عاجل - "مسلخ صيدنايا البشري".. بيت الرعب السوري يكشف عن فظائع لم تُروَ بعد سقوط الأسد
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
في الساعات الأولى من صباح الأحد 8 ديسمبر 2024، شهدت سوريا تحولًا تاريخيًا مع سقوط نظام بشار الأسد، سيطرت هيئة تحرير الشام على العاصمة دمشق بعد معارك طاحنة، وغادر بشار الأسد وزوجته إلى روسيا، تاركين وراءهما إرثًا من القمع والدمار، ومن بين المواقع التي أصبحت تحت سيطرة المعارضة، كان سجن صيدنايا، المعروف بـ "المسلخ البشري"، رمزًا للوحشية التي مارسها النظام على مدى سنوات.
وتأسس سجن صيدنايا في ثمانينيات القرن الماضي ليكون واحدًا من أكبر وأشد السجون حراسة في سوريا، ويقع على قمة تلة شمال العاصمة دمشق، ويمتد على مساحة 1.4 كيلومتر مربع، تعادل 184 ملعب كرة قدم، محاطًا بثلاث طبقات من التحصينات الأمنية.
على مر العقود، تحول السجن إلى معسكر موت تمارس فيه السلطات أبشع أنواع التعذيب والإعدام. ووصفته منظمة العفو الدولية سابقًا بأنه "المسلخ البشري"، حيث قُدّر أن النظام أعدم فيه أكثر من 30 ألف معتقل بين عامي 2011 و2018 وحدها.
فتح أبواب "المسلخ البشري"ومع سيطرة المعارضة السورية، على السجن صباح الأحد، انتشرت مقاطع فيديو توثق تحرير المئات من المحتجزين، بينهم نساء وأطفال، بعضهم وُلد داخل السجن ولم يرَ النور من قبل.
وقال أحد الناجين في تسجيل مصور: "وجدنا أقسامًا مخفية تحت الأرض لا يمكن الوصول إليها بسهولة، وأبوابًا سرية لا يملك مفاتيحها سوى ضباط النظام الذين فروا."
تُظهر كاميرات المراقبة المئات من المحتجزين في غرف معزولة تحت الأرض، بينما لا تزال فرق الدفاع المدني تسعى لفك شيفرات الأبواب السرية والأنفاق المعقدة للوصول إليهم.
فظائع صيدنايا.. قصص الموت والصمتغرف الملح: كشف تقرير سابق لـ "رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا" عن وجود غرف مخصصة لتحنيط جثث الضحايا بالملح. كانت هذه الغرف تُستخدم لحفظ الجثث قبل نقلها إلى مشفى تشرين العسكري لإخفاء معالم الجرائم.الإعدامات الجماعية: تُقدر التقارير أن أكثر من 30 ألف معتقل قضوا داخل السجن نتيجة الإعدامات، التعذيب، الجوع، ونقص الرعاية الطبية.الهياكل الإدارية: وثّق الناجون وجود تسلسل قيادي صارم داخل السجن، حيث كانت الأوامر بالقتل والتعذيب تأتي مباشرة من قيادات عليا في النظام.عمليات البحث المستمرة.. ألغاز السجن المحكموبعد تحرير السجن، لا تزال فرق المعارضة تبحث عن محتجزين في غرف وأقسام سرية معقدة التصميم. قال مسؤول في الدفاع المدني: "لا تزال كاميرات المراقبة ترصد أشخاصًا محتجزين، لكننا لم نتمكن حتى الآن من تحديد المسارات المؤدية إليهم".
وتم العثور على أقسام تحت الأرض تحتوي على غرف تعذيب وأخرى تستخدم لتخزين الجثث. اللافت أن العديد من الأبواب تتطلب رموزًا خاصة لفتحها، ما يزيد من صعوبة الوصول إلى المحتجزين.
إرث صيدنايا.. معسكر الموتوأكدت التقارير الحقوقية أن صيدنايا كان أكثر من مجرد سجن:
ثقب أسود: وصفه الناجون بأنه "ثقب أسود يبتلع كل من يدخله".موقع استراتيجي: تم تحصينه ليكون مركزًا قمعيًا خارج متناول الرقابة الدولية.رمز للجرائم: بات السجن رمزًا لواحدة من أكثر الفترات دموية في تاريخ سوريا، حيث مورست فيه جميع أنواع الجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك الاختفاء القسري، التعذيب المنهجي، والإعدام الجماعي.سقوط الأسد.. بداية كشف الحقيقةومع انهيار النظام وفرار قياداته، تبرز الآن الحاجة إلى توثيق الجرائم ومحاسبة المسؤولين. يعد سجن صيدنايا نقطة محورية في ملفات الجرائم التي ستُفتح، وربما يشكل حجر الزاوية في أي محاكمات دولية مقبلة.
وقال أحد الناجين: "ما رأيناه داخل صيدنايا لا يمكن وصفه. علينا أن نضمن أن هذه الجرائم لن تتكرر أبدًا".
نهاية النظام وبداية العدالة؟ومع فرار بشار الأسد إلى روسيا وسيطرة المعارضة على دمشق، تُطرح أسئلة حول مستقبل سوريا. هل ستتمكن المعارضة من إدارة المرحلة الانتقالية؟ وهل ستُفتح ملفات المحاسبة والعدالة؟، يبقى سجن صيدنايا شاهدًا على حقبة مظلمة، وعلامة على ضرورة بناء سوريا جديدة على أساس من العدالة والكرامة الإنسانية.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: بشار الأسد سجن صيدنايا سقوط نظام بشار الأسد المسلخ البشري هيئة تحرير الشام دمشق جرائم نظام الأسد التعذيب في سوريا جرائم الحرب في سوريا سجن صیدنایا
إقرأ أيضاً:
سقوط النظام السوري وولادة سوريا الجديدة
#سقوط_النظا_ السوري وولادة #سوريا الجديدة
دوسلدورف/ #أحمد_سليمان_العمري
منذ عام 1970، عاش الشعب السوري تحت وطأة حكم عائلة الأسد الذي شكّل نظاما قائما على القمع والدم. بداية من حافظ الأسد، الذي استولى على السلطة عبر انقلاب عسكري، وحتى عهد ابنه بشار، شهدت سوريا عقودا من الظلم والاستبداد، حيث حوّلت تلك العائلة البلاد إلى سجن كبير يحكمه الخوف والترهيب.
مع سقوط هذا النظام أخيرا، تفتح سوريا أبوابا جديدة لمستقبل طالما حلم به الشعب؛ تتسع فيه مساحة الحرية والعدالة، ويتلاشى شبح الطغيان.
مقالات ذات صلة هل من أمل؟ 2024/12/09إرث القمع والدم
حين استلم حافظ الأسد الحكم، وعد ببناء سوريا قوية، لكن وعوده تحوّلت إلى كابوس طويل الأمد، فقد اعتمد حكمه على الترهيب، فكانت مجازر مثل حماة عام 1982 إحدى أبرز معالم فترة حكمه، حيث قُتل عشرات الآلاف ودُمّرت أحياء بأكملها بحجة قمع المعارضة. لم يكن أخوه رفعت الأسد بعيدا عن هذه الجرائم، فقد نفّذ عمليات إعدام جماعية، مثل ما حدث في سجن تدمر، حيث قُتل مئات السجناء السياسيين بدم بارد.
عندما ورث بشار الأسد الحكم عام 2000، ظنّ البعض أن سوريا قد تدخل عهدا جديدا أقل قمعا، لكن هذا الأمل سرعان ما تبدد، فمع اندلاع الثورة السورية عام 2011، قُوبلت الاحتجاجات السلمية برصاص القنّاصة والقمع الوحشي، حيث آلت الثورة إلى حرب مدمّرة، استخدم فيها النظام كل أنواع الأسلحة ضد شعبه، من البراميل المتفجّرة إلى الأسلحة الكيميائية، ليترك البلاد غارقة في الفوضى والدمار.
مأساة حلب: جريمة بشراكة روسية وإيرانية
من بين المدن السورية التي تعرّضت لوحشية النظام، تبرز حلب كرمز للمعاناة والدمار، ففي عامي 2015 و2016، كانت المدينة مسرحا لقصف عنيف شنّه النظام السوري بدعم من القوات الروسية والإيرانية. أسفرت هذه الحملة العسكرية عن تدمير حلب الشرقية بالكامل تقريبا، حيث قُصفت المستشفيات والمدارس والأسواق دون تمييز، فقد استُخدمت أسلحة محرّمة دوليا في الهجوم، وراح ضحية تلك الجرائم آلاف المدنيين، في حين نزح عشرات الآلاف من سكان المدينة بحثا عن مكان آمن.
أصبحت حلب، بأطلالها ودمارها، شاهدا على تحالف القمع بين النظام السوري وحلفائه، روسيا وإيران، في محاولة لإبقاء بشار الأسد على كرسي الحكم حتى لو كان الثمن دم الأبرياء.
الثمن الباهظ للحرب
طوال سنوات الصراع، دفع الشعب السوري ثمنا باهظا كان أثره عميقا على كل بيت وكل فرد، فقد خلّفت الحرب أكثر من 610,000 شهيد حتى عام 2022، وفق تقارير منظمات حقوق الإنسان، ومن بين هؤلاء، قُتل الكثيرون نتيجة القصف العشوائي والاشتباكات المسلّحة، بينما قضى آلاف آخرون تحت التعذيب في سجون النظام.
لم تقتصر المأساة على القتلى، فقد دمّرت الحرب أحلام الملايين وأجبرتهم على ترك منازلهم، حيث نزح أكثر من 6.9 مليون شخص داخليا، في حين هاجر 5.6 مليون سوري إلى دول الجوار ودول أخرى حول العالم، وحسب مفوّض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فقد وصل الرقم الإجمالي إلى 14 مليون؛ بين نازح ولاجئ ومُتشرّد، فضلا عن 100 ألف مفقود، حسب المصدر.
هذه الأرقام تعكس حجم الكارثة التي عاشها الشعب السوري، الذي أصبح نصف سكانه بين مشرّد ولاجئ أو مفقود، أو فاقد للاستقرار والأمان.
فجر التحرير
مع سقوط النظام السوري ونهاية السلالة الوحشية، التي احتفل بها السوري واستقبلها بالفرحة والإحساس بالإنتصار، ورحّب بها أيضا الشارع العربي، بينما العالمي ينتظر التصريح الأمريكي بالقبول أو الرفض أو الحياد.
خرج السوريون، بكل أطيافهم، يحتفلون بنهاية عقود من القمع والظلم، فهذه الفرحة كانت امتدادا لأمل طالما تمسّك به السوريون رغم المعاناة، لأنّ سقوط النظام لم يكن مجرّد انتصار على الطغيان والطاغية فحسب، بل كان بداية لكتابة صفحة جديدة، تحمل بين سطورها وعدا بالحرية والكرامة.
لكن الفرح وحده لا يكفي، فأمام الشعب السوري مهمة صعبة تتمثّل في بناء دولة جديدة قائمة على التعددية السياسية واحترام حقوق الإنسان، الأمر الذي يُلزم أن تكون المرحلة المقبلة فرصة لتجاوز الانقسامات التي زرعها النظام بين مكونات الشعب، والعمل على بناء وطن يجمع الجميع تحت راية واحدة، خالية من الطائفية والكراهية.
ضرورة الوعي ورفض الطائفية
من الدروس التي تعلّمها السوريون خلال سنوات الحرب، أن الانقسام والطائفية لا يجلبان سوى الدمار، هذا لأنّ النظام استغل هذه الانقسامات ليُطيل أمد حكمه، مما أدى إلى تمزيق النسيج الاجتماعي في البلاد.
اليوم، مع ولادة سوريا الجديدة، يجب أن تكون الأولوية لترسيخ قيم التعايش المشترك، وتبنّي دستور يحمي حقوق جميع المواطنين بغض النظر عن الدين أو العرق.
إن بناء سوريا المستقبل يتطلّب وعيا وطنيا يتجاوز أخطاء الماضي. يجب أن تتركّز الجهود على تحقيق المصالحة الوطنية، والعمل على محاسبة كل من تورّط في جرائم الحرب، مع ضمان ألّا يتحوّل الانتقام إلى سياسة الدولة، لأنّ استقلال القرار السوري هو الضمانة الوحيدة لتحقيق الاستقرار والازدهار في المستقبل.
الدرس المستفادة من دول الربيع العربي لتجنّب الهيمنة الخارجية
مع ولادة سوريا الجديدة، يبرز تحدٍّ كبير أمام الإئتلاف السوري والحكومة الحالية، التي ستعمل على تشكيل هيئة الحكومة الإنتقالية حتى الحكومة القادمة؛ من المفروض أن تُنتخب خلال 18 شهرا، والتي تبدأ بالإستفتاء على الدستور، الذي يضمن الحفاظ على كرامة الشعب وسيادة البلاد واستقلال قرارها الوطني.
لقد عانت سوريا لسنوات طويلة من تدخّلات خارجية زادت من تعقيد المشهد السياسي، حيث استغل العديد من القوى الدولية والإقليمية الصراع لتحقيق مصالحها الخاصّة.
كان التحالف مع روسيا وإيران من العوامل الرئيسية التي ساعدت النظام السوري في البقاء على قيد الحياة، مما زاد من تعقيد الصراع وأدى إلى تعميق المأساة السورية. لقد بات من الضرورة تجنّب الحكومة الجديدة الوقوع في فخ الهيمنة الخارجية، سواء كانت من قبل روسيا أو إيران، أو على الجبهة الأخرى الولايات المتحدة أو إسرائيل، أو غيرها من القوى التي قد تسعى لفرض أجندتها على مستقبل البلاد.
تاريخيا، شهدت دول أخرى من دول الربيع العربي إخفاقات كبيرة نتيجة السماح للقوى الخارجية بالسيطرة على مسارها السياسي والاقتصادي. تجربة تلك الدول يجب أن تكون درسا لسوريا، لتفادي تحويل الاستقلال الوطني إلى مجرّد شعار، لأنّ بناء سوريا الحرّة والديمقراطية يتطلّب أن يكون القرار السياسي نابعا من إرادة الشعب، لا خاضعا لضغوط خارجية، مهما كانت المغريات أو التحديات.
أمل في مستقبل مشرق
سقوط النظام السوري هو بداية لمرحلة جديدة في الشرق الأوسط عامّة، فهو يُعدّ مؤشّرا لتغيير ميزان القوى الإقليمي، مع الأخذ بالإعتبار اختلاط المُسلّمات والأوراق السياسية التي كان يتبنّاها العالم، والعالم العربي والمنطقة برُمّتها، وخاصّة بعد السابع من أكتوبر 2023.
أمّا على المستوى السوري فاللحظات الحالية تحتاج إلى عزم وتصميم من الشعب السوري بجميع أطيافه وأعراقه لتجاوز الألم، الذي استمر قرابة الـ 60 عاما من حكم عائلة الأسد، والعمل على بناء وطن يليق بتضحياتهم، ومع كل التحديات التي تنتظرهم، يبقى الأمل في أن تعود سوريا وطنا آمنا ومستقرّا، يحتضن أبناءه جميعا دون تمييز، ويعيد للاجئين كرامتهم وأملهم بالحياة.
سوريا الجديدة ليست مجرّد حلم، بل مشروع يمكن تحقيقه بإرادة السوريين وتكاتفهم، فهي الفرصة لصنع دولة حرّة وعادلة، تكون رمزا للصمود والانتصار على القتل المُمنهج والقمعية والبلوليسية، ونموذجا يحتذى به في العالم العربي.
سوريا تستحق مستقبلا أفضل، وشعبها يستحق حياة مليئة بالكرامة والحرية.
ahmad.omari11@yahoo.de