عين ليبيا:
2024-12-12@00:46:58 GMT

الشمس تُشرق على دمشق

تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT

في لحظة فارقة من تاريخ سوريا المعاصر، استطاعت الثورة السورية أن تحقق انتصارها العظيم بعد سنوات من الكفاح والتضحيات، مُعلنة فتح دمشق العاصمة التي كانت رمزاً للسلطة التي أرهقت الشعب لعقود، حقيقة لقد انتهت تلك الحقبة بهروب بشار الأسد، الذي لم يتوقع أن يجد نفسه يوماً في موقف المُطارد والمهزوم، بعد أن ظن أن نظامه محصّن ضد التغيير.

اندلعت الثورة السورية في مارس 2011م عندما خرج الشعب السوري في مظاهرات سلمية تُطالب بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، مستلهماً روح الثورات العربية التي سبقتها، وقوبلت هذه المطالب بالقمع والعنف المفرط من قِبل النظام مما دفع الحراك السلمي إلى التسلّح دفاعاً عن النفس وتحوّلت الثورة إلى مواجهة شاملة بين نظام الأسد والشعب الذي دفع أثماناً باهظة في سبيل حريته.

استمر الصراع سنوات طويلة، قاسى فيها السوريون الويلات؛ من قصف المدن بالبراميل المتفجرة إلى استخدام الأسلحة الكيميائية والاعتقالات الجماعية وحصار المدن وتجويع أهلها، لكن وبالرغم من كل هذه الجرائم ظل الشعب السوري مُصرّاً على المضي قدماً في ثورته حتى تحقيق النصر.

وفي فجر يوم 8 ديسمبر 2024م وبعد معارك طاحنة وتضحيات كبيرة تمكنت فصائل الثورة السورية وبدعم من مختلف شرائح الشعب من دخول دمشق وتحريرها، لقد كان مشهد الثوار وهم يرفعون علم الثورة في ساحات دمشق لحظة تاريخية، حيث انقلبت الموازين وسقطت رمزية العاصمة من أيدي النظام.

هرب بشار الأسد حين أيقن أن لا سبيل له للبقاء في السلطة، فهرب مُخلّفاً وراءه قصره الرئاسي المُحطم ونظامه المُتهالك، وإن هروب الأسد لم يكن مجرد فرار فردي، بل كان انهياراً لنظام اعتمد على القمع والفساد وشرارة أمل لبداية عهد جديد من الحرية والديمقراطية لسوريا.

وللتاريخ نقول: ما كان لهذا الانتصار أن يتحقق لولا التضحيات الجسيمة التي قدّمها الشعب السوري آلاف الشهداء الذين فقدوا حياتهم دفاعاً عن الحق وملايين النازحين الذين تركوا منازلهم بحثاً عن الأمان ومئات الآلاف من المعتقلين الذين واجهوا أبشع أنواع التعذيب في سجون النظام، وكل تلك التضحيات رسّخت إرادة السوريين وعزيمتهم وأكدت أن الشعوب مهما تعرضت للقمع لا يمكن كسرها إذا طالبت بالحرية، ولقد أثبتت الثورة السورية أن الشعوب قادرة على إسقاط أعتى الأنظمة إذا توافرت الإرادة والإيمان بالحق، وأكدت أيضاً أن الحرية لا تأتي دون ثمن وأن التضحيات الجسيمة هي السبيل لبناء مستقبل أفضل.

هذا وبعد فتح دمشق اليوم يقف السوريون على أعتاب مرحلة جديدة مليئة بالتحديات، لكنها تحمل في طياتها الأمل بإعادة بناء وطنهم على أسس من العدالة والحرية والمساواة، وإن تحقيق العدالة الانتقالية ومحاسبة كل من تورط في الجرائم ضد الشعب السوري سيكون حجر الأساس في هذه المرحلة، كما يتطلع السوريون إلى إعادة بناء ما دمرته الحرب وعودة ملايين اللاجئين إلى ديارهم ليشاركوا في بناء سوريا الجديدة.

ومن نافلة القول: فإن انتصار الثورة السورية وفتح دمشق هو انتصار للحرية على الطغيان وللإرادة الشعبية على القمع، ولقد دفع الشعب السوري ثمناً باهظاً، لكن هذه التضحيات لم تذهب سدى، بل رسمت معالم مستقبل مشرق لسوريا حرة وديمقراطية، وسوف يبقى هذا الانتصار درساً للعالم بأسره عن قدرة الشعوب على تحقيق مصيرها مهما كانت التحديات.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: الثورة السوریة الشعب السوری

إقرأ أيضاً:

الثورة السورية لم تنتصر بعد فالنصر نصران

جميل أن ترى الشعب السوري المهجّر يعود إلى مدنه ويلتقي الولد والدته وأهله ويعود المغيّب إلى بيته ووطنه، جميل أم ترى أسرى نساء المسلمات يخرج من غيابات سجون نظام الأسد النصيري الذي بُني على قلة طائفية شيعية تحكمت لأكثر من أربعين سنة في أغلبية سكان سوريا السنية، جميل أن ترى عشرات من شباب أهل السنة كان من المتوقع أن ينفذ فيهم حكم الإعدام من النظام الطائفي بعد ساعة، جميل أن ترى ذلك الطيّار الذي قضى 45 سنة في سجون النظام لأنه رفض أن يضرب مدينة حماة التي انتفضت في سنة 1982 ضد الحكم الطائفي للأسد، جميل أن ترى أسرى أبرياء يُفكّ أسرهم من سجن ذا ثلاث طوابق تحت الأرض مع الروائح الكريهة التي تنبعث من الزنزانات، المناظر الجميلة كثيرة وكثيرة لشعب ذاق الإضطهاد على أرضه من طائفة جدور الكره فيها للشام وأهله ترجع بهم لمن قتلوا الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، لمن يتباكى على سقوط الأسد لماذا لم تتباكوا على اضطهاده لشعب بأكمله طيلة عقود من الزمن؟! لقد طالت يد غدر النظام كل طوائف الشعب السوري.

نعلم من حوادث التاريخ ومما يحدث الآن في أوطاننا أن الأعداء منا ومن خارجنا يتربصون بنا يدرسون تاريخنا بالتفصيل يعرفون جيدا مواضع الضعف والقوة ولا أحد يجادل في أن موطن قوتنا وعزتنا ونهضتنا هو التمسك بديننا فهو دستور حياة لا يفرط في كبيرة ولا صغيرة إلا عرّج عنها منها مُفصّل ومنها موجزٌ، فالحرب والعداء والمعركة معركة عقيدة يُستخدم فيها أغلب حكّمنا، فمن أتى بهم ومن مكّنهم من حكم بلادنا غير أعداء الأمة فهم جزء من المؤامرة وجزء من مشهد التخلف الذي نعيشه في جميع المجالات وعلى رأسها حقوق المواطنين وحريتهم. فالمشهد السوري الجديد الذي يطمح إليه كل سوري حر لن يُعجب الأعداء وسيحاولون الكيد وتغيير مشاهد الفرح إلى مشاهد محزنة كما فعلوا في العديد من الدول العربية التي طمحت للتغيير ما لم يتفطن السوريون ويديرون هذه المرحلة الحساسة بفطنة وذكاء مستعينين بالله أولا ثم بقدراتهم وبدعم من الدول الصديقة التي خاضت تجارب ليست هينة ولازالت تقارع الأعداء.

لن يهدأ للأسد ولا لمن حوله والمقربين له ولا للذين ارتكبوا جرائم بشعة ضد كافة طوائف الشعب السوري وخاصة السني منهم بال ولن يألوا جهدا لكيلا تتم فرحة الشعب السوري، كيف يهدأ بالهم وهم من حكموا بجبروت وطغيان وقتل وتنكيل للشعب لم نشهد له مثيل، والسجون والمعتقلات والمعتقلين الذين كتب لهم الله الحياة شاهدين أحياء على جرائم الأسد وشلته بمشاركة حزب الله وإيران، سيتحرك هؤلآء ولو بعد حين وسيختلقون وسيقتنصون الفرص المناسبة لوأد الثورة أو عرقلة الدولة الجديدة ما لم يُلجموا بقوانين صارمة وأيادي قوية لا تتيح لأحد اللعب بالدولة السورية أرضا وشعبا، ما لم تسلّم قيادة سوريا لأيدي وطنية إسلامية وما لم يشارك الشعب كاملا الآن قبل الغد في اختيار من يحكمه (الشورى) لإغلاق الباب أمام كل المتآمرين فقد يشكل ذلك خطرا على الدولة الجديدة.

لقد حققت الثورة السورية انتصارا عسكريا ساحقا بعد ثلاثة عشر سنة ويزيد بُدلت فيها الأرواح والدماء بالرغم من محاولة النظام تغيير التركيبة السكانية عن طريق القتل والتهجير، ولكن يبقى الإنتصار الذي لا يقل أهمية عن الإنتصار العسكري حتى تكتمل حلقات النصر هو الإنتصار السياسي للتمكين، فالإنتصار السياسي هو الذي سيمكن من تحقيق الأهداف وبدونه لن تتحقق أهداف الثورة وبدونه سيخسر السوريون انتصارهم العسكري الكبير الذي سيصبح حينها لا معنى له فالإنتصاران مرتبطين ببعضهما لا ينفصلان.

تحية إكبار للمقاومة السورية على انتصارها في قتالها لنظام طائفي نصيري شيعي بذلت فيه الغالي والنفيس لمدة 13 سنة بل أكثر من ذلك، أوقفت فيه بدماء أبنائها باب المد الشيعي الذي يستهدف الأمة برمتها كما نهنئ رجال المقاومة السورية والشعب السوري بكل طوائفه الذين لم يشاركوا في تهجير وسجن وتعذيب وقتل وتدمير أهلنا في سوريا وسجن واغتصاب أخواتنا هناك ونقول لهم إن ثورتكم لم تنتصر بعد لقد حققتم النصر العسكري ويجب ولا بد أن تحققوا النصر السياسي ليكتمل النصر والتضحيات، فالأعداء من الداخل والخارج يتربصون بكم ويشتغلون ويخططون ويتآمرون منذ لحظة الإنتصار في كيفية سرقة تضحياتكم الجمّة عن طريق السيطرة السياسية على مفاصل الدولة بطرق مختلفة.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

مقالات مشابهة

  • الثورة السورية لم تنتصر بعد فالنصر نصران
  • مشعل يعلق على سقوط نظام الأسد ويوجه رسالة للشعب السوري (شاهد)
  • الحركة الإسلامية في القدس تبارك انتصار الثورة السورية
  • ياسر العظمة يوجه رسالة إلى الشعب السوري بعد سقوط الأسد.. حذر من سرقة الثورة
  • حماس تبارك للشعب السوري "تحقيق تطلعاته" وتدعو إلى لحمة وطنية
  • حماس تبارك للشعب السوري تحقيق تطلعاته وتدعو إلى لحمة وطنية
  • هل انتصرت الثورة السورية؟
  • ردود فعل رسمية وشعبية في اليمن تبارك انتصار الشعب السوري
  • ردود أفعال رسمية وشعبية في اليمن تبارك انتصار الشعب السوري
  • رابطة العالم الإسلامي تؤكِد تضامنها الكامل مع الشعب السوري