موقع النيلين:
2025-03-14@15:48:03 GMT

سوريا: نهاية الكابوس ام بدايته؟

تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT

قلنا ان الحرب السورية لم تكن ابدا محض صراع داخلي بين شعب ومعارضة. كل ما حدث هو انتصار تحالف دولي علي اخر.

في المعسكر الخاسر كانت روسيا راعي النظام السوري منذ ايام الاتحاد السوفيتي وحافظ الاسد. وفرت سوريا مركزا بأهمية استراتيجية فائقة لروسيا أتاح لاسطولها البحري المحطة الوحيدة علي مياه البحر الابيض الدافئة التي لا تتجمد في شتاء.

وكانت ايران في نفس المعسكر لاهمية سوريا بحكم الجوار وبسبب العداء بين البعث الثوري ونظام صدام حسين الذي غزا ايران في نهاية سبعينات القرن الماضي. وزيت ذلك التحالف سيطرة العلويين علي مقابض الحكم في سوريا وهم اقرب للشيعة علي علمانية نظام الاسدين.

قادت اسر…اييل معسكر العداء لنظام البعث الثوري بحكم احتلالها لهضبة الجولان السورية ولدعمه التاريخي للشعب الفلسطينى. اضف الي ذلك ان سقوط نظام الاسد يضعف من الموقف الاقليمى الايراني العدو الاكبر خطرا علي اسر…اييل كما انه يعني قطع خط امداد حزب الله بالسلاح والمال من ايران عبر سوريا وهذا مكسب هائل لدولة اسر…اييل يضعف حزب الله عدوها في جبهتها الشماليةويضعف خم اس علىجبهتها الجنوبية.

ايضا عادت تركيا نظام الاسد بسبب قربه من ايران علي حسابها وبسبب رغبتها في التأثير علي المناطق الحدودية التي يتواجد فيها الأكراد السوريين وهم امتداد طبيعي لاكراد تركيا مسببي الصداع الدائم لانقرا وبسبب نزاعات حدود تاريخية بين البلدين تعود جذورها الي اتفاقية لوزان وتفكيك الإمبراطورية التركية العثمانية في اعقاب الحرب العالمية الأولى.

ايضا كانت دول الخليج العربي علي عداء تتفاوت درجات حرارته مع النظام السوري بسبب قربه من ايران الشيعية والاتحاد السوفيتي ولاحقا روسيا علي حساب المعسكر الغربي الأقرب لدول الخليج. ولكن في الجولة الاخيرة لم تلعب دول الخليج دورا هاما في اسقاط الاسد وبالذات المملكة السعودية التي اعادت توجيه سياستها الخارجية وحسنت العلاقات مع سوريا وقادت حملة لاعادتها لعضوية جامعة الدول العربية وايضا طبعت علاقاتها مع ايران بوساطة من الصين.
علي ارض المعركة والجند ظلت القاعدة هي اهم مكون مقاتل وتحورت لاحقا الي داعش وجبهة النصرة ثم هيئة تحرير الشام. وفي أوقات مختلفة حارب في صفوفها اسلاميون من كل اركان العالم الاسلامي العربي وغير العربى.

ولم يري المعسكر الرابح غضاضة في التسامح مع داعش ما دامت تضعف اعدائه الشيعة في ايران ولبنان علي فقه عدو عدوك صديقك ما دام يضرب في عدوك ولا يعضك. وهذا احد الادوار المرسومة للدواعش: توفير رصيد جهادى سني لاحتواء التحالف الشيعي المعادى للحلف الغربي كما يمكن استخدام الرصيد لأغراض اخري وكلو بما يرضي الله.

علي ما يبدو لي فان سقوط الاسد يشكل انتصارا تاريخيا هاما للمعسكر الثاني علي حساب الاول أكثر من كونه حسم معركة داخلية ضد نظام دكتاتوري شمولي. اري صراع دولي تاريخي علي الهيمنة على الشرق الاوسط يتمدد عبر القرون منذ الغزو الاسلامى لاوروبا مرورا بالحروب الصليبية الي الاستعمار المباشر الذي اعقبته هيمنة استعمار غير مباشر. ولا اري اي افق ديمقراطي او حقوقى الا علي مستوي الدعاية. واتمنى ان أكون مخطئا.

بما ان الاسلام يوصينا بذكر محاسن موتانا فان نظام البعث السوري كان مفرطا في القمع ولكنه كان دكتاتورية علمانية تنموية الي حد ما كما كان صديقا للنساء والاقليات الدينية.
نجح النظام في توفير تعليم مجاني محترم من الروضة الي الدكتوراة مصحوبا بعلاج مجاني ايضا محترم . كما حقق اكتفاء ذاتيا من المنسوجات وانتج معظم الدواء محليا ولم يسقط في فخاخ الدين الخارجي الذى كتم انفاس معظم الدول النامية. ونالت في ظله النساء حقوقا متميزة ولم يعانين من كلاكل الماضي التي حبست اخواتهن في الجوار.

كما قلنا فان شراسة ودموية نظامي صدام والقذافي لم تمنع الاوضاع الني اعقبت اسقاطهما من ان تكون اكثر تعاسة للشعبين بما لا يقاس. اذ ان جحيم الاستبداد الداخلي اعقبه جحيم وليس ديمقراطية. فهل تكون سوريا استثناء؟ اتمنى ذلك من قلبي الجوانى.

علي المدي القصير ربما, فقط ربما، تحدث انفراجة اقتصادية بسبب رفع الحصار والعقوبات وتدفق المساعدات بسخاء استراتيجي خصوصا اذا صحب ذلك مسرح سياسي متوسط القدرات.

ولكن المستقبل البعيد والمتوسط غير مطمئن اذا كان الهدف الاهم من تغيير النظام هو تفكيك، او علي الاقل اضعاف، الدولة السورية واستبدالها بكيان طائفي، هزيل, تابع وربما كابريه اقليمى رخيص اذا سمح الدواغش.

لا يهمني سؤال ان تفرح بسقوط النظام السوري ام تمتنع. توزيع صكوك الفرح مهمة بائع الايسكريم ونظارة الفيسبوك ولا دخل لي به.
عموما يظل المستقبل دائما مفتوحا علي المفاجئات ولا نقول إلا بتفاؤل الارادة وتشاؤم الفكر.

معتصم أقرع

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

حكايات المندسين والفلول في سوريا

آخر تحديث: 13 مارس 2025 - 11:02 صبقلم : فاروق يوسف كنت في مطار دمشق حين سمعت إحدى موظفات السوق الحرة وهي تخبر زميلها أنها رأت عددا من المندسين أمس قرب بيتها. حدث ذلك في مارس 2011، بعد أسبوعين على قيام الحراك الاحتجاجي الشعبي وكان الخطاب الرسمي يركز على وجود مندسين خبثاء بين المحتجين الأبرياء في محاولة لتفسير لجوء السلطات إلى قمع التظاهرات بعنف مبالغ فيه. حتى بالنسبة للحكومة السورية فإن وجود أولئك المندسين كان شبحيا بحيث لم تتمكن وسائل الإعلام من عرض صورة لأحدهم. غير أن ذلك لم يمنع موظفة المطار من القول إنها رأت عددا منهم. وفي ذلك ما يؤكد استعداد الكثيرين لكي يكونوا مادة طيعة لنشر الأكاذيب. ذهب نظام بشار الأسد واختفى المندسون قبله بعد أن تبين أن الجزء الأكبر من الشعب كان مندسا. وكما يبدو فإن مرحلة ما بعد الأسد لم يتم الإعداد لها جيدا لينأى النظام الجديد بنفسه بعيدا عن الحاجة إلى الكذب. فحين وقعت مجازر في مدن الساحل التي تسكنها غالبية علوية صارت وسائل الإعلام الموالية للتغيير في سوريا تتحدث عن معارك تجري ما بين قوات النظام وبين فلول النظام السابق. على الطرفين هناك شيء غامض. فقوات النظام لا يُقصد بها جيش الدولة بالتأكيد، بل هي الفصائل والجماعات المسلحة التي غزت دمشق بعد أن تم ترحيل بشار الأسد من قصر الحكم. أما فلول النظام السابق فقد كشفت الصور عن آلاف العوائل وهي في حالة هلع وذعر وانهيار بعد أن رأت الموت وهو ينقض على حياة المئات من النساء والأطفال والشيوخ. ومثلما حدث مع حكاية المندسين شكك السوريون بحكاية الفلول. لقد انتشرت عشرات الأفلام المصورة بالهواتف لمقاتلي النظام الجديد وهم يرددون شعارات طائفية ويسخرون من ذعر الأطفال وهلع النساء وخوف الشيوخ. غير أن تأكيد أحمد الشرع على أن ما يجري في مدن الساحل كان متوقعا إنما يؤكد على أن كل شيء كان قد جرى التخطيط له وأن ما يجري لم يكن مجرد رد فعل وأن المسلحين الذين قيل إنهم قاوموا في مدن الساحل لم يقوموا إذا كان ذلك صحيحا إلا بالدفاع عن أنفسهم وعوائلهم ومدنهم. وليس صحيحا ما تم تداوله في وسائل الإعلام من أن هناك تمردا يتم إخماده. باعتباري عراقيا يمكنني أن أقول إنه الفيلم نفسه. لقد جرى تصوير النسخة الأولى منه في العراق وها هي النسخة الثانية يتم تصويرها في سوريا. كانت الميليشيات الشيعية الموالية لإيران تقوم بالتطهير الطائفي في المدن ذات الغالبية السنية تحت شعار القضاء على فلول النظام السابق. وكانت الفلوجة ضحية مزدوجة لقوات الاحتلال والميليشيات الإيرانية. كل قتيل إما أن يكون بعثيا أو قاعديا بغض النظر عما إذا كان طفلا أو شيخا أو امرأة. لقد جرى القتل في العراق علنا في ظل صمت عالمي. وهو الصمت نفسه الذي يواجه به العالم عمليات القتل في سوريا. كلمة السر في ذلك هي أميركا. فما دام مشروع التغيير في سوريا قد تم تبنيه أميركيا فإن كل شيء يحدث هناك لن يجرؤ أحد على الاعتراض عليه أو حتى الإشارة إليه من طرف خفي. كان نظام الأسد يكذب في حديثه عن المندسين بطريقة ساذجة. أما الحديث عن الفلول فهو كذبة فيها الكثير من الابتذال القاسي. ذلك لأنها شعار ينطوي على محاولة تمرير ما تم ارتكابه من مجازر سُميت في سياق الكذبة نفسها معارك. أما الطرف الأضعف الذي حاول أن يدافع عن نفسه فسيوضع في قائمة أعداء التغيير المطالبين بعودة الأسد. غطاء أبله لجريمة كانت متوقعة حسب الرئيس الشرع. أما كان في إمكان الدولة السورية الجديدة أن تمنع وقوع تلك الجريمة؟ ولكن العلويين هم الفئة السورية الثانية التي يتم استهدافها بعد الدروز. فهل بدأت الحرب المتوقعة على الأقليات من غير الالتفات إلى أن سوريا هي بلد أقليات أصلا؟ تبسيط المسألة السورية ليس في صالح السوريين. سوريا بلد معقد. روحه متشظية بين جهات متباعدة ومختلفة. تاريخها يقوم على التعدد الديني والعرقي والطائفي. وليس من المستبعد أن تقود النظرة الأحادية المتشددة إلى تمزيق سوريا بدءا من تدمير روحها القائمة على التعدد. فإذا كان العلويون غير مسؤولين عما فعله نظام الأسدين فإن الانتقام منهم سيكون بمثابة إشارة إلى الطوائف والأعراق الأخرى لكي تنتظر مناسبة القصاص منها. في حالة من ذلك النوع ستكون سوريا دولة التطهير العنصري رقم واحد في عصرنا.

مقالات مشابهة

  • نظام جديد لتقييم جودة خدمات الأطفال الصغار خارج المدارس في أبوظبي
  • المنظمة السورية للطوارئ قلقة من التضليل المتعلق بأحداث الساحل
  • ذبحتونا تحذر من موجة احتجاجات واسعة إذا أصرت الوزارة على تطبيق النظام الجديد
  • نهاية عصر «الممارسة».. البرلمان يتحرك لتركيب العدادات الكودية وإنصاف المواطنين
  • حكايات المندسين والفلول في سوريا
  • أردوغان: هناك من يرغب في إشعال الفتنة الطائفية بسوريا
  • بمشاركة أعضاء من “الصحة العالمية” ‏و”اليونيسيف” … وزارة الصحة تقيم ورشة عمل لتعزيز وتقوية النظام الصحي
  • الحياة تنبض في الساحل السوري من جديد.. نهاية هجمات فلول النظام البائد وعودة الأمل
  • على أعتاب نظام عالمي جديد !
  • نظام الفصول الدراسية الثلاثة.. الإيجابيات والسلبيات على المجتمع والاقتصاد