صحيفة الاتحاد:
2025-01-11@07:03:55 GMT

أبوظبي.. تراث غني نتشاركه مع العالم

تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT

محمد خليفة المبارك *
نجحت أبوظبي على مدار العقدين الماضيين، في مشاركة قصتها مع العالم والتعريف بمعالمها وصروحها وقيمها الثقافية، وشهدت تزايداً كبيراً في أعداد الزوار من مختلف أنحاء العالم، بفضل أجندة فعالياتها المتميزة والغنية بالأنشطة والبرامج الثقافية والترفيهية.
ومع هذا النمو والتطور السريع الذي تشهده إمارتنا، يصبح من المهم أكثر من أي وقت مضى أن نعود إلى البدايات، وأن نتذكّر ماضي أبوظبي التي تتمتع بتراث غني وأصيل، تراث نحفظه في قلوبنا ونعيشه كلّ يوم في حياتنا اليومية، فهو إرثنا النابض بالحياة الذي يحمل هويتنا الوطنية الفريدة وقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا التي نعتزُّ بها.


ومما يدعونا إلى هذا الاعتزاز والفخر، أننا نمتلك ثروة ثقافية يمكننا أن نشاركها مع العالم، لنسلّط الضوء على ملامح هويتنا الثقافية وما كانت عليه حياة أسلافنا من عاداتٍ وتقاليد وقيم نستطيع أن نتعلّم منها الكثير. فمن فنّ القهوة العربية الأصيلة، نتعلم دروساً في الكرم والضيافة والتواضع، ومن الصقارة أي الصيد بالصقور، ننمّي لدينا احترام التوازن في الطبيعة، ومن زراعة التمور نتعلم أسرار بناء مستقبل أكثر استدامة، أمّا شِعرنا القديم، فيعلّمنا كيف نثري لغتنا ومفرداتنا وقدرتنا على التعبير.
كل هذه العناصر أشكال حية من التراث، ما زالت تسري في دمائنا، معاهدين أنفسنا على أن ننقلها للأجيال القادمة، لكي تبقى قصّة أبوظبي حيّة في قلوب وأذهان أبنائنا وأحفادنا.
وإلى جانب ذلك، هناك العديد من الأشكال الأخرى للتراث غير المادي التي لم تعد شائعة في المجتمع، وهي تتطلب كثيراً من الرعاية والحماية للحفاظ عليها بشكل دائم. فعلى سبيل المثال، يشكّل «السدو» الذي يعكس ملامح فنّ النسيج الأصيل في منطقتنا، واحداً من أهم العناصر التراثية التي نحرص اليوم على الاحتفال بها وتوثيقها، إلى جانب الفنون الشفهية التي تجسّدُ جزءاً مهمّاً من موروثنا الثقافي مثل «الحداء» للتواصل مع قطعان الإبل، وشعر «العازي» الذي يعدّ واحداً من أهم الفنون الأدائية التراثية، وغير ذلك من العناصر المعنوية والمادية التي وصلت إلينا عبر آلاف السنين، لأنّ أسلافنا حرصوا عليها ونجحوا في حفظها وصونها ونقلها لنا، لتبقى راسخة في أذهاننا فننقلها بدورنا للأجيال القادمة، ولاسيما في هذا العصر الذي يتّسم بسيطرة التكنولوجيا الحديثة والعولمة، ما يجعل الحفاظ على التراث مسألة أصعب من أي وقت مضى، إلّا أننا حريصون على مواكبة التقدّم الذي يشهده العالم والاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي ووسائل التواصل والاتصال الحديثة التي تمدّ جسراً بيننا وبين العالم، ليكون هذا الجسر وسيلتنا للتعريف بثروتنا الثقافية وموروثنا الأصيل الذي نفخر به.
وتأتي هذه المهمة في صميم عمل دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي عبر سياساتها ومبادراتها وبرامجها الهادفة، حيث أطلقت مؤخّراً حملة جديدة بعنوان «تقاليدنا راسخة»، لتسليط الضوء على تراثنا الثقافي غير المادي الذي يحدّد هويتنا وإرث أجدادنا الحي، للتعريف به وتعزيزه والحفاظ عليه، وذلك من خلال أدوات ووسائل مبتكرة تستكشف جوانب مختلفة من الثقافة الإماراتية.
ركائز أساسية
ومن خلال سياساتنا ومبادراتنا وحملاتنا نقدّم للمشاهدين العناصر الأصيلة لقيمنا وهويتنا، مثل فنّ «العيّالة» الشعبي الذي ما زال حيّاً إلى يومنا هذا، ومنسوجات «التلي» اليدوية الجميلة المفعمة بالألوان، وأشعار «التغرودة» التي ينشدها الرحالة، إلى جانب «الصقّارة» وغيرها من الفنون والتقاليد والحرف التي يحملها تراثنا الغني، والتي يمكن الاطلاع عليها في مقاطع الفيديو التي تواصل دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي إصدارها على مدار العام. 
فقصصنا وأشعارنا وتقاليدنا تستحق أن تصل للعالم، لتعريفه بما نمتلكه من ثروة وجمال كامن في كل جزء من موروثنا الثقافي الذي أسهم بشكل جوهري في صناعة التحوّل الثقافي طويل الأمد الذي أوصل أبوظبي إلى ما هي عليه اليوم، والذي نحرص على حمايته وحفظه للأجيال القادمة.
لقد اعتبر الوالد المؤسس لدولة الإمارات العربية المتحدة، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، عناصر الثقافة والتراث ركائزَ أساسية لنمو الدولة، ووضع خططاً للحفاظ على التراث الثقافي للدولة. وقد تخلل هذه الرحلة تأسيس العديد من المعالم والصروح الرئيسة والمؤسسات الثقافية التي تهدف إلى عرض تاريخ وتراث ومشهد أبوظبي الفنّي، مثل المجمّع الثقافي في أبوظبي ومتحف العين الوطني وقلعة الجاهلي وقصر الحصن، إلى جانب الإنجاز الرائع المرتقب في تطوير المنطقة الثقافية في السعديات مع افتتاح متحف زايد الوطني هذا العام، بالإضافة إلى متحف جوجنهايم أبوظبي ومتحف التاريخ الطبيعي وتيم لاب فينومينا أبوظبي نهاية عام 2025.
إنجازات متميزة
هذه الإنجازات المتميزة تعزّز مكانة أبوظبي كمركز ثقافي حيوي وشامل يحتفي بالتراث المحلي ويبرزه عالمياً، ومن خلال تواصلنا وتقاربنا مع الثقافات العالمية، فإننا نثري المشهد العالمي ونعزز بيئة مرحّبة بجميع الزوار للاستمتاع بعروضنا الثقافية.
ويظهر التقدم الذي أحرزناه في تبادل التراث الثقافي من خلال زيادة التقدير العالمي لموروثنا الغني، حيث تمّ تصنيف المواقع الثقافية في العين، وهي حفيت وهيلي وبدع بنت سعود والواحات، كأول مواقع للتراث العالمي لليونسكو في الدولة في عام 2011. إذ تشير اليونسكو إلى أن «الآثار الرائعة» في هذه المناطق مثل الآبار والأبراج الحجرية الدائرية تؤكّد أنّها كانت عامرة بالاستيطان البشري منذ العصر الحجري الحديث. وعلى الرغم من أن الكثيرين يرون أن أبوظبي عاصمة شابة، فإنّ هذه المواقع تدلّ على عمق تاريخنا الضارب في القدم.
كما تمّ أيضاً، منذ عام 2011، إدراج ما مجموعه 15 عنصراً من عناصر التراث غير المادي لدولة الإمارات العربية المتحدة، في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لليونسكو، أربعة منها خاصة بالإمارات، و11 عنصراً مشتركاً مع دول أخرى.
وفي وقت تواجه فيه العديد من الجهات الثقافية في جميع أنحاء العالم، تحدّياً كبيراً في الحفاظ على التراث كممارسة ثقافية وعادة حياتية يومية، نواجه في أبوظبي هذا التحدي من خلال إقامة مهرجانات ثقافية على مدار العام، وتنظيم طيف واسع من المبادرات الأخرى التي تهدف إلى تعزيز مكانة التراث الإماراتي، من بينها مهرجان الشيخ زايد، ومهرجان الحصن، ومهرجان الحرف اليدوية التقليدية، وبيت الحرفيين، وسجل أبوظبي للحرفيين، ومنصة أبوظبي للحرف، بالإضافة إلى مهرجان التراث البحري.
وختاماً، ومن خلال النظر إلى الماضي، نخلق مستقبلاً أكثر إشراقاً للجميع. ونحن ملتزمون بمواصلة رسم آفاق جديدة للأجيال القادمة، في وقت نكرّم فيه إرث أسلافنا الذين نفخر بهم. وكما قال الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه: «من لا يعرف ماضيه لا يستطيع أن يعيش حاضره ومستقبله، فمن الماضي نتعلم ونكتسب الخبرة ونستفيد من الدروس والنتائج».
* رئيس دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي

أخبار ذات صلة «بطاقة» لتثقيف شباب ألمانيا الأرشيف والمكتبة الوطنية يثري صالات الفورمولا -1 بصور تاريخية

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الإمارات الثقافة محمد خليفة المبارك التراث التراث الإماراتي للأجیال القادمة غیر المادی إلى جانب من خلال

إقرأ أيضاً:

«مبادلة أبوظبي» تستقطب نجمات التنس في العالم

 
أبوظبي (الاتحاد)

أخبار ذات صلة غنتوت ينظم مباراة «البولو الخيرية» «البطن» تهدد مشاركة كيريوس في «أستراليا المفتوحة»


تستعد بطولة مبادلة أبوظبي المفتوحة، التي ينظمها مجلس أبوظبي الرياضي، لاستضافة واحدة من أكثر نسخها تنافسية حتى الآن، بمشاركة نخبة من نجمات التنس العالميات.
تُقام البطولة في مجمع التنس الدولي بمدينة زايد الرياضية من 1 إلى 8 فبراير المقبل، لتواصل ترسيخ مكانتها حدثاً رياضياً بارزاً في جولة رابطة محترفات التنس.
وتتصدر قائمة المشاركات البطلة الحالية إيلينا ريباكينا، المصنفة السادسة عالمياً، التي تعود إلى الملاعب بكامل لياقتها، بعد موسم مليء بالتحديات.
وشهد النصف الثاني من العام الماضي تراجعاً في مشاركاتها، بسبب معاناتها من التهاب القصبات وإصابة في الظهر، إلا أنها نجحت في استعادة تألقها.
يُذكر أن ريباكينا حققت موسماً مذهلاً في 2024، حيث توجت بثلاثة ألقاب، ضمن جولة رابطة محترفات التنس، بما في ذلك بطولة مبادلة أبوظبي المفتوحة، بطولة بريسبان الدولية، وبطولة بورشه للتنس في شتوتجارت.
في «نسخة 2024» من البطولة، أظهرت ريباكينا أداءً استثنائياً في القوة والدقة، حيث تفوقت في النهائي على داريا كاساتكينا 6-1,6-4، لتحقق أول لقب لها في أبوظبي، والأداء القوي يجعلها المرشحة الأبرز للدفاع عن لقبها في النسخة الحالية.
إلى جانب ريباكينا، تشهد البطولة مشاركة وصيفة العام الماضي، داريا كاساتكينا، التي تسعى للثأر من هزيمتها في النهائي، كما تعود السويسرية بليندا بنشيتش، بطلة «نسخة 2023»، إلى الملاعب بقوة بعد استئناف مشاركاتها في أكتوبر الماضي، عقب فترة توقف قصيرة بسبب ظروف الحمل والولادة.
وتُعد بنشيتش واحدة من أبرز الأسماء المشاركة، بفضل سجلها المتميز وروحها القتالية العالية، مما يضيف المزيد من الحماس إلى أجواء البطولة.
وقال نايجل جوبتا مدير البطولة: «نجحت بطولة مبادلة أبوظبي المفتوحة في ترسيخ مكانتها واحدة من أبرز محطات التنس النسائي عالمياً، والتتويج بلقب البطولة العام الماضي كان لحظة استثنائية في مسيرة ريباكينا، التي نتطلع لرؤية أدائها مجدداً، وهي تدافع عن لقبها أمام نخبة من اللاعبات العالميات، والبطولة هذا العام تتميز بقائمة مشاركات قوية تجعلنا نترقب واحدة من أكثر النسخ تنافسية في تاريخ البطولة».
إلى جانب ريباكينا وكاساتكينا، تشهد البطولة مشاركة النجمة التونسية أُنس جابر، التي تعود إلى الملاعب بعد تعافيها من إصابة في الكتف، ويتوقع أن تحظى بدعم جماهيري كبير، كونها واحدة من أبرز الأسماء العربية، كما تضم قائمة المشاركات الإسبانية باولا بادوسا، المصنفة الثانية عالمياً سابقاً، والبرازيلية بياتريس حداد مايا، التي تألقت بوصولها إلى نصف النهائي في النسختين السابقتين.
تستمر بطولة مبادلة أبوظبي المفتوحة في تعزيز مكانتها بوصفها، إحدى المحطات البارزة في جولة التنس النسائية، بفضل مستواها التنافسي العالي وتنظيمها المتميز. 

مقالات مشابهة

  • المصور الذي فقد عائلته ووثق الإبادة الإسرائيلية
  • عامٌ من الإنجازات الثقافية لحماية الهوية الفلسطينية وإبرازها عربيًا وعالميًا
  • أستكمالًا لدورها في إثراء المشهد الثقافي المصري.. مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية تحتفل بالفائزين بجائزة "ساويرس الثقافية" في دورتها العشرين
  • «الشراكة».. الهُوية التي نذهب بها نحو العالم
  • شراكة لتعزيز الحفاظ على التراث والتبادل الثقافي
  • الهيئة الملكية لمحافظة العُلا وأكاديمية دونهوانغ الصينية تعقدان شراكة لتعزيز الحفاظ على التراث والتبادل الثقافي
  • تحت رعاية حمدان بن زايد.. بطولة الظفرة الكبرى لصيد الكنعد تعقد فعالياتها في أبوظبي
  • «مبادلة أبوظبي» تستقطب نجمات التنس في العالم
  • مؤسسة زاهي حواس للآثار: كشف أثري جديد في الأقصر يعزز مكانة مصر الثقافية
  • مركز أبوظبي للغة العربية يتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة بهدف تعزيز التعاون في المشاريع الثقافية والمعرفية