كانت مجرد مصادفة لكنها حياتك التي تغيرت
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
كان الصباح يغري الوقت بممارسة الرياضة، وكان الطريق يجمع الأماكن التي تتشابه في تقديم ذات الخدمة، لكن الأقدام شقت طريقها إلى أن فُتح الباب، فرفعت رأسي مصادفة ورأيت ما جعلني أدرك أن حياتي قد تغيرت بالكامل حتى اليوم.
يقول محمود درويش في قصيدة لاعب النرد التي تحوي الكثير من المصادفات:
“كانت مصادفة
أَن أكون أنا الحي في حادث الباص
حيث تأخرت عن رحلتي المدرسية.
دائمًا ما أقول لمن هم حولي أن حياتي عبارة عن العديد من المصادفات، والتي تُعرف في اللغة: “على وقوع الشيء اتفاقاً، من غير قصد وترتيب مسبق” وعند ارسطو: “اللقاء العرضي الشبيه باللقاء القصدي، أو هي العلة العرضية المتبوعة بنتائج غير متوقعة، تحمل طابع الغائية” ولذلك حين نتذكر كل صدفة وقعت لنا، نجد أنها تطلبت ثلاثة عناصر: تصادم الأحداث، ووقوعها في نفس الوقت، بالإضافة لوجود بعض الارتباطات الغامضة، ولو مرت بك صدفة غيرت حياتك وأنت تقرأ المقال، ستجد أن هذه العناصر كانت أساسية فيها. ليس هذا فحسب، بل قد تكون مررت بإحدى المصادفات الأكثر شيوعاً التي تشمل التفكير بشخص، أو رغبة الاتصال به، ثم تجده يتصل بك، أو تلتقي به صدفةً بشكل غير متوقع.
والقارئ للروايات، يجد أن المصادفة كانت السبب الرئيسي في وقوع الأحداث، فإن معظم القصص فيها تحدث مصادفة، أشهرها رواية الجريمة والعقاب لديستوفسكي، التي كانت المصادفة وحدها ماجعلت راسكولنيكوڤ مجرمًا، أو مصادفة بطل رواية الصبية والسجارة لبونوا ديتيرتر، والتي تُعد إحدى روايات الديستوبيا الساخرة، التي كانت رغبة البطل في تدخين سجارة فقط، سببًا في تغيير حياته للأسوأ، وغيرها من القصص التي تحمل ذات الطابع، ولم أذكرها هنا، إلا لأنها في الحياة الواقعية تكون أجمل من تلك التي بين دفتي كتاب، وهذا مايجعل مصادفة استراحة نيوتن تحت الشجرة، سببًا في اكتشاف قانون الجاذبية حين سقطت التفاحة على رأسه.
ولذلك حين تقع لي مصادفة ما، وأحببت وقعها عليّ، أقوم بتصوير ما يربطني بالمكان الذي حدثت فيه، أو الكتابة عنها في أي مكان، يجعلني هذ أتذكر الوقت والتاريخ ومشاعري حينها، فإن تخليد حدث وقع عن طريق المصادفة، وكان سببًا في تغيير حياتنا، يكون بمثابة هدية ثمينة لأنفسنا في المستقبل حين نعيد تذكُّره عن طريق ماقمنا بطريقة حفظه، فيمكن لمصادفة حدثت، أو ستحدث أن تجعلك سعيدًا، حينها ستدرك أن لحظة واحده فقط، كانت كفيلة بتغيير حياتك لأفضل ممّا تتوقع.
i1_nuha@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
حكم مناداة الإنسان لوالده باسمه مجردًا.. دار الإفتاء تجيب
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم مناداة الإنسان لوالده باسمه مجردًا؟ فهناك سيدة تقول: ابني في بعض الأحيان ينادي على والده باسمه مجردًا من دون أن يقصد بذلك الإساءة، وحينما أسمعه أقول له: إن من الأدب ألا تنادي على والدك باسمه مجردًا، فيقول: هذه عادات لا علاقة لها بالشرع، فأرجو من فضيلتكم بيان الحكم الشرعي في هذا الأمر.
مناداة الوالد باسمهوقالت دار الإفتاء إن مناداة الإنسان أحد والديه باسمه مجردًا حرامٌ إذا كان الوالد يكره ذلك أو يتأذى منه، وهو من العقوق، ويكون مباحًا إن كان هذا سائغًا مقبولًا في العُرف ولا يُقصد منه إساءة ولا يكرهه الوالد، وإن كان الأولى والأكمل والأفضل والمناسب للأدب المطلوب مع الوالد في هذه الحالة أن يحفظ ولده له قدره ومكانته ولا يناديه باسمه مجردًا.
وأكدت دار الإفتاء أن الأدب من أهم قواعد التعامل التي قررتها الشريعة الإسلامية، ومن الأدب أن يتعامل الإنسان مع من يَكْبُرُه سِنًّا أو علمًا أو منزلةً أو غير ذلك بالتَّوْقِير والاحترام اللائقين بما يُناسب قَدْره ومنزلته، وقد علَّمَنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن التأدُّب مع الكبير من هَدْيِه الشريف، وتاركه لا شك مخالف لهذا الهدي.
واستشهدت بما ورد عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا» رواه الترمذي في "سننه" واللفظ له، والإمام أحمد في "مسنده"، ومعنى التوقير المأمور به في هذا الحديث الشريف أن يُعطيَ الإنسان لِذَوِي الشرف والمنزلة حقَّهم؛ بما يتناسب مع أقدَارِهم، سواء كان هذا الشرف وتلك المكانة لنحو سِنٍّ أو عِلمٍ أو غير ذلك.
بر الوالدينإذا كان الإنسان مأمورًا بتوقير وإجلال من هو أكبر منه، فإن أولى الناس بهذا الإجلال والتوقير والداه، فقد جمعا بين الكبَر والتفضل على الابن، بالإضافة إلى أن الشريعة قد أمرت بإكرامهما وإجلالهما.
ولا خلاف أنَّ عقوق الوالدين أو أحدهما من كبائر الذنوب؛ فعن أنسٍ رضي الله عنه، قال: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم عن الكبائر، قال: «الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ» متفقٌ عليه.
كما أن طاعتهما وبرهما والإحسان إليهما وحسن معاملتهما أمورٌ واجبة مؤكدة جاءت مقرونة بتوحيد الله عزَّ وجلَّ؛ قال تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا﴾ [الإسراء: 23].