يمانيون../
أكّـد خُبَراءُ أمريكيون أن خيارات إدارة الرئيس الأمريكي المنتخَب دونالد ترامب لمواجهة العمليات المساندة في البحر الأحمر، والتي باتت تشكل التحدي الأكثر إلحاحًا للولايات المتحدة، لا تختلف كَثيرًا عن الخيارات التي كانت بين يدي إدارة بايدن؛ وهو ما يعني عدم وجود أي أفق مضمون للنجاح في وقف جبهة الإسناد اليمنية أَو الحد منها بدون وقف الإبادة الجماعية في غزة.

ووفقًا لمجلة “نيوزويك” الأمريكية، فَــإنَّ “تغيير الوضع الراهن في البحر الأحمر هو التحدي الأكثر إلحاحًا الذي ستواجهه إدارة ترامب عندما تتولى مهامها في يناير المقبل” من بين كُـلّ المِلفات الأُخرى فيما يتعلق بالشرق الأوسط.

ويعود هذا التقييمُ إلى خطورة ما أبرزته معركةُ البحر الأحمر من فشل أمريكي مدوٍّ ذي تأثير استراتيجي كبير على مستقبل هيمنة الولايات المتحدة ونفوذها، وعلى سُمعتها أَيْـضًا؛ فالهزيمة التي تلقتها البحريةُ الأمريكيةُ في مواجهة اليمن من شأنها أن تعتبر “أهمَّ نقاطِ التحوُّل في تأريخ الحروب البحرية” وفقًا لتعبير معهد دراسات أسترالي.

وأوضحت المجلة أنه “برغم إنفاق البنتاغون ما يزيد على مليار دولار لمواجهة هجمات الحوثيين؛ فَــإنَّه لم يتمكّنْ من تغيير حساباتهم” لكنها اعتبرت أن “الأسوأ من ذلك هو أن إدارة بايدن كما يبدو قد رضخت بشكل أَسَاسي للحالة الحالية في البحر الأحمر”.

وقالت: إن “المسؤولين العسكريين والمراقبين الخارجيين أصبحوا متشائمين بشكل متزايد بشأنِ إمْكَانية تغيير الوضع الراهن”.

مع ذلك فَــإنَّ كُـلَّ الخيارات المتاحة لإدارة ترامب لا تتضمن أيَّ حَـلّ مضمون لتغيير واقع الهزيمة بل تنطوي على مخاطرَ إضافيةٍ أكبرَ من شأنها أن توسع مفاعيل هذا الواقع.

وفي هذا السياق، نشر موقعُ “تريد ويندز” النرويجي البريطاني السبت، تقريرًا نقل فيه عن عدة خبراءَ أمريكيين قولهم إنه من الصعب تحديد ما ستفعله الإدارة المقبلة لـ دونالد ترامب بشأن الوضع في البحر الأحمر.

لكن هذه الصعوبة لا تعود إلى غموض إدارة بايدن بقدر ما تعود إلى انعدام الخيارات المضمونة لتغيير الواقع الذي فرضته القوات المسلحة اليمنية في البحر، حَيثُ ينقل التقرير عن بريان كارتر، المحلل في معهد أمريكان إنتربرايز، قوله: إن “نهج حكومة ترامب الأولى تجاه اليمن، لم يكن مختلفًا كَثيرًا عن نهج بايدن” وهو ما يعني أن الخياراتِ لا تختلفُ كَثيرًا باختلاف الإدارة الموجودة في البيت الأبيض، بل إن هذه الكلماتِ تعزِّزُ دقة قراءة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي الذي رَدَّ بشكل مبكِّر على محاولات التهويل على اليمن بعودة ترامب قائلًا: إن اليمن قد خبر ترامب في ولايته الأولى وصمد في وجه مخطّطاته العدوانية.

اقتراحاتُ المحلل الأمريكي نفسه توضح ذلك، حَيثُ قال: “إن الولايات المتحدة بعد تولي ترامب منصبَه في يناير، تحتاج إلى التركيز على استعادة الردع من خلالِ ضربِ أهدافٍ من شأنها منع تنفيذ المزيد من الهجمات البحرية” بالإضافة إلى فصل المناطق الحُرَّة في اليمن عن نظام “سويفت” المصرفي، وفقًا لما نقل التقرير، وهذه المقترحاتُ ليست جديدة وقد حاولت إدارة بايدن تنفيذَها وفشلت، فعلى مستوى الضربات العسكرية أكّـد المسؤولون الأمريكيون أكثرَ من مرة أن الولايات المتحدة تعاني من حالة “عمى” استخباراتي كامل بشأن الأهداف داخل اليمن، وقال قائد الأسطول الخامس إنه لا يمكن العثور على مركَز ثقلٍ لضربه، ولا يمكن استخدام “سياسة الردع الكلاسيكية”؛ ما يعني أن المسألة مستعصية عسكريًّا وميدانيًّا ولا تتعلق بالقرار السياسي.

والحالُ نفسُه فيما يتعلق بنظام “سويفت” المصرفي، حَيثُ كانت إدارة بايدن حاولت الدفعَ بالسعوديّة نحو هذا التصعيد خلفَ واجهة البنك المركزي في عدن، لكن القيادة اليمنية أفشلت هذا التوجّـه بموقفٍ حازمٍ وصارم أجبر النظام السعوديّ على التراجع بسُرعةٍ بل وتهديد مرتزِقتِه بقطع الدعم عنهم إن لم يتراجعوا، وفقًا لما كشفت وكالة “بلومبرغ”، الأمر الذي يعني أن هذا المسارَ مستعصٍ أَيْـضًا ومفخَّخٌ بتداعياتٍ عكسيةَ أكبر.

وهذا ما أكّـده كارتر نفسُه الذي قال: إن “كُـلّ هذا يحمِلُ الكثيرَ من المخاطر” وهو ما يعني أنها ليست حلولًا حقيقيةً.

ونقل التقرير أَيْـضًا عن جون هوفمان، الباحث في مجال الدفاع والسياسة الخارجية في معهد “كاتو” الأمريكي قوله: إن “ترامب ليس لديه على ما يبدو خطة عمل ملموسة” فيما يتعلق بالبحر الأحمر واليمن، وهو تأكيدٌ إضافيٌّ على غياب الخيارات التي يمكن أن تبنى عليها خطط متماسكة.

وَأَضَـافَ هوفمان: “في اليمن، تظل حُجتي بالنسبة لترامب كما كانت بالنسبة لبايدن: إنهاء هذه المناوشات غير الضرورية مع الحوثيين، والتحَرُّكُ لمعالجة الأسباب الجذرية للتصعيد في المنطقة، والاعتراف بعدم جدوى سياسات الوضع الراهن بشكل عام”.

ويعني ذلك أن وقفَ الحرب على غزة لا يزال وسيبقى الخيارَ الوحيدَ والمضمونَ أمام إدارة ترامب، وأنه لا جدوى من البحث عن أية خيارات أُخرى تحافظُ على التصعيد الذي أثبتت الولاياتُ المتحدةُ أنها عاجزة عن التحكم بتداعياته بالقوة، كما ظهر جليًّا في معركة البحر الأحمر.

ووفقًا لما سبق يبقى عنوانُ “النهاية المسدودة” هو العنوان الأبرز لكل خيارات الولايات المتحدة فيما يتعلق بالوضع في البحر الأحمر وجبهة الإسناد اليمنية لغزة، ولا عجب أن وسائل الإعلام الأمريكية قد بدأت باستخدام هذا العنوان مؤخّرًا بعد عنوان “الهزيمة” في شهادة واضحة على انعدام الخيارات، وهو ما يؤكّـدُ أن اختلافَ الإدارة المتواجدة داخلَ البيتِ الأبيض لن يغيِّرَ شيئًا.

المسيرة

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی البحر الأحمر إدارة بایدن فیما یتعلق ما یعنی یعنی أن وهو ما

إقرأ أيضاً:

الكشف عن تفاصيل جديدة في حرب اليمن ..بعد تعهّد ترمب بإسقاط الذراع الإيرانية في اليمن وموقف الشرعية من التدخل البري

تصاعد نيران البحر الأحمر مع تزايد الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، أطلقت الولايات المتحدة حملة عسكرية واسعة النطاق منتصف مارس، انطلاقاً من حاملة الطائرات "هاري ترومان" في البحر الأحمر و"كارل فينسون" في بحر العرب، تحت شعار ردع الحوثيين وضمان حرية الملاحة الدولية.

أهداف الضربات ونتائجها الضربات الأميركية استهدفت بشكل مباشر بنية الحوثيين العسكرية: من مخازن السلاح المخبأة في كهوف صعدة وعمران، إلى المطارات والثكنات ومنصات إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة.

ورغم الدقة العالية في الاستهداف، لم تؤكد واشنطن أو الحوثيون مقتل قيادات بارزة، وهو ما يعزوه مراقبون إلى التضاريس الوعرة التي تشكل حصناً طبيعياً للجماعة.

ومع ذلك، أشارت مصادر يمنية إلى إصابة القيادي الحوثي منصور السعادي خلال غارة على الحديدة، ونقله إلى صنعاء لتلقي العلاج، مما يعكس اختراقاً لافتاً في قلب التحصينات الحوثية.

موقف الشرعية...وترقب لتحرك بري

ترى الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً أن الضربات الأميركية فرصة ذهبية لإعادة ترتيب المشهد العسكري، وتتهيأ لإطلاق حملة برية قد تبدأ من الساحل الغربي وتصل إلى صنعاء.

تصريحات رسمية أكدت أن التحضيرات جارية، وأن ساعة الخلاص من الحوثيين باتت قريبة.

العميد صالح قروش، أحد القادة العسكريين، صرّح لـ"اندبندنت عربية" أن الجيش على أهبة الاستعداد، معتبراً أن اللحظة الحالية تمثل منعطفاً حاسماً في مسار الأزمة.

ردود الحوثيين... بين التهديد والتحشيد

من جانبهم، يحاول الحوثيون الحفاظ على توازن الخطاب، بين تهديد مستمر باستهداف السفن الأميركية وتحشيد عسكري داخلي.

وفيما يكرر زعيم الجماعة حديثه عن "نصرة غزة"، يصرّح المتحدث العسكري باسمهم عن "ضربات على حاملة الطائرات الأميركية"، في ما يراه محللون محاولة للظهور بمظهر القوة رغم الخسائر المتتالية.

تراجع في الهجمات البحرية الحوثية ورغم النبرة التصعيدية، تكشف الوقائع عن انخفاض واضح في عمليات الجماعة في البحر الأحمر، نتيجة للرصد الجوي الأميركي المكثف والاستعداد العالي للتعامل الفوري مع أي تهديد.

أدوات الحرب الأميركية الولايات المتحدة تعتمد على أحدث ما تملك من ترسانة: قاذفات "بي 2" من قاعدة دييغو غارسيا، ومقاتلات "أف 18" و"أف 35"، إضافة إلى طائرات دون طيار بمهمات قتالية واستخباراتية، ما يمنح عملياتها تفوقاً نوعياً في سماء اليمن.

أين تركزت الضربات؟ الضربات تركزت في مناطق سيطرة الحوثيين، لاسيما العاصمة صنعاء ومحافظات صعدة وعمران، معقل الجماعة ومركز ثقلها العسكري والسياسي.

الموقف الشعبي اليمني الشارع اليمني، المنهك من الحرب، ينظر إلى هذه التحولات بكثير من الحذر والتفاؤل، على أمل أن تكون بداية النهاية لمشروع الحوثيين، وإنهاء سنوات طويلة من الصراع والانقسام.

مقالات مشابهة

  • البيت الأبيض: ترامب يشعر بخيبة أمل تجاه زيلينسكي وصبره بدأ ينفد
  • صفقة البحر الأحمر.. السفير الأمريكي يفجّر مفاجأة بشأن التسوية الشاملة في اليمن
  • الكشف عن تفاصيل جديدة في حرب اليمن ..بعد تعهّد ترمب بإسقاط الذراع الإيرانية في اليمن وموقف الشرعية من التدخل البري
  • تقرير: هجمات الحوثيين في اليمن تمثل تهديدا مباشرا للولايات المتحدة
  • اليمن وكسر الردع الأمريكي: البحر الأحمر نموذجًا لفشل الهيمنة
  • تقرير صيني : عمليات اليمن في البحر الأحمر “حرب استخباراتية مفاجئة”
  • بن غفير يصل الولايات المتحدة بعد مقاطعة إدارة بايدن له
  • مخاوف تايوانية من تراجع دعم إدارة ترامب لها أمام الصين
  • 12 قتيلا في غارات أميركية على العاصمة صنعاء  
  • الصين تحذر.. “لا تعقدوا صفقات مع واشنطن على حسابنا”