“الانتصار الكبير” بين العنوان … والميدان
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
يمانيون../
ما إن أُسدل الستار على الجولة الأخيرة من المواجهة بين لبنان – بمقاومته الميدانية والسياسية – والعدوّ الإسرائيلي حتى انطلقت حفلة تحليلات وقراءات “غب الطلب” لما جرى، لتُحمّل المقاومة في لبنان مسؤولية العدوان الإسرائيلي من جهة، وتحرف مسار نتائج الحرب عن ماَلات الميدان ونتائجه، من جهة أخرى.
وبين من كان يُمنّي النفس في لبنان بسحق المقاومة، ومن يعيش حالة إنكار لنتائج المعركة، استعرت التحليلات المُضلّة والمُضللة، تُقيّم ما جرى وتخلص إلى أنّه هزيمة نكراء لحقت بالمقاومة يُبنى عليها الاَمال بانطلاقة جديدة للبنان، أي لبنان “ما بعد حزب الله”، بناءً على خلفيات تنطلق من حسابات ضيّقة بحجم الطمع بكسب مادي أو وظيفي، ولا تنتهي بأجندات خاصة تتصل بالمشاريع والرؤى السياسية لهؤلاء.
من نافلة القول أنّ أي مقاربة لنتيجة الحرب، لا تأخذ في الحسبان الأهداف التكتيكية والاستراتيجية للحرب، هي مقاربة متحيّزة أصلاً لنتيجة مسبقة بمعزل عن النتائج الحقيقية والتقييمات الموضوعية لمجريات الأمور، ولاسيّما إذا كان التقييم يستغلّ مآسي الحرب من قتل المدنيين العُزّل وكثرة الدمار والتهجير وغيرها لبناء استنتاجات خاطئة ومضللة لنتائج الحرب.
يمكن الحديث عن كثرة الدمار والقتل كدليل وحجة دامغة على همجية المعتدي وعجزه عن تحقيق أهدافه العسكرية في ميدان المواجهة، إلاّ أنه لا يصحّ استخدامها دليلاً على تحديد نتائج المعركة وتقييمها، لأن النتائج تُحسب بوقائع الميدان وإنجازاته، لا بحجم الدمار والخسائر البشرية في صفوف المدنيين، وبالتالي يُحسب التدمير والقتل على العدوّ وليس له.
هنا، تجدر الإشارة إلى أنّ المقاومة في لبنان أعلنت مراراً وتكراراً، على لسان شهيد الأمّة السيّد حسن نصر الله، أنها لا تريد حرباً مع العدوّ، لكنها لا تخشاها في الوقت نفسه. وليس التزام المقاومة قواعد الاشتباك خلال معركة الإسناد إلاّ انعكاساً لقرار المقاومة تحييد لبنان وعدم إعطاء العدوّ أي ذريعة لشن حرب على لبنان.
والجدير ذكره، أيضاً، أنّ العدوّ الإسرائيلي قابل موافقة لبنان الرسمية – والمقاومة ضمناً – على المقترح الأميركي – الفرنسي في أيلول/سبتمبر الماضي لوقف حرب الإسناد في لبنان، والذي كان من شأنه أن يُشكّل فرصة حقيقية للتفاوض لإنهاء الحرب على غزة في الوقت نفسه، باغتيال شهيد الأمة وإعلان الحرب على لبنان.
إذاً، العدوان على لبنان هو فعل وليس ردّ فعل، وله ما له من أهداف تكتيكية واستراتيجية معلنة وغير معلنة، كان رئيس وزراء العدوّ الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أعلن بعضها، وفي مقدمتها إبعاد المقاومة إلى شمال نهر الليطاني، وإعادة مستوطني الشمال إلى مستوطناتهم بعد إعادة الأمن إلى الشمال، إضافة إلى القضاء على قدرات المقاومة الصاروخية، الأمر الذي يعني أن لا تفاوض مع لبنان، بل الاستعراض في تصميم “إسرائيل” على تحقيق الأهداف بالقوة، وبقدراتها العسكرية والتكنولوجية وغيرها، وبمعنى آخر: إخضاع لبنان للشروط الإسرائيلية، وإعلان استسلام مقاومته وهزيمتها.
أما الأهداف الاستراتيجية المُعلنة، فيتصدّرها مشروع بناء الشرق الأوسط الجديد، وتعبيد الطريق لتحقيق هذا الهدف لا بد من أن يكون من خلال الحرب على لبنان، بعد تعثّر الأمر من خلال الحرب على غزّة. والقضاء على المقاومة في لبنان، وإلحاق الهزيمة بها، وكسر شوكتها، هي ممر إلزامي لتحقيق هذا الهدف.
وما لم يُعلنه رئيس وزراء العدو، أعلن بعضَه وزير المالية في حكومته، سموتريتش، الذي صرّح بأنّ “إسرائيل يجب أن تضم العاصمة السورية دمشق، والأردن وأجزاء من مصر ولبنان والسعودية والعراق”، ناهيك بالحدود اللانهائية لـ”الدولة العبرية”، والتي تصل إلى حيث “الاَمال الصهيونية”، بحسب بن غوريون عام 1948.
بالنظر إلى النتائج الميدانية والصمود الأسطوري للمقاومة في الميدان، وما تحقق على مستوى استيعاب الصدمة وإعادة ترميم صفوفها وتشكيلاتها وترتيبها، وصولاً إلى ترميم بعض المعادلات، ولو جزئياً في أثناء الحرب، بعد الضربات القاسية والمؤلمة التي تلقتها المقاومة قبل بدء العملية البرية في الأول من أكتوبر 2024، وعلى رأسها اغتيال شهيد الأمّة السيّد حسن نصر الله وقادة اَخرين قبل ذلك وبعده، يكون من الإجحاف بحق المقاومين وبيئة المقاومة أن يذهب البعض إلى إهداء العدوّ نصراً وهمياً بالمجّان، لم يعطه إياه الميدان، ولم تؤيّد ذلك أغلبية الإسرائيليين عشية وقف إطلاق النار، في مقابل الإخفاء أو الإهمال لحقيقة عكستها وقائع الميدان، مفادها أنّ المقاومة بصمودها منعت العدوّ من تحقيق أهداف الحرب.
وبحيث إنّه ليس للمُعتدى عليه سوى هدف واحد، يتمثّل بالدفاع عن الأرض ومنع المُعتدي من تحقيق أهداف العدوان، تنتهي أي قراءة موضوعية إلى أنّ المقاومة كانت بعيدة عن الخسارة، فضلاً عن الهزيمة عشية وقف إطلاق النار، والعدوّ كان بعيداً عن تحقيق كامل أهدافه التكتيكية، مع العجز عن تسييلها إنجازات استراتيجية. وهذه القراءة لنتائج الميدان لها عنوان واحد: “النصر الكبير”.
الميادين – محمد خليفة
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: على لبنان الحرب على فی لبنان
إقرأ أيضاً:
مؤسسة “تحقيق أمنية” تحتفي بعامٍ استثنائي من الإنجازات في 2024
أعلنت مؤسسة “تحقيق أمنية” بفخر عن تحقيق إنجاز استثنائي في عام 2024، حيث تمّ تحقيق 830 أمنية لأطفال يعانون من ظروف صحية حرجة، متجاوزةً الهدف الُمحدّد لهذا العام بزيادة ملحوظة بلغت 16%. هذا الإنجاز يعكس التزام المؤسسة الراسخ بإضفاء الأمل والفرح والقوة على حياة الأطفال وعائلاتهم.
وقد أعربت سمو حرم الشيخ الدكتور سلطان بن خليفة آل نهيان، مستشار صاحب السمو رئيس الدولة، الشيخة شيخة بنت سيف بن محمد آل نهيان، رئيس مجلس الأمناء لمؤسسة “تحقيق أمنية” عن اعتزازها بهذا الإنجاز: “كان هذا العام شاهداً على القوة الاستثنائية للأمل وعلى روح المجتمع المتكاتف. كل أمنية تمّ تحقيقها في عام 2024 كانت شعاعاً من الفرح والصمود، ليس فقط للأطفال وعائلاتهم، ولكن لكل من شارك في تحويل هذه الأحلام إلى واقع. إن تجاوز هدفنا وتحقيق 830 أمنية يعكس الدعم المتواصل من المانحين والمتطوعين وفريق عمل المؤسسة. معاً، أوجدنا لحظات من السعادة ستبقى خالدة في قلوب هؤلاء الأطفال. ومع اقتراب عام 2025، أتطلع بعين الفخر والتفاؤل إلى المزيد من الإنجازات المشتركة.”
وأضافت سمو الشيخة شيخة: “شهد عام 2024 توسعاً لافتاً في جهود تحقيق الأمنيات في ثلاث دول. ففي الإمارات العربية المتحدة، تمّ تحقيق 461 أمنية، مما يعكس روح العطاء والتكاتف التي تتميز بها الدولة. وفي المملكة الأردنية الهاشمية، استطاعت المؤسسة إدخال البهجة إلى حياة 160 طفلاً وطفلة في مؤسسة ومركز الحسين للسرطان، بينما شهدت جمهورية مصر العربية تحقيق 102 أمنية في مؤسسة مجدي يعقوب لأمراض وأبحاث القلب في أسوان، بالإضافة إلى 107 أمنيات أخرى في مستشفى أبو الريش الياباني في القاهرة. بإجمالي 830 أمنية، يمثل هذا الرقم قفزة نوعية مقارنة بـ 712 أمنية تمّ تحقيقها في عام 2023، مما يبرز التزام المؤسسة بالنمو المستمر وتعزيز تأثيرها الإيجابي عاماً بعد عام”.
واختتمت سمو الشيخة شيخة تصريحها بالقول: “التزام مؤسسة “تحقيق أمنية” برسالتها الإنسانية النبيلة وحرصها على الوصول إلى المزيد من الأطفال المرضى، لا يحدّه زمان ولا مكان. ومع خطط لتوسيع نطاق العمل داخل وخارج الدولة وتعزيز التأثير الإيجابي، تؤكّد المؤسسة عزمها على الاستمرار في رحلتها لإضاءة حياة الأطفال، والمُساهمة في خلق لحظات سحرية تُسعد قلوب الجميع.
كل أمنية تحقّقت في عام 2024 لم تكن مجرد تجربة، بل كانت لحظة غيّرت حياة الأطفال الذين يعانون من ظروف صحية حرجة. سواءً كانت رحلة ساحرة أو لعبة الأحلام، فقد منحت هذه الأمنيات الأطفال القوة والأمل، بفضل تفاني المتطوعين وكرم الداعمين وصمود الأطفال أنفسهم”.