جنين- في حالة حزن وصدمة جلست الأم باسمة قمبع في منزل جيرانها بالبلدة القديمة لمدينة جنين، لاستقبال المعزين باستشهاد ابنها مصطفى (32 عاما) خلال تفجير قوات الاحتلال الإسرائيلي منزل العائلة صباح اليوم الخميس.

كانت الأم المكلومة تردد جملة واحدة بصوت مبحوح "قال لي ديري بالك على الأطفال يما، إحمي أولاد أخي هاني يما".

ثم تغرق في بكاء طويل، وتعيد القول "راح أبو علي، قتلوه قدامي، من سيفتح علّي باب المنزل بعده؟".

و"أبو علي الكستوني" هو اللقب الذي يُعرف به الشهيد مصطفى قمبع، والذي أعلن الاحتلال تصفيته لكونه "مطلوبا" لأجهزته، بعد أن أصابه بعدة رصاصات في صدره وبطنه في اقتحام البلدة القديمة لجنين صباحا. واعتقل في العملية ذاتها شقيقه هاني وشاب آخر يدعى حسن الهصيص. وقبل انسحابها، فجّرت قوات الاحتلال منزل عائلة الشهيد بالمتفجرات، وتركت جثمانه بداخله.


حصار بغرض القتل فقط

في بيت الجيران، تجمعت قريبات العائلة لمواساة والدة الشهيد. وروت الأم وقائع الصباح الدامي في منزلها قائلة للجزيرة نت "استيقظت على صوت إطلاق نار مفزع وكثيف جداً، فناديت بأعلى صوتي على مصطفى، وكان في شقته العلوية لوحده. ولما اشتد إطلاق النار، سمعته يصرخ: خذي الأطفال يا إمي إبعديهم، احمي أولاد هاني (شقيقه) يا إمي".

وكانت القوات الخاصة تحاصر منزل العائلة المكون من 3 شقق، إحداها يسكنها مصطفى، وبدون إنذر بدأ جنود الاحتلال بإطلاق النار بشكل مباشر ومستمر على البناية السكنية.


ووفق شهود عيان بالحي، حاول مصطفى الاشتباك معهم بسلاحه، لكن تعزيزات عسكرية إسرائيلية كبيرة وصلت محيط المنزل وحاصرت الحي بأكمله، واعتلى القناصة المنازل القريبة.

وحاول مصطفى الهرب من حصار جنود الاحتلال فقفز من شقته، لكن رصاص القناصة أصابه بشكل مباشر فسقط أرضا ولم يتحرك.

وتقول والدته "لمّا حس بالخطر وأن الجنود لم يهتموا بوجودي أنا وزوجة شقيقه هاني وأطفالها، صرخ: أنا سأسلم نفسي، لا تطلقوا النار، المنزل فيه أطفال، لكنهم لم يستمعوا له".

وتضيف "لم يهتموا لوجود الأطفال، ولم يكتفوا بإصابته، والواضح أنهم لم يأتوا لاعتقاله وكان بإمكانهم ذلك بعد إصابته بكل سهولة. أرادوا قتله فقط".


تفجير المنزل بعد قتله

بعد تأكد قوات الاحتلال من استشهاد مصطفى، قاموا باعتقال شقيقه الأكبر هاني واعتدوا عليه بالضرب المبرح داخل جيب عسكري، حيث أكد شهود عيان في الحي أن صراخه كان مسموعا وهو يتعرض للضرب بعد اعتقاله.

وأمام المنزل الذي لحق به دمار كبير، تجمّع عدد من سكان الحارة القديمة والمعروفة باسم "السيباط" بمدينة جنين، وبدأ عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني بإزالة الركام، وقدر مسؤولوه أن المنزل أصبح عرضة للسقوط كاملا.

يقول محمد عجاوي، وهو عامل في مخبز مجاور لمنزل الشهيد، إن القوات الخاصة التي قدمت حوالي السابعة صباحاً حاصرت المنطقة كلها، وأجبرته وزملاءه العاملين بالمخبز على التجمع أمام بابه والجلوس على الأرض ومنعتهم من الحركة والكلام، وباشرت بإطلاق النار بشكل مباشر على منزل الشهيد مصطفى دون أي تحذير ودون الطلب من عائلته الخروج.

وقال "بقينا أمام الباب وعددنا 10 عمال، منعونا من الحركة، وبعد أن تأكدوا من اغتيال مصطفى، اعتقلوا شقيقه هاني، وقال له الضابط الإسرائيلي المسؤول: قتلنا أخوك".

وأصيب عجاوي بشظايا الانفجار في قدمه، كما أصيب عدد من زملائه أحدهم بجروح صعبة في كتفه، بعد أن منعهم الجنود من الابتعاد وحماية أنفسهم أو الدخول إلى المخبز وإغلاقه.

 

 

منذ الطفولة

وهذا الصباح، لم تكن المرة الأولى التي واجه بها "الكستوني" جنود الاحتلال، فقد هوجم منزله وتعرّض للاعتقال أواخر العام الماضي، وأصيب في قدمه خلال اشتباك مسلح مع القوات المقتحمة.

ونُقل مصطفى حينها إلى مستشفى سجن الرملة، وأفرج عنه في مارس/آذار الماضي. وهو شقيق الأسير سامر قمبع المعتقل بسجون الاحتلال منذ قرابة العام دون محاكمة.

ويعرف أهالي جنين الشهيد مصطفى منذ طفولته، كواحد من "أطفال الحجارة" في انتفاضة الأقصى الثانية من 2000-2005، حيث كان يخرج إلى شوارع المدينة في اجتياح عام 2002 ويرشق الجيبات والآليات العسكرية بالحجارة والزجاجات الحارقة. ووثقت إحدى الوكالات العالمية صورة مصطفى قمبع طفلا تلاحقه دبابة إسرائيلية في شوارع جنين.

واستمر مصطفى في التصدي لاقتحامات الاحتلال في فتوته وشبابه حتى اعتقاله العام الماضي. تقول والدته "لم يمضِ على خروجه من الأسر سوى شهور، أفرجوا عنه ليقتلوه أمام عيني".

 

أحد مقاتلي كتائب الأقصى

وشُيّع جثمان الشهيد مصطفى قمبع في مسيرة حاشدة خرجت من مستشفى جنين الحكومي مروراً بمنزله، ثم إلى مقبرة المدينة حيث ووري الثرى.

وكان قمبع واحدا من 80 مقاوما فلسطينيا مسلحا طاردتهم إسرائيل واغتالتهم أو استشهدوا خلال اشتباكات مع الجنود الإسرائيليين منذ مطلع العام الجاري، وبينهم عدد كبير من مقاومي "كتيبة جنين" ومن كتائب شهداء الأقصى (اسم Hطلق على الذراع المسلح لحركة فتح منذ الانتفاضة الثانية) التي ينتمى لها الشهيد قمبع.

وخلال الأشهر الماضية، قتلت إسرائيل عددا من مقاومي فتح المسلحين في الضفة الغربية، وأبرزهم محمد أبو ذراع وسعود الطيطي ومحمد أبو بكر في نابلس، وصدقي زكارنة الذي يظهر مصطفى قمبع في آخر صوره جالسا قرب ضريحه وحاملا سلاحه في بلدة قباطية القريبة من جنين.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

إصابتان إثر قصف شقة سكنية في رفح وانتشال 4 شهداء بغزة

قال الدفاع المدني الفلسطيني في غزة ، اليوم الأحد، إن طواقمه نقلت إصابتين من شقة سكنية استهدفها الاحتلال الإسرائيلي في أحد أبراج الاسكان الأبيض بتل السلطان غربي محافظة رفح، جنوب القطاع.

كما انتشلت طواقم الدفاع المدني جثامين 4 شهداء من تحت أنقاض منزل لعائلة "ملكة" في منطقة المصلبة بحي الزيتون جنوبي مدينة غزة.

ومنذ صباح اليوم، استشهد أربعة مواطنين بينهم امرأة، في بيت حانون شمال قطاع غزة، وخان يونس ورفح جنوبا.

وأفادت جمعية الهلال الأحمر، بأن طواقمها تعاملت، مع ثلاثة شهداء وأربع إصابات في قطاع غزة، وهم: شهيدان من بلدة بيت حانون، وشهيدة وإصابتان في بلدة الفراحين شرق خان يونس، فيما نَقلت إصابتين من وسط محافظة رفح.

كما استشهد مواطن آخر من مدينة رفح.

ومنذ إعلان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وصل مستشفيات القطاع 116 شهيدا معظمهم انتشال جثامين، إضافة إلى 490 إصابة.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من أخبار غزة المحلية داخلية غزة تحذّر التجار في ظل إعلان الاحتلال إغلاق المعابر محدث: 4 شهداء وإصابات برصاص وقصف إسرائيلي في قطاع غزة بالصور: بلدية جباليا النزلة تعلن بدء تنفيذ مشروع فتح الشوارع وإزالة الركام الأكثر قراءة بالصور: طواقم كهرباء غزة تنفذ مهام إزالة مكونات الشبكات المتضررة في محافظة غزة إسرائيل تزعم إحباط شبكة لتهريب الأسلحة من الأردن إلى الضفة شهيد برصاص الاحتلال شرق مدينة غزة المنظمات الأهلية تدعو إلى توفير مقومات البقاء للفئات الهشة لمواجهة سياسات التهجير عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • استشهاد الأسير الإداري خالد عبد الله من جنين جراء التعذيب
  • استشهاد معتقل فلسطيني من مخيم جنين في سجن "مجدو"
  • استمرار عمليات التهجير.. نزوح 90% من مخيم جنين تحت وقع السلاح
  • الاحتلال الإسرائيلي يواصل عدوانه على جنين ومخيمها لليوم الـ42
  • استشهاد الأسير خالد عبد الله من مخيم جنين في سجون الاحتلال
  • جرائم الاحتلال تتواصل.. 4 شهداء وإصابات في غزة
  • الاحتلال يصعد شمال مدينة أريحا ويضرم النار بمنازل في مخيم جنين
  • نزوح 90% من مخيم جنين والاحتلال يواصل اقتحاماته واعتقالاته بالضفة
  • الاحتلال تسبب في نزوح أكثر من 20 ألف فلسطيني من سكان مخيم جنين
  • إصابتان إثر قصف شقة سكنية في رفح وانتشال 4 شهداء بغزة