مقاوم منذ طفولته.. سيرة مصطفى الكستوني آخر شهداء جنين
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
جنين- في حالة حزن وصدمة جلست الأم باسمة قمبع في منزل جيرانها بالبلدة القديمة لمدينة جنين، لاستقبال المعزين باستشهاد ابنها مصطفى (32 عاما) خلال تفجير قوات الاحتلال الإسرائيلي منزل العائلة صباح اليوم الخميس.
كانت الأم المكلومة تردد جملة واحدة بصوت مبحوح "قال لي ديري بالك على الأطفال يما، إحمي أولاد أخي هاني يما".
و"أبو علي الكستوني" هو اللقب الذي يُعرف به الشهيد مصطفى قمبع، والذي أعلن الاحتلال تصفيته لكونه "مطلوبا" لأجهزته، بعد أن أصابه بعدة رصاصات في صدره وبطنه في اقتحام البلدة القديمة لجنين صباحا. واعتقل في العملية ذاتها شقيقه هاني وشاب آخر يدعى حسن الهصيص. وقبل انسحابها، فجّرت قوات الاحتلال منزل عائلة الشهيد بالمتفجرات، وتركت جثمانه بداخله.
حصار بغرض القتل فقط
في بيت الجيران، تجمعت قريبات العائلة لمواساة والدة الشهيد. وروت الأم وقائع الصباح الدامي في منزلها قائلة للجزيرة نت "استيقظت على صوت إطلاق نار مفزع وكثيف جداً، فناديت بأعلى صوتي على مصطفى، وكان في شقته العلوية لوحده. ولما اشتد إطلاق النار، سمعته يصرخ: خذي الأطفال يا إمي إبعديهم، احمي أولاد هاني (شقيقه) يا إمي".
وكانت القوات الخاصة تحاصر منزل العائلة المكون من 3 شقق، إحداها يسكنها مصطفى، وبدون إنذر بدأ جنود الاحتلال بإطلاق النار بشكل مباشر ومستمر على البناية السكنية.
ووفق شهود عيان بالحي، حاول مصطفى الاشتباك معهم بسلاحه، لكن تعزيزات عسكرية إسرائيلية كبيرة وصلت محيط المنزل وحاصرت الحي بأكمله، واعتلى القناصة المنازل القريبة.
وحاول مصطفى الهرب من حصار جنود الاحتلال فقفز من شقته، لكن رصاص القناصة أصابه بشكل مباشر فسقط أرضا ولم يتحرك.
وتقول والدته "لمّا حس بالخطر وأن الجنود لم يهتموا بوجودي أنا وزوجة شقيقه هاني وأطفالها، صرخ: أنا سأسلم نفسي، لا تطلقوا النار، المنزل فيه أطفال، لكنهم لم يستمعوا له".
وتضيف "لم يهتموا لوجود الأطفال، ولم يكتفوا بإصابته، والواضح أنهم لم يأتوا لاعتقاله وكان بإمكانهم ذلك بعد إصابته بكل سهولة. أرادوا قتله فقط".
تفجير المنزل بعد قتله
بعد تأكد قوات الاحتلال من استشهاد مصطفى، قاموا باعتقال شقيقه الأكبر هاني واعتدوا عليه بالضرب المبرح داخل جيب عسكري، حيث أكد شهود عيان في الحي أن صراخه كان مسموعا وهو يتعرض للضرب بعد اعتقاله.
وأمام المنزل الذي لحق به دمار كبير، تجمّع عدد من سكان الحارة القديمة والمعروفة باسم "السيباط" بمدينة جنين، وبدأ عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني بإزالة الركام، وقدر مسؤولوه أن المنزل أصبح عرضة للسقوط كاملا.
يقول محمد عجاوي، وهو عامل في مخبز مجاور لمنزل الشهيد، إن القوات الخاصة التي قدمت حوالي السابعة صباحاً حاصرت المنطقة كلها، وأجبرته وزملاءه العاملين بالمخبز على التجمع أمام بابه والجلوس على الأرض ومنعتهم من الحركة والكلام، وباشرت بإطلاق النار بشكل مباشر على منزل الشهيد مصطفى دون أي تحذير ودون الطلب من عائلته الخروج.
وقال "بقينا أمام الباب وعددنا 10 عمال، منعونا من الحركة، وبعد أن تأكدوا من اغتيال مصطفى، اعتقلوا شقيقه هاني، وقال له الضابط الإسرائيلي المسؤول: قتلنا أخوك".
وأصيب عجاوي بشظايا الانفجار في قدمه، كما أصيب عدد من زملائه أحدهم بجروح صعبة في كتفه، بعد أن منعهم الجنود من الابتعاد وحماية أنفسهم أو الدخول إلى المخبز وإغلاقه.
منذ الطفولة
وهذا الصباح، لم تكن المرة الأولى التي واجه بها "الكستوني" جنود الاحتلال، فقد هوجم منزله وتعرّض للاعتقال أواخر العام الماضي، وأصيب في قدمه خلال اشتباك مسلح مع القوات المقتحمة.
ونُقل مصطفى حينها إلى مستشفى سجن الرملة، وأفرج عنه في مارس/آذار الماضي. وهو شقيق الأسير سامر قمبع المعتقل بسجون الاحتلال منذ قرابة العام دون محاكمة.
ويعرف أهالي جنين الشهيد مصطفى منذ طفولته، كواحد من "أطفال الحجارة" في انتفاضة الأقصى الثانية من 2000-2005، حيث كان يخرج إلى شوارع المدينة في اجتياح عام 2002 ويرشق الجيبات والآليات العسكرية بالحجارة والزجاجات الحارقة. ووثقت إحدى الوكالات العالمية صورة مصطفى قمبع طفلا تلاحقه دبابة إسرائيلية في شوارع جنين.
واستمر مصطفى في التصدي لاقتحامات الاحتلال في فتوته وشبابه حتى اعتقاله العام الماضي. تقول والدته "لم يمضِ على خروجه من الأسر سوى شهور، أفرجوا عنه ليقتلوه أمام عيني".
أحد مقاتلي كتائب الأقصى
وشُيّع جثمان الشهيد مصطفى قمبع في مسيرة حاشدة خرجت من مستشفى جنين الحكومي مروراً بمنزله، ثم إلى مقبرة المدينة حيث ووري الثرى.
وكان قمبع واحدا من 80 مقاوما فلسطينيا مسلحا طاردتهم إسرائيل واغتالتهم أو استشهدوا خلال اشتباكات مع الجنود الإسرائيليين منذ مطلع العام الجاري، وبينهم عدد كبير من مقاومي "كتيبة جنين" ومن كتائب شهداء الأقصى (اسم Hطلق على الذراع المسلح لحركة فتح منذ الانتفاضة الثانية) التي ينتمى لها الشهيد قمبع.
وخلال الأشهر الماضية، قتلت إسرائيل عددا من مقاومي فتح المسلحين في الضفة الغربية، وأبرزهم محمد أبو ذراع وسعود الطيطي ومحمد أبو بكر في نابلس، وصدقي زكارنة الذي يظهر مصطفى قمبع في آخر صوره جالسا قرب ضريحه وحاملا سلاحه في بلدة قباطية القريبة من جنين.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
4 شهداء في غزة والمستوطنون يحرقون 3 منازل بالضفة
استشهد شاب فلسطيني، اليوم الجمعة، برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي شمالي الضفة الغربية المحتلة، في حين اقتحم مستوطنون منطقة شمال أريحا وقاموا بأعمال تجريف احتفالا بما يعرف بعيد "المساخر"، كما استشهد 4 فلسطينيين بقصف جنوب شرقي مدينة غزة.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، في بيان، "استشهاد الشاب عمر عبد الحكيم داود اشتية (21 عاما) برصاص الاحتلال في بلدة سالم شرق نابلس".
وفي وقت سابق، أفادت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، في بيان، بأن طواقمها في نابلس "تعاملت مع إصابة حرجة جدا لشاب أصيب بالرصاص الحي في الرأس في بلدة سالم، وتم نقله إلى المستشفى".
وذكر شهود عيان أن "قوات إسرائيلية اقتحمت بلدة سالم وتمركزت في الشارع الرئيسي وأطلقت الرصاص الحي وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، ما أدى إلى اندلاع مواجهات عنيفة مع شبان فلسطينيين". كما ذكرت مصادر للجزيرة أن قوات الاحتلال اقتحمت القرية وسط مواجهات بين الطرفين.
#عاجل | استشهاد الشاب عمر عبدالحكيم اشتية، برصاص الاحتلال خلال المواجهات في قرية سالم شرق نابلس pic.twitter.com/9iR4QVyJKD
— وكالة شهاب للأنباء (@ShehabAgency) March 14, 2025
اقتحام وتجريفوفي شمال أريحا (وسط شرق) اقتحم مستوطنون منطقة "نبع العوجا" وأقاموا احتفالات صاخبة بمناسبة عيد "المساخر" (بوريم)، وسط أعمال "عربدة واستفزاز" تجاه الفلسطينيين في المناطق المجاورة للنبع، حسب وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).
إعلانويبدأ اليهود الاحتفال بعيد "المساخر" من غروب يوم الجمعة ويستمر حتى غروب يوم السبت.
وفي سلفيت شمال الضفة، نفذت مجموعات أخرى أعمال تجريف لعشرات الدونمات من الأراضي في منطقة "وادي المطوي" غرب المدينة، ما أدى إلى اقتلاع عشرات أشجار الزيتون المعمرة.
وأفادت محافظة سلفيت، في بيان، بأن "المستوطنين بحماية جيش الاحتلال، واصلوا أعمال التجريف لمساحات واسعة واقتلاع أشجار الزيتون في منطقة المطوي غرب مدينة سلفيت".
وفي طولكرم شمالا، أفادت مصادر فلسطينية باعتقال قوات الاحتلال 3 شبان من عائلة الطويل عقب مداهمة منزلهم في حارة قاقون بمخيم المدينة.
وخلال فبراير/شباط الماضي، نفذ جيش الاحتلال 1475 اعتداء، فيما نفذ المستوطنون 230 اعتداء على الفلسطينيين في الضفة، وفق تقرير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية.
وتركزت مجمل الاعتداءات في محافظات نابلس شمال الضفة الغربية بـ300 اعتداء، والخليل (جنوب) بـ267 اعتداء، ورام الله (وسط) بـ263 اعتداء.
مشاهد جديدة.. هجوم المستوطنين على منطقة مغاير الدير بين رام الله وأريحا. pic.twitter.com/rQIjsItRAC
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) March 14, 2025
وأحرق مستوطنون 3 منازل ومركبتين في "خربة المراجم"، بقرية "دوما" جنوب نابلس.
واقتحمت قوات الاحتلال القرية عقب اعتداء المستوطنين، وأطلقت الرصاص الحي، وقنابل الصوت والغاز السام المسيل للدموع، باتجاه الأهالي الذين حاولوا الوصول إلى المنازل المحترقة لإخماد النيران.
وتتعرض قرية "دوما" منذ أكثر من شهر لاعتداءات من المستوطنين وقوات الاحتلال، ازدادت وتيرتها مع شهر رمضان.
شهداء في غزةوفي قطاع غزة، استشهد 4 فلسطينيين جراء قصف إسرائيلي استهدفهم شرق حي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة، رغم تواصل سريان اتفاق وقف إطلاق النار.
وأفادت مصادر طبية بأن "مستشفى المعمداني استقبل جثامين 4 شهداء فلسطينيين، إثر استهداف إسرائيلي في حي الزيتون"، فيما ذكر شهود عيان أن مسيّرة إسرائيلية استهدفت مجموعة من الفلسطينيين في حي الزيتون كانوا يجمعون الحطب، ما أدى إلى سقوط شهداء نقلوا إلى المستشفى.
إعلانوفي تطور آخر، قالت مصادر فلسطينية إن دبابات الاحتلال تُطلق النار بكثافة صوب منازل الفلسطينيين في بلدة الشوكة شرق مدينة رفح جنوبي قطاع غزة.
وقبل ذلك، قال مراسل الجزيرة إن 3 فلسطينيين أصيبوا في قصف من دبابات إسرائيلية على وسط مدينة رفح.
ويأتي ذلك ضمن سلسلة خروقات لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تنصلت إسرائيل منه برفضها الانتقال إلى مرحلته الثانية، كما هو متفق عليه، بعد انتهاء الأولى مطلع مارس/آذار الجاري.
وبدعم أميركي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 160 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.