كل دور إذا ما تم ينقلب، سوريا نموذج الطغاة المستبدين، وسقوط نظرية الحرب من أجل البقاء في السلطة

✍???? مصباح أحمد محمد

Email: musbahahmed99@gmail.com

الطغاة لا يستفيدون من التجارب، ودائمًا لديهم مبررات للاستمرار في تحقيق أهدافهم مهما كانت كلفتها البشرية والمادية، ولذلك تجدهم دائمًا يتخذون بعضهم البعض قدوة في تطبيق نظرية “كن أكثر استبدادًا لتستمر في السلطة”، وينسون أن الله هو صاحب الملك يؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء.

 

التحولات الكبيرة في الشرق الأوسط ومخطط رسم خريطة المنطقة من جديد، والصراع العالمي بين المحاور الدولية، يؤكد أن أمد الطغاة قد انتهى، وأنهم سيدفعون دفعًا إما نحو حتفهم أو خروجهم من المشهد عبر سيناريو ما حدث للأسد، لا سيما حلفاء المحور الروسي الإيراني، واهم من يظن أن الحرب الطويلة واستنزاف الشعب يمكن أن يحصن وجوده في السلطة، لأن الحرب دائمًا ما تراكم المرارات وتصنع مزيدًا من الأعداء الجدد من الأجيال الجديدة التي دمرت الحروب مستقبلها وشردت الأسر ونكلت بالأبرياء، وقد رأينا كيف أن أشبال سوريا الذين شردتهم الحرب أطفالا عادوا إليها ضمن قوات الجيش الوطني السوري، محققين النصر على من شردهم ونكل بأهلهم ودمر بلادهم التي كانت قبلة للسياحة ومنبعًا للثقافة والإبداع والفنون، وحولها إلى ثكنة عسكرية وحول المدن الجميلة إلى خراب.

 

تهانينا للشعب السوري الشقيق، فاليوم سوريا حرة وأهلها أحرار فرحين بسقوط الطاغية الذي دمر بلادهم وقتل أبناءهم وأفسد حياتهم، ونتمنى لسوريا مستقبلًا أفضل يتحقق فيه الاستقرار والنماء والسلام.

 

ومن كان يتخذ من بشار الأسد قدوة له، فإن بشار قد سقط وعليه أن يعتبر، لأن فرصة المخرج الآمن وصناعة التاريخ للشعوب لن تأتيك لأكثر من مرة، وأن الاعتماد على محاور الاستبداد الفاشستي لن يحميك من الأقدار، ولن يقف أمام تطلعات الشعوب في الحرية والعدالة والمساواة والسلام والديمقراطية.

 

رسالتنا للمتحاربين فوق جماجم الشعب السوداني: إن الحرب الحالية حققت عكس مقاصدها ووضعت وحدة البلاد وسلامتها على المحك، وقدمت أسوأ نموذج للصراع على السلطة في هذا القرن، انعدمت فيه مكارم الأخلاق وقيم الدين واحترام حقوق الإنسان. وشكلت الانتهاكات والسلب والنهب والتنكيل بالشعب السوداني قاسمًا مشتركًا بين الأطراف المتحاربة، ولا تزال الفرصة مواتية للتكفير عن جرائم هذه الحرب بإنهائها ورفع المعاناة عن المواطنين عبر العودة لمسار الحلول السياسية السلمية. فلا فرصة لنجاح الحلول العسكرية ولا انتصار في حرب التدمير والتقسيم والتركيع، لأن الشعب السوداني لم يعرف التركيع ولن يستسلم لتطلعات المستبدين، ولن يركن لدعوات أصحاب الردة والأجندة الحربية والشمولية، ولكم في تجارب الجوار عبرة، فاعتبروا منها واحقنوا دماء السودانيين وضمدوا جراحهم بتحقيق السلام العادل والشامل واستكمال أهداف ثورتهم المجيدة.

 

الوسومالثورة الطغاة بشار الأسد سوريا

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الثورة الطغاة بشار الأسد سوريا

إقرأ أيضاً:

على الشعب السوداني ان يتحسس قيمة نفسه ليبحث بعدها عن قيمة الأشياء من حوله

عناصر استقرار الدولة ثلاث :
الأمن والاطمئنان
الرضا في السياسية
الرخاء في المعاش
إذا تراجعت واحدة من هذه العناصر ؛ يجب معالجتها منفردة بالأصلاح للحفاظ على الثنائية الآخري ..
في مثل هذا اليوم من العام 2018 قبل ما يعرف بتظاهرات ديسمبر دخلت الي أمدرمان عن طريق الشارع الغربي النيل (طريق المتمة امدرمان) متأخرا بعد منتصف الليل بنصف ساعة . موقف المواصلات خاوي ولا أحد يرضى بمشوار الي وسط الخرطوم ..
أذكر أنني أخرجت هاتفي (في الرمق الاخير من طاقة البطارية) فتحت البيانات قلت اجرب تاكسي عبر تطبيق ترحال .. فوجئت بقبول طلبي من عدد من المركبات اخترت أقربها ..اتصل بي واتفقنا على المشوار بعد أقل من دقيقتين
وصلتني عربة (دبدوب) قديمة لكنها انيقة .. تقدمت اليه وتحركنا صوب الخرطوم عبر بحري كبرى الحلفايا .. شيئاً من بقايا الليل يسارع الجميع لطي صفحة ذلك النهار بمسائه النبيل قلت لرفيقي أشعر وليست جائعاً وفي مقدور التحمل الي الغد لكن لي رغبة في العشاء طلبت منه أن يختار مطعما في طريقنا .. بدلاً أن يرد على حديثي اخرج الهاتف واتصل وتمتم ببعضع كلمات ليس من بينها إعداد وجبة الطعام
لا أفقه في طرقات مدينة امدرمان لكن سائقي بدلا من المواصلة في كبري الحلفايا انحرف جنوباً وعاد الي شوارع جانبية مظلمة .. بطبيعتي لست جباناً لأسأل الي أي تريد أن تذهب .. لكنني شجاعا ً جداً إذا مضت الأحوال لغير صالحي وشعرت بإقتراب الخطر ..
توقفت الشاب الأربعيني إلى منزل لا يبدو أنه (مطعم) طلب مني النزول وتقدمني وأنا اتبعه واستقر بي الحال في (هول)منتصف شقة صغيرة أبوابها الخارجية مهملة سهلة الكسر والشقة مكونة من غرفة ومطبخ صغير بدون جلست وأنا في حيرة وصمت مطبق .. قليلا دخلت علينا شابة بيهية الطلعة على شفتيها ابتسامة ( السلام عليكم جاهزين اجيب العشاء) مبشرة أشارت لي الي موقع غسل اليدين ..
جلسنا ثلاثتنا (نأكل) من الاطباق اذكرها جيدا سلطة مايونيز وبيض مسلوق وبقايا ثلاجة (سحق مع بطاطس مقلي) هم يتحدثون بهمس أنيق وتبادل في النقاش بأدب جم اللغة لغتي لكن لم استطيع معرفة النقاش وتأكد لي انه استكمال لحديث تم عبر الهاتف ..
انتهينا .. غاب هو داخل الشقة وبيقيت هي معي قالت مرحب بيك والله نورت . انا زوجة الفاضل إبراهيم (سائقي)
أنا متعودة على مثل هذه الزيارات الليلة لان الفاضل يعمل من بعد صلاة العشاء لانشغاله في وظيفة نهارية وجميع الزبائن هم مثلك (مقطوعي منتصف الليل) كانت مطايبة وود لم اشهد له مثيل عاد صديقي .. وطلب مني بلطف ان نواصل المشوار (مشواري طبعاً وانا نسيت نفسي) غادرنا المنزل وشكرت سيدة الموقف ..
الثالثة إلا ربع عندما توقفت السيارة حيث اريد.. تعجل في مطالبته بقيمة الأجرة حسب نظام ترحال .. هممت ان ازيد المبلغ للضعف نظير العشاء لكنه رفض (المبلغ وقتها حالياً لا يشتري قطعة من كيك السيسي الشهير). .. تعامل معي باحترافية عالية وثقة في النفس .. عاد هو ودخلت موقعي وأنا أراجع ما حدث معي قبل دقائق لعل ذلك يساعدني على النوم . لكن بعد أن مضى سائقي هممت بدخول استقبال العمارة لاستئجار شقة لليلة واحدة فوجئت أن صاحب المكان.. وهو يعرفني باعتباري زبون .. قال لي لا يمكن أن نعطيك شقة دون أن يكون معك احد هذه توجيهات جهاز الأمن الوطني وقتها ولا يمكن تجاوزها لاي شخص مهما كان …. شاهدي في القصة :
الخرطوم كانت وديعة
الخرطوم كانت هادئة
الخرطوم كانت محمية
الخرطوم كانت محروسة
هذا الامتداد الكبير الواسع بحري أمدرمان الخرطوم باحيائه المخططة ومنازله العشوائية تباينات الترف والكتلة البشرية
التي تسكن عاصمة البلاد بالملايين هذا كله يخضع لرقابة صارمة ومتابعة لصيقة ..
مهما كانت ادعاءات المعارضة وقيادتها للرأي العام ومحاولة
تقديم نفسها على أساس أنها ستقدم أفضل من ما كان يقدمه (الإسلاميين) أحداث ذلك الشريط والذي حديث معي ليلتئذ يحمل الرد بيان بالعمل ..
كانت الحالة الاقتصادية رُخا والأمنية أمان والاجتماعية رضاً واما السياسية بؤسها يتحدث عنه قادة حراك سبتمبر 2013 .. زعزعة الاستقرار وإثارة الفتنة الداخلية وغِش العوام من الشعب بالرفاهية ونعيم الجنة ان هو خرج وطرد الإنقاذ تحت شعار (تسقط بس) سقطت بنفس مواصفات الهتاف وبذات أدوات الخديعة
كانت ملحمة امدرمان تقدم وجبة لسته أصدقاء لحم الضأن المشوي مع (الشربوت والبطيخ) والحساب جميعه لا يزيد عن قيمة نصف دستة من قطع الخبر البائسة بسعر اليوم ..
على الشعب السوداني ان يتحسس قيمة نفسه ليبحث بعدها عن قيمة الأشياء من حوله :
الأمن والأمان
السعادة والاستقرار
الرضا بالموجود

Osman Alatta

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • مجلس سوريا الديمقراطية يرفض الإعلان الدستوري
  • الموت بالوكالة: كيف صار الشعب السوداني رهينةً لسلطتين قاتلتين؟
  • سوريا.. جدل على مواد الإعلان الدستوري الجديد بعد توقيعه
  • لمدة 5 سنوات.. سوريا تقر إعلانًا دستوريًا لإدارة المرحلة الانتقالية
  • مناوي يغرد بالفيسبوك : نشيد بمواقف الكويت مع الشعب السوداني
  • دستور سوريا الجديد: الإسلام المصدر الرئيسي للتشريع
  • حكومة السوداني تطمئن الشعب ..”الرواتب مؤمنة”
  • دعاة الحرب والقتلة- سخرية الأقدار في زمن الخراب السوداني
  • أحرار الجولان: دعوة للوحدة وبناء دولة مدنية لمواجهة السلطة والمؤامرات الخارجية
  • على الشعب السوداني ان يتحسس قيمة نفسه ليبحث بعدها عن قيمة الأشياء من حوله