاريخ الشرق الأوسط بدأ بسقوط بشار الأسد.
وقال نتنياهو، في كلمة مصورة، إن الجميع “بات يدرك اليوم الأهمية البالغة لسيطرتنا على هضبة الجولان التي ستبقى إلى الأبد جزءا لا يتجزأ من إسرائيل”.